تعيش أغنية الراي النسوي حالة مدّ وجزر أمام الرفض والتأييد، ورغم أنها تعتبر محطة تاريخية في مشوار هذا الطابع الموسيقي العالمي إلا أنها تتواجد اليوم في أحرج أوقاتها لأسباب كثيرة حالت دون وقوف الأصوات النسوية الرايوية الجادة في الواجهة ، كما كانت سنوات الثمانينات والتسعينيات وقبل ذلك في زمن النجمات و»الشيخات« على غرار »الجنية« و»الريميتي« فالراي النسوي اليوم يكاد يقتصر على الملاهي الليلية والسهرات الأخرى.. بعد أن كان في زمن غير بعيد قد خرج من تلك القوقعات ودخل إلى بيوت العائلات الجزائرية من خلال التلفزيون والإذاعة إلا أنه سرعان ما عاد إلى وكره من جديد، ولعل أكبر قوة أعادته ليكون سماعه حكرا على بعض الآذان دون أخرى هي الكلمات التي نزلت إلى مستوى الرداءة وأصبح كل شيء يقال على إيقاعات موسيقية تفقد هي الأخرى نكهة الراي وخصوصيته كفن عريق. فالراي النسوي قصة طويلة في عمر الموسيقى الجزائرية العريقة صنعته أسماء بارزة قدمت صورة حسنة بداية من الشيخات إلى الشابات في الوقت الذي كانت الأصوات النسوية في هذا الطابع تعد على الأصابع ومع مرور الزمن تراجعت شهرته في وقت اختلط فيه الحابل بالنابل ورحلت أسماء دون رجعة كالشيخة الريميتي والجنية، وانسجمت أسماء أخرى وغابت عن الساحة وعن السوق وبقيت بعض الأسماء البارزة تعمل في رتابة مستمرة لا تقدم الجديد الذي يكتسح سوق الأغاني ويسرق الأضواء والحديث عن الراي النسوي يقودنا حتما للحديث عن نجماته اللائي سطعن في سماء الشهرة من خلال ما قدمته من أغاني نالت شعبية كبيرة وسط الجمهور العاشق لهذا الطابع الموسيقي داخل وخارج الوطن حتى في الدول العربية. ونذكر الشابة فضيلة التي انسحبت وعادت بلمسة إبداعية خاصة ننتظر أن تصنع الحدث من جديد، وكذا الشابة خيرة التي أصبح ظهورها محتشما في سوق الكاسيت ، كما أن غيابها قد طال ولم تأت بالجديد، الصائفة الفارطة ونفس الحالة بالنسبة للشابة جنات التي إشتهرت بأغاني عديدة حققت نجوميتها من خلالها عالم الشهرة من بابها الواسع منذ أول تجربة ولكنها هي الأخرى لم تعد تأتي ب »الطوب« والقصة تتكرر مع أميرة الراي الشابة الزهوانية التي بات حضورها يقتصر على الحفلات والتظاهرات المختلفة، كما أنها هي الأخرى أصبحت تفضل العودة إلى أرشيف أغانيها لتعيدها على جمهور يحب أن يعود إلى الماضي إلى زمن الراي الجميل مع الأغاني القديمة ل «الشيخة الزهوانية«. هكذا تعيش أغنية الراي النسوي بوهران على وقع الرتابة والركود والحضور الليلي الخجول من وضح النهار، ولكن بالموازاة وبعيدا عن الزخم والإزدحام الذي تعيشه وهران أو الغرب الجزائري في الأصوات النسوية تعمل أصوات أخرى بإجتهاد من أجل التميز والإنفراد بلون خاص ونخص بالذكر الشابة سهام التي تواصل مشوار إبداعها في الراي الشرقي. ولكن هل هذا كاف؟ هل يمكن أن تعود أغنية الراي النسوي إلى مجدها؟ وينتهي تاريخ هذا الركود الذي صنعته عوامل عديدة تخص الإنتاج والتسجيل والتوزيع وغيرها من الأمور التي يعاني منها المغني الجزائري عموما؟ ولكن الواضح أن ما أصبح مطلوبا اليوم هو النوعية والجديد الراقي من حيث الكلمة والموسيقى وحتى الأداء لأن أغنية الراي النسوي والراي بصفة عامة يجب أن تخرج من دائرة الإتهام لأنها فن عريق يحتاج إلى من ينصفه.