أكد الباحث الفرنسي كلود سيبال أول أمس خلال اللقاء الثامن الذي نظم حول أعمال عبد المالك صياد بالمعهد الفرنسي بوهران أن أعمال المفكر الجزائري الراحل تستحق أن تثمن و تنشر في المكتبات العالمية كونها تعالج ظاهرة الهجرة و الاغتراب , كما تعد مرجعا ثمينا للباحثين المهتمين بتاريخ و سوسيولوجية السياسات التي لها علاقة مباشرة بالهجرة , و هذا بالتحديد ما عرف به هذا الأخير الذي طالما اهتم وعلى مدار سنوات بإبراز أسباب هذه الظاهرة الإجتماعية معتمدا في تحليلاته على حركية المنظمات السياسية والنقابية في أوساط المهاجرين لاسيما في فرنسا. و في ذات الصدد فقد ثمن الباحث الفرنسي سيبال في مداخلته العلاقة الانسانية و العلمية المميزة التي جمعت عبد المالك صياد بعالم الاجتماع الفرنسي " بيار بورديو " في فترة صعبة ميزتها الهيمنة الكلية لتيار اليمين المتطرف المشجع لفكرة الاحتلال , إذ أن هذين الأخيرين لم يرضخا لهذه الأفكار الاستعمارية و تشبثا بمبادئهما من خلال عدد التحقيقات و الدراسات حول أسباب التهجير . موضحا أن صياد يعد من أبرز المؤسسين لعلم اجتماع الهجرة وذلك بعد أن خاض مسيرة طويلة من البحث و التحليل في هذا المجال و سلط الضوء على المغتربين السريين أو القانونيين و أهم الصعوبات التي يعيشونها في بلاد المهجر مشيرا إلى مجموعته "الغياب المزدوج" التي تتناول الظروف المعيشية للمغتربين فرنسا والتي أمضى مقدمتها "بيار بورديو . و خلال اللقاء لم يفوت الباحث سيبال فرصة التحدث عن كتابات و مسار "بيار بورديو" الذي يحتل مكانة هامة في حقل الدراسات الإنسانية , حي لمع في علم الاجتماع وجدد بفكره الكثير من المصطلحات والمضامين السوسيولوجية ناهيك عن ابراز دورها و أهدافها . مضيفا ذات المتحدث أن "بورديو" قد تألق في تحليله للظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية محدثا العديد من التغييرات في عالم الدراسات الثقافية والأبحاث الاجتماعية النقدية , و لم يكتف سيبال بالكشف عن العلاقة التي جمعت صياد ببورديو بل سلط الضوء أيضا على دراسات عالم الاجتماع الفرنسي الذي اتجه نحو دراسة المنطق وتاريخ العلوم ثم تابع حلقة دراسية في التعليم العالي حول فلسفة الحق عند هيجل.ولكن بعد تجربة قصيرة له كأستاذ في إحدى الثانويات دعي من قبل المكتب النفسي للجيوش , ومن 1958الى1960م تمنى أن يتابع دراساته عن الجزائر.فدرس في كلية الآداب في الجزائر واهتم بالدراسات الأنثروبولوجيية والاجتماعية و كتب بعد عودته إلى فرنسا مباشرة كتابا بعنوان " سوسيولجيا الجزائر " ثم أصدر كتابا آخر بعنوان " أزمة الزراعة التقليدية في الجزائر" . اللقاء الذي حضره عدد من باحثي الكراسك و المهتمين بسوسيوليجة التاريخ كان فرصة للتعرف على مسيرة هذا المفكر الذي ولد عام 1933 ببلدة سيدي عيش التابعة لمحافظة بجاية ، تابع دراسته الابتدائية والثانوية قبل أن يزاول تكوينه بمدرسة المعلمين بالجزائر العاصمة، كما واصل دراسته بجامعة الجزائر أين تعرف على عالم الاجتماع الفرنسي الشهير "بيار بورديو" وبعد استقراره بفرنسا عام 1963 أين عمل كمدرس بمركز علم الاجتماع الاوروبي للمدرسة العليا للدراسات في العلوم الاجتماعية التحق في سنة 1977 بالمركز الوطني للبحث العلمي حيث عين مديرا للبحث في علم الاجتماع ، من أهم مؤلفاته " تاريخ وبحث في الهوية" ، "الاغتراب أو تناقضات الغيرية" و كتاب " الغياب المزدوج" , " أوهام المهاجر ومعاناة المغترب" ، كما خلّف آلاف الوثائق والصور والتسجيلات السمعية التي تتوزع على 420 علبة أرشيفية. توفي عبد المالك صياد في 13 مارس 1998.