“بوعلي شجاع ولا يزال يتواجد في بنغازي إلى حد الآن” سفيان، كنت من بين العائدين من ليبيا مؤخرا، فحمدا لله على سلامتك... مشكورون لأنكم فكرتم فينا واتصلتم بنا للاطمئنان على أحوالنا. هل لك أن توضح لنا صورة ما يجري هناك في ليبيا؟ أنا من بين الجماعة الجزائرية التي كانت متواجدة في العاصمة طرابلس، في وقت يتواجد المدرب بوعلي إلى حدّ الساعة في مدينة بنغازي التي بدأت الاضطرابات فيها قبل أن يعم فيها الهدوء مؤخرا، ماذا تريدني أن أقوله لك لقد عشنا أياما عصيبة بسبب ما يجري، فالخوف تملكنا من أن نصاب بمكروه لا قدّر الله بعدما امتد التوتر إلى طرابلس التي كانت هادئة في بداية الأمر، والحمد لله على أننا لم نتعرض إلى أي شيء، وأننا اليوم في الجزائر رفقة الأهالي والأحباب. متى عدت إلى أرض الوطن، ومع من؟ عدت يوم الثلاثاء رفقة عدد كبير من أعضاء الجالية الجزائرية، بالإضافة إلى اللاعب روان، مدرب الحراس مراد أجاووت، دحمان، المدرب بلعرج واللاعب بوقروة، وبعض الرياضيين الآخرين، حيث وفرت لنا طائرة خاصة من طرف السلطات التي أتوجه لها بالشكر الجزيل على ما قامت به تجاهنا، وأخص بالذكر سفير الجزائر عبد الحميد بوزاهر والقنصل الجزائري ومختلف أعضاء السفارة الذين قاموا بواجبهم تجاهنا على أكمل وجه. كن صريحا معنا، في ظل ما كان يحدث كيف كان تعامل الشعب والسلطات الليبية مع الجزائريين؟ للأمانة معاملتهم لنا كانت أكثر من رائعة، يا أخي لا تنس أننا أشقاء وتجمعنا روابط الدين والتاريخ وغير ذلك، وسواء شعبهم الطيب أو سلطاتهم، كل الليبيين كانوا طيبين معنا، ما يحدث هناك أمر داخلي يخصهم، لم يقحموا من خلاله الأجانب ولم يعترضوهم، لا سيما نحن الجزائريين الذين يحترموننا كثيرا بدليل أننا لقينا من طرف السلطات الليبية كل التسهيلات في المطار لدى عودتنا. كيف عشتم الأيام العصيبة منذ اندلاع الحرب في طرابلس؟ طرابلس كانت هادئة، لكن الأوضاع فيها توترت مؤخرا، إلى درجة أننا لم نتذوق طعم النوم في الأيام الأخيرة، الأوضاع تأزمت بصورة لا يمكنك أن تتصورها، صوت الرصاص من كل صوب وحدب، صوت طائرات في سماء ليبيا لتفقد الأحوال طبعا، فضلا عن انقطاع الماء والتيار الكهربائي مؤخرا، ما جعل القنصل يطلب منا نحن الجزائريين المقيمين هناك أن نعود إلى أرض الوطن فعدنا. هل عاد جميع الرياضيين أم هناك من لا زالوا هناك في ليبيا؟ المدرب فؤاد بوعلي تحلى بشجاعة أحييه عليها صراحة، لأنه يتواجد في مدينة بنغازي منذ اندلاع الحرب إلى يومنا هذا، لقد اتصلنا به هو ومراد حبي وطالبناهما بضرورة المجيء إلى طرابلس عبر الحافلة حتى يسافران معنا إلى الجزائر، لكنهما لم يتمكنا من ذلك خوفا من أن يصيبهما أي مكروه في طريقهما من بنغازي إلى العاصمة. هل كنتم تتصلون فيما بينكم خلال الأيام العصيبة؟ بطبيعة الحال، حوالي 15 اتصالا هاتفيا نجريه يوميا فيما بيننا، حتى نطمئن على بعضنا البعض، وأحيّي شجاعة بوعلي ومراد حبي لأن بنغازي عندما كانت “شاعلة” تحليا بالصبر، وهنا أؤكد أننا كجزائريين لم نخف من الشعب الليبي الشقيق ولا من سلطته، بل من أن نصاب بمكروه برصاص طائش هذا كل ما في الأمر. وكيف تلقيتم خبر ترحيلكم على جناح السرعة إلى الجزائر؟ في الوقت الذي كنا نلتزم البقاء في بيوتنا، جاءنا الخبر، أنا شخصيا ارتحت لذلك رغم أن الأشقاء هناك كانوا طيبين معنا، لأن الأوضاع صارت متأزمة ومقلقة بعض الشيء، وكان لا بد أن نعود إلى أرض الوطن، إلى غاية هدوء الأوضاع هناك، وهذا ما أتمنّاه لليبيا وشعبها الطيب. أكيد أنّ الفوضى كانت عارمة في المطار بما أن مختلف جاليات العالم كانت تتأهب للعودة إلى بلدانها. والله العدد كان قياسيا، لا أدري ربما 50 أو 60 ألفا أو حتى 100 ألف، من إسبانيا، إيطاليا، من كل أنحاء العالم، مطار طرابلس يعرف حركة كبيرة لم يعرف لها مثيلا من قبل، نحن اضطررنا إلى السير بسيارات السفارة على الرصيف لا في الطريق المخصص للسيارات، ولدى وصولنا إلى المطار وجدنا كما هائلا من الناس كلهم كانوا يتأهبون للعودة إلى أوطانهم، وللأمانة فإن أعضاء السفارة الجزائرية قاموا تجاهنا بواجبهم وأكثر، واستقبلونا استقبال الملوك، جلبوا لنا طائرة خاصة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية نقلت ما لا يقل عن 253 راكبا إلى أرض الوطن، واسمح لي كي أشكر القنصل والسفير عبد الحميد بوزاهر وكل الأعضاء، بالإضافة إلى رضوان وصالح التابعين لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، وأشهد كذلك أن شباننا العائدين من ليبيا منظمون كما ينبغي، ففي وقت عمت الفوضى كل الوفود العائدة إلى بلدانها، أشرف شباننا على تنظيم رحلتنا، حيث كنا يدا واحدة في مطار طرابلس إلى أن عدنا إلى أرض وطننا. وهل ستعود إلى منصبك في نادي المدينة الليبي في ظل ما يحدث بليبيا؟ لدي عقد سأحترمه، كل شيء يبقى مرهونا بتحسن الأوضاع هناك، وأتمنى أن تعود السكينة والطمأنينة للأشقاء هناك، ولا مشكلة لي إن عادت المياه إلى مجاريها أن أعود مجددا لممارسة مهامي وتشريف عقدي.