يعتبر المسرح الفن الرابع في تصنيف الفنون العالمية ، وبذلك هو فن من الفنون ذات الفعل الجماعي الذي لا تصل رسالته إلى المتلقي إلا إذا أداه مجموعة من المبدعين كل منهم حسب رؤيته ونظريته الفنية ، ويتميز الفعل المسرحي بظاهرة التأليف الجماعي للنص التي تنشأ من مجموعة أو فرقة يربط بينها رابط فني وهو الإبداع. التأليف الجماعي في الجزائر ظهر مع تكوين الفرق الهاوية سنوات الستينات و السبعينات التي كونت ما سمي آنذاك تعاونيات، وغايتها صناعة فن يجمع بين مختلف توجهات والأفكار ليخرج عملا فنيا متناسقا ذو صراع داخلي وأفكار تخدم المجتمع تنبع من داخله. من خلال تحليلنا للظاهرة الجماعية في الفن المسرحي يتبادر إلى أذهاننا أنها فعل قديم قدم الإنسانية بالرجوع إلى عصور الإغريق الأولى ، أين كانت الجوقة المهيمنة على المسرح الإغريقي، و تتكون من مئات الشعراء فعنصر نجاح أي عمل مسرحي مهما كانت طبيعته هو الفعل الجماعي. وبالعودة إلى العناصر الفنية للمسرحية نلاحظ أنها تجمع داخلها عدة فنون لا يمكن للمسرحية أن تستغني عن فن ، منها الموسيقى والرقص الإضاءة و التمثيل، و لكل واحد في المجموعة دوره الذي يؤديه ويربط بين كل هؤلاء المخرج اذي ينسق الأدوار. إن الفكرة الأساسية في العملية الجماعية للمسرح نابعة منه أساسا ليست وليدة أفكار خارجية ، فالمسرحية هي تناسق لعناصر فنية تحركها مجموعة من المبدعين يجتمعون ضمن جماعة سواء فرقة أو جمعية أو تعاونية ، لكن الهدف الأسمى لهم هو صناعة انتاج عمل يتشاركون فيه كلهم. إن العملية المسرحية هي نتيجة صراعات فكرية و إيديولوجية اجتماعية و المسرحية بذاتها في عنصرها الكتابي هي صراع فإذا تجاهلنا أو حاولنا أن نغطي على رأي من الآراء نكون هنا قد تجاهلنا أفكارا و قتلنا إبداعات يمكنها أن تفيدنا. لا يمكن تأدية الفن المسرحي بعيدا عن العمل الجماعي حتى إن كان نوع المسرحية مونودراما ، أي مسرحية الشخص الواحد ، لأن المسرح يحتاج إلى مؤلف و مخرج و ممثلين ومجموعة تقنيين حتى يعطي كل شخص نظريته و رأيه كي يصنع ابداعه من خلال المسرحية و تصل كل الأفكار إلى المتلقي الذي يشاهدها و يحللها، هذا هو ما نبتغيه من المسرح .