المنتخب الجزائري تأهل إلى كأس العالم 1982 بعد أن هزم نيجيريا ذهاباً وإياباً، وكان الممثل الأفريقي الثاني إلى جانب الكاميرون. أما المانيا الغربية فتأهلت بعد تحقيق نتائج قوية جداً في التصفيات، حيث حققت العلامة الكاملة منتصرة في 8 مباريات، وسجلت 33 هدفاً ولم يدخل شباكها إلا 3 أهداف قط، ولا يعرف كثيرون أنها كانت مع النمسا خلال التصفيات حيث هزمتها ذهاباً وإياباً؛ بواقع 2-0 و3-1 لتصبح مرشحة فوق العادة من أجل اللقب العالمي. القرعة التي أعلنت المواجهة: تم تصنيف الجزائر المشاركة لأول مرة في المستوى الرابع قبل إجراء القرعة، أما المانيا الغربية فتم وضعها رأس المجموعة، القرعة أوقعتهما معاً إضافة إلى كل من تشيلي (كانت مشاركتهم السادسة) والنمسا المتأهلة لمشاركتها المونديالية الخامسة. المانيا الغربية وليست المانيا: منتخب المانيا آنذاك كان يمثل المانيا الغربية وليس المانيا الحالية، فقد تمت إعادة توحيد المانيا في أكتوبر 1990، مما يعني أن لاعباً مثل مايكل بالاك على سبيل المثال لم يكن ليمثل المانيا الغربية لأنه من أصول شرقية. العجرفة الألمانية .. لا تصدق: القصص التي ترويها كل الصحف العربية والعالمية واللاعبون والمدربون عن عجرفة الألمان قبل مواجهة الجزائر لا تصدق، تشعر أنها أقرب لتكون فيلماً منه واقعاً، لقد خان الألمان مبادئهم بالواقعية والعملية فدفعوا الثمن باهظاً فيما بعد. فلم يتعلم الألمان من سقوط حامل اللقب الأرجنتين في افتتاح البطولة مع بلجيكا، فنسب إلى نجوم المانيا من برايتنر وكارل هاينز رومينجه أقوال مثل "سنسجل سبعة أهداف ونهديها لزوجاتنا، أما الهدف الثامن فهو هدية لكلابنا"، كما قال أحدهم "أفكر باللعب والسيجار في فمي". يوب ديرفال مدرب منتخب المانيا قال قبل اللقاء "لو خسرت سوف أعود إلى المانيا في أول قطار إلى ميونخ"، واعترف بعد فترة من الحدث بأنه حصل على فيديو للجزائر لكنه أخفاه عن اللاعبين، لأنهم كانوا سيسخرون منه بسبب طلبه هذا. معجزة خيخون: في مدينة خيخون الإسبانية، التقى المنتخب الجزائري في يوم 16- يونيو-1982 بنظيره الألماني، يومها لم يكن لاعبو الجزائر معروفين للعالم، لأن القانون آنذاك في بلادهم كان يمنع احتراف من هم أصغر من 28 سنة، قبل أن يتم تعديل القانون عقب نهاية المونديال مما أتاح المجال لنجوم مثل رابح مادجر بالاحتراف. التصريحات الألمانية المتعجرفة لم يتم تفسيرها في المعسكر الجزائري على أنها تصريحات كرة قدم، فقد نسي الألمان بأن المنتخب الجزائري يمثل قضية وطنية هناك، فالجيل السابق لهذا المنتخب ضحى بكرة القدم والاحتراف في فرنسا لينضم إلى المقاومة في وجه الاحتلال طالبين حرية البلاد، فتم اعتبار تلك التصريحات إهانة للشعب الجزائري وتضحياته، لذلك كان لا بد من رد على قدر الذنب. خيخون شهدت على الملحمة الجزائرية، فبعد انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي، تقدم رابح مادجر للخضر، لكن رومينجه سجل التعادل في الدقيقة 67، وعن تلك اللحظة اعتراف صاحب الهدف الألماني بعد ذلك أنه ظن فريقه في طريقه للفوز، وإعادة الأمور إلى نصابها المتوقعة بالنسبة لهم. دقيقة واحد فقط بعد هدف رومينجه كان الرد الجزائري المزلزل، فجاء رد لخضر بلومي مدوياً معلناً فوز الجزائر 2-1. المباراة المؤامرة: في الخامس والعشرين من يونيو 1982، التقت المانيا الغربية مع النمسا، ورغم مفاجأة الجزائر فإن المانيا بقيت المرشحة للفوز، والدليل أنها وصلت بعد ذلك إلى المباراة النهائية، لكن المشكلة لم تكن بفوز المانيا 1-0، بل بطريقة فوزها. فبعد أن أحرز هورست روبيش هدفا في الدقيقة العاشرة، أصبحت المباراة شيئاً من العار على كرة القدم، فقد توقفت المباراة عن اللعب، وغابت الحيوية من الطرفين، لم تبدُ النمسا مهتمة بتعويض النتيجة، كانت مجرد تمريرات بين اللاعبين ومحاولات خجولة للتصويب نحو المرمى. أثناء المباراة قال المعلق على التلفزيون النمساوي "هذه فضيحة كروية، هذا عار، قولوا ما تريدونه عني لكن هذه هي الحقيقة"، وأدان تلفزيون المانيا الغربية ما يجري في الملعب وطلب من المشاهدين إغلاق التلفاز، ووصفت بعض الصحف الألمانية منتخب بلادها بالمافيا والعصابة.اللاعب الألماني في تلك البطولة هانس بيتر بريغل اعترف بالفضيحة لاحقاً، وأوضح قائلاً "النمسا كانت تعرف بأننا قادرون على الفوز، وعندما سجلنا هدفاً مبكراً، كانوا أمام خيار المعاندة وبالتالي تسجيل هدفين آخرين وإخراجهم من البطولة، أو الاكتفاء بالنتيجة التي تؤهل كلينا، فاكتفى الطرفان بالتمرير وجعل الدقائق تمر" النازية تعود للنمسا! أطلقت فئات متعاطفة مع المنتخب الجزائري على الحادثة اسم "أنشلوس"، وهي المعركة التي ضمت بموجبها المانيا النازية النمسا إلى سيطرتها عام 1938، علماً أن المعركة كانت سلمية، وتم تشبيهها لأن النمسا خضعت للألمان وأعطتهم التأهل والصدارة من دون أي مقاومة. القصة استمرت حتى عام 1986: في عام 1986 أوقعت القرعة الجزائر مع كل من البرازيلوايرلندا الشمالية واسبانيا في مجموعة واحدة، وكان الإسبان يشعرون بالخجل لأن المؤامرة تمت على أراضيهم، وبعد خسارة الجزائر أمام البرازيل وتعادلهم مع ايرلندا الشمالية، كان التعادل مع اسبانيا يؤهلهم إلى الدور الثاني بسبب نظام أصحاب أفضل مركز ثالث المطبق في تلك البطولة. حارس مرمى الجزائر في مونديال المكسيك العربي الهادي قال "عرضت اسبانيا علينا ترتيب النتيجة، مؤكدة وعد البرازيليين اللعب بكل قوة كي يهزموا ايرلندا الشمالية ونضمن التأهل".هذا العرض الإسباني تم رفضه جزائرياً وجاء الرد "الكبرياء الجزائري والأنفة الجزائرية ترفض التآمر". صحيفة الجارديان وصفت نهاية القصة الأولى ما يؤكد صحة موقف الجزائر في 1986قائلة "في عام 1982 خرج الجزائريون بكل عزة كرامة، وتأهلت النمساوالمانيا بعار وقلة احترام".إلى هنا لم تنته الحكاية .. فاليوم لها سيتم كتابة أسطر جديدة فيها بين المانيا بعد اتحادها، والجزائر بعد تأهلها.