جاء “الداربي“ القسنطيني ليؤكد مرة أخرى ليؤكد أن كرة القدم لا تعترف بالمعطيات التي توجد على الورق ولا بالتحليلات التي تسبق اللقاء والحديث الذي لا يأتي بأي فائدة. أين شاهدنا فريقا يلعب بأحد عشر مدافعا على الرغم من أنه قام بالمستحيل من أجل تحضير فريق في المستوى يستطيع من خلاله العودة إلى الرابطة المحترفة الأولى وخسر الكثير من الأموال على طاقمه الفني. والغريب في الأمر أن هذه “التبهديلة” الكبيرة كانت أمام فريق جمع لاعبيه في أقلّ من أربعة أيام وعلى الرغم من ذلك فإنه تفوّق في أغلب فترات اللعب وكان سدّا منيعا إضافة إلى تفوّقه على “الموك“ في الترتيب العام وبفارق كبير وصل خمس نقاط ... مدرب برازيلي من الطراز العالي ومساعد بشهادة “كاف” كانت بداية الطريق باختيار مدرب برازيلي كفء جاء إلى الفريق بعد وساطة من أحد المقرّبين من إدارة النادي وصار اليوم العمود الفقري ل “الموك“، إضافة إلى أنه تم استقدام مدرب مساعد يحمل شهادة “كاف” ويتكلم الإنجليزية من أجل إيصال الفكرة إلى اللاعبين، وهو ما حصل فعلا. استقدمت لاعبيها في مدة فاقت الشهر واستقدمت “الموك“ لاعبيها الذين هم اليوم في هذا الفريق في مدّة وصلت إلى شهر كامل قبل انطلاق البطولة، وهي المدة التي كانت كافية من أجل استقدام لاعبين لهم مستوى مقبول وسمعة جيدة مثل تواتي ومزياني وبورنان، وهو ما سمح للجميع بداية بالطاقم الفني بالعمل في أحسن الظروف من أجل تشكيل فريق جيّد يلعب على الصعود. “الموك“ حضّرت رّتين في تونس وبعدها قامت “الموك“ بتحضيرات في قسنطينة لمدة 15 يوما في ملعب الدقسي، أين وضع “ألفيش“ الخطوط العريضة التي تشكّل فريقه مستقبلا، قبل أن يقرّر التنقل إلى مدينة عين دراهمالتونسية التي لعب فيها أربعة لقاءات ودية أمام أندية القسم الوطني الأول، إضافة إلى أنه بقي قرابة 15 يوما في مركز التحضير الخاص بالأندية، كما عاد مجدّدا إلى نفس المركز قبل انطلاق البطولة بشهر تقريبا وأقام تربصا ثانيا لعب خلاله لقاءين وديين ساهما كثيرا في تحسين الفريق. واجهت سطيف، بجاية، عنابةوالعلمة في الجزائر كما أن “الموك“ قامت وفي إطار تحضيراتها التي أرادت من خلالها تشكيل فريق تنافسي، ببرمجة الكثير من اللقاءات الودية أمام أندية من القسم الوطني الأول، على غرار مولودية العلمة، وفاق سطيف واتحاد عنابة، وهي اللقاءات التي احتضنها مركب “الشهيد حملاوي“ في شهر رمضان المعظم، إضافة إلى بعض اللقاءات الأخرى أمام شبيبة بجاية في ملعب الوحدة المغاربية، وهي المباريات التي كانت تحضيرية للبطولة. ... وباجة وإفريقيا الوسطى في “عين دراهم“ وواجهت “الموك“ كذلك أولمبي باجةالتونسي الذي يدربه الجزائري رشيد بلحوت وهو بطل الكأس التونسية الموسم الماضي وقد جرى اللقاء في باجة نفسها، إضافة إلى أن “الموك“ لعبت لقاء وديا أمام منتخب إفريقيا الوسطى الذي ينافس الجزائر والمغرب على ورقة الترشّح إلى نهائيات كأس إفريقيا هذه السنة. “السنافر“ استقدموا فريقا في أربعة أيام وفي المقابل، كان وضع الشباب القسنطيني الفريق الأول في المدينة والأكثر شعبية في وضع لا يحسد عليه من خلال التأخر الكبير في عملية الاستقدامات، والسبب كان واضحا أين لم يتم اختيار رئيسا للنادي، كما أن تواريخ “الفاف“ أخلطت الأمور نوعا ما. وقد قامت الإدارة باستقدام 22 لاعبا في ظرف أربعة أيام، إضافة إلى شنيقر الذي كان الوحيد الذي جاء في الأخير. وعرفت العملية أشغالا كبيرة قبل أن يتشكّل هذا الفريق الذي يصنع أفراح عشرات الآلاف من سكان المدينة. التحضير في رمضان بملعب “الدقسي“ وكانت تحضيرات شباب قسنطينة عادية جدا من خلال التدرب يوميا في محمية “جبل الوحش“ الطبيعية وملعب “الدقسي“ المعشوشب اصطناعيا (الجيل الرابع)، كما أن الفريق لم يكن أمامه الوقت الكافي للقيام بتربص خارج الجزائر أو حتى داخلها، والمبادرة الوحيدة التي تكلمت عنها الإدارة في مدينة سطيف رفضها المدرب الهادي خزار وطاقمه الفني، على أساس أن اللقاء الأول الذي سيلعب كان في غرب البلاد ومن الصعب ضبط الأمور. طاقم فني محلي، مدرب فاز بالكأس وبطل إفريقيا كما أن إدارة الشباب بقيادة الرئيس السابق محمد بولحبيب اختارت مدربا من القسم الوطني الأول وهو الهادي خزار، الذي فاز بكأس الجمهورية مع شبيبة بجاية إضافة إلى أنه أنقذ العلمة الموسم الماضي من السقوط، كما أن الطاقم الفني المساعد كان في المستوى من خلال جلب بطل إفريقيا والجزائر السابق نور الدين بونعاس، وكذا سيلام صالح ودني فيصل مدرب الحراس، وهو الطاقم الفني الذي ساعد الفريق واللاعبين كثيرا قبل الوصول إلى ما هو عليه. .. حتى اللقاءات الودية أمام عين البيضاء، الشاوية وعين مليلة من جهة أخرى، فإن اللقاءات الودية التحضيرية التي لعبها الشباب كانت كلها أمام أندية من القسم الثالث وخارج قسنطينة. وكان أول لقاء لعب أمام اتحاد الشاوية في ملعب زرداني حسونة وعاد الفوز ل “السنافر“ بهدفين مقابل صفر، كما لعب الشباب لقاءات ودية كثيرة أمام جمعية عين مليلة، اتحاد عين البيضاء، شباب جيجل والكثير من الأندية الأخرى، وخرج في الكثير من المناسبات بإصابات كثيرة إلا أنه كان المستفيد الأكبر. النتيجة: الشباب رائدا ب17 نقطة و “الموك“ ملاحقا ب 12 وكانت الفرصة في الجولة السابقة من البطولة للقاء الغريمين التقليديين شباب قسنطينة ومولودية قسنطينة في مركب “الشهيد حملاوي“ وكل منهما يحمل في جعبته الكثير بعد صيف ساخن قضاه كلاهما، إلا أن الأمر الغريب هو أن مولودية قسنطينة الذي أعدّ العدة من أجل الدخول بقوة يتواجد الآن في المركز الرابع وهو مركز لا يعكس تماما المجهودات التي بذلها، أما الفريق الآخر شباب قسنطينة فيتواجد في المركز الأول وعلى بعد ثلاث خطوات عن أول الملاحقين رائد القبة وبخمس نقاط عن “الموك”، على الرغم من أنه انطلق بصعوبة وفي ظلّ الصراعات الكثيرة التي عرفتها الإدارة. على الأنصار استخلاص الدرس وتذكّر الموسم الماضي وأرادت إدارة شباب قسنطينة بعد اللقاء الأخير أمام “الموك“ أن توصل رسالة إلى أنصارها مفادها أن الفريق يريد الوصول إلى أهدافه الحالية وهو الصعود، كما أنهم يريدون تذكير الجميع لما كان عليه الفريق الموسم الماضي، حيث كانت أبسط الأندية كاتحاد سطيف تهزمه في “حملاوي“، إلا أنه اليوم صار يمتلك مجموعة قوية تستطيع تحقيق الفوز في أغلب اللقاءات وهو الآن في المركز الأول. لذا على أنصار النادي الوقوف وراءه لا الانقلاب عليه في الوقت الذي يحتاج النادي إلى كل مناصريه. ----------- التشكيلة الأساسية في المستوى استطاعت التشكيلة الأساسية التي لعب بها المدرب القسنطيني الهادي خزار أن تحصد إلى غاية الآن 17 نقطة من خمسة انتصارات وتعادلين خارج الديار، وهي حصيلة جد إيجابية لم يحققها أي فريق من قبل ما عدا اتحاد عنابة في الطبعة القديمة من المنافسة. وقد سجل أهداف شباب قسنطينة التي سمحت له بالفوز على منافسيه كل من كيبية الذي سجّل هدفين أمام تموشنت و”البوبية“، شنيقر ثلاث أهداف أمام بلعباس، “البوبية” وأمل مروانة، وحمزة ياسف الذي سجّل هدفا واحدا أمام رائد القبة. وبالرغم من أنها حصيلة ضعيفة جدا إلا أنها سمحت للفريق بالترّبع على ريادة الترتيب العام مؤقتا وبفارق ثلاث نقاط عن أقرب الملاحقين. مستوى فني جيّد مقارنة بالتحضيرات وقدم لاعبو شباب قسنطينة عروضا كروية جميلة في كلّ اللقاءات التي لعبوها، وإن شهدت اللقاءات التي لعبت في ملعب “الشهيد حملاوي“ بعض الصعوبات، على أساس أن الفرق التي لعب أمامها “السنافر“ كانت قوية وضغط الأربعين ألف مشجع كان شديدا، فإن لقاءات الفريق خارج الديار كانت مغايرة تماما لسابقاتها، حيث أدّى أشبال الهادي خزار أفضل المباريات أمام شباب عين تموشنت واتحاد بلعباس وبدرجة أقل في المحمدية أمام السريع المحلي، أين طبّق اللاعبون كرة قدم حديثة وجميلة واستطاعوا أن يفرضوا الاحترام في كل الملاعب التي تنقلوا إليها، وتبقى تحية جماهير الفرق المستقبلة لهم وتصفيقاتهم أكبر دليل على ذلك. دور ثانوي لكرسي الاحتياط وبالعودة إلى كرسي الاحتياط، فإن أغلب اللاعبين الذي دخلوا في الأشواط الثانية كان أداؤهم ضعيفا جدا، إلى درجة أنهم لم يقدّموا أي شيء للفريق ولم تتغير النتيجة في أي من اللقاءات التي لعبها الفريق سواء في قسنطينة أو خارجها، وهو أمر يدلّ على أن الفريق لازال بحاجة إلى تدعيمات في فترة “الميركاتو“ الشتوي. وقد أقحم الهادي خزار في اللقاءات السبعة الأولى كلا من: هاشم، نحيلي، إيديو، حمادو، عبيد شارف ولكحل، ما يعني أنه استعمل 17 لاعبا فقط من أصل 23 موجودين على مستوى كرسي الاحتياط. “السياسي“ بإمكانه استقدام4 لاعبين والشيء الذي يعتبر في صالح شباب قسنطينة هذا الموسم وفي مرحلة “الميركاتو“ بالذات، هو أنه بإمكانه أن يستقدم أربعة لاعبين، وبإمكان الفريق أن يُعير لاعبين إلى أندية أخرى حسب ما يسمح به القانون، وبما أنه يوجد 23 لاعبا فقط فإن الفريق يستطيع وقتها استقدام هذا العدد بعد أن تحدّد الاحتياجات التي تساعد الفريق على الوصول إلى أهدافه وتحسين أدائه الجماعي في اللقاءات القادمة التي تصبح أكثر صعوبة من الآن. تدعيم الدفاع ضروري وأول خط يحتاج السنافر إلى تدعيمه هو الخط الخلفي الذي يبقى بحاجة إلى مدافع آخر يكون متعدّد المناصب ويستطيع اللعب في وسط الدفاع ،وظهيرا أيمن أو أيسر حسبما يحدّده الهادي خزار. ودون شك، فإن جميع من تابع لقاءات شباب قسنطينة هذا الموسم تأكد من أن دفاع الفريق قوي جدا وفي المستوى، خاصة أنه لم يتلق أيّ هدف في سبع لقاءات متتالية، إلا أنه في بعض الأحيان لا يتواجد البديل، كما حصل أمام مولودية قسنطينة حين غاب صوالحي بداعي العقوبة وتم الاستنجاد بالشاب إيديو الذي لا يملك خبرة كبيرة، إضافة إلى أنه لم يلعب لقاءات كثيرة من قبل. الفريق بحاجة إلى صانع لعب حقيقي ومن بين المناصب التي لا توجد أصلا في الشباب هو منصب صانع اللعب الذي يحتاجه الفريق على جناح السرعة. وقد حاول المدرب خزار في بداية الأمر أن يعتمد على حمادو لأنه بإمكانه أن يقوم بهذا الدور على أحسن وجه، إلا أن الإصابات المتتالية التي لاحقته منذ بداية الموسم لم تسمح له باللعب إلا في بعض المناسبات كاحتياطي وفي لقاء واحد أساسيا في المحمدية. كما أن اللاعب الآخر الشاب أنيس كيبية ورغم أنه سجل هدفين لحد الآن، إلا أنه لم يستطع أن يصنع اللعب ويقدّم الكرات اللازمة للمهاجمين في العمق، وهو الأمر الذي لم يجد له الطاقم الفني حلاّ سوى الاعتماد على خطة هجومية ( 4-3-3)، وهي الخطة التي سمحت له بالوصول إلى المركز الأول، إلا أن مردود الفريق العام لازال محلّ شكّ. ... وهداف من الطراز العالي والشيء الآخر الذي لازال ينقص الفريق هو مهاجم قناص يلعب في منطقة العمليات ويستطيع التسجيل في أصعب للقاءات، كما حدث في المباراة الماضية أمام مولودية قسنطينة حين لم يستطع لا شنيقر ولا ناصري التسجيل رغم الكرات الكثيرة التي كانت تأتيهما من ياسف وبن ساسي وزميت، إضافة إلى أنهما لم يتحرّكا كثيرا كما ينبغي وهو ما كان ينقص الفريق في ذلك اللقاء من أجل الفوز، وهو الشيء الذي أكد أن تشكيلة الهادي خزار بحاجة إلى مهاجم صريح وهداف جيّد يستطيع التهديف في جميع الوضعيات. الإدارة “دارت حسابها” من جهتها، فإن الإدارة أكدت أنها ستقوم باللازم من أجل استقدام لاعبين في “الميركاتو“ الشتوي وتدعيم الفريق لجعله أكثر قوة، لمواصلة سلسلة الانتصارات التي بدأها الفريق وتحضيرا للموسم القادم، وهذا حسب ما يحدّده الطاقم الفني الذي لن يرفض هذه الفكرة خاصة إن ضمن الفريق أحسن اللاعبين من القسم الأول الذي يوجد فيه الكثير منهم، وهو ما سيسمح لشباب قسنطينة بالتنفس قليلا قبل الانطلاق في مرحلة العودة. ويبقى اللعب الآن من أجل الحفاظ على المركز الأول ضروريا إلى غاية الوصول إلى مرحلة الإستقدامات.