تم تكليف المسرح الجهوي بمعسكر بإعداد أحد العروض المسرحية 12 المختارة لتقديمها خلال تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ويتمثل العمل المسرحي الذي أسندت مهمة إعداده لمسرح معسكر في نص الكاتب محمد ديب، اقتبسه للمناسبة محمد بن ڤطاف، تحت عنوان »ألف تحية لعرفية« وهي مسرحية توظف تاريخ ثورة التحرير لرسم الواقع المعيش للشعب الجزائري بمختلف أجياله المتعاقبة، مع محاولة إيجاد حلقات التواصل المفقودة بين كل جيل والذي يليه لبلوغ الأهداف التي ضحى من أجلها شهداء الثورة، والمتمثلة في جزائر العدل والإنصاف الحاضنة لجميع أبنائها دون إقصاء أو تمييز. وكل ذلك يتم من خلال لوحات فنية لغتها الرقصات الفنية والموسيقى والتمثيل المسرحي، تجسد مواقف الصراع السائدة والمشاكل الإجتماعية التي يكابدها أفراده مع وقفات تاريخية يفرضها تذكر الشخصية الرئيسية في المسرحية المجاهدة عرفية لبعض وقائع الثورة التحريرية، قصد الإستفادة منها في تفادي سلبيات الحاضر. ويوضح السيد جرورو رشيد مدير المسرح الجهوي بمعسكر والمشرف الفني على إعداد هذه المسرحية أن هذه الأخيرة تتطرق إلى وقائع ثورة التحرير من زوايا مختلفة بشكل يبرز أهميتها ومكانتها في تاريخ البلاد مع إضافة لمحات من نظرة الشباب إليها من لم يعايشوا أو يعاصروا أحداثها، وهو ما يفسر الإعتماد على عنصر الشباب بنسبة تصل إلى 90٪ لأداء أدوارها. ويؤكد نفس المتحدث أن الفريق العامل على إعداد وتحضير هذا العمل المسرحي يضم 34 عضوا، معدل أعمارهم 24 عاما باستثناء بعض الممثلين القدامى الذين تمت الإستعانة بهم للإستفادة من تجربتهم وخبرتهم، ومنح الشاب الثقة في النفس لأداء أدوارهم بالشكل المطلوب، من أمثال الممثل محمد آدار ورضا تاخريست من مليانة. ويلاحظ ذات المسؤول أن هذه المهمة سمحت بتوظيف كل هواة المسرح بمعسكر إلى جانب عدد من المواهب الشابة في الموسيقى من أمثال قداوي سمية، وعدة حنيفي هشام أحد متخرّجي مدرسة ألحان وشباب وكذا في الرقص الفني وكلهم ، إما من خريجي معاهد ومدارس الفنون المختلفة أو الجامعات وأكثرهم لم يسبق له المشاركة في أي عمل مسرحي، إذ تم انتقاؤهم من أجل أداء أدوارهم مباشرة على خشبة المسرح تحت إشراف مخرج المسرحية السيد ميسوم لعروسي ومساعديه! السيد جرورو لخص برنامج عمل فريقه في عدة فضاءات للتدريب موزعة على دار الثقافة أبي راس الناصري والمسرح الجهوي بمعسكر منها فضاء التعبير الجسمي، الذي يشرف عليه مختص في »الكوليغرافيا« لتدريب الممثلين على تجسيد الرقصات الفنية الموحية التي يتطلبها العمل المسرحي، ومنها الفضاء الموسيقي الذي يشرف عليه الأستاذ زامي محمد المكلف بالإيقاعات الموسيقية وتحقيق الإنسجام بين مختلف مفاصل العمل المسرحي، لا سيما وأن الموسيقى ستعزف فوق خشبة المسرح ولن تبث مسجلة حسب توضيحات المشرف الفني الذي أضاف أن نخبة من اختصاصي السينوغرافيا يقودهم رحموني عبد الحليم يتكفلون من جهتهم بتشكيل مختلف اللوحات الفنية التي يتطلبها الديكور وذلك بمساعدة فنانين تشكيليين من معسكر من أمثال بن ويس مصطفى ونور الدين بعطوش. السيد جرورو يؤكد أن التدريبات تجري بصورة عادية وأن الفريق سيكون جاهزا لتقديم هذه المسرحية في الموعد المحدد أي يوم الثامن مارس المقبل، في عرض شرفي هو الثاني بعد مساهمة المسرح الوطني في هذه التظاهرة الثقافية العالمية. أما بالنسبة لمخرج المسرحية »ميسوم العروسي« فإن هذه الأخيرة تعبر عن حاضر الجزائر بخلفية ثورية، ويلاحظ بأنه رغم كتابة محمد الديب لنصّها عام 77 ولم تنشر سوى في 88، إلا أنها تعكس بشكل كبير الواقع المعيش بمشاكله وهمومه ولكنها تمتد أيضا بالماضي وتضحيات أجياله، من خلال بطلة المسرحية المتمثلة في المجاهدة »عرفية« العارفة بخبايا الثورة وأسرارها والتي تحاول نقلها إلى الأجيال الصاعدة، بشكل يضمن تواصل الأجيال كما يؤمن به وينادي به محمد ديب. ورغم أن المخرج تمنى لو أن المسرح الجهوي بمعسكر قد حظي بالترميم وإعادة الإعتبار لإستغلاله في مثل هذه المناسبات، إلا أنه أكد أن كل الإمكانات المتوفرة بهذا المسرح وكذا بدار الثقافة أبي راس الناصري يتم استغلالها لإعداد هذا العمل المسرحي وتجهيزه لليوم الموعود. وحول قلة بل انعدام التجربة لدى معظم الممثلين والفنانين أشار إلى أن ذلك يدخل ضمن استراتيجية المسرح الجهوي لمعسكر والمتمثلة في استغلال أي إنتاج مسرحي جديد في تكوين أجيال جديدة من الممثلين والفنانين مبرزا وجود الفنان القدير محمد آدار ضمن الفريق ليعطي نفسا قويا لهذا العمل ويمنح الثقة اللازمة للشباب ، ملاحظا أن ذلك يجسد أيضا تواصل الأجيال الذي تدعو إليه المسرحية. وحول اللغة العامية المهذبة التي استعملها محمد بن ڤطاف في اقتباسه لهذه المسرحية وإمكانية وقوفها عائقا في فهمها وإدراك رسائلها من طرف ضيوف التظاهرة أوضح المخرج أن اللغة المنطوقة ما هي إلا جزء من العمل المسرحي وأن المشاهد يأتي لرؤية عرض مسرحي متكامل بكل مكوناته، وفي مقدمته حركات وأداء الممثلين التي تمثل جوهر الفن المسرحي، منوّها في هذا الصدد بدور المخرج في تقريب الأفكار والمعاني لتجاوز عامل اللغة المنطوقة مستشهدا في هذا الشأن بالعرض الذي تم تقديمه خلال تظاهرة سنة الجزائر في فرنسا وكانت 60٪ من لغته بالعربية و40٪ بالفرنسية ولقي نجاحا باهرا حينها . من جهة أخرى تستغل تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لبرمجة وتقديم كل العروض المسرحية التي أنتجها المسرح الجهوي بمعسكر منذ 2010 عبر ولايات الوطن. مدير المسرح السيد جرورو رشيد ، أكد أن هذا المسرح أنتج إلى حد الآن 6 مسرحيات منها الرحيل، الزهر، تليلي، الحومة مسكونة، »لالة الخادمات« ومسرحية الأطفال »10 على 10يا بطل«.