رئيس جبهة المستقبل يدعو إلى الانخراط بقوة في المسار الإصلاحي الذي باشره رئيس الجمهورية    منع وفد برلماني اسباني من زيارة الجزء المحتل من الصحراء الغربية : منظمات حقوقية تعرب عن قلقها البالغ    توقيع مذكرة تفاهم بين سوناطراك ومركز تنمية الطاقات المتجددة    المجمع الجزائري للنقل البحري سيقتني في 2025 بثلاث سفن كبيرة لنقل البضائع    خطيب المسجد الأقصى يتوجه برسالة امتنان الى رئيس الجمهورية والشعب الجزائري    الاتحادية الجزائرية للتايكواندو: إعادة انتخاب يزيد بن علاوة رئيسا لعهدة أولمبية جديدة (2025 -2028 )    السيدة مولوجي تشرف على لقاء عمل مع المدراء الولائيين للولايات الجنوبية العشر المستحدثة    الجزائر-إيطاليا: التوقيع على بروتوكول التعاون الخاص بالتكوين الشرطي    قال إنه يهدف لتجاوز الدور الأول من "كان 2025"..بيتكوفيتش يبعد الضغط عن "الخضر"    رياض محرز يحصد جائزة أفضل هدف في دوري روشن    رد حاسم..هل ينتقل حاج موسى لمنافس فينورد القادم؟    عنابة: تأكيد على ضرورة مواكبة قطاع التأمين للديناميكية التنموية بالبلاد    هجرتهم إسرائيل..الأمم المتحدة: 376 ألف فلسطيني عادوا لشمال غزة    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    مولى يشارك بروما في أشغال الورشة الأولى لمنتدى الأعمال العربي-الإيطالي    المركز الإستشفائي الجامعي بباتنة : فتح الوحدة الجهوية لقسطرة القلب وإجراء 4 عمليات ناجحة    هل تكون إفريقيا هي مستقبل العالم؟    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    عطاف يستقبل الأمين العام المساعد المفوض للشؤون السياسية والسياسة الأمنية لحلف شمال الأطلسي    توقيع اتفاقية تعاون بين الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ومجمع الحليب "جيبلي"    كرة القدم: اختتام ملتقى "الفيفا" حول تقنية حكم الفيديو المساعد بتيبازة    "الأونروا" تعمل بموجب القانون الدولي ولا حق للكيان الصهيوني بإيقاف عملها    رابطة مجالس الشيوخ والشورى "آسيكا" تدين تدخل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية للجزائر    عطّاف يُحادث نظيره الأمريكي    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    الجزائر تدعو إلى حقن دماء السودانيين    حشيشي يلتقي مدير دي أن أو    العرباوي يستقبل سفير قطر    28 سنة على اغتيال بن حمودة    تفكيك شبكة إجرامية دولية ينطلق نشاطها من دول أجنبية    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    تنافس شرس حول عرض أجْوَد التوابل    السلطات عبر الولايات استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    الآلية تبرز مدى التكامل بين الدولة وبين جميع مؤسساتها    الجزائر/إيطاليا : بلدية بولونيا تكرم المتعامل الاقتصادي توفيق هوام لمساهماته الإنسانية خلال أزمة كوفيد-19    وزير الثقافة والفنون ووالي ولاية لجزائر يشرفان على جلسة عمل حول المخطط الأبيض ضمن النظرة الاستراتيجية لتطوير وعصرنة العاصمة    وزارة الصحة: إنشاء لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية على مستوى الوزارة    أبواق المخزن تطعن في انتصار المقاومة الفلسطينية    الخارجية الفلسطينية تحمّل المجتمع الدولي مسؤولية صمته    المكتتبون يطالبون بإنهاء حالة الترقب    تحيين المعطيات للتكفل الأمثل بالكوارث    مستعدون لإنجاح إحصاء المنتوج الوطني واستقبال رمضان    60 عملية جراحية لاستئصال سرطان الكلى بوهران    كرة اليد/مونديال2025 (أقل من 21 سنة)/قرعة : المنتخب الجزائري في المجموعة الرابعة    الذكرى ال 68 لإضراب الثمانية أيام: معارض ومحاضرات ومعاينة مشاريع تنموية بغرب البلاد    صحة: أيام تكوينية حول رقم التعريف الوطني الصحي    غريب يدشن وحدة جديدة لإنتاج الأدوية المضادة لداء السرطان    اختتام مسابقة جائزة الجزائر للقرآن الكريم    عبادات مستحبة في شهر شعبان    قِطاف من بساتين الشعر العربي    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    محرز يتألق في السعودية ويستعيد بريق "البريميرليغ"    تدشين المتحف الوطني العمومي لشرشال    ترويج لأغنية الراي الجزائرية في قلب العاصمة الفرنسية    التزام بالتراث والطبيعة بالبلد القارة    أحكام خاصة بالمسنين    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوسّع الإسرائيلي على قدم وساق
نشر في الحياة العربية يوم 22 - 12 - 2024

سمحت حرب الإبادة التي يشنّها بنيامين نتنياهو على قطاع غزّة باستخلاص درس أساسي، مفاده بأن المراكز الدولية في عالمنا إما تقف إلى جواره في حربه التي تنتهك كل القيم والقوانين، وتمدّه بالسلاح والدعم المالي، او أن هذه المراكز تكتفي بردود فعل باهتة، لا تبلغ أبدا حد الدعوة إلى فرض عقوبات، باستثناء عواصم أوروبية، مثل مدريد وأوسلو، وأخرى قليلة في غير عداد العواصم الكبرى.
استعاد نتنياهو هذا الاستخلاص، حين سارع إلى استغلال التغيير في سورية، واعتبر اتفاق الهدنة لعام 1974 منهاراً، وتوغلت قواته في المنطقة العازلة، وأتبع ذلك بالوصول الى قمم جبل الشيخ، وليس انتهاء بالتغلغل في ريف جنوب درعا بعمق تسعة كيلومترات. وقد أبدى سعادته لهذا الإنجاز، مشدّداً على أن القوات الغازية ستبقى على قمم جبل الشيخ حتى نهاية العام المقبل (2025) على الأقل. وقد أثار هذا التطور القليل من ردود الأفعال، فالاهتمام الأميركي والغربي يتمحور حول مجرى التحوّل في دمشق، وانتظار الضمانات التي سيمنحها القادة الجدد في دمشق لحقوق "الأقليات"، وما يسميها الغرب حقوق الإنسان عامة.
وقد لوحظ أن الحرب التي شنتها دولة الاحتلال على القواعد والمطارات العسكرية في سورية لم تُثر رد فعل يذكر، ما حفّز تل أبيب على القيام بالتوغلات التي تمثل تحدّياً جسيماً للسلطة الجديدة غير القادرة بالفعل، في الظرف الحالي، على خوض صراع عسكري، وفي وقت لم تشهد فيه المؤسّسات السيادية بعد إعادة هيكلة وإعادة بناء لها.
وسوف تشكل هذه التوغلات تمدّداً لاحتلال الجولان القائم منذ 1967. وقد اعترف دونالد ترامب في رئاسته الأولى للولايات المتحدة بضم الهضبة السورية إلى دولة الاحتلال، وهو موقف لم تشاطره إياه أية دولة أخرى. ويراهن نتنياهو بأن الرئيس العائد إلى البيت الأبيض في 20 الشهر المقبل يناير سوف "يتفهم" الدواعي الأمنية المزعومة للتمدّد الإسرائيلي في الأراضي السورية. ولن يكون مستبعداً بعدئذٍ أن يجري استخدام هذا التمدّد وسيلة ضغط على النظام الجديد في مقبل الأيام، بحيث يكون رفع العقوبات عن سورية مشروطاً بإبرام تفاهماتٍ سوريةٍ إسرائيلية حدّاً أدنى، فيما يرتسم الهدف الأبعد بالضغط على دمشق لإبرام اتفاق هدنة جديد قابل للتوسيع نحو عقد اتفاق سلام بين دمشق وتل أبيب، وهو ما يتفق مع مطامح ترامب بتوسيع دائرة السلام العربي الإسرائيلي، وفقاً للاشتراطات الإسرائيلية المقبولة أميركياً.
شيء شبيه بذلك يجري على الأراضي اللبنانية، إذ إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى برعاية أميركية فرنسية بين تل أبيب وبيروت، ينظر إليه الطرف الإسرائيلي اتفاقاً لخفض التصعيد، وليس وقفاً فعليا لوقف النار، فالتعدّيات الإسرائيلية لا تتوقف في مناطق مختلفة من لبنان، بما فيها العاصمة، وبدعوى أن الاتفاق لم ينصّ على سحب فوري القوات، بل على انسحاب تدريجي يتم خلال 60 يوما. وتستغل تل أبيب فترة الشهرين هذه لمواصلة الغارات الجوية على مناطق مختلفة، والأسوأ مواصلة تجريف بلدات وقرى في جنوب لبنان، وبما يهدّد بتوسيع المنطقة العازلة، ومواصلة تموضع القوات الغازية فيها بعد انقضاء الفترة بسطوة الأمر الواقع العسكري.. وعلى لبنان، بعدئذٍ، السعي إلى تفاهمات جديدة مع تل أبيب، بتشجيع من إدارة ترامب الحريصة على استتباب الأمن.
يمضي نتنياهو في صياغة شرق أوسط جديد كما يراه، وكما بشّر به يستخدم نتنياهو الدواعي الأمنية المزعومة وحقّ المستوطنين في العودة إلى مناطقهم، لتسويغ التوغلات، غير أن الأمر يتعدّى ذلك إلى التمدد والتوسّع والتموضع الجديد للقوات، والاستحواذ على مزيد من الأراضي، وهو ما يحدُث في سورية وحدث في جنوب لبنان. وذلك وسط صعوباتٍ جمّة يعانيها البلدان حالياً في إعادة البناء، وحيث أسهمت دولة الاحتلال بصورة ملحوظة في هدم قدرات البلدين، وبحيث يواجه لبنان احتلالاً جديداً يضاف إلى أراضٍ محتلة سابقا في منطقتي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، أما سورية فعليها، وفق الاستهدافات الإسرائيلية، أن "تنسى" الجولان المحتل، وتجري تفاهمات على ما استجدّ من أراضٍ محتلة.
وواقع الحال أن هذا الجموح الإسرائيلي إزاء دول المنطقة قد بدأ في قطاع غزّة، وحيث اختارت عواصم عربية عديدة النأي بالنفس عما يجري هناك منذ 14 شهراً، فقد أريد بحرب الإبادة ليس فقط التصفية المادية للكتلة البشرية في القطاع، بل كذلك التمدّد داخله، في نهاية الأمر، وفي شماله بالذات، من أجل توسيع ما يسمّى غلاف غزّة، ويختلف أركان حكومة الاحتلال بشأن المدى الذي سوف يعملون على الاستحواذ عليه، لكنهم متفقون على أن جغرافية القطاع لن تُترك كما هي، بالرغم من صغر مساحتها نسبة إلى عدد سكانها، وبحيث يشكّل الاستيلاء على جزء من مساحة القطاع عامل ضغط شديد لخروج نسبة من أبنائه في "هجرة طوعية" إلى الخارج.
وهذا ما نراه يتكرّر في الأراضي اللبنانية والسورية، مع فارق أن الاستيلاء على الأرض وعلى مواقع استراتيجية فيها يمثل الهدف الأساس لحكومة نتنياهو في البلدين.
بهذا يمضي نتنياهو في صياغة شرق أوسط جديد كما يراه، وكما بشّر به، بحيث تنفرد دولة الاحتلال بالتمدّد والتوسّع في الشرق العربي، من غير أن تسمح لإيران بمقاسمتها النفوذ والهيمنة في هذه المنطقة، ومن غير السماح بولادة كيان فلسطيني مستقل على الأراضي المحتلة عام 1967، ولا يتورّع نتنياهو، بعدئذٍ، في غمرة حروبه المسعورة على سورية ولبنان وغزّة والضفة الغربية، عن الادّعاء بمدّ يده للسلام مع دولة عربية كبيرة مثل السعودية.
العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.