- هناك محاولة لتجويع اللاجئين الصحراويين - نفس الأطراف التي كانت تتهم الجزائر في التسعينات، هي من تحرك ملف المهاجرين اليوم - ضرب ليبيا في 2011 وراء زعزعة أمن واستقرار المنطقة - 20 ألف متطوع في الهلال الأحمر وأقضي شهر رمضان في العمل الخيري أكدت الوزيرة السابقة، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري السيدة سعيدة بن حبيلس، أن عملية ترحيل الرعايا الأفارقة من الجزائر إلى بلدانهم، تتم في ظروف إنسانية وطبقا للمعايير الدولية المعمول بها، وأضافت سعيدة بن حبيلس أول أمس، في حوار خاص مع « الجمهورية »، أن هذه المأساة ما كانت لتحدث، لولا استهداف الناتو لليبيا في 2011، ما أدى إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة، مشددة على أن نفس الأطراف التي كانت تتهم الجزائر في العشرية السوداء، هي من تعمل اليوم على تحريك ملف المهاجرين الأفارقة، منددة في ذات الحوار بتقليص المساعدات الموجهة للاجئين الصحراويين المقيمين في المخيمات بتندوف الجزائرية، واصفة الإجراء بسياسة التجويع المتعمدة... @ الجمهورية: ما هو سبب الحملة الشعواء التي تشنها بعض المنظمات غير الحكومية، تجاه الجزائر واتهامها بسوء معاملة الرعايا الأفارقة ؟ ^ السيدة سعيدة بن حبيلس : تعودنا على مثل هذه الحملات، لو تتذكرون جيدا في التسعينات، لما كانت الجماعات المسلحة، تتبنى أعمالها الإرهابية، كانت بعض الأصوات ترتفع من الخارج بتواطؤ من الداخل، رافعة شعار من يقتل من ؟... الآن نفس الشيء، ونفس الأصوات ترتفع وهذه المرة محركة ملفا آخر، ألا وهو المهاجرين، بل وحتى ملفات أخرى، والسبب معروف هو أن الجزائر تدفع اليوم ثمن مواقفها الثابتة، على غرار حق الشعوب في تقرير مصيرها، عدم التدخل في شؤون الآخرين، نشر ثقافة السلم والمصالحة... فعلى سبيل المثال، لما نتحدث مثلا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها يتبادر إلى أذهاننا، حق الشعب الفلسطيني، وقضية الشعب الصحراوي. بالنسبة لي شخصيا هذه الحملة لا حدث، لأن التاريخ بين لنا ذلك، وكأحسن مثال عن ذلك ما جرى في التسعينات، لما أطلقوا اتهامات غير مؤسسة وأرادوا تدويل قضية الإرهاب.. إلخ، إلا أن الجزائر بشعبها ومؤسساتها الرسمية، وقفوا يدا واحدة ضد هذه المؤامرات والتاريخ أنصفنا وأعطانا حقنا في آخر المطاف، والدليل على ذلك، أضحى الإرهاب ظاهرة عابرة للأقطار، والمبادرة التي اتخذها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بالنسبة للمصالحة الوطنية، باتت اليوم مرجعا دوليا أمميا.. المهم هو الصمود ومواصلة جهودنا ومسيرتنا التنموية بكل هدوء وطمأنينة... @ الأكيد أنه فيه دول وراء هذه الحملة، وهي من تقوم بتحريك المنظمات غير الحكومية ضد بلادنا، هل يمكن أن تذكري لنا بعض هذه الدول ؟ ^ طبعا بدون أن نذكر هذه الدول التي سمت نفسها بنفسها، فقد سبق لها وأن هاجمتنا في ملفات أخرى على غرار : حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية التعبير والتعددية الحزبية وحرية التجمع... إلخ، هذه الأصوات لماذا لم ترتفع بالنسبة لغزة التي يقتل شعبها على المباشر؟، والصحراء الغربية التي يعاني شعبها منذ 4 عقود؟، مع العلم أن الأممالمتحدة اعترفت بحقه في تقرير المصير، كيف لدولة احتلت شعبا وحرمته من أدنى حقوقه، أن تعطينا اليوم درسا في حقوق الإنسان والإنسانية ؟. لذا يجب علينا طرح المشكل بعمق حتى يغير الضغط جهته ومكانه، وبالتالي نشكل قوة على هؤلاء، والجزائر اليوم مرتاحة وليست في موقع دفاع. لما تطرح سؤال : من المتسبب في هذه الأزمة الإنسانية التي لم يعرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية ؟ برأيكم هل تسببت فيها الجزائر ! ... بالعكس بلادنا كانت لديها نظرة بعيدة المدى وكانت تتوقع تداعيات ما يحدث اليوم من مأساة، المتسبب فيها هو الذي وزن بكل ثقله حتى يتدخل الناتو في ليبيا وضربها، ما أدى إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وهذا الكلام الذي أقوله اليوم سبق وأن عشته بأم عيني، حيث كنت تحت قصف حلف «الناتو» في طرابلس الليبية... @ يعني عشتم أجواء القصف واستهداف ليبيا على المباشر؟ ^ أكيد عشت القصف، باعتباري كنت ضمن الوفد الدولي، الذي تنقل إلى هذا البلد الجار، لمعاينة الأوضاع هناك، وبقينا 17 يوما في منطقة طرابلس، كما أننا لما سافرنا إلى سورية، لاحظنا نفس الشيء وأصدرنا كتابا، بعنوان :« الوجه المخفي للثورات العربية ». الوفد الذي كان يتكون من عدة شخصيات أوروبية وكنت الشخصية العربية الوحيدة المختصة في الموضوع، دق ناقوس الخطر في 2011، وصرح أن تداعيات تدخل «الناتو» في ليبيا ستكون له عواقب خطيرة، ليس فقط على المنطقة وإنما العالم كله. @ هل لديكم أرقام رسمية عن عدد الرعايا الأفارقة الذين تم ترحيلهم إلى بلدانهم ؟ ^ بكل صراحة في العمل الإنساني، نحن لا نشتغل بلغة الأرقام، نحن عملنا تقديم مساعدات ذات طابع إنساني، مع العلم أنه توجد أجهزة رسمية التي تملك هذه الإحصائيات. @ هل يمكن أن توضحوا لنا ظروف ترحيلهم وأين تتم عملية استقبال الرعايا المرحلين ؟ ^ الشيء الذي أؤكده، هو أن كل الشروط المعمول بها دوليا متوفرة، حافلات مريحة ومكيفة، وأخرى شاغرة تستخدم في حال تعطل واحدة في الطريق... خصصنا كذلك شاحنات للأمتعة وسيارات إسعاف، وجندنا مرافقين ونفسانيين وأطباء ومواد غذائية، ورعاية صحية كاملة، كما نقوم أثناء الترحيل بفحوصات طبية، والأطباء هم من يقرروا، من تسمح لهم ظروفهم بالتنقل أو لا.. أما بخصوص النساء الحوامل فيتركن في المستشفى... مع العلم أنه صادفتنا حالات لبعض المرضى اضطررنا أن نجري لهم عمليات جراحية معقدة، وهم اليوم في حالة صحية جيدة. صراحة لا أحب تقديم المبلغ المالي لهذه الخدمات، لأنه من عاداتنا وثقافتنا لما نقدم يد المساعدة لأي كان، لا نشهر بهذه الأرقام، لكن صدقوني، أن الدولة وفرت أموال ضخمة لإنجاح عملية الترحيل. @ هل توجد فعلا «جيتوهات» للأفارقة في الجزائر، أم أن الأمر لا يعدو فقط تقارير إعلامية مضللة وتهويل من قبل منظمات غير حكومية مغرضة ؟ ^ لا توجد « جيتوهات » للأفارقة في الجزائر، من ثقافتهم لا يقبلون بالبقاء في أماكن معينة، وهذا يعتبر « حرية تنقل » ونحن نحترم خياراتهم، هم يفضلون الساحات العمومية، محطات الحافلات... « الجيتو » الحقيقي لما تغلق عليهم في أماكن معينة، هم أحرار في اختيار الأماكن التي يريدون العيش فيها وبكل حرية. @ ماذا بخصوص المساعدات الإنسانية التي يقدمها الهلال الأحمر الجزائري، للاجئين الصحراويين في المخيمات بتندوف ؟ ^ زيادة على المساعدات التي يقدمها الهلال الأحمر الجزائري للاجئين الصحراويين، توجد أيضا المساعدات التي تقدمها المفوضية السامية للاجئين، برنامج التغذية العالمي، وفيه أيضا الصليب الأحمر الإسباني، ومنظمات دولية أخرى، لكن جميع هذه المساعدات تمر على الهلال الأحمر، وأنتهز الفرصة لأفتح قوسا : للأسف فيه محاولة لتجويع الشعب الصحراوي، بحكم موقف بعض المانحين على غرار برنامج التغذية العالمي، حيث أن الدول التي تقدم مساعدات للاجئين، قررت منذ أكثر من سنة تقليص المساعدات، حيث أضحت قليلة، بالنظر إلى عدد اللاجئين الكبير وكبرت معه المأساة. صراحة قراءتي لهذا القرار، هو أنه توجد محاولة تجويع للشعب الصحراوي وهذا مرفوض... @ معذرة على المقاطعة، تقصدون أن هذه الحملة مقصودة ؟ ^ طبعا الحملة مقصودة، لذا الهلال الأحمر الجزائري يحاول من حين إلى آخر تخفيف معاناة الصحراويين، ويقوم بإرسال مساعدات إضافية لسد هذا النقص والعجز. @ ماذا عن الحملات التضامنية في شهر رمضان، لاسيما ما يتعلق الأمر بتوزيع المساعدات ووجبات الإفطار ؟ ^ التضامن في الشهر الفضيل يومي وليس مناسباتي، الفكرة التي نعمل على محاربتها، وهي ضرورة عدم جعل جهود التضامن مقترنة بالمناسبات، الجميع لاحظ وجود هبة تضامنية شعبية كبيرة في رمضان، لكن نتأسف أن هذه الشعلة تنطفئ بعد هذا الشهر المبارك، نتمنى أن تستمر هذه المبادرات التضامنية على مدار السنة، وهذه هي استيراتيجية الهلال الأحمر، أن تبقى هذه الأجواء في جميع المناسبات، رمضان، عيد الفطر، عيد الأضحى، الدخول المدرسي... إلخ @ هل لديكم رقم بخصوص عدد المنخرطين في الهلال الأحمر الجزائري؟ ^ لدينا أكثر من 20 ألف متطوع على المستوى الوطني... @ كيف تقضي السيدة بن حبيلس شهر رمضان، وهل استطعت التوفيق بين منصبكم كمسؤولة على مستوى الهلال الأحمر وشؤونكم المنزلية ؟ ^ في الحياة لدينا اختيار، وأنا اخترت منذ سنوات أنني أناضل، ورمضان أقضيه من منطقة إلى أخرى، بداية الشهر الفضيل لهذه السنة كنت في الجلفة، وقد قطعت في هذه الولاية مسافة 1350 كلم، زرت فيها البدو الرحل والمناطق النائية. صراحة أي إنسان يشعر بالفخر لما يحاول تخفيف معاناة ومأساة الآخرين، فمهما كانت مشاكله فإنها تبدو لا شيء بالنسبة لمشاكل ومعاناة الآخرين، بل وأنه يشعر بالراحة النفسية لما ينشر البسمة ويعطي الأمل والدفء الإنساني في نفوس المحتاجين وهذا هو كنز الدنيا ..