بقلم الكاتبة الفلسطينية: تمارا حداد. الشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام قضية الأسرى داخل السجون الإسرائيلية هي قضية إنسانية بامتياز كونها تمس كل بيت فلسطيني، وتؤثر على الروابط الاجتماعية في الأسرة نتيجة غياب الزوج أو الزوجة أو الابن، فلا يكاد يخلو بيت فلسطيني إلا ويوجد به أسير، أو أكثر، أو ربما عائلة كاملة، ولم تسلم هذه الاعتقالات من النساء والأطفال وكبار السن، ومنهم من ولد داخل غياهب السجون وترعرع والقيد يحيط به من كل جانب. كما أن أبجديات السجن تبقى عالقة في ذهن كل أسير لا تمحوها الأيام والسنين فكل أسير هو قصة ورواية تتناقلها الأجيال، وتحتاج لآلاف المجلدات لتحكي قصة الأسير مع السجان والظلم الواقع عليه، وحرمانه من ابسط حقوقه الإنسانية وكرامته المتأصلة فيه، والتي كفلتها الشرائع السماوية والأرضية، حتى في الاتفاقيات المصطنعة التي أقرتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية كفلت لهذا الأسير حقه في الحرية وكرامته ومعاملته معاملة تليق به وبآدميته. اتفاقية جنيف الرابعة كفلت للأسرى حقوقهم، ولكن إسرائيل صاحبة الديمقراطية الزائفة التي تغذيها بعنصرية همجية تتغافل عن هذه الحقوق ولا تحسب للأبعاد الإنسانية والقانونية أي حساب. فهي لا تحترم معتقدات الأسير ولا تطبق القوانين والمواثيق التي تنص على حمايته، فقضية الأسرى شاهدة على ممارسة الاحتلال وانتهاكاته الصارخة بحق الأسرى. من اصعب القضايا داخل السجون الاسرائيلية هي قضية الاسرى المرضى، فهي قضية شائكة فاقت الخطوط الحمراء، وهناك عدد من الاسرى والأسيرات والاطفال المرضى داخل السجون الاسرائيلية والذي فاق عددهم 1500 مريض، وكل حالة اصعب من الاخرى، اسراء الجعابيص من الحالات المرضية داخل السجون الاسرائيلية والتي تحتاج الى الاهتمام بقضيتها بشكل واسع وشامل ومن كل المؤسسات التي تُعنى بقضية الاسرى داخل السجون الاسرائيلية، اسراء الجعابيص امرأة لا تستطيع ان تأكل وتشرب وتلبس وان تقوم بمهامها العادية لان اصابعها محروقة، وهي بحاجة الى عمليات تجميلية لوجهها وجسدها نتيجة الحرق الكامل لها، فهي تتألم الما شديدا خلف القضبان وعلاجها الوحيد حبة الاكمول " المسكنات". بالرغم ان حق الاسير المريض كفله كل القوانين الدولية وبالتحديد اتفاقية جنيف الرابعة والتي كفلت حق المرضى داخل السجون الاسرائيلية في الحصول على العلاج وان تجري للأسرى فحوصات دورية وبانتظام مرة كل سنة حسب المادة "90-91″، إلا ان هناك مماطلة من قبل الاحتلال في تقديم العلاج. يجب الاهتمام بملف الأسرى المرضى وإنقاذ حياتهم من العبث والاستهتار المتعمد من قبل إدارة السجون، ووقف سياسة الموت المؤجل بحق أسرانا الذي يخالف الأعراف وكافة الشرائع السماوية والأرضية التي احترمت حرية وآدمية الإنسان وكرامته، الاسرى المرضى بحاجة الى التضامن أو الاستنكار وإما بالدعاء قلبا وذلك اضعف الإيمان. قضية الاسرى يجب بلورتها باستراتيجية اعلامية شاملة وواضحة المعالم تجمع الاعلام الفلسطيني والإقليمي والدولي كله، وان يركز على توحيد الجهود المبعثرة وكسر قالب النمطية في التعاطي مع قضية الاسرى، من اجل اثارة القضية محليا وعربيا ودوليا والارتقاء بقضية الاسرى من قضية محلية الى قضية عالمية. واستغلال الاعلام الجديد في خدمة قضية الاسرى وبالتحديد المرضى، وإنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لمناصرة الاسرى والتعريف بقضيتهم، وفضح ما يتعرضون له على ايدي الكيان الصهيوني. ان اسرانا يمثلون ضمير هذا الشعب وعنوان كرامته، وبالتالي وجب على الجميع كل من موقعه ان يقوم بدور فعال في نصرتهم والوقوف الى جانبهم وجانب اهاليهم وأولادهم. فلن نترك هذه القضية طالما القلوب تنبض في صدورنا ولن نقول ان السجن يبعدهم عنا فهم اخواننا وأحبابنا وغوالي تحريركم قائم هو بعض وقت او مرور ليالي. هذه القضية التي تحتل مكانة متميزة في الوجدان الفلسطيني، والأولويات الوطنية لما تنطوي من أبعاد إنسانية وقانونية. فإنقاذ الأسرى المرضى، وأطفالنا هم عنواننا فالوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات، والمعتقلات هي منازل البلوى وقبور الأحياء، الاسرى يحبون الحرية ويحبون الموت إن كان الموت طريقا لحرية أوطانهم فأسرانا هم الجرح النازف لفلسطين وصناع التاريخ.