ياسين مية مفتاح ركب صهوة الكلمة الصادقة النابعة من وجدان حي يتألم لحزن أمته ويفرح لفرحها عندما تستمع إليه، يأخذك إلى الزمن الشعري الجميل فلقد تربع على إمارة الشعر في وهران في ملتقى الطاهر وطار وجاء حاملا الجائزة الأولى في الشعر الفصيح من الوادي مؤخرا بعدما شارك 200 متنافس حول هذه المرتبة، ففي جعبته الكثير من الجوائز والتكريمات. إبن وهران ياسين قد سجل حضوره الدائم في الأمسيات الأدبية وامتهن النقد ممارسته بالفطرة من خلال مقالات نقدية هامة نشرها في الجرائد والمواقع الشعرية في العالم العربي لكن هاجس الشعر ظل يسكنه ليترجم تلك العذابات التي يعيشها الأشقاء في فلسطين والعراق وحول العديد من المحطات في حياة الشاعر ياسين كان لنا معه هذا الحوار. * عدت إلى وهران بالجائزة الأولى في الشعر الفصيح والذي نظمت مسابقته ولاية الوادي فما هو شعورك؟ * شعور جميل يملؤه الغبطة والفرح بحكم أنني واحد من أبناء وهران، المدينة التي ولدت الكثير من الأسماء الأدبية المعروفة وغير معروفة ولم أكن أتوقع أن أحصد الجائزة الأولى بحكم أن هناك 200 متنافس شاركوا في المسابقة وبعد مرحلة التصفيات بقي 25 متنافسا والأغلبية من الأقلام المتميزة والمعروفة وربما هذه الجائزة تدفعني للبوح أكثر. * ماهي القصيدة التي دخلت بها المنافسة؟ * قصيدة »درّة القدس« وهي مهداة إلى روح الشهيد الطفل محمد الدرّة الذي قتل برصاص اليهود فالجرح يكتبني للحزن أغنية والحزن يرسمني للجرح سكينا وإذا لم يتفاعل شعر الشاعر في قضايا أمته فأعتقد أنه ليس بشاعر فأنا لا أحب شعر الملاهي وغير ذلك. * إلى جانب ولعك بالقوافي عاشق لمدينة وهران فهل بسبب أنها مسقط رأسك؟ * بالإضافة إلى كونها مسقط رأسي فهي ملهمتي، هي النخلة الباسقة التي أتطلع إليها وأرقبها من بين آلاف النخيل وهي المدينة الفاضلة التي أحلم بها. * هل بإمكان الشاعر أن يكون محايدا في ظل الصراعات التي تحدث في عمق الأمة العربية؟ * لا أعتقد فكيف للشعر أن يكون محايدا والقنابل تتهاطل على بني العمومة وتحصدهم جماعات مثل ما يحدث في فلسطين والعراق من تقتيل ودمار فقصائدي ترفض أن تدخل الملاهي الليلية والمراقص وتأبى أن تندثر بعري شاكيرا أو تكون كأس نبيد يسكر العقول، فالشاعر ضمير حي ويفرح لفرح مجتمعه وأمته ويحزن لحزنهم فالشاعر ابن بيئته وأنا أرفض أن يكون شعري بلا روح ولا ضمير. * يقال بأن القارئ لم يعد يهتم بالأدب عموما وعزف عن تذوق الشعر فما قولك؟ * لا يمكن أن نحكم على المتلقي بعدم الإهتمام وإن حدث هذا فعلا فهو تقصير منا نحن معشر الأدباء ففاقد الشيء لا يعطيه لأن الحداثة فعلت فعلتها في الشعر أما الغموض فزاد الطين بلة، فكيف تريد من الجمهور أن يتفاعل مع رجل لا يفهم ما يقول بدعوى الحداثة والعصرنة فالقارىء بريء مما يريد أن يتهمه به بعض المتخاذلين ولو كان المتنبي بيننا لتبرأ من الشعر إن كان ما يمارسه علينا هؤلاء. * كيف ترى الحركة الأدبية في وهران بصفة خاصة والجزائر بصفة عامة؟ * عند تواجدي مؤخرا في الملتقى الوطني الثالث للشعر الفصيح بالوادي وحصولي على الجائزة الأولى في المسابقة وكان هناك العديد من الأسماء المعروفة سألتني، هل هناك أدباء في وهران فأجبت بالطبع هناك أسماء عديدة ولكن في ظل الثقافة المغيبة نوعا ما في الحركة الأدبية الجزائرية بصفة عامة يطرح السؤال لكن وهران دائما كانت في الصف الأول من خلال أسماء عديدة كخلود جاب الله التي شاركت في مسابقة أمير الشعراء والكثير من الأدباء الذين حملوا رايتها كعمار بلحسن وبفتى بن عودة وآخرون وأنا شخصيا أتمنى أن يخرجوا من قوقعتهم ويرفعوا راية وهران. * ماذا عن الحصة الإذاعية »محطات للبوح« التي تنشطها رفقة عابر سبيل بإذاعة وهران؟ *»محطات للبوح« حصة إذاعية تقدم كل أمسية جمعة ونستضيف فيها شخصية فاعلة في الحركة الثقافية وهذا الفضاء فتحنا من أجل تفعيل النشاط الأدبي في وهران وليكون كذلك محطة للبوح عن ما يعيش المبدع في هذه المدينة التي تحتاج لكل أبناءها من المبدعين. * ماذا عن عملية النشر فلقد تحصلت على جوائز وأنت في الساحة الأدبية منذ عقود ولا يوجد لك ديوان في السوق فما هو السبب؟ * لدي أربعة دواوين كمخططات وتلقيت وعودا بالنشر ولكن لا يعدو ذلك كونه وعودا والمشكل الأساسي بالنسبة للمبدع الوسائل المادية فجميع دور النشر تطلب مبالغ كبيرة لذلك يعجز المبدع عن توفيرها وأكيد أنا أتمنى في المستقبل رؤية دواوين في السوق. * ماهي كلمتك الأخيرة؟ * احتضنت وهران الكثير من الأدباء وعلينا أن نرد الجميل لهذه المدينة من خلال لم شمل الجميع وأن لا نعيش الشتات، هذا ما أراه مناسبا وهذا لا يمنع أن يكون هناك إختلافات في الرؤى لأنه قوة في حد ذاته وأتمنى أن تكون وهران منبرا ثقافيا وأدبيا كما تستحق أن تكون وعلى المبدعين أن يشعلوا الشمعة خير من البقاء في الظلام وشكرا.