اجتمعت المعاناة و الفقر لتصنع مأساة لكحل محمد الذي يقطن بدوار الهبب بلدية تيرسن دائرة ولاد براهيم الذي يبعد عن ولاية سعيدة بحوالي 60 كلم تنقلنا إلى مسكن عمي محمد الذي كان الوصول إليه صعبا نظرا للمسالك الوعرة ، و يصعب على السيارة المرور و لتواجد الدوار بمنطقة معزولة جدا أوقفتنا السيارة على بعد ستة كيلومترات لنستأنف الرحلة مشيا على الأقدام في ممراتها الصعبة دخلنا منزله متعبين لقطع كل تلك المسافة ونحن نفكر في حالة من يعيش في هذه المنطقة البعيدة خاصة إذا تعلق الأمر بذوي الاحتياجات الخاصة كان منزله عبارة عن غرفة صغيرة لا تكاد تسع عائلة مكونة من سبعة أفراد وقفنا على حجم المعاناة الحقيقية التي تعاني منها العائلة ، ووجدنا جمعية التضامن و الإحسان و فعلوا الخير في بيتهم محملة بمساعدات ، قد يكون من ضمن عشرات الحالات من الأطفال ذوي الإعاقات الجسدية و الذهنية يعيشون في مناطق نائية طالهم التهميش فئة تعاني في صمت حتى وان جهرت بمعاناتها فلا تكاد تسمع إلا عددا محدودا ، مناد 15 سنة واحمد 10 سنوات ولدان معاقان حركيا و ذهنيا لم يتذوقوا طعم الحياة فقط يقومان بحركات بسيطة داخل زوايا المنزل بوجه بشوش و نظرات بريئة التي تقودك إلى حبهما بمجرد البقاء معهم للحظات ،ما زاد معاناتهما تتمثل في بعد المكان على مراكز طبية أو المستشفى ليضطر والدهما لحملهما على كتفيه وقطع كامل تلك المسافة ليوصلهما إلى سيارة الأجرة من أجل أخدهما إلى الطبيب و هوت كتفيه من شدة حمله لابنيه المعاقين حيث أكد لنا الأب أن حالتهما تتطلب الاهتمام بهم في كل صغيرة و كبيرة خوفا لتعرضهما لأي مكروه خاصة وأنهما يمرضان كثيرا و لكن لا يستطيع ان يأخذهما كل يوم لبعد المسافة ليبقوا حبيسا العزلة وهما في رعيان طفولتهم و حالة الإعاقة عندهم صعبة رغم ذلك رعاية والديهم بالعطف و الحنان لا تجعلك تشعر لوهلة أنهما معاقان يغمرهما بالاهتمام . الأب أصر دون الحديث عن فقره أو احتياجه رغم أنه عاطل عن العمل ويعيشون حياة مزرية حلمه و أمله أن يعيشا ولداه بمسكن بقرب عيادة أو مركز علاج أو مستشفى .كان هذا هو عمي محمد ودعنا وأطفاله الذين تركناهم يحلمون بشمس مضيئة و غد جميل وأملهم كبير للأخذ يأديهم الصغيرة نحو الأمل و المستقبل لحمايتهم من قساوة العزلة.