التحضيرات الأولية واجتماعات التنسيق ستنطلق قبل نهاية شهر مارس 400 مسرحي عربي يشاركون في دورة الجزائر الجزائر لها مطرح في القلب لا يدانى لأنها مدرسة نضالية تحررية كشف غنام صابر غنام المكلف بالاتصال على مستوى الهيئة العربية للمسرح، أن الجزائر ستكون الدولة الحاضنة لفعاليات الدورة التاسعة من مهرجان المسرح العربي المزمع تنظيمها في جانفي 2017، وذلك بعد اتفاق تم بين الأمين العام للهيئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي ولخضر بن تركي مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام. وأشار إلى ان التحضيرات الأولية واجتماعات التنسيق ستنطلق قبل نهاية شهر مارس الجاري، كما تحدث غنام غنام في حواره مع الحياة العربية عن أهمية مهرجان المسرح العربي في خارطة المهرجانات العربية، وعن معايير المشاركة به وعن أهميته الهيئة في خلق مسرح عربي جديد ومتجدد. _بصفتك من مؤسسي الهيئة التي تشرف على تنظيم مهرجان المسرح العربي الذي يعد من أهم المهرجانات التي تنظم على مستوى الوطن العربي، برأيك كيف استطاع ان يكتسب هذه الأهمية رغم أنه لا يزال مهرجانا فتيا؟ تجوال المهرجان وانعقاد كل دورة في دولة مختلفة، وهو بذلك هدية لا تقدر بثمن تنالها مدينة عربية مختلفة في كل عام، محملة بأفضل ما توفر عليه المشهد المسرحي العربي من معارف وعروض وورش تدريب، ومئات الفنانين المسرحيين المشاركين في المهرجان، هذا كله يعمل على تفعيل المشهد في البلد المضيف وإثراء محتواه، ويزيد من فرص التفاعل بينه وبين المشهد المسرحي العربي العام، لقد جعلت بعض الدول المضيفة المهرجان حدثاً وطنياً غطى كامل التراب الوطني كما حدث في الدورة السابعة في المغرب أو الثامنة في الكويت وانتقل المهرجان بعروضه لمدن عديدة كما حدث في لبنان. بالإضافة إلى النقد الذاتي والموضوعي الذي تمارسه الهيئة على عملها ودورات المهرجان، فالهيئة بعد إنجاز كل مشروع أو دورة تقف أمام تقرير شامل لها، وتضع يدها على مكامن القوة والنجاح وعلى مكامن الإخفاق دون مواربة، وتعمل على تجاوزها إيجابياً في الدورة الموالية، فعلي سبيل المثال كانت الدورة الأولى من المهرجان التي عقدت في القاهرة في عام 2009 مهمة كنقطة انطلاق، لكن شابها الكثير من الإرباك في ترشيح العروض للمشاركة من قبل وزارات الثقافة حيث كانت هي المعنية بترشح العروض من بلدانها، وفي الدورة الثانية عام 2010 والتي عقدت في تونس جاءت الترشيحات ضعيفة مما دفع بالهيئة إلى الاكتفاء بأربع عروض تونسية، وهنا كانت الانعطافة نحو فتح باب التقدم للجميع وليس من خلال الوزارات وبالتالي تم اختيار العروض بشكل حر، وبدأت الهيئة بتوفير الدعم لوصول العروض المتأهلة للمهرجان، وقد حدث هذا في الدورة الثالثة التي عقدت في بيروت عام 2011، وأما التحول الكامل نحو ضبط المشاركات فقد بدأ تطبيقه في الدورة الرابعة 2012 التي عقدت في الأردن، حيث قامت لجنة عربية بمشاهدة تسجيلات العروض المتنافسة وتأهل منها الأفضل، وعزز هذا الاتجاه إطلاق جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي (النسخة الأولى)، هذا إلى جانب الانفتاح الحقيقي على المسرحيين العرب وبنفس القدر، حيث لا حاجز ولا اعتراض على أحد طالما يعمل من أجل تقدم الحركة المسرحية، بكل شفافية وبكل ثقة، كل ذلك جعل المسرحيين العرب من مختلف الأجيال يحجون لهذا المهرجان كمناسبة تشكل خلاصة الحراك المسرحي العربي على مدار عام ولا أدل على ذلك ما تحقق في الدورات الثلاث الأخيرة من مشاركة الأسماء المخضرمة إلى جانب الأسماء الشابة في مجايلة تبعث على الطمأنينة. .. ما الذي عزز ثقة المسرحين العرب في هذا المهرجان؟ الحياد الإيجابي تجاه كل المشارب والاتجاهات المسرحية العربية، فقد يقال كيف يكتسب الحياد الإيجابي هذه الأهمية، وهنا أقول فقط أنظر إلى الخارطة السياسية العربية لتعرف مدى صعوبة التعامل مع (جهات مسرحية تخضع لآثار التناحر السياسي والاقتتال)، كيف تحمل معك 400 مسرحي للبلد العربي دون اعتراض ومنع يمارسان في نفس الوقت على باقي فئات المواطنين، كيف تقدم 16 عرضاً مسرحيا دون أن تخضع لرقابة مسبقة إلا من خلال تأهلها، نعم فنحن نعتز بأننا استطعنا بكل الثقة أن ننتقل بمئات الفنانين متجاوزين من خلال ثقة الدول المضيفة بنا أي احتمالات للمنع أو الاعتراض، هذا من ناحية الحضور، وأسجل هنا أن المؤتمرات الفكرية تشهد آراء ووجهات نظر تطرح التناقض والجدل كحالة صحية للتنوع والاختلاف الفكري والجمالي، كما نسعى بشكل كبير إلى تجديد الأسماء فلا تتكرر في المشاركات، إلى جانب الجدية والصرامة في تطبيق معايير جودة الأعمال المؤهلة للمشاركة، وذلك من خلال ما تقدم، مضافاً إليه الالتزام وعدم الخرق مما يولد الثقة التي تزداد يوماً بعد يوم في طرق عمل الهيئة في تنظيم المهرجان، كما أننا نبث كل فعالياتنا (أون لاين) لتكون بين يدي الجميع في مختلف أنحاء العالم، وهذه شفافية محمودة. _من تقاليد المهرجان ان يتم الإعلان عن اسم الدولة التي ستكون حاضنة لدورته القادمة في ختام أي دورة منه، لماذا استثنت هذه الدورة هذا التقليد؟ ومن هي الدولة التي ستكون محطته القادمة؟ وأين وصلت التحضيرات الخاصة بذلك؟ نعم لقد أدرج المهرجان ومنذ الدورة الخامسة تقليد الإعلان في ختام دورته مكان انعقاد الدورة الموالية، ففي الخامس أعلنت السادسة في الشارقة، وفي السادسة أعلنت السابعة في الرباط، وفي السابعة أعلنت الثامنة في الكويت، وفي الثامنة لم يتم الإعلان رغم أن الاتفاق كان قد تم أثناء المهرجان مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام في الجزائر لتكون الدورة التاسعة في الجزائر، لكن تفصيلة صغيرة ومهمة في علاقة الهيئة برئيسها الأعلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حالت دون ذلك، فصاحب السمو بأبوية يتعامل مع الأمين العام للهيئة، ولذا فقد اعتاد الأمين أن يتواصل مع سموه لأخذ كلمة (على بركة الله) منه وكان صاحب السمو على سفر فلم يتمكن الأمين من ذلك، وهذا حال دون الإعلان، وكان السيد لخضر بن تركي مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام قد حضر للكويت خصيصاً ووقع الاتفاق مع الأمين العام، ونعدكم بدورة مميزة في الجزائر لأن الديوان الوطني و مديره بن تركي يبشران بذلك، وسيشهد شهر مارس في نهايته أول اجتماعات التنسيق على أرض الجزائر. _من شروط المهرجان أن تكون العروض المقدمة ناطقة باللغة العربية الفصحى، لكن ما شاهدته الدورات السابقة أن معظم العروض المشاركة قدمت باللهجات المحلية، هل هذا يعني أن الفصحى لا محل لها في المسرح العربي؟ إن الهيئة العربية للمسرح معنية بالسوية الفنية للعروض، والأفضلية للناطقة بالفصيحة تسهيلاً للتلقي في كل أنحاء الوطن العربي، اللغة العربية مفهومة بيسر وسهولة لثلاث مائة مليون، بينما العامية هي محلية بامتياز، والأفضلية هنا عندما تتساوى السوية الفنية بين عرض بالفصحى وآخر بالعامية، لكن إن كان عرض العامية بسوية أعلى فنياً فلا يمكن تجاوزه، لذا جاءت شروط المشاركة بشرط الأفضلية، من هنا فإن نتاج العروض بالدارجة أو العامية كان متفوقاً في الدورات الماضية. _تنظم الهيئة على هامش المهرجان مسابقة التأليف المسرحي للصغار والكبار، هل فكرتم في تجسيد النصوص المتوجة على ركح،لتزيد في تحفيز المواهب؟ مسابقة التأليف المسرحي شأنها مستقل تماماً عن شأن المهرجان، تنطلق في فيفري وتعلن نتائجها في أكتوبر، لكننا ومن باب توطيد العلاقة بين المسرحيين وكتاب النص المسرحي نقوم بتكريمهم ضمن فعاليات المهرجان، أما بالنسبة للإنتاج فهو أمر مؤجل في خطط الهيئة، لأن الأولوية للتأهيل والنشر والتوثيق، لكننا سنقوم بقراءات مسرحية للنصوص الفائزة في الدورة التاسعة، كما كنا قد عقدنا ورشة للكتاب الفائزين في الدورة الخامسة و كانت بعنوان (النص بعد التأليف). _هناك الكثير من الدول العربية اليوم تعاني أزمات وصراعات سياسية ومن حروب داخلية، هل تفكر الهيئة في الوصول إلى هذه الدول وأن تكون إحدى محطاتها القادمة، باعتبار أن من أهداف الهيئة هو تحقيق السلم والأمن الاجتماعي والإنساني؟ لا بد من التأكيد على أن الهيئة لم تقاطع ولم تنقطع عن أي من الدول التي تجتاحها الصراعات، ودعمنا فيها ورش ومهرجانات محلية، وشاركت فرق بأعمال مسرحية وفازت، لكن أن نعقد مهرجاناً بضخامة مهرجان المسرح العربي في منطقة صراع، فهذا لا يمكن أن يحدث لأن المغامرة غير المحسوبة تأتي بضد الأهداف النبيلة. _تغيب بعض الدول العربية في المهرجان، هل هذا راجع إلى لجان الاختيار الذي تكلفهم الهيئة في انتقاء العروض ببلدانهم، أم لضعف مستوى الأعمال المسرحية بها؟ لا غياب لفناني أي دولة في المهرجان، كل الدول ممثلة بفنانيها حاضرة و في كافة فعاليات المهرجان ما عدا العروض التي تتأهل بالتنافس ويتم اختيار الأجود دون النظر إلى الدولة التي ينتسب إليها. _الهدف من أي مهرجان هو الدفع بالحركة الثقافية والفنية إلى مسار أفضل، هل حقق مهرجان المسرح العربي ذلك؟ أو بالأحرى كيف تقيم تجربة مهرجان المسرح العربي؟ إن ما تقدم من إجابات على الاسئلة السابقة تحمل جواب هذا السؤال ضمناً، المهرجان كما تفضلت أنت في أول سؤال بات مهماً على الخارطة العربي بل هو الأهم، وأراه يسير في الطريق السليم وقابلاً للتطور والتميز ليساهم في خلق مسرح عربي جديد ومتجدد. _بالعودة إلى الهيئة ومشاريعها التي تسعى إلى النهوض بالمسرح العربي، قامت الهيئة مؤخرا بتجسيد مشروع "إستراتجية تنمية وتطوير المسرح المدرسي في الوطن العربي، أين وصل هذا المشروع؟ وماذا عن مراحله القادمة منه؟ إن مشروع تنمية و تطوير المسرح المدرسي في الوطن العربي يشكل الآن أهم مشاريع الهيئة خلال السنوات العشر التي انطلق منها أي من 2015 إلى 2024، وتنفيذ الخطة العاجلة المتمثلة بانجاز الاستراتيجية و دليل المسرح المدرسي العربي وهو الأول من نوعه ، وكذلك اتفاقات وتفاهمات مع وزارات التربية العربية أمر تم ويجري العمل عليه، كذلك نقوم بتأهيل المدربين والمدرسين وهي عملية تجري على قدم وساق. _هل من مشاريع مستقبلية للهيئة ؟ كل مشاريع الهيئة مستقبلية، فاستمرار العمل بالنشر ومسابقة التأليف والمسرح المدرسي ومهرجان المسرح العربي، والتوثيق و إنشاء مركز عربي من أجل ذلك، والتأهيل وإنشاء مركز قار في الشارقة، وملتقى العرائس والفرجة الشعبية سيطلق دورته الرابعة في أفريل القادم والسوق العربية لفنون العرائس سيطلق نسخته الأولى هذا العام في الشارقة وتطوير العمل الإعلامي الإلكتروني وزيادة فعالية شبكة السينوغرافيين والمسرحيين العرب في المهجر وشبكة العلوم النظرية وشبكة الإيماء كلها مشاريع انطلقت ومستمرة وفي حالة من التنامي. _سيتم تكريمك في الجزائر للمرة الثانية وذلك خلال الطبعة الأولى لمهرجان" ليالي الصحراء" الذي ستحتضنه ولاية أدرار أكتوبر القادم، ماذا يمثل لك هذا التكريم؟ إن التكريم شيء يثلج صدر الكادح المسرحي الذي بدأ رحلته عام 1984، ويمثل محطة يرى فيها تقدير المسرحيين لمنجزه، هذا بشكل عام، لكن التكريم من الجزائر وفي الجزائر فهو شرف وتكريم مضاعف، فالجزائر لها مطرح في القلب لا يدانى لأنها مدرسة نضالية تحررية، والمسرح الجزائري له في ثقافتنا ومنجزنا مكانة خاصة رفيعة، كل هذا يتوج بتكريمي باسم فلسطين التي احملها انتماء وجذوراً ولا أحملها جنسية، هي عنوان وجودي وغاية مرادي وكلمة السر والعلن في كل ما أنجزت من مسرحي… التكريم الثاني من الجزائر هي تأكيد لي على أن ما اقترفته من مغامرات كانت تعتبر متهورة في وقت ما كانت سلمي للجزائر، في المرة الأولى سلمني التكريم شيخنا الراحل بن قطاف، وفي هذه المرة فإن أي طفل في صحراء الجزائر قمين بأن يسبغ علي هذا الشرف. كلمتك الأخيرة؟ هي صلاتي للمسرح؟ شكراً لك سيدي، منبع عذاباتي المقدسات، وسر بهجاتي النبيلات، ألمي لأنك جعلتني شفيفاً، وأملي لأنك جعلتني شغوفا، و قسوتي لأنني أخاف عليك، وشجاعتي لأنني أخاف منك، واقترابي من البعيد وابتعادي عن القريب حين صرت بوصلتي، إيماني وضلالتي، غيي ورشدي، قيدي وحريتي وقدري الذي جاء بي وذهبت به، صليبي وحبيبي، شكراً لك أيها السيد النبيل، أيها المسرح.