« أهل القمر» هي رواية جزائرية، أبطالها من الواقع المعاش وأحداثها تدور في أحد الأحياء الجزائرية، هي لروائي جزائري شاب اسمه « أيمن حولي»، طالب ماستر،ابن مدينة سطيف الواقعة في الشرق الجزائري، وهي ثاني عمل أدبي له بعد مجموعة خواطر موسومة ب« دورة في مجرة». «أهل القمر» من الروايات قصيرة الحجم، إذ لم يتعد عدد صفحاتها مئة وعشرين صفحة(120)، صدرت عن دار المثقف في طبعتها الأولى. وهي تستحضر مجموعة من القضايا الاجتماعية، كانت فيها المرأة أكثر الشخصيات حضورا من الرجل، فقد اقتسمت فيها دور البطولة مع الرجل في البداية، لتنزع منه الشخصية الرئيسة في باقي الرواية ممثلة الوجه الاجتماعي بكل مشكلاته. ^ قراءة في الغلاف الخارجي(الأمامي والخلفي): المتأمل لرواية» أهل القمر» يجدها تحمل العديد من الايحاءات من خلال الرموز والألوان الموحية، طغى فيها لونان متضادان هما الأبيض والأسود؛ وكما هو معروف أنّ اللون الأسود يرمز للظلمة والحزن، والهدف من استعماله هو جذب انتباه القارئ لمعرفة الغموض الموجود في الرواية، خصوصا أن ذلك السواد كان يتوسطه اللون الأبيض الذي يدفع إلى نوع من الأمل والسلام والراحة النفسية. نجد رواية «أهل القمر» كغيرها من الروايات التي تهتم بالشكل الطباعي، حيث كُتب العنوان بحجم كبير في الصفحة بلون رمادي، وهو لون يدل على الضياع وعدم الاستقرار، وأسفل العنوان وُضع اسم الكاتب بحجم أصغر بلون أحمر يحفه البياض، وقد تعمد مصمم الغلاف ذلك للفت الانتباه. تضمّن الغلاف الأمامي صورة لرأس امرأة شابة بلون رماديّ ، يعكس الضياع التي تعيشه المرأة في الرواية، يظهر الشق الأيمن فقط من وجه الفتاة في الصورة، بينما الشق الأيسر مغطّى بشعرها، وهذا ما يؤكد الحزن والاختباء الذي عانته المرأة داخل الرواية، كما نلاحظ خلف المرأة ورد أحمر جوري، دلالة على العلاقات العاطفية والحب الموجود داخل الرواية،ويظهر القمر أيضا وهو بدر في أعلى الغلاف بألوانه المعهودة، أبيض ورمادي يميل إلى السواد، ليؤكد الجانب المشرق والمظلم في الرواية . أما عن الغلاف الخلفي للرواية فقد احتوى عنوان الرواية، واسم الروائي وصورة له، بالإضافة إلى مقطع من الرواية يلخص مضمونها، لكنّ هذه المرة الخلفية كانت أجمل، إذ تحمل ألوانا زاهية تبعث الأمل في النفوس. ^ قراءة في العنوان : جاء العنوان في كلمتين( أهل، القمر) اجتمعا لتأدية دلالة واحدة، وهو أن البشر كالقمر، فمهما كان فيهم جانبا مشرقا،إلا أن فيهم جانبا آخر مظلما، تتصارع داخلهم قوى الخير والشر، ولا أحد فيهم منزها عن الخطأ، لكن يبقى في كل واحد منهم جانبا يتغلب عن الآخر. ^ قراءة في المضمون: القارئ والمتطلع لرواية «أهل القمر» يرى بوضوح سيطرة الهموم الاجتماعية التي تعاني منها المرأة في المجتمع، وغالبا ما يتسبب فيها الأهل والرجل، ..البداية كانت مع قصة الحب التي جمعت بين «أحمد» طبيب الأسنان المحترم، الذي ينحدر من عائلة متماسكة ومحافظة، وبين مريضته «حياة» اليتيمة التي تخلت عنها والدتها في سن مبكرة، وتركها والدها أيضا في سن الخامسة عشر ورحل إلى وجهة غير معروفة، ما جعلها تكمل حياتها في بيت جدتها. كانت حياة تتردد على عيادة أحمد للمعالجة، فأعُجب بها منذ أول لقاء، ليصارحها بحبه في اللقاء الثاني، وهكذا توالت اللقاءات بينهما، لتنتهي علاقة الحب بالزواج ..تمضي الأيام ويعيشان حياة رائعة مستقرة، مليئة بالحب، ليرزقان بعدها بمولودة جميلة أطلقا عليها اسم «إيمان» التي غيرت حياتهما كليا، لكن للأسف لم تدم السعادة طويلا، لأن والد أحمد توفي وتركه وحيدا، ليدخل أحمد في دوامة من الحزن فقد على إثرها نكهة الحياة ، لكن مع الوقت عاد إليه الأمل بعد سماعه خبر حمل زوجته للمرة الثانية، وفرح أكثر لما عرف أن جنس المولود ذكر، فهو كان يريد أن يعوض ما فقده في والده مع ابنه، وعليه قرر أن يبني له منزلا ليعيش فيه لما يكبر، لكن الأحلام خلقت لئلا تتحقق كما يقال، لأنه فقد ولده وزوجته معا، ليغرق بعدها في بحر من الضياع والحزن والأسى، ما جعله ينسى حتى ابنته» إيمان» التي كان يحبها حبا جمّا. بقي «أحمد» يتردد على قبر زوجته ويبكيها بشكل مستمر، ولم يجد جنبه سوى ابنته ووالدته، ، ليظهر بعدها صديقه المخلص « كمال « ويقنعه بالزواج ثانية من أجله ومن أجل صغيرته التي تحتاج لمن يعوضها حنان والدتها. وفعلا يتزوج أحمد من امرأة أخرى اختارتها له والدته، لكنه لا يشعر معها بالحب والارتياح، ما يجعلها تلجأ للسحر من أجل الظفر بحبه واهتمامه، وتنجب منه ولدين، ما يجعله يهتم بها وبولديها ويهمش ابنته « إيمان». بعدما تمضي السنوات، تقرر إيمان الرحيل بسب عدم اهتمام والدها وزوجته بها ، فتنتقل إلى بيت جدتها وعمها الذي أوهمها في البداية بالرعاية، ثم انقض عليها كوحش واغتصبها واغتصب براءتها، فخرجت من المنزل دون إخبار جدتها، وبقيت في الإقامة الجامعية، وهناك تعرفت على الطالبة «أمال» التي أوهمتها بصداقتها الصادقة، لكنها تغدر بها وتسلمها إلى صاحب ملهى ليلي ليتاجر بها، ولأن إيمان رفضت أن تكون مومسا، يطلب منها صاحب الملهى العمل كنادلة، وفي كل مرة أرادت التملص منه ومن الحياة التي غرقت فيها يهددها برميها إلى الذئاب البشرية، ووسط هذا الألم والوضع المزري شاءت الأقدار أن تتعرف برجل الأعمال «فريد» الذي كان ينظر لها بنظرة مغايرة كلها عطف واهتمام، وعندما سألهاعن حياتها.. حكت له كل ما جرى معها من أحداث، فتعاطف معها وطلب منها الزواج وأتى لخطبتها من عائلتها مع والده، لتتفاجأ في النهاية بأن والده هو صديق والدها « كمال «... وتنتهي الرواية بنهاية مفتوحة..