تتواصل معاناة مرضى السرطان بمستشفيي الحاسي وبن زرجب في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها مصالح العلاج الكيميائي و الأشعة و أهمَها الضغط الكبير و نقص الأطباء المختصين و كذا تعطل الأجهزة بشكل متكرر والمواعيد البعيدة ، جملة من المشاكل حالت دون تلقي المصاب العلاج في المدة المحددة كون هذا المرض خبيث يتفشى بسرعة في الجسم و له مضاعفات جد خطيرة تضع المريض عند عتبة الموت التحقت الجمهورية هذا الأسبوع بأكثر من مؤسسة استشفائية لعلاج مرضى السرطان و كانت البداية من مركز مكافحة السرطان بالحاسي بعدها توجهنا إلى المستشفى الجامعي بوهران من المرضى الذين يتلقون العلاج بالمصلحة و بعد الاتصال بعدد من الجمعيات الناشطة على مستوى الولاية وقفنا بعدها على واقع مرير يحكي معاناة مرضى يصارعون أوجاع الموت الرهيبة كل ثانية و يقعون ضحايا جهل لمسالك الحقل الطبي و خباياه ، مرضى تضرب لهم مواعيد بعيدة تتعدى 8 أشهر تعطي الورم فرصته الكاملة في الحياة تمدد في عمره و تقلص من عمر المصاب.و يلعب الحظ و المحسوبية دورا كبيرا في شراء الأمل في الحياة و تخفيف الوجع. أفادت مصادر طبية من مصلحتي العلاج الكيميائي و الأشعة بالمستشفى الجامعي بن زرجب حيث تم تسجيل خلال السداسي الأول من السنة الجارية حوالي 286 مريض تابعوا علاجهم بالأشعة فيما تمَ إجراء فحوصات لحوالي 4106 مصاب في حين خضع مصاب 3022 للعلاج الكيميائي من أصل 8377 حالة أرقام رهيبة تؤكد مدى خطورة الوضع و التباين الواضح بين عدد الخاضعين للعلاج و بين المصابين هذا و قد أكَد ذات المصدر انَ مصلحة الأشعة بالمستشفى لا تستقبل سوى الحالات الاستعجالية نظرا لأشغال التهيئة و الترميم التي تشهدها المصلحة في حين يتوجه بقية المرضى إلى مركز مكافحة السرطان بالحاسي لأخذ مواعيد "العمر" .اتجهنا نحو هذا المركز أين يشهد تغييرا إلى الأحسن على جميع المستويات حسب ما أكده بعض المرضى و الموظفين لكن لم يؤكد أولئك المتحدثون على مدى التغيير الحاصل فيما يتعلق بحقيقة تقليص المواعيد التي لا يهتم المريض بأمر سواها ، صادفنا بالمصلحة اكثر من مريض محظوظ يمدح في معارفه الذين توسطوا له للتكفل به قد تقول الانسة س ع المصابة بسرطان الثدي " اكتشفت بأنني كنت مصابة بمرض السرطان على مستوى الثدي منذ 10 سنوات و فقدت الامل في الحياة لكن بعد العلاج بالأشعة استرجعت عافيتي و ألان اشعر بتحسن نوعا ما و راضية بقضاء الله و قدره و اشكر قريبة السيدة التي كنت اعمل عندها كمنظفة و التي ساعدتني في اخذ موعد قريب قبل ان تسوء حالتي و مع خضوعي للعلاج حاليا يبقى أملي بالله كبير" بذات اللهجة تحدث رجل أخر قائلا " اشكر الله و احد معارفي الذي ساعدني في تغيير موعد علاج قريبتي و قلصه بمدة أشهر عديدة كانت كافية لاستفحال المرض ".قمنا باستغلال فرصة تقربنا بأحد المرضى الذي عرَفنا بالموظفة التي قامت بتغيير الموعد و بعد دردشة قصيرة أكدت لنا أنَ المسؤولين يسعون إلى تحسين الوضع بالقضاء على مشكل طول المواعيد التي تصل إلى السنة و قد تتعداها إلا انَ الحقيقة الراهنة تقول أنَ المركز ليس باستطاعته أن يقلص المواعيد مقابل العدد الهائل للطلبات و يبقى الأمل معلقا بافتتاح مراكز أخرى حسب ما أشارت له بعض المصادر بفتح مركز على مستوى كل دائرة، و بنبرة قوية حاولت الموظفة الدفاع عن نفسها و عن بعض زملائها الذين غالبا ما يقدمون خدمات استثنائية لبعض المرضى بتقليص مواعيدهم قائلة" فيما يتعلق بمسألة تغيير الموعد نحن لا نقوم بتقديم الخدمة على حساب حرمان آخر فحين يلجا إلينا احد الأقارب أو المعارف على أمل المساعدة نستنجد بطبيب كان من المفروض أن يقوم في احد مواعيده القريبة باستقبال على سبيل المثال 70مصابا فنلَح عليه للتكفل بمريض إضافي ليصبح العدد بذلك 71 بدل 70 رحلة البحث عن موعد - هذا و قد أضاف العديد من الناشطين بحمعيات لمكافحة السرطان بوهران قائلين أنَ الوضع لا يزال كارثي و المواعيد لا تبشر بالخير و ليست سوى مواعيد كاسرة للأمل حيث غالبا ما تسوء الحالة النفسية للمريض بعد ان يضرب له موعدا يقدر بعدة أشهر و هناك من المرضى من يفقد الامل و يرفض الالتحاق مجددا بمركز العلاج بعد أن يصدمه تاريخ الموعد ، في حين لا يبلغ آخر موعده إلا وقد بلغ موعد وفاته. و معلومة أخرى أخطر من المرض نفسه لأنها تمس الأمانة و أخلاقيات المهنية و تهدد حياة مريض كان على أمل أن يعيش سنوات أخرى بعد العلاج بالأشعة يقول مصدر طبي أنَه يتم أسبوعيا عقد اجتماع بين الأطباء لدراسة الملفات و من تمَ اختيار الحالات التي من شانها النجاة قبل أن يستفحل المرض و التي هي بالأساس قد انتظرت مطولا و بعدها يحدد لها موعد و بعد الفحص تحدد حصص العلاج بالأشعة حسب نوع المرض و على سبيل المثال قد يستوجب إخضاع المريض للعلاج بالأشعة على امتداد10 حصص بانتظام و دون انقطاع و في منتصف العلاج يصادف أن يكون الجهاز معطل فلابدَ أن يخضع للعلاج بالإشعاع من جديد إلا أنَ بعض الأطباء يكتفون بإتمام الحصص المتبقية ، و يقول نفس المصدر أن هذا الأمر لا يلام عليه الطبيب المعالج لأنه غير مسؤول عن الخلل كما انه لا يمكن تسجيل حصص أخرى إضافية هي بمثابة فرصة حياة لمرضى آخرين سيتركون في طوابير الانتظار حتى يستفحل المرض بأجسادهم فعامل الوقت بمراكز معالجة السرطان مهم جدا" ذكرت مصابة بسرطان الرحم أنها بعد إيداع ملفها أخذت موعدا يمتد إلى قرابة السنة تحت رقم 898 و بعيدا عن الموعد الأول مع الأمل تعيش فئة أخرى العذاب مع السكانير و الفحوصات ، التحقنا بمصلحة العلاج بمستشفى وهران أين يجلس أقارب و أهالي المرضى بالساحة و قد أنهكهم التعب و سواد الحزن باد على وجوههم تقربنا منهم كانت البداية مع ثلاثة إخوة رافقوا أخيهم صاحب 37 من عمره من ولاية مستغانم ليفحصه الطبيب و قد عبروا أولئك الإخوة عن تذمرهم الشديد و على حساب ما جاء على لسان احدهم نذكر" أخانا أصيب بالسرطان و نحن نعاني معه منذ اكثر من 10 سنوات من شدة الحقرة لأننا فقراء و ليس لنا معارف في هذا الفضاء الموبوء بقينا رهائن للوقت أنهكتنا مجموعة الفحوصات و السكانير في سلسلة متواصلة دون انقطاع و دون أي تحسن ملحوظ فحالة المريض تزداد سوء يوم بعد يوم و مبالغ الفحوصات و السكانير بعيادات خاصة ترتفع يوم بعد يوم فقد كلفته خلال شهر واحد فقط المستحقات دون ذكر مصاريف النقل 7 ملايين " وفي هذا الشأن يذكر شاب أخر أنَه دفع 11 مليون خلال شهر من إجراء الفحوصات و السكانير لعلاج والده صاحب الستين عاما ، و تذمرت أخرى من سوء الاستقبال و اللامبالاة بعد أن قدمت من ولاية معسكر لفحص أختها المصابة بسرطان الرحم تقول" نحن هنا منذ الثامنة صباحا و قد طلبت من طبيبة المريضة ان تفحصها و طلبت مني التريث ريثما تنهي الحديث مع زميلاتها لكنها بعد ذلك انشغلت بأمور أخرى و لم تقم بفحصها إلا بعد ال 11والنصف قد رأيتها تذهب و تعود في الرواق و كنت مستعدة أن أقوم بأي شيء على حساب كرامتي فقط من اجل أن تفحص أختي التي تتوجع كثيرا و قد تآكل لحم ظهرها مؤخرا" حكايات متعددة ترصد أوجاعا و ألاما لمرضى بقوا رهينة مواعيد فاصلة و أقارب أنهكهم التعب و الحيرة خوفا من فقدان عزيز وغال أصيبوا لأجله بشتى الأمراض النفسية وارتفع ضغطهم و سكنتهم علل شتى. و على أمل أن يرفع الغبن على المصابين و ذويهم في الفترات القادمة بعد دخول مخطط تقليص المواعيد حيز التنفيذ و فتح مركز جديد لمعالجة السرطان على مستوى كل دائرة لتخفيف الضغط الرهيب على المؤسسات الاستشفائية بوهران حتى يتلقى المصاب علاجا كافيا في الوقت المناسب قبل فوات الاوان الى ذلك الحين يبقى المعلول رهينة للوقت بين الإعدام و الإفراج يعاني في صمت .