سابع مسرحية في كتاب ( مختارات من المسرح الجزائري الجديد " والعنوان الأصلي لهذا الكتاب هو "anthologie du nouveau théâtre algérien " هي للكاتب المتمرد "عيسى خلادي " ، الذي حاول تشخيص موضوع المأساة الوطنية التي ألمت بالشعب الجزائري في العشرية السوداء ، و ذلك من خلال نص قوي ، يقع في خمسة فصول كاملة ، اختار له عنوانا موحيا هو: "جنة الآمال الزائفة" ، و الجنة المقصودة في المسرحية هي تلك الأحلام الوردية التي امتلأت بها نفوس الكثير من الشباب و المواطنين عامة ، من الذين اقتنعوا ببشائر المشروع السياسي الإسلاماوي ، قبل أن تطحنهم حوادث المأساة الوطنية و تلقي بهم في جحيم العنف و الموت و التشريد ، فالمسرحية تعيدنا بأسلوب واقعي إلى تلك السنوات العسيرة التي عصفت بالجزائر في براثن الإرهاب ، فتشخص لنا الشرور و الآثام و تحثنا على انتهاج خيار المصالحة الوطنية . 8- في المسرحية الثامنة الموسومة بعنوان : "ألجرينو " يشخص الكاتب : "نو الدين مغسلي" عبر اللوحات الثلاث التي تتألف منها المسرحية معاناة المرأة الجزائرية من خلال رصد آثار التطاحن السياسي على السلطة في الجزائر منذ أزمة صيف 1962 إلى غاية عشرية المأساة الوطنية التي مرت بها البلاد في التسعينات من القرن الماضي ، فيعرض علينا قصة ثلاث نساء قريبات جدا منه ، هن أمه و أخته و ابنته ، فيصور ظروفهن كنساء مقهورات من قبل الرجال ، و يشرح عذابات كل واحدة منهن في فترة زمنية محددة ، حيث إن استقلال الجزائر لم يحقق أحلام الأم ، كما أن الهجرة مزقت الأخت ، أما العنصرية في ديار الغربة فقد طاردت البنت و حاصرتها من كل جانب ، و مع ذلك يصر الكاتب على الاحتفاء بالعمق الجزائري في الروح و الفؤاد ، فيذكر أن كلمة "ألجرينو " تنطق بالإسبانية " الخير ينو " و التي تعني باللهجة الأمازيغية " الخير انتاعي " و هي العبارة التي ترددها الأم أمام النسوة متباهية بطلعة ابنها كلما جاء لزيارتها قادما إليها من ديار الغربة . 9- لن نجانب الصواب – فيما نعتقد – إذا جزمنا بأن مسرحية " أمسية في باريس " لمؤلفها " مجيد بن الشيخ " و هي المسرحية التاسعة في ترتيب المختارات فريدة في موضوعها ضمن خريطة أدبنا المسرحي الجزائري ، فهي – فيما نعلم – أول مسرحية مطبوعة تناولت موضوع مظاهرات 11 ديسمبر 1960 بباريس ، و هي المظاهرات الشعبية التي عبرت عن رفض المهاجرين الجزائريين للسياسات القمعية الوحشية التي تنتهجها الإدارة الاستعمارية في أرض الجزائر ، و المسرحية تنطلق من فضاء تلك المظاهرات لتشخص لنا عبر رحلة فصولها الثلاثة فلسفة القتل في الفكر الاستعماري ، حيث نكتشف أن الاستشهاد سبيل تحقيق الحياة في الفكر التحرري ، في حين أن القتل نهج استمرار الوجود في عرف الاستعمار ، فتبين لنا المسرحية أن جرائم القتل التي اقترفتها الأيادي الاستعمارية في حق الشعب الجزائري هي جرائم مخطط لها من قبل أعلى المسؤولين في الإدار مخطط لها من قبل أعلى المسؤولين في الإدارة الاستعمارية . 10- المسرحية العاشرة و الأخيرة من باقة هذه المختارات موسومة بعنوان : "فتيات جيلفين" من تأليف الكاتب "حمة ملياني" الذي عمد إلى توظيف التراث الشعبي الجزائري المعروف في منطقة الشاوية ، فعمد إلى استحضار شخصيات خرافية من الماضي السحيق ليعرض من خلالها مستقبل حياتنا بواسطة تشخيص الصراع بين قوى الشر ممثلة في السحرة و الغيلان و قوى الخير ممثلة في الشباب الأذكياء ، و لا يتوانى الكاتب عبر مشاهد مسرحيته الرمزية عن فضح طموحات أولئك الحكام الذين يستغلون الدين للتخلص من الرجال الأذكياء و تشكيل عالم من النساء فقط استجابة لنزواتهم و غرائزهم الشريرة..يتبع .