كان اجتماع الوزراء ل 26 نوفمبر2019 قد أقرّ ضمن جدول أعماله المصادقة على مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 84-09 المؤرخ في 4 فيفري 1984 والمتعلق بالتنظيم الإقليمي للبلاد. حيث كان المشروع الذي تناوله ذات المجلس قد تمحور حول ترقية عشر مقاطعات إدارية المنشأة على مستوى الجنوبالجزائري والموزعة على مستوى ثماني ولايات إلى ولايات كاملة الصلاحيات و بغلاف مالي مستقل أيضا ، بعد 4 سنوات من إنشائها ، وهذا بالنظر إلى نضج الإطار المؤسساتي لها لتضطلع بمهامها بكل استقلالية ، علما أنّ جميع المقاطعات التي تمّت ترقيتها إلى ولايات تتوفر فيها شروط الترقية و منها : السعة حتى يتمكن وسطها من استيعاب المشاريع الاقتصادية والتنموية و توفرها على اليد العاملة والإطارات الفنية لتنفيذ المشاريع و أن تكون للإقليم منافذ اتصال بالأقاليم المجاورة والعالم الخارجي أيضا. للعلم أعادت الجزائر لأوّل مرة النظر في التقسيم الإداري الموروث عن الحقبة الاستعمارية في ديسمبر 1965 فتقلص عدد الوحدات الإدارية البلدية و الولائية إلى 15 ولاية ، 91 دائرة ، 676 بلدية. و في سنة 1974 ارتفع عدد الولايات إلى 31 ولاية وعدد الدوائر إلي 160 دائرة وعدد البلديات إلى 704 بلدية وفي سنة 1984 حدث تعديل آخر علي الخريطة الإدارية للجزائر ليرفع عدد الولايات إلى 48 ولاية و 1541 بلدية و 742 دائرة ، ليصير عددها اليوم 58 مع الإبقاء على 553 دائرة و 1541 بلدية . و تتوخّى الدولة من وراء التقسيم الجديد تنظيم التجارة والتعاون بين الولايات و إدارة الانتخابات أيضا خاصة أنّ الجزائر مقبلة على انتخابات تشريعية يوم 12 جوان المقبل ، و بالتالي زيادة الولايات الجديدة ينمي بشكل بارز النشاطات الفنية المتعلّقة بالمشاريع الاستثمارية و إعطاء دفع للتصنيع باعتبار الولايات الناشئة تتوفّر على قاعدة فلاحية ، تؤدي حتما إلى تنشيط التجارة و ازدهار تجارة المقايضة في إطار التبادل مع دول الجوار، وهي التجارة التي يحبذها أهل الجنوب كثيرا لمنافعها و عدم تعامل بالنقد ، أضف إلى ذلك التكفل بانجازها لمخططاتها التنموية المحلية و التنسيق و الرقابة بكل أريحية باعتبار أنّها ترفع الضغط على الولايات التي كانت تنتمي إليها . و ممّا لا شك فيه أيضا أنّ الولايات الجديدة تدعم السهر على الأمن الحدودي للجزائر حمايةً للممتلكات و الأشخاص ، و كلّف ترقيتها إلى ولايات منتدبة حوالي 30 مليار دج و هذه النشاطات موجودة في كل التقسيمات الإدارية مهما كان حجمها. كما أنّ أهمية النشاطات الإدارية و القيام بها يعدّ من المهام الإدارية التي يجب إنجاحها ، باعتبار التقسيم لم يأت من أجل التقسيم بل لخطط تعتمدها الدولة من أجل النهوض بالتنمية المحلية و تخفيف العبء علي الساكنة . و لعلّه جدير بالذكر أيضا أنّه ضمن الولايات المرقّاة مؤخرا توجد المشاريع التي أعلنت عنها وزارة المناجم في 2020 عن الشروع المتعلّقة بالاستغلال الحِرفي للذهب ضمن 178 محيط في مناطق تمنراست و اليزي ( بمعنى أنّ الولايات الجديدة سيكون لها نصيب من العملية ) بالإضافة إلى إن مشاريع استغلال مناجم الحديد والفوسفات والزنك والرصاص التي ستدخل حيز التطبيق في مارس 2021 على أقصى تقدير، و هذا ما يؤكد أنّ المؤسسات الصغيرة التي تم إنشاؤها سيكون لشباب المنطقة نصيب فيها و هم الشباب الذين تعهدت الوزارة بتأهيلهم في مجال البحث والتنقيب. من جانب آخر لا يقلّ أهمية و باعتبار وباء كورونا لا يزال يشكّل خطرا على الجميع و قد ظهرت سلالة قادمة من جنوب الصحراء و هي السلالة النيجيرية فإن الدور المناط بالولايات الجديدة خاصة تلك الحدودية مثل جانيت و عين قزام و برج باجي مختار بالإضافة إلى الولايات القديمة الحدودية على غرار إليزي و تمراست و أدرار و هي كلها في الجنوب و أيضا ، يعدّ جوهريا من حيث مراقبة الهجرة السرية للأفارقة والوقوف في وجه انتقال العدوى الجديدة وهي مهام فعلا جسيمة يجب أنّ تخصص لها الدولة أغلفة مالية و وسائل لوجيستية لرد الخطر الذي يضاف إليه أخطار أخرى كجريمة الاتّجار بالمخدرات و التبغ و الاتّجار بالبشر أيضا و تحويل التحف ، ناهيك عن صد الجماعات الإرهابية المرابطة بدول الساحل و جنوب الصحراء الكبرى .