في ليلة ولدت اهتزازات في النفس وتحولت إلى موجات مشعة أثرت كثيرا في المستمع، مصورة له مختلف العواطف بألحان جاءت على شكل إشعاع فكري ولوني تشكل في صيغة قالب جمالي يسبح في فضاء روحي صنعته مجموعة العيساوة التلمسانية للموسيقى الصوفية، مساء أول أمس، في قصر الإمامة بتلمسان، أين أحيت حفلا موسيقيا روحيا ضمن فعاليات المهرجان الدولي للسماع الصوفي في نسخته الأولى والذي يندرج في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية. تفاعل جمهور تلمسان بشكل كبير مع فرقة العيساوة التلمسانية، وما تؤديه من موسيقى ومدائح صوفية تميز فن السماع الصوفي، كما أضفت العيساوى بأزيائها التقليدية رونقا وجمالا على الحفل تماشيا مع الأجواء الصوفية والأذكار. وتجدر الإشارة إلى أن جمعية ناس العيساوى تلمسان تنتمي إلى زاوية سيدي بومدين، والتي تأسست تحت رعاية المرحوم مقدم الطريقة العيساوية الحاج أحمد مجدوب سنة 1948م. شاركت الجمعية في المهرجان الوطني للإبداع برياض الفتح بالجزائر العاصمة سنة 1987م حيث تحصلت على الجائزة الثانية، تحيي الجمعية بانتظام حفلات المولد النبوي وليلة القدر بدار الثقافة تلمسان منذ تأسيسها،كما شاركت سنة 2003م بفرنسا في إطار تظاهرة سنة الجزائر في فرنسا على مدى 15 يوما، وتعد جمعية ناس العيساوى من أهم الفرق التراثية الوطنية ذات الصيت الوطني التي تؤدي بمهارة واقتدار مختلف الطبوع التراثية في مجالات المديح والسماع الصوفي وغيرها... لترحل بعدها فرقة سماع مصر للإنشاد والموسيقى الصوفية إلى زمن الموشحات واللحن العذب والصوت الشجي حيث أطربت الحضور الذي تفاعل معها بشدة مع فلسفة السماع والطرائق التراثية المختلفة. وللإشارة فإن فرقة سماع مصر التي يقودها الفنان انتصار عبد الفتاح شاركت في عدة محافل ومهرجانات دولية في كل من المغرب وتونس والنمسا وفرنسا والصين وهي تعد من أشهر الفرق العبرية والعالمية في مجال السماع الصوفي والإنشاد الديني. وفي كلمة ألقاها إدريس بوذيبة محافظ المهرجان الدولي للسماع الصوفي خلال الإفتتاح أكد بأنه سيعمل على رصد المهرجان والترويج له بمختلف الوسائل لإيصال موسيقى السماع الصوفي للشباب كونهم الأقدر على تحمل مسؤولية استمراريتها والدفع بها قدما نحو المستقبل مضيفا أن السماع الصوفي كان وما يزال القاسم المشترك بين الشعوب العربية والإسلامية التي تميزت بالحس المرهف والتذوق لهذا اللون الضارب في أعماق التاريخ وفي الذاكرة الجماعية،وقال أن هذه المهرجانات هي الفضاءات المثلى لاحتكاك الفنانين والفرق والجمعيات بهدف التبادل وتأصيل الأحلام والآمال. وكان مسك ختام السهرة ذلك الكوكتال الفني الذي جمع بين مصر والجزائر والمغرب ليعبر عن الأخوة الدينية التي تعيشها الأمة الإسلامية. وفي الأخير قامت محافظة المهرجان بالمناسبة بتكريم الفرق المشاركة ضمن حفل الافتتاح من خلال تكريم كل من عبد الصمد مجدوب رئيس فرقة عيساوى والمغربي محمد كامل كرم كما تم بالمناسبة تكريم الدكتور انتصار عبد الفتاح قائد فرقة السماع المصري الذي قام بدوره بتكريم محافظ المهرجان إدريس بوديبة ومنسق تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عبد الحميد بلبليدية.