مسرحية " الخيمة " هي من إنتاج التعاونية الثقافية ورشة الباهية لوهران، وهو نص لأحمد كارس،والإخراج سعيد بو عبد الله ، السينوغرافيا لحبيب مجاهري وإعداد النص لسهلة سيد أحمد والمكلف بالنص عيسى مولفرعة. تحاكي المسرحية الصراع الأزلي بين الحضارات و الثقافات، وتطرح قضية البحث عن الحرية عن طريق الهجرة ، أو ما يسمى بالتغرب، و كان هذا الصراع مجسدا في شخصيات العرض التي وصفها الكاتب الخمري، وهو شخصية متشبثة بأصالتها و تقاليدها وأعرافها مند القدم ، رافضا التغيير من كل جوانبه، أما أخوه " الكمري"، هو عكسه تماما لا ينظر إلى الخلف، بل يسعى إلى التغيير الذي يصلح به المفاهيم والأفكار ، ومن أجل تحقيق هذا، يفكر في الذهاب للعيش في مجتمع آخر غير مجتمعه ، يرى فيه الديمقراطية والحرية ، وأختهم " مرجانة " التي تحاول أن توازن بين أفكار كل واحد منهم، للوصول إلى برّ الأمان، لكنها تسقطت في فخ " الكمري" الذي يقنعها بضرورة قطع الواد والبحث عن التغيير وهنا تبدأ القصة. الحبكة التي بنى عليها الكاتب نصه هي الإنسان المتعلق بأصالته لا يمكنه مواكبة الزمن والعيش في وقت أصبح العالم فيه مجرد قرية صغيرة، و« الخيمة " ما هي إلا رمز لمعنى الوطن الأرض التي لا بد للإنسان أن يحافظ على مكتسباتها، و " مرجانة " بقطعها للواد ، كأنما انسلخت عن جذورها الأصيلة وأدخلت الغريب إلى الخيمة ، وهنا عرف المخرج كيف يصنع من جمالية الرسالة بتصويره للخيمة، تهتز وهي على وشك السقوط، هذه الرمزية إجمالية تصور لنا رسائل الانسلاخ وفقدان للهوية. وظف الكاتب في عرضه التراث الشعبي الجزائري ، خاصة الشعر الملحون و أسامي الشخصيات المتجردة في الثقافة الشعبية ، ونلاحظ أنه استعمل بعض لآلات مثل الطبل في الغناء . مسرحية " الخيمة " عرض يطرح أيضا قضية المرأة كعنصر فعال في المجتمع العصري ، ويتجسد هذا في دور " مرجانة " التي كانت هي المحرك الأساسي للحدث الدرامي، والتي تحاول دائما أن توازن بين الخمري و الكمري ، لكنها بعد محاولات كثيرة ارتأت إلى أن الحل، هو أن تتركهما وتبحث عن استقلاليتها ومستقبلها، هنا أوضح الكاتب رسالة جميلة على ان لا نقف عند مواجهة العراقيل، بل نحاول الإصلاح مع الاستمرارية و شق الطريق كما فعلت مرجانة بمفردها ، دون أن يضغط عليها لا العامل التقليدي و لا العامل المعاصر. ، وقد استطاع المخرج أن يوصل رسالة الكاتب إلى المتلقي رغم أن العرض مليء بالرسائل الرمزية ، لهذا أعطاه جمالية فنية وإخراجية خاصة في الناحية السينوغرافية .