يؤكد السيد عز الدين ميهوبي الوزير السابق للإعلام، أنه من الصعب جدا الحصول على إعلام رياضي مختص ومشروع في الظروف الحالية، التي يسير عليها فالإعلام -حسبه- بحاجة إلى اصلاحات بداخله وتلزم أولا الصحفي أن يتماشى والتطورات التي تعرفها الساحة الاعلامية في بقية البلدان العالمية. فعهد الكتابة باللغة الجافة قد ولّى -حسب السيد ميهوبي- وحل محله الإختصاص والنزاهة، والموضوعية وهي العوامل التي يراها محدثتا ضرورية لأن يلتزم بها رجال الإعلام في الوقت المعاصر حتى يرفع من مستواه ومستوى الوسيلة الإعلامية التي ينشط فيها وذهب بعيدا السيد ميهوبي عندما أصر على أن يكتب الصحفي المختص في (كرة القدم) مقالاته بنو ع من الفن والإبداع مثل الرياضي أو اللاعب الذي يقدم العروض والفنيات في المستطيل الأخضر ليتمتع الجمهور، ولكن دون الخروج عن الموضوعية في كتاباته. السيد ميهوبي الذي سبق له وأن أصدر أول جريدة رياضية ومختصة وهي "صدى الملاعب" بسطيف، حذر الإعلاميين من مغبة الوقوع في الإنزلاقات إذا ابتعدوا عن معالجة القضايا الرياضية بلغة الحياد والإنضباط حتى يخدم الإعلام الرياضي عامة رغم ذلك إعترف أن المادة الإعلامية الرياضية كانت ولا تزال المطلوبة رقم واحد من أفراد المجتمع، واستدل بذلك بقراءة الصحف من الخلف أولا. وأوضح أن مستقبل الصحافة الرياضية سيكون في »الإعلام الإلكتروني«. كيف تنظرون إلى واقع »الإعلام الرياضي« في الفترة المعاصرة؟ - أعتقد أن حالة »الإعلام الرياضي« يؤكده الإقبال الكبير من قبل القراء على اقتناء الصحف الرياضية وانعكس ذلك على عملية السحب التي وصلت إلى (4) ملايين نسخة فالترويج للمادة الإعلامية الرياضية أصبح كبيرا وحسب تجربتنا فإننا نرى أن الصحف اليومية تقرأ من الخلف بمعنى أن الجريدة عندما يقتنيها القارئ يبدأ قراءتها من الصفحة الأخيرة التي عادة ما تكون مخصصة للأخبار الرياضية. معنى ذلك أن القراء وجدوا ضالتهم في »الإعلام الرياضي«؟ - رغم الإقبال الكبير على الإعلام الرياضي فإن ذلك لم يمكنه حجب النقائص التي يعاني منها فالإعلام حسب اعتقادي يتوجب أن تكون فيه المتعة ولا يحيد عن الموضوعية مثلما نستمتع به في الطريقة التي نصف بها الحدث كتابة، ولزاما على الاعلاميين الرياضيين أن لا يتعاملوا مع القضايا الرياضية بلغة جافة ذلك لأن معالجة المادة الاعلامية في الوسط الرياضي تختلف عن معالجة المواد الاعلامية الأخرى فكما أن الرياضة معروفة بفنياتها وعروضها الكروية فعلى الصحفي الرياضي أن يتصف هو أيضا بروح الفن والإبداع فيما يخص مقالاته الصحفية. كيف عشت الوضعية لما كنت في »الاعلام الرياضي«؟ - أنا لما كنت صحفيا كتبت عدة مقالات في مجال الرياضة كما أني قمت بتأليف كتب عديدة سواء في الرياضة أو في جوانب أخرى ومع ذلك لا زالت الرياضة "تدور" رغم الأزمات التي عرفتها في فترات متوارثة ولهذا أشدد على أنه يجب التعامل مع الحدث الرياضي بالوقائع التي يتميز بها ولكن واقعنا حاليا على النقيض من ذلك فالعديد من وسائل الإعلام الرياضية تتعامل مع الحدث الرياضي بلغة ليست لها علاقة بالإعلام. وما قولك في بعض الصحفيين البعيدين عن الإختصاص، ومع ذلك تراهم يعالجون المادة الاعلامية الرياضية؟ - من الضروري أن يكون صاحب المعالجة متخصص في المادة التي بين يديه وزيادة على ذلك أقول بأنه يجب أن يكون التخصص داخل التخصص في مجال الرياضة بمعنى أن هذه الأخيرة ليست (كرة القدم) فحسب، وأنما هي أنواع أخرى من النشاطات، وعلى الصحفي الذي يعالج موضوعا في (كرة الطائرة) مثلا أن يكون متخصصا في هذا النوع من الرياضة لا يمكن للإعلامي المختص في (كرة القدم) أن يكتب عن( كرة اليد) أو ألعاب القوى . كرة القدم الجزائرية دخلت هذا الموسم عالم الاحتراف ألا يمكن للإعلام الرياضي أن يتفاعل مع هذه الظاهرة..؟ - أنا أقول بأن وصولنا إلى (عالم الاحتراف) يتوجب علينا نحن الاعلاميين وبخاصة الرياضيين إعادة النظر في أدبيات الكتابة واللغة المستعملة والإعلام لزاما عليه أن يتحول إلى خدمة إخبارية تربوية وترفيهية فكما أن هناك إعلام يقدم الخدمة العمومية هناك إعلام يقدم خدمات تجارية فالإعلام متعدد الأدوار وكل حسب الأهداف التي أسس من أجلها. هل يمكن للإعلام الرياضي على وجه الخصوص أن يخاطب وأفراد المجتمع بلغة أقر بها إلى لهجة محلية؟ - مع الأسف لقد وصلنا إلى الهبوط في اللغة في الفترة الأخيرة فبعض الصحف تستعمل لغة الشارع في نقلها للمعلومة أو معالجتها لحدث رياضي ما وهذا لا يتوافق مع أخلاقيات المهنة أبدا فعلى المعلق الرياضي أو الصحفي أن يتصف بالإبداع الراقي، وكثيرا ما يلقى اللوم والعتاب على هذه الطائفة الإعلامية المنحرفة على جادة الصواب والتي تنتهج أساليب ملتوية لتحريك المشاعر المؤدية للإحتقان والعنف حينذاك تصبح المعالجة صعبة جدا وماهي النصائح التي تقدمونها لمن يتخذ مثل هذه الأساليب. - أدعو "الإعلام الرياضي" المتخصص إلى التعامل بالموضوعية مع الأحداث الرياضية، وبلغة سليمة نقية بعيدة عن التعصب والإنحياز لطرف ما. على ذكر قضية الإنحياز، هناك أن لم نقل الغالبية من المراسلين الصحفيين يميلون كل الميل في مقالاتهم إلى النوادي التي تمثل ولاياتهم هل ترون أن ذلك مشروعا؟ - لا أبدا، فالمراسل الصحفي يتوجب عليه أن لا ينحاز لفريق يوجد في المدينة التي يقطن فيها لأنه إذا فعل ذلك وانجاز إليه إنسلخ من جلده الصحفي و لبس لباس (المناصر) وبعدها ستغيب الموضوعية في كتاباته وتصبح ذاتية مسيطرة وهذا الأمر يعد أحد العوامل التي تولد الإثارة والغضب. ومن الحلول التي تراها كفيلة بإصلاح الوضع من جذوره؟ - يجب تحسين أداء المنظومة الاعلامية وتثمين الجهود المبذولة على المستوى "الاعلام الرياضي" الذي ندرك جيدا أن له شعبية كبيرة مع الاعتماد على صحافيين متمرسين يتصفون بالموضوعية في الكتابة والمعالجة، و سواء كانوا إعلاميين أو مراسليين لا سيما في الإعلام الرياضي الذي شعبيته الكبيرة جعلته يتأثر بالأحداث. بصراحتكم المعهودة كيف تصفون الاعلام الرياضي الحالي في الجزائر؟ - »ما راهوش« إعلام رياضي مع الأسف وإنما اعلامي خاص (بكرة القدم) لأن ثلاثة أرباع الصحف الرياضية متخصصة فقط في (كرة القدم) وتهمل النشاطات الأخرى والعدوى أصابت حتى الوسائل الاعلامية المرئية والسمعية وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال ففي الموسم الوحيد تلعب أكثر من 100مباراة في (كرة القدم) ولهذا أصبح الإعلام يميل إلى هذه الرياضة. وهل حسب رأيك يساهم الاعلام الرياضي في رفع مستوى كرة القدم؟ - أعتقد أنه لزاما عن الصحفي الإلتزام بالحيادية والانضباط في اللغة الاعلامية حتى نسمح للإعلام الرياضي بخدمة "كرة القدم" الجزائرية. وما هي الدوافع وراء عدم نجاعة الاعلام الرياضي في تحقيق الأهداف المرجوة التي أنشأ من أجلها؟ - حسب رأيي الشخصي أن ذلك يكمن في أن الصحفي لا يمارس (النقد الذاتي) فهو مندمج مع الوقائع الرياضية والزاوية التي يتناول بها معالجته لهذه الأحداث الرياضية لا تخدم الصورة الصحفية وإنما تزيدها تعتيما. وماذا عن بعض وسائل الاعلام التي تخرج عن النص ولا تساهم إلا في تأجيج نار الفوضى والإرتجالية في الوسط الإعلامي؟ - عناك خروج واضح عن النص ونراه في أغلبية الصحف سواء اليومية أو المختصة وأظن أن هؤلاء بحاجة إلى تكوين دائم وأضرب لكم مثالا عن حالة الفوضى السائدة في بعض الصحف التي أدهشتني طريقة تناولها خبر استقالة رئيس شبيبة القبائل حناشي فمن الناحية القانونية لا يجب أن يسبق الاعلامي الحدث قبل وقوعه فحناشي لم يستقل ورغم ذلك فإن عدة صحف أكدت استقالته وهو حسب رأيي نقص في المهنية كما أن هناك بعض المعلقين يحشرون أنفسهم في أمورلا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد. وأعتقد أن الأسباب الحقيقية وراء ذلك هي محدودية مستوى الصحفيين، لأنه لا يوجد تناسق بين الجامعة والمؤسسات الإعلامية فهناك شرخ كبير، ومن المفروض أن يكون التواصل بين الطرفين إذ يمكن للإذاعة والتلفزة الإستفادة من تخصصات عديدة متخرجة من الجامعة. "الصحافة الإلكترونية" تعد تجربة حديثة في الجزائر كيف ترى موقعها في الساحة الإعلامية الرياضية في الجزائر ؟ - ما يمكنني قوله هو أن ستقبل الاعلام الرياضي على وجه الخصوص سيكن في الصحافة الالكترونية فمع ظهور تقنيات جديدة مثل (IPAD) فإن سيخدم هذا النوع من الاعلام الذي سيعرف تطورا كبيرا في المستقبل وهو يساهم حسب اعتقادي في ازدهار الاعلام العام والرياضي خاصة فالتكنولجيا لا بد منها وهي مفروضة علينا. عدوى الهجرة أصابت بعض اعلامينا وخاصة نحو الخليج كيف تشخص لنا هذه الظاهرة؟ - هذه مسألة إختيار ورغبة ذاتية للصحفي ولا يجب أن نتدخل فيها فكل واحد حسب الوضع المادي له لا يمكنني القول أكثر من هذا؟ ما هي علامات نجاح الاعلامي مهما كان التخصص الذي ينتمي إليه؟ - على الصحفي أن يلتزم بالضوابط القانونية وأن يكون موضوعيا في كتاباته وتحليلاته للأحداث حتى يساهم في تقديم الخدمة العامة فالإعلام يفرض التطور، وبهذه المناسبة أود أن أعبرعن أسفي حول تحول بعض الرياضيين إلى سياسيين مثل الليبيري جورج وية، وهو لا يخدم الرياضة فهذا الشخص إستغل شهرته التي اكتسبها في ممارسته لكرة القدم من أجل رئاسة بلده شأنه شأن لاعب الشطرنج الروسي كاسبا روف الذي هو أيضا يحاول إقتحام عالم السياسة فمن المؤسف أن ترى نجوما رياضة تتحول إلى شخصيات سياسية لقضاء مصالحها الخاصة.