لا يزال العديد من النشطاء الجمعويين والمهتمين بالشأن البيئي والسياحي، يُندّدون بالتصرفات المشينة التي طالت منارة « الطبانة « التي تعدُّ واحدة من أبرز المعالم الأثرية والسياحية التاريخية في دائرة أرزيو، وبالضبط في أعالي بلدية سيدي بن يبقى ( النيقرية ( سابقا، حيث يعاني هذا المعلم الأثري من التسيب والإهمال ، ناهيك عن تصرفات بعض الأشخاص الذين حولوا ساحاته الداخلية إلى ملعب لكرة الطائرة في مشهد يُندى له الجبين، وهو ما خلّف استنكارا واسعا عبر العديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، دون نسيان القاذورات التي أضحت تحاصرها من كل جانب،رغم دعوة العديد من الجمعيات الثقافية والبيئية التي تعنى بالشأن السياحي، لحماية هذه المنارة التاريخية من خطر الاندثار والزوال، كالجمعية الثقافية الولائية الطبانة، وجمعية « شفيع الله لحماية البيئة والرفق بالحيوان» ، وجمعية « الرأس الأخضر»، وكذا جمعية « آفاق المستقبل» السياحية ، التي أكد لنا رئيسها السيد قادة بن زينب أن جمعيته بصدد السهر على إيصال جميع الانشغالات المتعلقة بحماية البيئة والآثار السياحية إلى الجهات المعنية ، وهذا قصد إخراج منارة « الطبانة « من دائرة التهميش والنسيان، وإدراجها ضمن أجندة السلطات المُختصة قصد إيلاء الأهمية اللازمة لها، وبرمجة حملات لتنظيفها، خاصة وأنها تحوّلت في الوقت الحالي إلى مرتع للمنحرفين، كما قام بعض السكان بتحويلها إلى مراع، و اسطبلات لمواشيهم، غير مُبالين بمكانة هذا المعلم الأثري الفريد و العريق، الأمر الذي بات يستوجبُ تدخلا عاجلا للقيام بعملية تسييج كامل للموقع، و منع محاولات الاستيلاء عليه، حتى يبقى شاهدا على مختلف الحضارات التي تمركزت في هذه المنطقة الجبلية المعروفة بهدوئها وجمالها الساحر وتاريخها العريق، ومكانتها و دورها الرّيادي عبر قرون من الزمن،خاصة وأنها حاليا تعرف تدهورا ملحوظا يزداد يوما بعد يوم، وسط دعوات متكررة من لدن المهتمين بالشأن البيئي، بتدخل السلطات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى تبقى منارة « الطبانة «، منبرا شاهدا على الحضارة لتتدارسه الأجيال القادمة. ويعود تاريخ إنشاء منارة « الطبانة « الأثرية حسب العارفين والدارسين للتاريخ السياحي بالمنطقة، إلى العهد العثماني، نظرا إلى الطريقة المعتمدة في تشييدها، حيث تضمّ داخلها العديد من الأقواس والأروقة والأبواب، والهلال والنجمة التي ترمز إلى الحضارة الإسلامية، وكان الهدف من تشييدها آنذاك،هو حماية المنطقة، ومراقبتها عسكريا ضد هجمات الأسبان، الذين استولوا على المرسى الكبير في وهران، وبقيت هكذا إلى حين قدوم الاستدمار الفرنسي سنة 1830 ، والذي كان همُّه الأول والأوحد، هو القضاء على كل ما هو عربي وإسلامي في الجزائر، حيث عمل على تشويهها، ثم التخلي عن خدماتها لاحقا، وتم بناء منارة مراقبة أخرى في الأسفل منها، وهذا نظرا لتمركز منارة « الطبانة « في منطقة جبلية علوية، يحجبها الضباب..