قدم الكاتب والصحفي عبد الرحمان جلفاوي خلال بانوراما الفيلم الثوري والوثائقي بمستغانم مداخلة بعنوان "محاربة التعذيب للشاعرة آنا غريكي"، وهي المناضلة التي عاشت كل أنواع الإهانة والتعذيب من أجل استقلال الجزائر وتحرر شعبها خلال الفترة الإستعمارية . وقد أوضح عبد الرحمان جلفاوي أن الشاعرة الثورية" آنا غريكي" التي كتبت كل قصائدها في السجن ، ولدت يوم 14 مارس 1931 بمنطقة منعا بولاية باتنة ، وقد اختار والداها المعلمين العمل في منطقة " منعا " النائية بالشرق الجزائري ، وكانت الأسرة الأوروبية الوحيدة التي تعيش هناك، تعلمت " آنا " اللغة و الغناء الشاويين ، ثم انتقلت إلى مدينة "القل " لتحتك بأبناء مناضلي حزب الشعب الجزائري ، ووجدت نفسها متشبعة بثقافة الحركة الوطنية الجزائرية ، كما كانت " آنا " شغوفة بقراءة كتابات الأدباء الجزائريين ، خاصة مقالات محمد ديب و مولود فرعون ... انتقلت " آنا " إلى فرنسا لمواصلة دراستها ولم تتزوج إلا مع أحد مناضلي الحركة الوطنية الذي استشهد في ساحة الشرف ، وهي بفرنسا كانت تناضل من أجل القضية الفيتنامية ، و في إحدى الأيام تخاصمت مع "جان ماري لوبان " داخل بهو جامعة السوربون والذي كان يؤيد الحركة الإستدمارية في كل العالم ، بعد عودتها إلى الجزائر انخرطت سنة 1955 في صفوف الثورة الجزائرية إلا أن البوليس اكتشف هويتها السياسية بعدما خبأت في منزلها المناضلة "ريموند بيشارد " ، حيث ألقى القبض عليها وعذبها بكل وحشية ، لم تتحدث" أنا "عن ما عانته من تعذيب داخل السجن لكن "فاطمة الزهراء لو" هي من كشفت عن ذلك وباحت بما عاشته آنا من تعذيب في فيلا "سوزيني "القذر ، لإذلال السجينات بسجن "سركاجي" ، حيث تم وضع " آنا " في قاعة مع 40 سجينة ، في حين أن هذه الأخيرة مخصصة لإستقبال 10 نساء فقط ، ولضرب معنويات السجينات لم يكن لهن مكان خاص للطهارة ، حيث كانت كل تصرفات السجينات مفضوحة وأمام الملأ . احتكت " آنا " في سجن سركاجي بمناضلات من المعدن الخالص على غرار فضيلة دزيرية ، قروج جاكلين ، جانين بلخوجة ، جميلة بوحيرد ، لويزة لحريزد ، بابا حسين أصغر مناضلة (17 سنة) ، وخلال تواجدها في السجن كتبت كل قصائدها التي صدرت بتونس تحت عنوان " لجزائر عاصمتها الجزائر" ، و بعدما قضت الشاعرة 18 شهرا في السجن وبدلا من تسريحها تم تسليمها إلى الجيش الفرنسي الذي وضعها في ثكنة عسكرية ببني مسوس، لتبعد بعد ذلك كلية من الجزائر ويتم تهجيرها عنوة إلى فرنسا ، لتعود " آنا غريكي " إلى الجزائر عشية الاستقلال ، حيث كانت السباقة في كتابة نصوص عن مولود فرعون وفرانتز فانون ، بعدها أخذ اسم " آنا غريكي" بعده العالمي بعدما ظهر لأول مرة في المجلة الفرنسية الشهيرة "حركة شعرية "، وهكذا توفيت آنا غريكي سنة 1966 عن عمر يناهز 33 سنة .