وري أمس، جثمان الفقيد عبد الرزاق بوحارة بمقبرة العالية في العاصمة، في جو جنائزي مهيب، لكنه لم يكن في مستوى توقعات المشييعين، في جنازة "سريعة" قضي فيها الأمر وعاد الحضور من حيث أتوا. شيّع فقيد الأفالان والجزائر عبد الرزاق بوحارة عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني وعضو مجلس الأمة الذي وافته المنية أول أمس عن عمر يناهز 79 سنة، في مراسم، جنائزية حتما تشير إلى أن المعني كان شخصية وطنية، لكنها لم ترق إلى شخصية عبد الرزاق بوحارة ، المجاهد والوزير والسيناتور والعسكري والسياسي والمفكر . وساد سوء التنظيم أجواء العالية التي احتضنت واحدا من رجالات الثورة وجزائر البناء والتشييد، ربما للأمطار التي تهاطلت على المكان وخندقت الجميع في أجواء صامتة، غيّب على الكثير من الرفاق حضور الجنازة بينما أغلبهم حضر متأخرا لاعتقاده أن الجنازة ستكون بعد صلاة الظهر، غير ان جثمان الفقيد وري الثرى قبل ذلك، ولم يتمكن الكثير من رفاق المرحوم والمواطنين من متابعة أطوارها . وجيء بالجثمان من قبل أفراد الحرس الجمهوري الذين توزعوا على جنبات المقبرة، ووضع تحت خيمة كبيرة وضعت لتفادي الأمطار، وقرأ عبد الغني عقبي تأبينية الراحل عدد فيها خصاله. وحضر مراسم تشيع جثمان الفقيد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز والوزير الأول عبد المالك سلال، إضافة إلى شقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة، وعدد من الوزراء وضباط سامون في الجيش الوطني الشعبي وكبار المسؤولين في الدولة وبعض ممثلي الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني الى جانب مجاهدين وعائلة الفقيد وجمع غفير من المواطنين. وحضر كل من علي بن فليس الأمين العام السابق للأفالان، وعبد العزيز بلخادم ويزيد زرهوني وخالد نزار والجنرال المتقاعد عطايلية وقائد أركان الجيش الشعبي الوطني قايد صالح. وقد ألقى رفيق الفقيد المجاهد والوزير السابق عبد الغني العقبي كلمة تأبينية ذكر فيها بالمناقب والخصال الحميدة التي كان يتحلى بها المرحوم عبد الرزاق بوحارة وكذا نضاله أثناء الثورة التحريرية وجهوده داخل الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال. ونوه العقبي في كلمته أيضا بالعمل الذي قام به الفقيد بوحارة خلال مرحلة البناء والتشييد مشيرا إلى المناصب السامية التي تولاها خدمة للوطن والشعب. وكان الفقيد قد شارك في حرب التحرير الوطني ضمن جيش التحرير الوطني وكان ضمن الفيلق الذي شارك في الحرب العربية ضد اسرائيل سنة 1967. وتوالت التعازي بعد رحيل المجاهد "الصامت" عبد الرزاق بوحارة، من قبل الشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية، لفقدان قامة من قامات الجزائر، ورجل فذ جمع بين الفكر السياسي والميدان العسكري. وقد سجلت بعض الأحزاب السياسية بأن المناضل عبد الرزاق بوحارة الذي وافته المنية الاحد بالجزائر العاصمة كان حريصا على استكمال بناء الدولة الوطنية. في هذا السياق، تلقت حركة مجتمع السلم نبأ وفاة المرحوم عبد الرزاق بوحارة بكثير من الأسى والحزن مؤكدة بأنه كان "وطنيا مخلصا ومجاهدا صادقا ومناضلا هادئا حريصا على استكمال بناء الدولة الوطنية". واعتبرت الحركة في برقية تعزية ان الساحة الوطنية "في لحظات تدافع سياسي بحاجة إلى أهل التجربة والوقار فقدت بموته قمة من قمم الجهاد التحرري والنضال السياسي المتين". أما الحركة الشعبية الجزائرية فاعتبرت في برقية تعزية وفاة المرحوم بوحارة "خسارة مناضلا كبيرا للقضية الوطنية" مشيرة إلى إسهاماته لسنين طويلة في خدمة بلاده وتأديته لمهامه على احسن وجه . وبعد أن قدمت تعازيها وتضامنها مع عائلة الفقيد ولجبهة التحرير الوطني وكل المناضلين إبان الثورة التحريرية كشفت بان المرحوم كان "قليل الظهور ويفضل العمل في الخفاء" ومن جهته بعث رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني ببرقية مماثلة إلى عائلة الفقيد. كما اعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة أن الفقيد المجاهد وعضومجلس الأمة عبد الرزاق بوحارة هو"فقيد الجزائر باكملها" لكونه "كرس شبابه للذود عن الوطن المفدى". وأعرب المجلس الشعبي الوطني في برقية تعزيه وجهها لعائلة الفقيد عبد الرزاق بوحارة عن "عميق الحزن وبالغ الأسى اثر تلقيه نبأ انتقال المجاهد عبد الرزاق بوحارة إلى جوار المولى عز وجل". وبهذه المناسبة الأليمة قال ولد خليفة: "أتقدم إليكم كافة- أفراد العائلة الكريمة- باسمي الخاص وبأسماء نواب وإطارات وموظفي المجلس الشعبي الوطني بأصدق عبارات المؤاساة وأخلص مشاعر المشاركة الوجدانية داعيا الله سبحانه وتعالى أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنانه". كما اعتبر رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح أن الجزائر خسرت بفقدان عضواللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني وعضومجلس الأمة عبد الرزاق بوحارة الذي توفي مجاهدا كبيرا ووطنيا غيورا على بلاده، وقال بن صالح في برقية تعزية وجهها إلى عائلة الفقيد: "هز نفسي هذا المصاب الأليم فقد اختطفت المنية منا زميلا عزيزا آلفت بيني وبينه مهامنا في مكتب مجلس الأمة ..فهومن جيل الثورة المباركة ومجاهديها الأفذاذ وممن تولوا المسؤوليات الوطنية والمهام الرفيعة فكان بحق من رجالات دولة.. وإننا إذ نفتقده اليوم فإننا نخسر برحيله مجاهدا كبيرا ووطنيا غيورا على الجزائر، وأضاف رئيس مجلس الأمة في برقيته: فنودعه والحسرة طاغية والأسى عميق..نودعه إلى حيث يلتحق بمشيئة الله بمن سبقه من الشهداء الأبرار والمجاهدين الأطهار منوها بصفات ومزايا المرحوم التي انتزع بها تقدير الجميع وجعلت منه واحدا ممن يطلب رأيهم ويعتد بمشورته في القضايا والإشكاليات المستعصية".