بوفاة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، تكون الجزائر، والأمة العربية والعالم، وكل القوى المحبّة للعدل، والحرية والمساواة، ومثل السلم، قد ثكلت في زعيم كبير، وعظيم، ناضل منذ ريعان شبابه في سبيل تحرير وطنه وأمته من براثن الإستدمار، سي أحمد رحمه الله الذي ، فارقنا، بعد حياة نضالية طويلة وحافلة بالإنجازات عانى طيلة مشواره الحياتي من ويلات السجون الإستعمارية، لا لشيء سوى لأنه كان متميّزا بالجرأة والشجاعة وهو يتحدى النظام الكولونيالي الفرنسي، خصوصا ، حينما قاد هو ومجموعة من المناضلين الهجوم التاريخي على بريد وهران العام 1949لأجل تحويل الثروة المسلحة بالمال اللازم، سبّل حياته لأجل تحرير وطنه من ربق الإحتلال، ويشهد له التاريخ بمواقفه الشجاعة وهو يافع ينافح عن الوطن المفدى (...) فالرئيس الأسبق بن بلة الذي كان أول رئيس للجزائر المستقلة، رفع لواء البناء والتشييد فوضع النواة الأولى للصّرح، ولم يبخل لا بوقته ولا جهده في إتجاه تحقيق الأهداف الوطنية النبيلة. يشهد له التاريخ المعاصر ، أنه إلتقى بكبار فطاحل الساسة في العالم، كزعيم القومية العربية الراحل عبد الناصر، وبورقيبة ونهرو وكاسترو، وكيندي وشي غي فارا، والقائمة طويلة لرئيس جسد حب الجزائر في قلبه وسار به في كل الأصقاع يُسمع صوتها الجوهري كدولة تريد إقامة الحق ومحاربة إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، بن بلة الثورة والجهاد، والتاريخ له جولات وصولات مع القضايا المصيرية لبلاده، فكان مشاركا ومساهما في التعددية الديمقراطية وقت تفتحها، ودافع عن أفكاره السياسية بكل إقدام، وقال ما قال، إلى أن جاءت رحال المصالحة الوطنية، فكان من المباركين لها، والداعين إليها بالحجة والبرهان، وشهد مع شعبه الإنجازات الكبرى للجزائر المتصالحة، كيف لا، وهو الذي حتى وإن شاءت الظروف أن يقضي فترات هامة في غياهب السجون، إلا أن ذلك منحه إستزادة في النهل من الثقافة السياسية والإطلاع على الفكر الإسلامي الأصيل المتسامح، فحث وأكد على إحترام حقوق الإنسان في كل مكان، بن بلة وهو أحد حكماء إفريقيا ، الذين عاصروا وإحتكوا بنيريري وبوايني وسيكوتوري ، وسيلاسي ونكروما وكنياتا ، لم يتخل ولو لحظة واحدة عن قارته السمراء التي حملها في وجدانه، فكان من الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية في 1963، وأحد الموقعين على ميثاقها، فما زالت تذكره بخير. هكذا هم الزعماء، يشغلون الدنيا بعطاءاتهم ، ويستميتون في المنافحة عن فلسفة الإنعتاق والتحرّر، ولا يركنون للراحة، طالما فيهم نبض الحياة سار في أوداجهم، وبن بلة من معدن هؤلاء الرجال، الذين يعرفون بالحك، فكان وما زال ذهبا خالصا من العيار الأول.. فرحم الله فقيد الأمة والوطن والعرب والعالم، سي أحمد وأسكنه بارئه تعالى جنان الخلد والرضوان إلى جانب أصفيائه والصالحين والشهداء من عباده، آمين يا رب العالمين.