لاشك أن الاختلالات المسجلة في الاقتصاد الوطني مردها الفاتورات التصاعدية للاستيراد الذي أضحى يكبس أنفاس المالية العمومية للبلاد .. فمنذ زمن بعيد والجزائر تناضل من اجل هده القضية النبيلة سلاحها في ذلك مختلف السياسات المتعاقبة التي أتت أكلها برهة من الزمن وأخفقت في أحايين كثيرة لأن الإرادة ثبطت أو حولت عن مسارها الصحيح . لكن ما يدعو إلى القلق أن الجزائر محكوم عليها مراجعة أطر عمليات الاستيراد حتى لا نقول العشوائي والاكتفاء فقط بما هو ضروري حفاظا على المداخيل المتبقية من العملة الصعبة.. نعم الصعبة فعلا في الجلب و الجمع والصرف.. البترول ليس كما كان في سابق عهده الذهبي وحتى وإن طفرت أسعاره بشطحات جنونية إلا أنها ليست بالمستقرة على حال لأن السوق العالمية أصبحت تعج بالمنتجين والمضاربين والثقل كله يسقط على منظمة الاوبيب وهنا حديث آخر عن ضرورة تماسك هذه الهيأة الدولية كي لا تغدو مطية في أيدي الكبار من مناوري التجار.. تجارتنا، هي أيضا، تعاني الأمرين، فمن تدني مستوى نوعية المنتجات الى غياب شبكة وطنية للتوزيع والتنظيم، مما عبّد المسار لشهية المتطفلين كي يكونوا رّواد مأدبة الضواري، يمتصون دم المستهلك المغلوب على أمره .. الى ذلك من الجيوب السوداء التي لا طالما أثخنت في جراح منظومتنا التجارية ... نعم لم يبق سوى الخبز والحليب ليضارب فيه المضاربون، وكأن لقمة الجزائري البسيط أضحت، المربع الخصب للنهب والجشع .. إن أي قطاع لا يسلم من أذى المتزلفين ولا المتحذلقين إلاّ بلغة المكاشفة والمصارحة، وقول الحقائق عارية من كل مواربة حتى لا تتسلل المراوغة، توخيا للفائدة الكبرى، فائدة الاقتصاد الوطني، الذي ضيع أيما ساعات وفرص للتموقع بقوة على الأقل قاريا، قبل أن يلج الأسواق الدولية. فلتكن قاعدة الاستيراد، هو المكمل وليس البديل، قبل أن تلتهم الواردات ما تضخه الأنابيب العملاقة للثروة الوطنية.