إن نشر أفكار الصراع والتراشق بدلا من غرس مقاصد التعاون والتوافق سواء عبر الجرائد بوجهيها الورقي و الالكتروني أو من خلال الفضائيات الجزائرية [الخاصة ] السابحة في الملكوت دون رادع من قانون مطبق أو جازر من ضمير مهني أضحى يشكل خطرا حقيقيا على صحة المجتمع العقلية و النفسية و على تماسك بنيانه الوطني ، فلغة التحرش الاعلامي الحاملة لفساد الذوق و امتهان الانسان يزداد سعارها مع ارتفاع أسعار الاشهار و إغراءات المال و الشهرة التي جرفت سيولها كل معاني الحيادية في نقل الخبر و الموضوعية في طريقة طرحه دون خطاب تعبوي شعبوي سخيف أو كلمات تجنيدية سقط وقعها بالتقادم لدرجة أن الكثير من الذين يصنفون أنفسهم صحفيين بهتانا و زورا يتلذذون طعم التناحر و ينتهكون القيم الاعلامية و مفردات اللغة و يبدلون المواقع حسب المنافع و يمارسون سادية ذميمة في التعامل مع الآخر فقط ليحققوا أكبر قدر من المطالعة أو المشاهدة . و في ظل سماء إعلامية ملبدة بالهموم نصب الكثير أنفسهم أوصياء و وكلاء على الشعب مدعين امتلاكهم الحقيقة و الفضيلة و الرأي السديد في كتاباتهم النقدية و تحاليلهم الاستراتيجية التي لا تقبل الرد أو التعقيب و أقاموا المشانق من على منابرهم لإعدامات سياسية و اغتيالات أدبية لكل رافض لأجندتهم . هل تعلمنا من الفجر الأخير الذي طلع بعد ليلة مخيفة اعتقدنا أن عتمتها لن تغادرنا أبدا بسبب ترويج البعض لأخبار سرقت الشعور بالأمن و الأمان من أفئدة الجزائريين ، حوت أزرق يسبح خارج الأعماق و قبله أحمدية و بعده كركرية و أزمات تولد من رحم مجهول الهوية ، أم أن تلك الأخبار سيتولى النسيان دفن جثثها بعد أن قبض أصحابها دية دمها و هم يستعدون لولادة قيصرية أخرى لأخبار هي ثمرة سفاح بين كلام هذر و مال قذر . بين هؤلاء و أولائك تتحدد لنا قياسات صورة إعلامنا الراهن الذي بات يقدم مفهوما جديدا للخبر والتحليل المرتكز على النوايا و الأمنيات وليس على الحقائق و المعطيات ، فما أحوجنا اليوم إلى ميثاق شرف إعلامي يعلي من قيمة المهنية و يثمن الحيادية و الموضوعية في نقل المعلومة بلا صكوك غفران صادرة مسبقا و ضامنة لعدم المحاسبة أو المتابعة مهما كانت فداحة الأخطاء و غور الجراح و بلا شيكات موقعة على بياض للرفع من منسوب الأرق و القلق وسط الجزائريين .