قال الزعيم النجم العالمي الثوري (شي جيفارا) مرّة وهو على أرض الجزائر [»ليس هناك حدود في معركة الموت، لا يمكن أن نبقى لا مبالين أمام ما يحدث، في مكان آخر من العالم، فكل نصرٍ تحقّقه أمّة ضد الإمبريالية هو نصر لنا، وكلّ هزيمة تلحق أمة هي هزيمتنا«].. أي أن الحيّاد [حسب هذا المسار] ليس موقفا.. وهنا لا مجال للمساومة، ولا مهرب من المقاومة، ولا منزلة بين المنزلتين أبدا. لأن الحياة لا تقبل أنصاف الحلول وأنصاف.. المواقف ... والميدان أحسن برهان لكل شاهد عيان.. ومن هذه الإضاءة الثورية نشير إلى أن »الكاميرا« والقلم لهما أيضا دورهما في المقاومة، وفي كتابة التاريخ (سينمائيا)، كما أن (الإنتاج المشترك) يعطي مساحة أوسع للتواصل بين شتى العناصر والأطراف المرتبطة بقضايا الحرية، وعناصر التحرير، في مواقع مختلفة، ولكن برؤية (جامعة) لكل توحّد، ومانعة لكل (إنعزال) وتقوقع. ومن الأسماء التي جسّدت فعالية »الإنتاج المشترك« نجد الفنان [رشيد بوشارب] في عملين سينمائيين متميّزين وهما (أنديجان) »أهالي« و»الخارجون عن القانون« (فالأول) يتناول سيرة ومسيرة العناصر أبناء الشمال الإفريقي الذين دفعوا ثمنا باهظا لتحرير أوروبا من الغول (النّازي) الذي دمر البشر، والشّجر.. والحجر، بعنف فوق مستوى التصور والثاني ينطلق من أرضية [8 ماي 1945 الدموية الفرنسية] ضد الشعب الجزائري الباحث عن التّحرير، والمتطلع للحرية بكل عناصرها المحقّقة للإستقلال، والتخلّص من الإحتلال إن [رشيد بوشارب] عرف كيف يستثمر (الذاكرة التاريخية) في عملين يندرجان في إطار »الإنتاج المشترك« ويبرزان معا فعالية »إدانة الإستعمار.. وإشاعة ممارسة الحرية وفعل التحرير. إنه »فن الأحرار« و»عفن« الإستعمار. إن »ثلاثية« (الكشف.. والمكاشفة.. والإكتشاف) للعناصر، والأفعال المسكوت عنها، هي ثلاثية فتح »الملفات السّوداء« ملفات الدخلاء.. الغرباء...، والخونة وأنصار الإستعمار (الإستدمار) وملفات أهل البلد (أنصار الحرية والتحرير).. في مواجهات دموية »مفجعة« مرعبة تتجاوز كل »الخطوط الحمراء«.. المرسومة لحماية حقوق الإنسان وأمنه.. وكما هو معلوم فإن الشخص الجدير بالإهتمام هو »الإنسان صاحب الموقف«، سواء (إتفقنا) في موقفه أو إختلفنا، أما الإنسان الذي عاش (بدون حقيقة) فهو الذي يستحق (الإلغاء) بل هو الذي أعدم نفسه، بنفسه؟! وموازاة مع ذلك أنت إنسان.. إذا أنت تحمل مسؤولية، فأن تكون مسؤولا. معناها أن تكون إنسانا، والمسؤولية أساسها (الإختيار) وأن تختار معناها أن تكون مسؤولا، فلا »إختيار« بدون مسؤولية، وهذا هو معنى الإنسان، إن ما تختاره أنت بنفسك، أمر سوف تكون مسؤولا عنه. لذا فصاحب (القلم) وصاحب (الكاميرا) وصاحب (الوتر) وصاحب (الحنجرة) وصاحب (الريشة) كل واحد منهم يختار موقعه.. وموقفه.. وأنصاره ومرجعياته ومقاصده.. وفي المقابل يحدّد (الإعداء) فإذا كانت عبارة (أعرف نفسك) مطلوبة فإن العبارة المقابلة (أعرف عدوك) مطلوبة بصورة إستثنائية أبدا.. لأنهما تكمل العبارة الأولى وتحميها وتثريها.. إن الإستعمار (الإستدمار) مسؤول عن (جرائمه، ومجازره) و(الخائن) مسؤول عن (خيانته ومساندته للإستعمار) (فالحركي) مسؤول.. و»الڤايد« مسؤول و(الباشاغا) مسؤول.. ولا مهرب لأي عنصر مما ارتكب من تجاوزات بدون حق ضد الآخرين، كما أن المجاهد مسؤول عن (الثورة) ومكتسباتها من جهة وعن الدفاع عن العباد أبناء البلد، وعن البلد حتى آخر قطرة من دمه. إن الأرشيف المهرّب من الجزائر (لفرنسا)، يعتبر جريمة ضد (التاريخ) وحقائقه،، وفعل »تمجيد الإستعمار« يعتبر إنتهاكا (لحقّ) الشعوب في الإعتراف، والإعتذار، وهما وجهان (لعملة واحدة) كما أن »تكريم الخونة« يعتبر قلبا للحقائق.. وتجاوز للمقاييس المعتمدة في التكريم والمرتبطة باحترام حقوق الإنسان، وضوابط تجسيد الفعل الإنساني لصالح الذّات والذات الأخرى بلا غشّ، ولا تزوير،، ولا تدليس، ولا قلب للحقائق »لم لا؟!«. »رشيد بوشارب« يحتاج إلى دعم مزدوج (الدّعم الرسمي والدعم الشعبي)، لأنه عرف كيف يبرز قضايا الحرية والتحرير، وكيف يدين قضايا الإحتلال.. وتمجيد الإستعمار، إنه (المؤرخ) بلغة الكاميرا بعيدا عن (ثقافة النسيان) و(ثقافة التّناسي) لذا فهو يستحق التكريم الرسمي النّوعي، والتقدير الجماهيري الشعبي المؤطر، لأن (جهاد الكاميرا) كان حاضرا قبل (إستعادة السيادة الوطنية) ولا يزال (جهاد الكاميرا) مستمرا بفعل الإبداع »المقاوم« لفعل (الإبداع) »المساوم«.