كلما أوردت الصحافة الوطنية خبرا عن مشروع لإنجاز مطار جديد في ربوع الوطن إلا وتذكرت (مضطرا) الوضعية التي آل إليها مطار غريس بولاية معسكر جراء التهميش والبطالة التقنية المفروضة عليه منذ ثمان سنوات متتالية ومن بين 15 عاما قضاها هذا المطار مغلقا في وجه الملاحة الجوية منذ تدشينه في ماي 1983 لقد توقعنا أن يحمل المخطط الخماسي الجديد الذي رصد لولاية معسكر أكثر من 66،139 مليار دج بعض المشاريع التي تؤهل هذا المطار من جديد ليؤدي دوره في خدمات النقل الجوي في المنطقة غير أن ذلك لم يحدث رغم أن قطاع الأشغال العمومية استحوذ بمفرده على أكثر من 3،15مليار دج من اعتمادات هذا البرنامج، ليس للمطار نصيب فيها. وقد تزامن هذا التهميش لهذه المنشأة المطارية مع استكمالها لجميع التجهيزات والمنشآت التقنية الضرورية للملاحة الجوية إذ قامت مؤسسة تسيير المطاران ومؤسسة الملاحة الجوية كل في مجال اختصاصها بتوفير الجناح التقني الذي يتماشى ومعايير الطيرات المدني فتم إنجاز برج مراقبة بعد أن ظل لعدة سنوات عبارة عن أخصاص من البناء الجاهز وهو المشروع الذي كلف 7 ملايير سنتيم ، كما استفاد المطار من عملية لحفر بئر عميق وبناء خزان مائي بسعة 200 متر مكعب كلفا بدورهما 8،1 مليار سنتيم فضلا عن اقتناء جهاز سكانير لمراقبة الأمتعة و المسافرين يفوق سعره المليار سنتيم بالإضافة إلى تجهيزات التكييف للأجنحة الإدارية ومحطة المسافرين للمطار. وفي إطار برنامج دعم النمو حظي مطار غريس باعتماد مالي مبلغه 30 مليار سنتيم إستغل لدعم مدرج الهبوط الوحيد المستغل على مسافة 1700 متر وعرض 30 مترا غير أن كل هذه الإستثمارات تبقى بدون جدوى في ظل استمرار شلل حركة النقل الجوي في المنطقة. وهو شلل يرتكز على حجة »قلة المردودية« التي سبقت لنا الإشارة إلى تهافتها بعد أن تم تفنيدها بدراسة أنجزتها الشركة الجزائرية للدراسات التقنية للمنشآت القاعدية معتمدة على معطيات خاصة بحصيلة نشاط المطار سنتين قبل وقف الرحلات الجوية منه وإليه. وقد أثبتت الدراسة المذكورة بالأدلة القاطعة توفر الجدوى الإقتصادية في استغلال مطار غريس مقدرة حجم الطلب على خدمات النقل الجوي في محيط المطار بحوالي 12200 طلب وحجم الطلب الفائض عن مطار السانية بوهران والذي يمكن تحويله نحو مطار غريس المقدر ب 2600 طلب سنويا وهو ما يجعل المطار حسب ذات الدراسة قابلا للإستغلال بنسبة امتلاء تزيد عن 70٪ المطلوبة في مختلف الخطوط التجارية وفي حدود ثلاث رحلات في الأسبوع التي كانت مبرمجة لفائدة المطار هذا المطار قبل غفلة لاشك أن هذه المعطيات قد تراجعت الآن بعد إنجاز الطريق السيار شرق غرب الذي قلص وقت الرحلة بين معسكر والجزائر العاصمة غير أن تنويع الرحلات الداخلية من مطار غريس نحو مدن أخرى بجنوب وشرق البلاد من شأنه تعويض تراجع الطلب الناجم عن مشروع الطريق السيار. وتبقى الملاحظة الغريبة بخصوص هذا المطار أننا كنا يوم كان مستغلا نستقبل شكاوى المسافرين من تأخر أو إلغاء الرحلات المبرمجة دون سابق إنذار لكننا لم نستقبل أية شكوى بسبب غلق المطار وإنقطاع الرحلات منذ نوفمبر 2002 وكأن الأمر لا يهم المواطنين. وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن مطار غريس يقع على بعد 25 كلم عن عاصمة الولاية معسكر ولا يبعد سوى ب60 كلم عن سعيدة و70 كلم عن غليزان و85 كلم عن سيدي بلعباس و107 كلم عن مستغانم و120 كلم عن وهران وقد تم تصنيفه كمطار جهوي في أفريل 1989 وهو حاليا مغلق في وجه الملاحة الجوية منذ 8 سنوات ويتربع المطار على مساحة إجمالية قدرها 477 هكتار و53 آرا و 62 سنتيار ويتوفر على مدرجين للهبوط أحدهما اندثر وأصبح غير قابل للإستغلال رغم أن التقنيين يؤكدون أن هذا الأخير هو الأصلح والأنسب للملاحة الجوية وكانت السلطات الإستعمارية تستغله كمدرج رئيسي في بداية استغلال هذه المنشآة خلال الحرب العالمية الثانية ويتسع المطار لإستقبال 4 طائرات صغيرة من نوع فوكير ذات الأربعين مقعدا كما تتربع محطة المسافرين بالمطار على 1500 متر مربع موزعة على مختلف المرافق والمصالح المطارية. ويمكن التأكيد في هذا الشأن أن مطار غريس لو حصل على مشروع لدعم توسيع مدرج الهبوط الرئيسي مع التجهيزات الملحقة الخاصة بالإشارات الضوئية الضرورية للملاحة الجوية ليلا لاستكمل عندئذ كل المواصفات التي تسمح بإستغلاله كمطار دولي وليس كمطار جهوي فقط ولتساهم بذلك في تخفيف الضغط على مطار السانيا وفسح المجال لخدمات أخرى في إمكان الطيران المدني تقديمها للمنطقة حسبما يراه بعض التقنيون في هذا المجال.