لم يكن أحد ينتظر ذلك. الاحتجاجات التي استعرت في جميع مناطق البرازيل خلال بطولة كأس القارات ،التجربة الأخيرة قبل مونديال 2014 ، باغتت الحكومة والسياسيين والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). كل شيء بدأ في الأسبوع الذي سبق انطلاق البطولة ، بمظاهرات في ساو باولو ضد زيادة في أسعار تذاكر الحافلات. اعتقد الجميع أن الأمر يتعلق بحادثة منفردة ومحلية. بعد ذلك ، وعشية افتتاح بطولة كأس القارات ، بدأت في برازيليا احتجاجات ضد النفقات الباهظة من الأموال العامة لتنظيم الحدث ومونديال 2014 . وأكدت السلطات "إنهم أقلية" في إشارة إلى المحتجين. لكن الهتافات ضد الرئيسة ديلما روسيف من جانب 60 ألف مشجع حضروا المباراة الأولى للمنتخب البرازيلي في برازيليا يوم السبت الماضي ، أوضحت تماما أن أمرا ما بالفعل لا يمضي بشكل جيد. وفي الأيام التالية ، كما يوضح المحلل السياسي كلوفيس روسي ، انتقلت صافرات الاستهجان في الملعب الوطني ببرازيليا "إلى الشارع"، وتحولت إلى موجة من السخط انتشرت كالنار في الهشيم بجميع أنحاء البلاد. وليست روسيف الهدف الوحيد ، لكنها دون شك الأكثر تأثرا بالاحتجاجات التي تعكس حالة من عدم الرضا المتزايد من جانب الشعب تجاه سياساتها ، التي يحملها المتظاهرون المسئولية عن تراجع النمو الاقتصادي وتراجع مستوى الخدمات العامة في بلد يستثمر ملايين الدولارات في بناء استادات ومرافق أخرى للمونديال. وبلغت الاحتجاجات أوجها عندما اجتذبت المظاهرات التي تمت الدعوة إليها عبر الشبكات الاجتماعية ربع مليون شخص على الأقل من شمالي البلاد إلى جنوبها ، وتضمنت اقتحام البرلمان الوطني في برازيليا ، والمحلي في ريو دي جانيرو. كانت تلك المظاهرة الأكبر في شوارع البلاد منذ 1992 ، عندما خرج الشغب للمطالبة برحيل الرئيس فيرناندو كولور دي ميلو ، الذي استقال بعد قليل من ذلك وسط محاكمة سياسية بتهمة الفساد. وليست الاحتجاجات الحاشدة بالأمر المعتاد في البرازيل ، ولذلك فإن أحداث الأيام الماضية ، التي تعرضت للقمع في حالات عديدة من جانب الشرطة وخلفت قتلى ، باغتت السياسيين وكذلك رئيس الفيفا جوزيف بلاتر. كما حولت صافرات الاستهجان في برازيليا الرئيسة وبلاتر ورئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم واللجنة المنظمة للمونديال جوزيه ماريا مارين ، إلى حلفاء غير منتظرين. وعتب رئيس الفيفا على الشعب ، وطالب ب"احترام" الرئيسة ، فيما حياها مارين الذي التقطت له صورة وهو يحتفل معها بتسجيل هدف خلال الفوز على اليابان 3/ صفر. وسيدفع هذا الوضع روسيف وبلاتر ومارين إلى تقاسم نفس "المركب" خلال 12 شهرا متبقية على المونديال. وفي حالة عدم وجود مخرج للوضع الحالي ، سيكون عاما صعبا وطويلا على روسيف وبلاتر ، الذي راهن بكل شيء على الاحتفالية الشعبية التي سيعنيها تنظيم الحدث في "بلد كرة القدم"، ولذلك تسامح بصبر مع التأخر في تنفيذ بعض الأعمال ، والتوترات التي وقعت مع حكومة البلاد فيما يتعلق بالتنظيم. وبوغت السويسري ليأتي رد فعله متمثلا في جملة مثيرة للجدل ، حيث أكد أن "كرة القدم أقوى من عدم رضا الناس"، معتبرا أن المتظاهرين "يستغلون منصة كرة القدم ووجود الصحافة الدولية من أجل إبراز بعض الاحتجاجات". قد يكون ذلك صحيحا ، لكن الصحيح أيضا أن مونديال 2014 سيكون فرصة أفضل للساخطين من أجل إيصال صوتهم وتكرار مطالبهم بأن يتمتعوا في البرازيل ب"صحة وتعليم من مستوى الفيفا"، من بين أمور أخرى. بالنسبة لروسيف ، التي ورثت عن سلفها لويس إناسيو لولا دا سيلفا مهمة تنظيم كأس العالم ، بدأ مونديال البرازيل 2014 يتحول إلى كابوس ، ولا سيما مع تزامنه مع حملة الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2014 ، التي ستسعى خلالها لولاية ثانية. لكن البرازيل لا تزال "بلد كرة القدم"، ولا أحد يمكنه استبعاد تحول السخط الشعبي إلى احتفالية في حالة تمكن منتخب البلاد بقيادة مدربه لويس فيليبي سكولاري من تحقيق حلم إحراز كأس العالم للمرة السادسة في 2014 . لذا قد يكون مستقبل روسيف والزعماء السياسيين البرازيليين الحاليين بين أيدي أو أقدام النجم نيمار و"فيليباو" سكولاري.