احتفت الجزائر أمس الثلاثاء ب"يوم العلم" تخليدا لذكرى رحيل رائد النهضة العلمية والثقافية المصلح والمجدد المؤسس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الإمام الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الذي وافته المنية في 16 أفريل من العام 1940 . تعود اليوم ذكرى وفاته ال 84، وتعود معها ذكرى المحطات والعلامات الفارقة في مسيرة رجل أنفق كل أوقاته من أجل الإصلاح والتعليم.. العلامة عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس المولود يوم 4 ديسمبر 1889 بقسنطينة في أسرة مشهورة بالعلم والثراء والجاه، أدخله والده في صغره لتعلم القرآن فأتم حفظه في السنة الثالثة عشر من عمره على يد الشيخ أحمد أبوحمدان الونيسي، سافر الى تونس لمتابعة تعليمه العالي في جامع الزيتونة فنال عام 1912 شهادة التطويع، وكعادة الخرجين وقتها كان عليه أن يعلم في الزيتونة عاما واحدا، ليعود في عام 1913 إلى قسنطينة وشرع في العمل التربوي، ليعود عشية الحرب العالمية الأولى الى تونس حيث تابع تحصيله العلمي في الزيتونة لبعض الوقت ثم انتقل الى الحجاز بغرض الحج ومكث في المدينةالمنورة لمدة ثلاثة أشهر ألقى خلالها دروسا في المسجد النبوي. وزار الإمام بعد مغادرته الحجاز، بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وزار الأزهر، قبل أن يعود إلى قسنطينة لمواصلة إلقاء الدروس على الكبار والصغار والتفرغ لمشروع تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. في صيف 1939 طلبت فرنسا الاستعمارية من جمعية العلماء المسلمين رسالة تأييد لها في حربها ضد ألمانيا، وعندها قال ابن باديس كلمته المشهورة: "والله لو طلبت مني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله ما فعلت"، وبعد ذلك بعام، سلم الشيخ عبد الحميد بن باديس روحه إلى بارئها يوم 16 أفريل 1940 فخرج الجزائريون يودعونه في جنازة مهيبة كانت يوما مشهودا في تاريخ مدينة قسنطينة. قسنطينة التي نظمت أمس بعد مرور 84 عاما على رحيل ابنها، إحتفالية خاصة مع عمادة جامع الجزائر، سلمت فيها المكتبة الشخصية للشيخ عبد الحميد بن باديس، رائد النهضة في الجزائر، كوقف لجامع الجزائر تخليدا لهذا اليوم. حيث تم توقيع اتفاقية تسليم مكتبة العلّامة عبد الحميد بن باديس، ونقلها إلى جامع الجزائر، لتكون وقفا عليه؛ والتي أشرف عليها وزير الدّولة، عميد جامع الجزائر، محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ، رفقة والي ولاية قسنطينة السّيّد عبد الخالق صيودة، بمقر مؤسسة العلامة عبد الحميد بن باديس، بمناسبة الاحتفالات المخلدة ليوم العلم. ووقّع الاتفاقية عن جامع الجزائر، مدير الديوان بومدين بوزيد، وعن مؤسسة العلامة بن باديس، ابنة أخيه الدّكتورة فوزية بن باديس. مكتبة تضم حوالي ألف كتاب في مختلف مجالات العلم بما في ذلك الحضارة الإسلامية والمسائل الفقهية والتفسير والأدب والشعر، استعان بهم الشيخ عبد الحميد بن باديس خلال مسيرته الفكرية والإصلاحية، يقول عبد العزيز فيلالي رئيس مؤسسة الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس، مبديا أهمية المبادرة التي تهدف إلى الحفاظ على جزء من ذاكرة الأمة، مجموعة الكتب التي تعود لرائد النهضة الفكرية والإصلاحية في الجزائر تتضمن مؤلفات قيمة جلبها الإمام ابن باديس من مصر وتونس والحجاز، رغم الحصار الذي كان مفروضا في ذلك الوقت من قبل الاحتلال الفرنسي الذي كان يحاول طمس الهوية الوطنية، يؤكد فيلالي، الذي قال أن الراحل عبد الحق بن باديس شقيق مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأول رئيس لها هومن تولى جمع هذه الكتب ووضعها بالمنزل العائلي. وأن وضع المكتبة الشخصية للشيخ ابن باديس في متحف ومكتبة جامع الجزائر –حسبه- مبادرة ترمي إلى تعزيز العلاقة بين الأجيال الصاعدة وتراثهم الوطني والتاريخي. وضمن برنامج الاحتفالات المخلدة لذكرى 16 أفريل بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، أشرف عميد جامع الجزائر، الشيخ محمّد المأمون القاسميّ، رفقة والي ولاية قسنطينة عبد الخالق صيودة، على افتتاح الصالون الوطني للكتاب للعلّامة عبد الحميد بن باديس، يدوم إلى غاية 27 أفريل 2024م، مع زيارة لضريح الإمام عبد الحميد بن باديس وأخرى لمقر مؤسسة عبد الحميد بن باديس ببلدية قسنطينة قبل الشروع في مراسم استلام مكتبة الشيخ عبد الحميد بن باديس.