التقشف الذي رافق المعرض الدولي للكتاب بالجزائر في طبعته العشرين وضاقت به دور النشر بدا واضحا من خلال قلة العناوين الصادرة حديثا وغياب ما يشد الاهتمام ويجلب القارئ بالإضافة إلى اعتذار مشاهير الأدب عن الحضور. روبورتاج: لمياء العالم حضر الناشرون وغاب جديدهم بدا الصالون الدولي للكتاب الذي يختتم أمسية اليوم بائسا يكاد يخلو من كل ما هو جديد وما هو مبهر فمثلا دار الشروق المصرية التي عودتنا بالجديد تحضر هذه السنة بسلسلة رضوى عاشور فقط وركزت على أعمال نجيب محفوظ لإقبال القارئ الجزائري عليها. بينما حضرت دور النشر المختلفة بإصدارات قديمة لكتاب معروفين لم تملأ رفوفها كالعادة بسبب الذائقة المالية كدار الشروق الجزائرية التي لم تصدر أي جديد في هذه الطبعة. كتاب التاريخ" السيد" في الأجنحة الجزائرية ركزت أغلب دور النشر الجزائرية في الصالون الدولي للكتاب على كتب التاريخ وسِير أهم الشخصيات السياسية في البلاد، كدار القصبة ودار هومة ودار الاختلاف ودار كوكو ومن أهم العناوين "خصومات تاريخية" بين أهم الشخصيات "مصالي، الدباغين" و"بن بلة، عبان" و"بن بولعيد، وعجلون" و"بن صدوق وشكال" وكتاب بلعيد عبان ابن عم الشهيد عبان رمضان "عبان في قلب العاصفة" وكتاب "الجزائر في التاريخ " لعثمان سعدي بينما ركزت دور نشر أخرى على الرواية ومواضيع الساعة "اغتيال عقول. . . . اغتيال أوطان". .. كتب باهضة الثمن والسبب ارتفاع قيمة الدولار أشعلت أسعار الكتب خاصة الأجنبية النار في جيوب الزائرين والتي لا يقل سعرها عن 1000 دينار، حيث طغى هذا الغلاء على حديث رواد المعرض الدولي للكتاب، داعين دور النشر، خاصة الأجنبية منها إلى تخفيض الأسعار ليتمكّنوا من اقتناء الكتب التي يرغبون في الاطلاع عليها، فضلاً عن كون الأسعار المخفضة ستعمل على تشجيع ورفع نسبة القراءة. فيما عزا ممثلو دور نشر الارتفاع في الكتب، إلى الغلاء الذي طال كل شيء بدءاً من أسعار الشحن والإقامة وقيمة الإيجار للجناح و ارتفاع سعر الدولار والأزمة الاقتصادية. .. دور نشر تبيع بالجملة خفية ومقص الرقابة "يضيع"
أثناء جولة الحياة العربية بالمعرض لاحظت بعض أصحاب المكتبات قد اقتنوا كتبا بالجملة وهنا يطرح التساؤل: أين هي الرقابة وكيف تمكن هؤلاء بالخروج بهذه الكتب من المعرض مع العلم أن أعوان المراقبة منتشرين عبر جميع المداخل؟، وكيف أمكن لدور النشر أن يخالفوا القانون الداخلي للصالون بالرغم من العقوبات المشددة عليهم والتي يترتب عليها تشميع الجناح ومنعهم من المشاركة في الطبعات المقبلة للمعرض؟. دار النشر السورية "الرشيد" كانت الوحيدة التي شمع جناحها بعدما تم ضبطها تبيع بالجملة بالإضافة إلى بيعها كتباً تشيد بالجيش السوري الحر والحركات المسلحة التي تقاتل الجيش النظامي في سوريا. كما سجل المعرض تجاوزات أخرى كعرض كتب عن الصحراء الغربية تخدم السياسة المغربية وكتب تدعو للطائفية والمذهبية وكتب عن الربيع العربي بالإضافة إلى بعض العناوين أحدثت ضجت عبر المواقع الاجتماعية " كيف تعلم ابنك الحمار بدون تكرار". .. مشاركة هزيلة لضيف شرف الصالون يبدو أن حضور فرنسا كضيف شرف للصالون الدولي للكتاب لم يرق للكثيرين خصوصا وأن هذا الحدث الثقافي تزامن مع احتفال الجزائر بعيد الثورة، وقالوا أنه ليس على فرنسا فقط أن تعيد لنا مدفع بابا مرزوق فقط بل لابد لها أن تعترف رسميا بالجرائم الشنيعة التي ارتكبت في حق الشعب الجزائري إبان الاستعمار، ومن بين المعترضين كان الكاتب والوزير الأسبق، محيي الدين عميمور الذي قال أن حضور فرنسا في معرض الكتاب السنوي في الجزائر بصفتها ضيف شرف، كان بطلب منها، وتعبيراً عن رغبتها في إعادة إحياء أمجاد الثقافة الفرنسية في المجتمع الجزائري الذي أخذته العالمية بعيداً عن الفرنسية. فرنسا لم تصنع الحدث في الصالون الدولي بل كانت مشاركتها هزيلة مقارنة بما تملك من كتاب مشهورين وعناوين جديدة.
.. جناح القصبة يعيد "ربراب" إلى الواجهة
بعد الضجة الإعلامية التي أُثيرت مؤخرا حول رجل الأعمال الأول في الجزائر يسعد ربراب جاءت دار القصبة في هذا الصالون لتمجد مسيرة ربراب من خلال كتاب بنسختيه العربية والفرنسية "يسعد ربراب" طموح كبير، بداية متواضعة والمضي بسرعة لكاتبه طيب حفصي. ضم هذا الكتاب قصة الملياردير الشهير "يسعد ربراب" مع النجاح والمال، وكيف جعل المستحيل ممكنا والأحلام حقيقة. وقال ربراب خلال سرد حياته للكاتب أنّ التفاؤل والعزيمة والإرادة، هو السلاح الوحيد أمام صاحب "فكرة وحلم" من أجل الوصول لمراده وأهدافه، وأن لا مستحيل أمام الاجتهاد والعمل والتخطيط. كما عرض الملياردير الجزائري، جانبا من تجربة مجمع "سفيتال" وكيف تحوّل إلى أحد أكبر المجمّعات على المستوى الإقليمي،وأصبحت منتجاته تغزوا دولا بأكملها وتتعدى الحدود الجزائرية لخارج الوطن وقدّم ربراب مجموعة من النصائح من أجل النجاح، مستلهما إياها من تجربته الخاصة، حيث ذكر بمقولة سمعها عن والده: "لا تأكل أكثر من طاقتك ولا تبذر ولو حبة قمح". . معتبرا أن النجاح يُختزل بالنسبة إليه في عنصرين أساسيين هما "إعادة استثمار كل الأرباح والبحث الدائم عن الجديد". ربراب، لم يكشف بالتفصيل عن تجربته المثيرة، والتي أصبحت مصدر دراسات تفرد لها الكتب والمنشورات، حيث وفي نظرة سريعة على كتاب يسعد ربراب يكشف ببساطة كيف تحوّل ربراب من مجرد مسيّر مؤسسة صغيرة ببدايات وإمكانيات بسيطة، إلى أغنى رجل في الجزائر وصاحب أول وأكبر شركة خاصة على المستوى الوطني. بداية ربراب كانت سنة 1968عندما أسس مكتب خبرة في المحاسبة، قبل أن يعرض عليه احد زبائن المكتب سنة 1971 أن يدخل معه شريكا في مؤسسة صغيرة تعمل في مجال تحويل الحديد. كانت هذه الشركة تتكون من خمسة شركاء وخمسة عمال مبتدئين، حيث دفع ربراب مبلغ 27000 دينار مقابل حصوله على 20 في المائة من الأسهم ولكنه احتفظ بمكتب المحاسبة لأن راتب الشركاء لم يكن يتجاوز 400 دينار شهريا" هكذا كانت بداية ربراب، بداية كالصغار. وفي وقت قياسي كبرت تلك الشركة حيث أصبحت توظف 65 عامل، وفي سنة 1974 قرر شركاء ربراب الانسحاب من الشركة "كانوا يخشون التأميمات، ففضلوا عدم المغامرة". وهكذا أسس ربراب أول شركة له سنة 1975 هي بروفيلور التي بدأت نشاطها بأربعة موظفين فقط وبعد أربع سنوات فقط باتت توظف 200 عاملا. واستغل ربراب نجاح بروفيلور لشراء عدة شركات أخرى كلها في مجال تحويل الحديد، ودخل ربراب نادي كبار رجال الأعمال سنة 1988 حين قرر إنشاء شركة ميتال سيدار التي بدأت الإنتاج سنة 1992 لتكون بذلك شركة ميتال سيدار الشركة الخاصة رقم واحد في الجزائر في سنة 1995 ومع تحرير مجال التجارة الخارجية، دخل ربراب مجال استيراد السكر وبدأ يشتري بواخر السكر ويحقق أرباحا مذهلة قبل أن يتحول إلى أهم وأكبر مستورد للسكر في الجزائر. وبعد مدة اقتنع ربراب بأنّ مجال الاستيراد لا يليق به، وأنّ عليه التفكير في مشروع آخر، قبل أن يقرر الدخول في مجال الصناعة، وبالضبط صناعة زيت المائدة، باعتبار أنّ هذه المادة الأولية كانت نادرة بشكل كبير في فترة ما بين 1997 و1998، حيث وفي هذه السنة الأخيرة دخل مصنع الزيت بميناء بجاية طور الانجاز، وبدأ ربراب يخط طريقه في مجال جديد. وبذلك، تحولت الجزائر من بلد يستورد الزيت إلى بلد يصدر الزيت، ودفع ذلك بربراب إلى خلق وحدة إنتاج المارغرين وكذلك وحدة تكرير السكر، حيث تعتبر هذه الوحدة أكبر مصنع لتكرير السكر في العالم بطاقة إنتاج تصل إلى 1. 8 مليون طن، 50 في المائة من إنتاج هذا المصنع يوجه للتصدير. شركة سفيتال، تعبر اليوم من أضخم وأكبر الشركات في الجزائر، بل على المستوى الإقليمي، وتنمو سيفيتال بنسبة 50 في المائة سنويا ودفعت إلى خزينة الدولة مثلا من 1999 إلى 2006 أكثر من 49 مليار دينار. الكاتب أراد أن ينقل تجربة يسعد ربراب إلى الشباب أصحاب المؤسسات المصغرة حتى يدفعهم قدما إلى الاستثمار في بلدهم والمضي قدما وعدم الفشل أمام المطبات التي تعترضهم. .. بلعيد عبان يثير الجدل من جديد بكتابه "غيوم فوق الثورة. . عبان في قلب العاصفة" عاد بلعيد عبان من جديد إلى الصالون الدولي للكتاب ليكشف تفاصيل جديدة عن مقتل ابن عمه الشهيد عبان رمضان في كتاب عنونه " عبان في قلب العاصفة" الكتاب يكشف جوانب جديدة عن حياة ابن عمه عبان رمضان وحقيقة وفاته، وكيف منع زيغود يوسف كافي من حضور مؤتمر الصومام، وأن الأخير هاجم عبان رمضان بدل زيغود يوسف. ذكر في كتاب الأسباب الخفية للحقد"، أن الحملة التي استهدفت مهندس مؤتمر الصومام "كانت تخفي كثيرا من الحقد وقليلا من الاختلاف الإيديولوجي". جاء في كتاب الدكتور بلعيد عبان، الصادر عن منشورات "كوكو" بالجزائر، أن مالك بن نبي ليس أهلا لأن ينتقد عبان رمضان. وكتب أن بن نبي يعد دخيلا على الثورة التحريرية. وقدم "دلائل تاريخية" تثبت أن بن نبي "كان متواطئا مع النازية، وعمل في ألمانيا كعامل متطوع، وخدم إدارة فيشي الموالية للنازية بفرنسا لمدة سنتين، فحكمته فرنسا الحرة ووضعته في السجن مدة سنتين بسبب التواطؤ مع النازية". ويعتقد بلعيد عبان "أن مالك بن نبي لم يشن حملة لتشويه عبان لوحده بل تجرأ على التطاول على مصالي الحاج في وقت سابق، بعد أن كتب أن الشعب الجزائري قابل للاستعمار". واعتبر عبان كتاب بن نبي "وجهة العالم الإسلامي" بمثابة كتاب انهزامي. وكتب بلعيد عبان أن "علي كافي اتهم عبان بفتح قنوات اتصال مع العدو الفرنسي زورا، فقام بتقديم هذه الحجة الواهية من أجل تبرير اغتياله من قبل رفاقه بوصوف وبن طوبال وكريم بلقاسم الذي تراجع في آخر لحظة". وأرجع المؤلف ما أسماه حقد علي كافي على عبان إلى "إزاحته من حضور أشغال مؤتمر الصومام سنة. "1956 ويعتقد المؤلف أن كل هؤلاء الذين وقفوا ضد عبان رمضان، كانوا في الحقيقة ضد المشروع الديمقراطي والعصري الذي كان يريده أنصار مؤتمر الصومام وقال أن عبان كان يكافح من أجل أهداف سياسية تخدم الوطن أما من وقفوا ضده فكانوا يكافحون من أجل الحكم.