يُعتبر المدرب البوسني ميميت بازداريفيتش (ميميت تعني محمد بالبوسنية) من بين أبرز الوجوه الكروية في فرنسا حيث سبق له أن تقمص ألوان العديد من الأندية هناك على غرار أولمبيك نيم وسوشو بالإضافة إلى بدايته مع نادي بلده الأصلي “زيليينزيكار ساراييفو” ونادي “إيتوال كاروج” السويسري، كما ترك انطباعا حسنا في الأندية التي درّبها ومثّل المدرسة اليوغسلافية (المعروفة بتكوينها خيرة المدربين في أوروبا والذين صنعوا أفراح العديد من المنتخبات والأندية في القارات الخمس) أحسن تمثيل عندما أشرف على تدريب سوشو وإيستر في فرنسا، النجم الساحلي التونسي، الوكرة القطري وڤرونوبل الفرنسي الذي يُشرف عليه منذ 2007 ويدرّب فيه لاعبا أقل ما يقال عنه إنه موهوب جدا بشهادة جميع المتتبعين وهو سفيان فغولي الذي أثنى عليه بازداريفيتش كثيرا ووصف انضمامه إلى المنتخب الوطني بمثابة الصفقة الناجحة ل”الخضر”. في البداية نريد أن نعرف كيف تسير أمور نادي ڤرونوبل في الآونة الأخيرة؟ ليست على أحسن ما يرام فالبداية الجيدة التي بدأنا بها المشوار لم تشفع لنا لنواصل على الوتيرة نفسها في الأسابيع القليلة الفارطة وهذا راجع إلى الإحباط الذي يعاني منه أشبالي مؤخرا بفعل الأزمة المالية الخانقة التي لم يجد لها كازوتوشي واتاناب (مالك النادي) أي مخرج، والنتيجة الآن هي معاناتنا الشديدة في سلم الترتيب حيث نحاول قدر المستطاع إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالرغم من أن المأمورية صعبة جدا إن لم نقل مستحيلة. لكن هناك إجماع على أن ڤرونوبل يملك تشكيلة محترمة جدا كانت قادرة على تحقيق نتائج أفضل. يجب أن نكون صرحاء فيما بيننا عندما تكون التحفيزات المادية غائبة فإنه من الصعب أن تكون هناك نتائج جيدة مهما كان مستوى اللاعبين، بالإضافة إلى كل هذا فقد عانينا من مشكل عويص في الجولات الفارطة وهو نحس الإصابات الذي ظل يطاردنا وكأنّ سوء الطالع مقدّر علينا هذا الموسم، لكن لا أعتقد أن الإصابات هي المشكل الكبير لأني أملك لاعبين يتحدوهم إرادة فولاذية تسمح لهم بتطبيق برنامج علاجي يسمح بعودتهم السريعة إلى الميادين، والمعضلة الكبيرة هي الجانب المالي وبسببها تأسفت على تضييع لاعب دولي جزائري. من هو؟ رفيق صايفي، فهذا اللاعب كان نُصب عيني منذ أن عرفت أن تجربته في البطولة القطرية انتهت وبالتالي كنت أرغب في أن أضمه إلى صفوف ڤرونوبل وكنت أعرف أن العرض المالي الذي حضرته مع مالك النادي من أجل إقناعه لم يكن ليقنعه إطلاقا، وإيستر كان أكثر خبرة منا واستطاع أن يضمه إلى صفوفه وحرمنا منه، وبالتالي يمكن القول إننا ضيعنا لاعبا كان سيمنحنا الإضافة التي كانت تنقصنا في الهجوم، وأنا متأكد أنه لو انضم إلينا كان سيغيّر الكثير. خاصة أنك تعرفه لما أشرفت عليه في تروا ... هذا أكيد، ولم يكن الوحيد فقط بل كان معه لاعب موهوب آخر هو فريد غازي الذي ترك بصماته في النادي، ولا أخفي عليكم أن اهتمامي بصايفي يعود إلى أنني أعرف إمكانات اللاعب الجزائري جيدا خاصة أني أشرفت على عنتر يحيى في نادي سوشو لما كان في مدرسة تكوينه، بالإضافة إلى زياني الذي أدى موسما رائعا، وكلها أمور تجعلني أقول إن طبيعة اللاعب الجزائري تجعلني معجبا به إلى حد بعيد لأنه يحب الإنتصار ويفعل كل شيء من أجل تحقيقه وهذا أمر رائع. لنتكلم قليلا عن المنتخب الوطني الجزائري، هل تابعت مشواره في كأس أمم إفريقيا الأخيرة؟ أكيد، وشاهدت كل المباريات التي لعبها أشبال المدرب سعدان في دورة أنغولا الأخيرة وبكل صراحة أعجبتني كثيرا روح المجموعة التي أظهرها لاعبوكم خاصة أمام منتخب كوت ديفوار في مباراة ستبقى شاهدة على النضج التكتيكي وقوة الشخصية التي أصبحت تتحلى بها عناصر المنتخب الوطني. وما هي النقاط الإيجابية والسلبية التي شاهدتها في المنتخب الجزائري؟ لكي أكون صريحا معكم أقول إن الأمور الإيجابية التي شاهدتها في المنتخب الجزائري أكثر من السلبية، قد تقول لي أنني أصرح بهذا الكلام لأنك صحفي جزائري لكن الأكيد هو أن ملاحظتي هذه يشاركني فيها جميع المتتبعين، وعلى هذا الأساس فإن المستقبل وحده كفيل بأن يبرهن على أن المنتخب الجزائري يملك كل سبل التألق والنجاح في المواعيد القادمة التي تنتظره. وكيف ترى المشاركة الجزائرية في المونديال القادم؟ ستكون قوية لأني صرحت لكم سابقا بأن الوجه الذي ظهرت به الجزائر في “الكان” لا يستطيع إظهاره إلا المنتخبات القوية والمحترمة، وأنا لا أشك مطلقا في أن مؤشرات مشاركة مشرفة بدأت تلوح في الأفق والعديد من المعطيات تدل على أنه يجب انتظار الكثير من اللاعبين الجزائريين في موعد جنوب إفريقيا، ورغم أن الجميع يراها إحدى الحلقات الضعيفة في مجموعتها مقارنة بمنتخبي إنجلترا والولايات المتحدة إلا أن عامل المفاجأة يبقى واردا إلى حد بعيد. وهل من تعليق على الكلام الكثير الذي خلّفه اللاعب سفيان فغولي حول إمكانية قدومه إلى الجزائر من عدمه؟ سفيان فغولي لاعب أكثر من رائع، أنا لا أقول هذا الكلام لأرفع من شأنه بل لأن مروره على مختلف فئات المنتخب الفرنسي وما فعله مع منتخب “الديكة” دليل قاطع على أنه قطعة نادرة وجميع المتتبعين يرشحونه ليتألق في المواعيد القادمة .. صحيح أنه عانى من إصابة في الفترة الفارطة لكن يجب الإشارة إلى أنّه بدأ يعود تدرجيا إلى مستواه وكل آمالنا معلقة عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأرى أن مكانة سفيان مع ناد كبير وليس في ڤرونوبل وأرى أن بقاءه في هذا النادي قد يجعله يضيّع العديد من الأمور الإيجابية في مسيرته. وهل تنصح الناخب الوطني سعدان ورئيس الاتحادية روراوة بجلبه؟ لو كنت مكان سعدان لمنحته الأولوية وجلبته سريعا لأن لاعبا مثله سيقدم الإضافة اللازمة للمنتخب الجزائري، وسبق لي أن تكلمت مع مدرب الجزائر الأسبق عبد الغني جداوي عن موضوع فغولي وقلت له بصريح العبارة “ماذا ينتظر المسؤولون في الجزائر من أجل استقدامه؟“ لأنه سيشكل إحدى نقاط القوة في منتخبكم في المواعيد القادمة وخاصة على مستوى خط وسط الميدان، كما أن هناك نقطة مهمة أريد أن أضيفها لأوضح أمرا مهما. تفضّل ... اكتشفت في فغولي أنه يميل كثيرا إلى الجزائر وأثناء حديثي معه اكتشفت أنه يحب بلاد أجداده كثيرا وهو دليل آخر على أنه كان ينتظر الفرصة ليلتحق بمنتخب بلده الأصلي، والجزائر أمام فرصة ذهبية من أجل الاستفادة من خدماته في المواعيد التي تنتظرها وخاصة المونديال، وبالمختصر فغولي جوهرة حقيقة وبإمكانه تقديم الكثير للمنتخب الجزائري دون وأنا أعي جيدا ما أقوله. وهل تؤكد لنا خبر اهتمام العديد من الأندية بخدماته؟ أؤكد لكم ذلك، لكن لا أعرف هويتها بالضبط، لكن على سفيان الإسراع في الشفاء من الإصابة التي يعاني منها مؤخرا وهناك بعض المؤشرات التي تدل على أنه يقوم بعمل جبّار من أجل ذلك، حيث لاحظت أنه يضاعف حجم التدريبات وعودته القوية ستكون مفيدة لنا من كل الجوانب ونحن نعوّل عليه كما صرحت به سابقا، على كل حال هو يعرف ماذا يعني عالم الإحتراف ويعرف أيضا أن الظفر بأحد العقود المحترمة يتطلب تضحيات جبّارة. لكن هناك بعض الأصداء التي تقول إنه قد يصعب عليه الإنضمام إلى المنتخب الجزائري، رغم أن مناجيره طمأننا في أحد حواراته معنا؟ إلى غاية هذه النقطة أقول إن الحرية في اختيار وجهة ڤرونوبل تبقى مسألة شخصية خاصة به، ولا يحق لي أن أفرض عليه رأيي مهما كانت الدواعي والأسباب. وما أريد قوله، هو أني أبديت رأيي لما تعلق الأمر بالمدرب سعدان، لأني مدرب وأعرف جيدا ما يمكن أن يقدمه لاعب مثل فغولي، لكن أن أحشر نفسي في خصوصيات اللاعب فهو أمر لا يمكن أن أسمح لنفسي بالقيام له، لأنه يتعدى صلاحياتي ولا يحق لي أن أبدي رأيي إن أراد اللعب للجزائر أو لا. هناك لاعب آخر في صفوف نادي ڤرونوبل هو نسيم أكرور، كيف ترى مستواه؟ هذا اللاعب أصبح من بين أحسن هدافي نادي ڤرونوبل في الفترة الأخيرة، وهو يؤدي في مشوار طيب لكن الإصابة التي تعرض لها في الفترة السابقة، كانت سببا كبيرا في تردي مستواه الفني. لكنه يبقى دائما يحظى بثقتي لأنه يقدم دائما خدمات جليلة للفريق، كلما تعلق الأمر بأي مواجهة مهمة، وبالتالي يجب أن نتفق على أنه مازال قادرا على العطاء، والوجه الذي ظهر به في المنتخب الجزائري في فترة من الفترات، دليل قاطع على أنه يجب أن لا ندفنه من الآن لأنه مازال قادرا على البرهنة على العديد من الأشياء الإيجابية. البعض يرى أن انضمامه إلى المنتخب الجزائري صعب بالنظر إلى كبر سنه، ما قولكم؟ السن ليس مقياسا على الإطلاق من أجل الحكم على مستوى أي لاعب، والتجربة علّمتني أن العديد من اللاعبين يكون دورهم إيجابيا في فرقهم لما يتقدمون في العمر، وتكون لمستهم حاضرة في النتائج الإيجابية. ولهذا الغرض أرى أن أكرور قادر على أن يكون جوكير حقيقي وممتاز في المنتخب الجزائري، كما هو عليه الحال في نادي ڤرونوبل، أما مشكل السن الذي تطرقتم إليه فلا يمكن اعتباره حجرة عثرة على الإطلاق كما يتخيله البعض. هل تنصح سعدان بجلبه أيضا؟ لا يمكنني فعل ذلك مهما كانت الأسباب، أنا قدمت رأيي فقط في اللاعب فغولي الذي أسال قدومه إلى الجزائر الكثير من الحبر، أما بالنسبة لأكرور فسأكتفي بالإشارة إلى أنه صاحب إمكانات كبيرة جدا وبإمكانه تقديم الكثير، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن أقول إني أنصح سعدان باستقدامه لأني هنا سأتعدى الحدود وهو أمر يختلف مع الأعراف المتعامل بها في الرياضة (يضحك). وما هي الأمور التي ستجعل المشاركة الجزائرية قوية في المونديال برأيك؟ إرادة اللاعبين والفنيات المعتبرة التي يحوزها لاعبيكم، ستسمح لهم بالبرهنة على أن تأهلهم إلى المونديال لم يكن صدفة أو هدية من أي طرف كان. ولهذا الغرض، أرى أنه من الضروري أن يثق لاعبوكم في إمكاناتهم وأن لا يضعوا في حسبانهم أن حظوظهم في المرور إلى الدور الثاني منعدمة، لأنهم مقبلون على بطولة مصغرة كل شيء فيها وارد، وبعض الجزئيات الصغيرة فقط هي التي ستحدد نتائج المنتخب الجزائري في المونديال. وعلى هذا الأساس، يجب أن يبدأ المنتخب الوطني المنافسة بقوة أمام سلوفينيا حتى يكتسب الثقة اللازمة التي ستسمح له بمواصلة المشوار دون أي مركب نقص، لما يقابل منتخبات أمريكا وإنجلترا فيما بعد. وهل فغولي قادر على منح الإضافة في حال التحاقه؟ بكل تأكيد، فهذا اللاعب أبان على أنه من طينة الكبار كما صرحت به، كما أريد أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي أني من أشد المعجبين بكرة القدم الجزائرية التي أشرفت على العديد من لاعبيها، وتبقى تحظى بمتابعتي بشكل كبير. ولهذا الغرض فإن الجزائر تستحق أن يمثلها منتخب قوي في كل محفل دولي هام، لأنها بلد كرة القدم والبلد الذي أنجب لاعبين مثل عصاد بلومي وماجر وصولا إلى الجيل الحالي، جدير بأن يكون في القمة دائما ويحقق النتائج المرجوة منه. وماذا تريد أن تضيف في النهاية؟ أشكركم كثيرا على اتصالكم واهتمامكم، وأطلب من الجزائريين فقط أن يثقوا في اللاعبين الذين يملكهم المنتخب، وعلى هذا الأساس فإن العديد من المعطيات تصب في صالحكم من أجل أداء مونديال في المستوى. كما أتمنى من صميم قلبي أن يقنع المسؤولون في الجزائر اللاعب فغولي وينجحوا في تسوية وضعيته، لأنهم لن يندموا عليه إطلاقا، وسيكون صفقة رابحة للكرة الجزائرية بكل المقاييس في المواعيد التي تنتظرها.