تسعة أشهر من وضع متأزّم وخطير لم تشهد له الجزائر مثيلا منذ استرجاعها لاستقلالها وسيادتها على أرضها وثرواتها، أدخلت البلاد نفقا مظلما، كان طرفا معادلته عنصرين أساسيين: عُصبة تحكم من وراء الرئيس المقال عبد العزيز بوتفليقة وشعب خارج في مسيرة مليونية سلمية تطالب السلطة غير الدستورية بضرورة الرحيل الفوري، وإطلاق اليد لتحوّل ديمقراطي ينتهج فعلا لا قولا التداول على السلطة خاصة أنّ القدرات الصحية لعبد العزيز بوتفليقة أبانت أنّ الرجل غير متحكم في زمام الأمور منذ نهاية العهدة الثالثة فكيف بالرابعة والخامسة؟؟ وقدّم عبد العزيز بوتفليقة استقالته في سابقة لم تشبهها سوى استقالة الشادلي بن جديد مع اختلاف طفيف لكن جوهري في الأسباب والمسببات والدوافع والظروف، ودخلت الجزائر وفقا للدستور في مرحلة انتقالية رافقتها كثير من المتاعب وتجدّدت لمرة واحدة، كان لزاما أن يقود فيها الدولة رئيس مجلس الأمّة عبد القادر بن صالح باعتباره الرجل الثاني في هرم الحكم وفقا للمادة 112 من «دستور الجزائر» الدستور، تحت رفض شرس من الحراك الذي أعلنه الشعب منذ 22 فبراير 2019 ومطالبات كثيفة بضرورة رحيله ورحيل وجوه أخرى، غير أنّ المؤسسة العسكرية التي ظهرت في الساحة السياسية بشكل لافت، أحكمت قبضتها على المشهد و تصدّرته ، أبقت عليه لتسيير الفترة والدعوة إلى انتخابات في 28 أبريل، كان مفروضا أن تنطلق في 4 جويلية بعد قطع الطريق أمام انتخابات أبريل من نفس السنة و التي كانت ستجدد الولاية لعبد العزيز بوتفليقة ، غير أن انتخابات جويلية التي رفضها الشعب باعتبارها تجري بقيادة نفس وجوه نظام بوتفليقة تمّ أيضا إلغاؤها، وأصر الراحل الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي على ضرورة حسم المرحلة الانتقالية و العودة بمسار البلاد إلى السكّة الصحيحة، بإعلان انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر من نفس السنة، وهو الاقتراع الذي تقدّم إليه خمسة مرشحين لقوا وابلا من الانتقادات والتشكيك والرفض من قبل عدد من الشعب ، وهي الانتخابات التي قسمت الجزائريين بين مؤيّد لها باعتبارها الحل الدستوري الأول والأنجع من أجل العودة إلى المسار العادي ورافض لها بشكلها ومضمونها والتشكيك في نزاهتها وقربها من محيط الرئيس المخلوع . التلاحم وبفضل تلاحم مؤسسات الدولة وإصرارها على التضحية وتفهم مطالب الشعب جرت الانتخابات واعتلى المرشح الحر عبد المجيد تبون سدّة الحكم ليكون الرئيس الثامن للجزائر منذ الاستقلال. الرئيس الجديد وبعد مباشرة مهامه قبِل استقالة الوزير الأول نور الدين بدوي و أنهى مهام وزير الداخلية في خطوة رآها البعض أول تجسيد لمطالب الحراك.. انتخابات الجزائر، أعرب أزيد من مئة راغب عن نيته الترشح لها ولكن في الأخير قُبل خمسة مرشحين فقط للتنافس على نيل كرسي «قصر المرادية» قصر المرادية، وأسفرت عن فوز «عبد المجيد تبون» عبد المجيد تبون بعد حصوله على 58.15% من الأصوات.