استمتع عشاق الفن الأصيل الذين توافدوا ليلة أول أمس على قصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة بالحفل الموسيقي "شهرزاد" الذي قدمته الأوركسترا السانفونية الوطنية بقيادة المايسترو الجزائري أمين قويدر والتقت فيه روعة الموسيقى العالمية الكلاسيكية بكلمات وألحان الطرب الأندلسي. وبعد الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح ضحايا حادث سقوط الطائرة الإسبانية بمالي وضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة استهل الفنان فؤاد ومان هذا الحفل بعزف جميل على العود رافقته فيه الراوية عفاف فنوح بأشعارها المعبرة المستوحاة من حكايات "ألف ليلة وليلة" والتي تغنت فيها بالحب والحياة والسلام وروحانية شهر رمضان. وبحضور جمهور معتبر تتقدمهم وزيرة الثقافة نادية لعبيدي افتتحت الأوركسترا حفلها -الذي امتد لساعة من الزمان- بتوشيا سيكا أدى لها التوزيع الموسيقي حسين بويفرو قبل أن يمتع فنان الأندلسي القدير والمحتفى به مقداد زروق الحاضرين بنوبة سيكا التي أدى لها التوزيع رشيد صاولي فغنى لهم وفي يده الكمان "سلطان الربيع أقبل"و"هلال بان" و"يا من درى من نعشه". وفي الجزء الثالث والرئيسي من الحفل قدمت الأوركسترا رائعة "شهرزاد" المعزوفة السانفونية العالمية من القرن التاسع عشر التي تعد من أشهر أعمال الموسيقار الروسي نيكولاي ريمسكي كورساكوف (1844-1908) والتي كتبها بسان بطرس بيرغ في 1888 مستوحيا إياها من حكايات "ألف ليلة وليلة" الشرقية الأسطورية. وبمشاركة الراوية عفاف في دور "شهرزاد" وبمرافقة فؤاد ومان على العود الذي أدى معنويا دور "شهريار" بالإضافة لحسين بويفرو على الزرنة أبدعت الأوركسترا في أداء هذه المتتالية السانفونية بحركاتها الأربعة "البحر وسفينة السندباد" و"الأمير الكالنداري" و"الأمير الشاب والأميرة الشابة" و"احتفالات في بغداد" والتي ميزها أيضا الأداء الرائع لعازفة الكمان فيرا آيت طاهر. وفضلت الأوركسترا أن تختتم حفلها بموسيقى فيلم "الرسالة" -الذي أخرجه السوري مصطفى العقاد في 1977- وهي من إبداع الموسيقار الفرنسي الشهير موريس جار وهذا احتفاء بليلة السابع والعشرين من رمضان قبل أن تتبعه بأنشودة "طلع البدر علينا" رفقة كورال عزيز حامولي فكانت لحظات موسيقية نادرة صفق لها الحضور كثيرا. وتحت طلب الجمهور أعادت الأوركسترا قبل نزولها من على المسرح تقديم أدائها الراقي للحركة الرابعة لسانفونية كورساكوف "احتفالات في بغداد" ميزها خصوصا صوت الدفوف وعزف حسين بويفرو على الزرنة. يذكر أن المايسترو أمين قويدر سبق له وأن قاد حوالي 25 أوبرا وعدة أجواق سانفونية عبر العالم على غرار الأوركسترا الفيلهارمونية لستراسبورغ (فرنسا) وأوركيسترا كابيلا لسان بطرس بيرغ (روسيا) وأوركسترا الأوبيرا الوطنية لبوخاريست (رومانيا)وأوركسترا ريكيافيك (إيسلندا) وغيرها. كما عين أمين قويدر -وهو من مواليد الجزائر العاصمة في 1967- في 1998 كمدير فني للجوق والأوركسترا الفيلهارمونية الدولية لليونسكو وفنان اليونسكو من أجل السلام كما كان له الفضل في إعادة افتتاح أوبرا الجزائر في 2001 والتي أشرف على تسييرها إلى غاية 2005 بالإضافة لتأسيسه في 2012 للأوركسترا السانفونية الجزائر-فرنسا التي ضمت موسيقيين جزائريين وفرنسيين.