وفقا لأوّل تصريح أدلى به الرئيس عبد المجيد تبون فإنّ حل الأزمة الليبية سيكون ضمن أولويات الدبلوماسية الجزائرية التي لا تدخر جهدا من أجل الرمي بكل ثقلها في الملف ، الذي يشكّل عائقا حقيقيا في استتباب الأمن و السلم و الاستقرار في منطقة المغرب العربي . و شهدت الدبلوماسية الجزائرية انكماشا بائنا غداة ظهور الأزمة السياسية في البلاد و ما تلاها من انتفاضة شعبية سليمة عارمة ، حيث توجّهت الدولة إلى الشأن الداخلي من أجل إعادة ترتيب أمورها ، بسبب تطورات الوضع السياسي الذي ألقى بثقله على عمل الدبلوماسية ردحا من الزمن ، ولم يتم تسجيل سوى بعض الأنشطة لذات الدبلوماسية . و كان وزير الخارجية صبري بوقادوم غداة تعيينه قد أعرب لنظيره الليبي عن "الانشغال العميق للجزائر بتطورات الوضع العسكري والأمني في ليبيا ، والذي يهدد الأمن في طرابلس وفي عموم المنطقة " ودعا بيان الخارجية جميع الأطراف الليبية إلى أسلوب الحوار والحلول السياسية، وفق أجندة المنظمات الإقليمية والدولية ، حيث تؤكد الجزائر على ضرورة عدم الانجرار وراء المقاربة العسكرية الذي لا تحل مشكلا . و متابعة للدور المناط بالجزائر في حلّ الأزمة الليبية استقبلت هذه الأخيرة منذ خمسة أيّام رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية ، فايز السراج الذي أجرى محادثات مع الرئيس عبد المجيد تبون في إطار المشاورات الدائمة والمتواصلة للتوصل إلى حلّ سلمي للأزمة بعد تفاقم الأوضاع وبحث السبل الكفيلة لتجاوز هذه الظروف العصيبة. واتخذت الجزائر موقفا رسميا من الأزمة مبني "على الوقوف على مسافة واحدة مع جميع الأطراف الليبية ومساعدتهم على حل مشاكلهم بأنفسهم بعيدا عن التدخلات الأجنبية ". و تجتهد الجزائر من خلال تكثيف المشاورات مع الأطراف القريبة من الملف الليبي و الهيئات الإقليمية و القومية و الدولية على رأسها الاتحاد الإفريقي و الجامعة العربية و الأممالمتحدة من أجل تقريب وجهات النظر و وضع الفرقاء الليبيين على خط التشاور و عدم اللجوء إلى الحل العسكري الذي قد يزيد في تفاقم الأزمة بدل حلحلتها ، و بالتالي تلجأ الجزائر دوما إلى تجديد تأكيد دعم الدور المحوري للأمم المتحدة في تسوية الأزمة الليبية و موقفها الحاسم من أجل إقرار الاستقرار و السلم و الآمن. و كانت المكالمة الهاتفية التي تلقها رئيس الجمهورية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد دارت أيضا حول ضرورة تفعيل الحلول الناجعة للملمة أزمة ليبيا ودعا الطرفان فيها إلى وضع حد للتدخلات العسكرية الأجنبية في هذا البلد الإفريقي الذي يعيش تطاحنا كبيرا بين أبنائه بمساعدات و تدخلات أجنبية سافرة و معلوم أنّ تركيا تريد نصيبا من الملف الليبي بإعلانها بدء هجوم عسكري والتوجه تدريجيا إلى ليبيا، بموجب الاتفاق الأمني المبرم بين أنقرة وحكومة الوفاق التي تخوض منذ أبريل معركة عسكرية ضد قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المتقاعد خليفة حفتر.