على الرغم من التأثير الكبير للإضراب على جميع المرضى إلا أن أكبر ضحاياه هم مرضى السرطان الذين لا تحتمل وضعيتهم الصحية المتدهورة التأجيل بالنظر إلى الآلام الفظيعة التي يتكبدها هؤلاء مما يلزم إخضاعهم إلى الرقابة الصحية الدورية والمستعجلة على غرار العلاج الكيميائي وكذا العلاج بالأشعة اللازمين للتخفيف من آلامهم وعلى الرغم من توفير الحد الأدنى من الخدمات على مستوى مراكز العلاج على غرار بيار ماري كوري باعتباره المركز الوطني لمكافحة السرطان إلا أن الإضراب تسبب في تأجيل بعض المواعيد الطبية خاصة بالنسبة للحالات الجديدة التي عانت من التأجيلات، ليضاف الإضراب كمأساة أخرى في أجندة هؤلاء إلى جانب مآس ومشاكل بالجملة يعانون منها ويتخبطون فيها· نسيمة خباجة اقتربنا من مركز بيار ماري كوري لمكافحة السرطان على مستوى العاصمة من أجل الاقتراب من بعض المرضى والوقوف على التأثير السلبي للإضراب عليهم كفئة حساسة بالنظر إلى المرض الخبيث الذي يفتك بأجسادها فأبان البعض أن الخدمات هي متوفرة بنسب متفاوتة، فالإضراب لم يعان منه المرضى إلا أن الوجه السلبي يتمثل في بعض التأجيلات للمواعيد خاصة وأن الأطباء المختصين لم تكن لهم القدرة على تلبية العدد الهائل من المرضى من حيث الفحص والكشف وتزويدهم بالعلاج الكيميائي في ظل غياب الأطباء المقيمين، إلى جانب نقص وغلاء بعض الأدوية والأشعة اللازمة لعلاج السرطان، ذلك ما صرح به أحدهم، بحيث قال إنه يعاني من ورم خبيث على مستوى الرأس ذلك ما يتطلب اقتناءه حقنا تصل إلى 4 ملايين وهو لا يعمل، وغير مؤمَّن· أما عن تأثير الإضراب فقال إنه في بعض المرات يأتي ويتصادف بتأجيل موعد الكشف عنه بالنظر إلى العدد الهائل من المرضى الذين يستعصى استقبالهم مرة واحدة من طرف الأطباء المختصين لوحدهم الذين عجزوا عن التكفل الكلي بمرضى السرطان في غياب الأطباء المقيمين· ولتعميق الموضوع أكثر كان لنا لقاء مع السيدة كتّاب حميدة الأمينة العامة لجمعية الأمل لمساعدة مرضى السرطان بالجزائر فأكدت أن مرضى السرطان يعانون في الجزائر من كل جانب على الرغم من تزايد تعدادهم سنة بعد أخرى، بحيث أكدت الإحصائيات الأخيرة وصول عددهم إلى 300 ألف مصاب مع ظهور44 ألف حالة جديدة سنويا، وتضم جميع أنواع السرطانات على غرار سرطان الثدي، والرئة، والمثانة وعنق الرحم مما ينبئ بالخطر وبضرورة التكفل الجدي بهم في ظل العدد المتزايد سنة بعد أخرى إلا أننا نجد أن بعض المشاكل لازالت عالقة فيما يخص ندرة بعض الأدوية اللازمة وكذا غلاء الأدوية الأخرى وتأثيرها السلبي على غير المؤمَّنين، خاصة وأن تلك البطاقة التي وضعت لمرضى السرطان في إطار الشبكة الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الوطني تحدد الأدوية التي لا تتعدى سقف 6000 دينار، في حين نجد أن هناك أدوية تصل إلى 2 مليون سنتيم فما فوق، ناهيك عن ندرة راديو ترابي أو العلاج بالأشعة اللازم في معالجة مريض السرطان، حيث يتم علاج الأماكن المصابة عن طريق الأشعة والتخفيف من الآلام إلا أنها تشهد ندرة حادة ولا توفرها إلا الدولة في بعض المراكز، مما أدى إلى طول مواعيد العلاج التي قد تصل إلى 10 أشهر مما يؤثر بالسلب على مريض السرطان بالنظر إلى نقص المراكز التي لا تتعدى 5 مراكز على المستوى الوطني ولا تقوى على التكفل ب 28 ألف مريض يحتاج إلى العلاج بالأشعة ما أدى إلى تأخر مواعيد العلاج· أما عن تأثير الإضراب على هؤلاء المرضى بصفة خاصة فردت السيدة كتاب أن الإضراب له تأثير كبير على المرضى بالنظر إلى عددهم المتزايد ما من شأنه أن يقلل جلسات العلاج في ظل تضاءل الأطباء، وسيقل حتما عدد المرضى الذين سيتم استقبالهم لأخذ الحصص العلاجية مع جعل الأسبقية للحالات المستعجلة والقديمة وإهمال الحالات الجديدة كحالات الماموغرافيا أو الكشف عن سرطان الثدي التي ستقذف إلى مواعيد لاحقة خاصة وأن الأطباء المختصين سوف يعجزون حتما عن التكفل بالأعداد الهائلة وسيقلصون عدد المرضى فيكونون هم الخاسر الأكبر فبدل استقبال 20 مريضا على سبيل المثال سوف ينخفض العدد إلى 5 أو10 مرضى في اليوم، خاصة وأن حصص الكشف والعلاج الكيميائي بالنسبة لمريض السرطان تحتاج إلى عملية تركيز دقيقة مما سيؤدي حتما إلى تدهور حالتهم الصحية وتفاقم الوضع بالنسبة للمريض الجديد· وأضافت في نفس السياق أنهم كجمعية دورها الدفاع عن مرضى السرطان وحل مشاكلهم الصحية والنفسية تنشط على المستوى الوطني منذ 17 سنة يطالبون بوضع حل عاجل لهذه الوضعية التي أثرت على جميع المرضى وكان لها عميق التأثير على مرضى السرطان والكف عن جعل المرضى الأداة السهلة للمطالبة بالحقوق، وكان على الأطباء المقيمين الاستمرار في عملهم والمطالبة بحقوقهم بروية وبطريقة حضارية لعدم تعطيل المصالح الطبية بما فيها مصالح التكفل بمرضى السرطان كفئة عانت من قبل وزادت الإضرابات من تفاقم وضعيتها لذلك وجب على الكل الوقوف من أجل الأخذ بأيادي مرضى السرطان والسهر على إيجاد الحلول لمشاكلهم من حيث ندرة بعض الأدوية وكذا الغلاء الذي تشهده بعض أنواع الهرمونات اللازمة في العلاج خاصة وأن العدد الذي تكشفه الإحصائيات عن مرضى السرطان بالجزائر في كل سنة يدعو إلى دق ناقوس الخطر·