المعروف عن نادي شبيبة القبائل منذ القدم، أنه عندما يقترب موعد مباراة مهمّة يتوجّه اللاعبون إلى ضريح “سيد بانوة” من أجل الدعاء هناك بالتوفيق، لكن في السنوات الأخيرة بدأت هذه العادات تزول شيئا فشيئا. لكن المهاجم فارس حميتي أبى إلا أن يُحييها لكن على طريقته الخاصة، لم يقصد ضريح “سيد بانوة”، وإنما اختار مكانا آخر غير الذي تعوّد الجميع على قصده، يجد فيه راحته كلما شعر بضيق الخاطر، إنها منطقة “آث يني”. كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا لمّا توجهنا إلى مدينة تيزي وزو على متن سيارة من نوع “كليو 3” التابعة لشركة “الهدّاف”، خصيصا لإجراء “روبورتاج” حيّ للاعب الشبيبة فارس حميتي، خاصة بعدما تألق مؤخرا وأصبح على لسان هواة وعشاق اللونين الأصفر والأخضر. وبعد حوالي ساعة و20 دقيقة دخلنا ملعب أول نوفمبر ومعنا الجائزة التي منحته إيّاه “الهدّاف” باعتباره أحسن لاعب لشهر أفريل، انتظرناه إلى غاية نهاية التدريبات وأخذه حمامه، وبطريقة احترافية جدا طلبنا إذنا من المدرب بلحوت لكي يسمح لنا بإجراء “روبورتاج” مع لاعبه، تفهّم الوضع بلحوت ومنحنا موافقته. لكننا فضّلنا نحن أيضا أن يكون له شرف من يمنح الجائزة للاعب في أجواء لم يسبق لها مثيل داخل غرف الملابس. غرف الملابس تحوّلت إلى متحف واللاعبون “تالبوه” وبمجرد دخولنا إلى غرف الملابس ومعنا الجوائز المخصّصة ل حميتي والمتمثلة في صور عملاقة للاعب، لم يتردّد زملاؤه اللاعبون في الاقتراب منا وحمل الصور، وكلهم أجمعوا على استحقاق الجائزة، وبدؤوا في أخذ الصور قبل أن يستلمها حميتي الذي كان داخل الحمام. وعندما دقت الساعة (11:42)، خرج حميتي من الحمام وطلب منا أن نمهله بعض الدقائق لجمع أغراضه، انتظرناه مدّة لم تتعد عشر دقائق.. دعونا كلا من بلحوت، أدغيغ، وترمول لكي يشاركوه هذه الفرحة، ولم يغادر هؤلاء إلا بعد أن هنؤوه. اصطحبنا معه وفي طريقنا إلى موقف السيارات تجاذبنا أطراف الحديث عن العديد من الأمور خاصة عن حالته المعنوية، وأكد لنا أنه يتواجد في حالة رائعة جدا. صدر رحب... وقنّاص غير مُتسامح حتى وإن كان حميتي ابن “واد العلايڨ” قاسيا فوق أرضية الميدان ولا يرحم الحراس بفضل أهدافه الحاسمة، مهما كان اسم الحارس الذي يجده أمامه، إلا أن صدره يسع لكلّ شيء، حيث طيلة اليوم الذي قضياه معه اكتشفنا أنه شخص رائع لا يعرف الغضب ولا الحقد، بل هو إنسان كثير التسامح. لمّا وصلنا إلى موقف السيارات وجدنا هناك أصدقاءه يريدون اصطحابه معهم، لكنه اعتذر لهم وقال لهم إنه منشغل طيلة اليوم. في البداية قرّر أن نتوجه معه إلى مسبح النادي لتناول وجبة الغذاء كما طلب منهم المدرب، خاصة أن الساعة كانت تشير إلى (12:20)، وركب معنا في سيارتنا، وقبل وصولنا إلى المسبح غيّر رأيه وطلب منا التوقف حتى يهاتف أحد أصدقائه. في البداية لم نكن نعرف هوية هذا الشخص، لكن بعد أن قادنا إليه وجدنا أنه شخص من عشاق الكناري، إنه “صالح”، رحّب بنا وحميتي أكد له في الوقت نفسه أن “الهدّاف” و “لو بيتور” “les hommes” كونهما وقفتا إلى جانبه وقت المحنة، ولهذا ليس بمقدوره أن يردّ لهما طلبا. زيتي، العرفي وتوفيق عاشوا يوما مميّزا يعدّ هداف “الكناري” اللاعب المقرّب إلى قلوب اللاعبين، حيث كانت تربطه علاقة قوية بزميله السابق عودية، ومغادرة هذا الأخير للشبيبة ترك له فراغا كبيرا. كما لم ينس حميتي وقفة العرفي، زيتي وشريف الوزاني، وبما أن هذا الأخير غادر الشبيبة، أصرّ على مرافقتنا في هذه الجولة كلّ من زيتي والعرفي. هذا الثنائي كان متواجدا في المسبح لتناول الغذاء رفقة زملائه الآخرين. وبينما نحن نتحدّث مع “صالح” في شقته بقلب مدينة تيزي وزو في الطابق الخامس، اتصل حميتي بهما وأخبرهما بمكان تواجدنا، وبقينا في انتظارهما، وقبل أن يلتحقا بنا اقترحنا على حميتي التوجّه إلى أحد المطاعم لتناول الغذاء، لكن حميتي أصرّ على التنقل إلى “الفيلا “المتواجدة ب “آث يني”. تنقل سويا ومعنا زيتي، العرفي وتوفيق بثلاث سيارات مختلفة. وبعد نهاية الجولة أكد لنا زيتي والعرفي أنهما عاشا يوما مميّزا لم يسبق له مثيل. قوة ذهنية مُنقطعة النظير خلال الحديث الذي جمعنا بلاعبي ومسيّري شبيبة القبائل وخاصة المدرب بلحوت، بخصوص حميتي، تأكدوا أن هذا اللاعب يتمتع بقوة ذهنية منقطعة النظير، بالنظر إلى الأهداف التي سجلها إلى حدّ الآن، وكذا الكيفية التي سجل بها، بدليل ما فعله في النهائي مع الحارس دوخة. وأكد لنا بلحوت أنه لو كان مهاجما آخر لما تمكن من استغلال الهفوة وتحويلها إلى هدف، والشيء نفسه أكده اللاعبون حول حميتي، فقد اعتبروه مهاجما من الطراز النادر، ويملك حاسة التهديف فريدة من نوعها. ما قاله هؤلاء حول حميتي لم تزد اللاعب إلا تواضعا. وفي مقابل ذلك يعد حميتي الجماهير الجزائرية بصفة عامة والشبيبة بصفة خاصة بالمزيد من الأهداف، حيث قال:«إلى حدّ الآن لم تروا شيئا، وحميتي الحقيقي آتٍ وبقوة. لقد تجاوزت الفترة الصعبة ولا أفكّر إلا في كيفية إسعاد الأنصار والمزيد من التألق، ألا تستحق الشبيبة ذلك؟”. هذا الكلام خرج من أعماق هذا النجم الذي برز بشكل لافت للانتباه، ويحمل في ثناياه العديد من المعاني التي من الصعب فكّها بسهولة. معانقة الكأس والحديث مع رئيس الجمهورية أكبر حدث عاشه في تاريخ مشواره وكم كان الحديث شيّقا ونحن نتحدّث مع حميتي عن أجواء الكأس، لم يصدق أنه هو من منح النجمة الخامسة ل “الكناري” بفضل الهدف الفريد من نوعه الذي سجّله في مرمى اتحاد الحراش، واعتبر صعوده للمنصة الشرفية لملعب 5 جويلية ومعانقة الكأس وكذا الحديث الذي جمعه بفخامة رئيس الجمهورية، أكبر حدث عاشه في تاريخ مشواره الكروي، حيث قال: “لن أنسى ما حييت صعودي إلى المنصة الشرفية، معانقتي كأس الجمهورية وحديثي مع رئيس الجمهورية. كنت أحلم من قبل بهذا التتويج، لكنني لم أدرك أن الأجواء ستكون كبيرة إلى هذه الدرجة. حقيقة الأجواء رائعة جدا. والآن فهمت لماذا جلّ اللاعبين يتمنون التتويج بهذه الكأس.. الحمد لله أفرحنا كلّ القبائل أينما كانوا، وهذا يكفيني فخرا”. صنع الحدث في قلب تيزي: “حميتي أنت من سيمنح الشبيبة النجمة الخامسة” على لسان الأنصار تواجدنا بمدينة تيزي وزو جعلنا نعرف جيّدا المكانة التي يحتلها هذا المهاجم في قلوب أنصار شبيبة القبائل. وخلال تجوّلنا بقلب مدينة تيزي وزو، كلّ الأنظار كانت مصوبة نحوه، البعض يحييه من جهة والبعض الآخر من جهة أخرى، وكان مروره عبر شوارع المدينة حدثا غير مسبوق، وما يدلّ ذلك إلا على الاعتراف بما يقدّمه اللاعب لفريقهم. كم كانت العبارات مؤثرة بالنسبة ل حميتي خاصة لمّا كانوا يقولون له: “حميتي أنت من سيمنح الشبيبة النجمة الخامسة”، دون أن يعرف أنه هو من سيقود “الكناري” إلى التتويج الخامس في تاريخ النادي. وأضاف: “لا يمكنني أن أنسى ما كان الأنصار يقولونه لي، لقد كانوا ينادونني من كلّ الجهات: حميتي أنت من سيمنح الشبيبة النجمة الخامسة... هذا الكلام مؤثر فعلا، والحمد لله الذي وفقني في تحقيق هذا الحلم”. شقة صديقه “صالح” المحطة الأولى... أوّل محطة استوقفتنا خلال تواجدنا رفقة حميتي بمدينة تيزي وزون، كانت شقة “صالح” صديقه الحميم، أين فضّل أن يرتاح قليلا وينتظر في الوقت نفسه وصول العرفي وزيتي. كم كانت الشقة فاخرة، وقد أكد لنا حميتي أنه يجد راحته في هذه الشقة، خاصة خلال فترة المشاكل التي يعاني منها. في البداية كان يفضّل أن نجري له الحوار الطويل هناك، لكنه سرعان ما شعر بالجوع وطلب منا المغادرة. غادرنا الشقة في حدود الساعة الواحدة والنصف، وتجوّلنا في المدينة، اشترينا كلّ ما يلزم للأكل عند جزار “السلام”، الذي رحّب بنا. وبعدها تنقلنا إلى صاحب محلٍ تجاري ضخم لشراء بعض المستلزمات الأخرى، قبل أن نمتطي سيارتنا ونتوجّه إلى “أث يني”. جولة ممتعة من قلب الولاية إلى “آث يني” موطن إيدير كان الجو ربيعيا يليق لمثل هذه الجولات على جبال تيزي وزو، بمعدل 60 كلم في الساعة كنا نشق الطريق وفي أجواء جيدة جمعنا حديث حميمي مع حميتي، وأغلب حديثه عن عودته القوية إلى الواجهة وسر تألقه في الفترة الأخيرة تحت ألوان الشبيبة، لكن الأمر المحير من كل هذا هو أنه لم يتأثر مطلقا من المشاكل التي كان يعاني منها في وقت سابق، بل الشيء الذي أثر عليه أكثر هو عدم مشاركته هذا الموسم في المنافسة الإفريقية خاصة وأنه كان يجهز نفسه لدخولها بقوة، لكن اليوم الذي أخبروه أنه غير معني بهذه المنافسة كان أتعس يوم، وبصعوبة كبيرة تقبل هذا الأمر، “أتركونا نستمتع قليلا بهذه الموسيقى...” قالها هكذا من أجل إبعاد التصورات السيئة من ذهنه. لم نشعر بالمسافة الفاصلة بين قلب ولاية تيزي وزو ومنطقة “آث يني” التي أنجبت العديد من الرموز في مختلف الميادين على غرار المغني الكبير “إيدير” المعروف بأغنيته الشهيرة “أبابا ينوبا”، والمدرب المخضرم محي الدين خالف، كان الحديث شيقا وممتازا مع هداف الكناري. “توارق” سيارته المفضلة وأغاني معطوب خلال الجولة الأمر الهام الذي لفت انتباهنا خلال هذه الجولة من مدينة تيزي وزو إلى منطقة “آث يني”، هو استماعه لأغاني المطرب القبائلي الراحل معطوب الوناس، منذ أن قام صديقه بوضع القرص الخاص بأغاني معطوب وحميتي لم يتحدث مطلقا بل فضل الاستماع، الشيء نفسه أيضا لما وصلنا إلى “الفيلا”، فمباشرة بعدما وصلنا تم تشغيل الموسيقى والبداية كانت بأغاني معطوب، قبل أن يليها محمد علاوة، وأغاني “الراي”. وبالرغم من أنه يعد واحدا من اللاعبين المشهورين مع شبيبة القبائل إلا أنه لا يملك سيارة خاصة، باعتباره ليس من هواة السيارات، لكن السيارة التي يفضلها هي تلك التي يملكها صديقه الحميم “صالح” من نوع “توارق”. «واد العلايق” المكان الذي يفضل المكوث فيه وقت الراحة والحديث مع الوالدين أكثر ما يستهويه تجولنا داخل بهو “الفيلا” جعلنا نكتشف عدة أشياء عن شخص حميتي، فهو شديد التعلق بالوالدين، لا يمر يوم إلا ويتصل بهما ويتحدث معهما، يسرد لهما خطوة بخطوة كل ما يقوم به خلال اليوم، وما يدل ذلك إلا على التربية الصالحة، والأمر الذي جعله أكثر تعلقا بوالديه هو الحادثة التي تعرض لها في الصائفة الماضية، فقد وقفا إلى جانبه أكثر من اللازم “أؤكد لكم أن المشاكل التي عشتها من قبل كادت تغير مجرى حياتي، لكن الحمد لله بفضل الله ودعاء الوالدين تمكنت من الخروج من هذه الأزمة”. وفي الجهة المقابلة أعتبر حميتي منطقة واد العلايق من المناطق التي يفضل أن يقضي فيها وقت فراغه، حيث يملك العديد من الأصدقاء هناك يعرفهم منذ أن كان صغيرا، ولهذا كلما كان له وقت فراغ يفضل أن يقضيه ب “واد العلايق” رفقة الوالدين والأصدقاء. «خاطيني الفايس بوك... وخاطيني السهرات...أنا إنسان طيب” بعدما حاول البعض أن يستغل الوضع وعودة حميتي القوية إلى الواجهة مع الشبيبة، وقاموا بفتح أرصدة في الفايس بوك باسم فارس حميتي، وبصوره الشخصية، اغتنم فرصة تواجدنا معه، لكي يميط اللثام عن القضية ويوضح للجمهور القبائلي بالدرجة الأولى أنه ليس من هواة “الفايس بوك”، بل الأرصدة الموجودة حاليا هو بريء منها، “خاطيني الفايس بوك، وخاطيني السهرات.. لست الشخص الذي يعتقدونه، بل أنا بريء من كل هذا، أتقمص ألوان شبيبة القبائل ثم أغادر إلى المنزل أنتظر الغد للتدرب أو خوض المباراة”. «حتى الشناوة تعرفوا عليه وحيوه من بعيد...” لم يكن أنصار شبيبة القبائل فقط من يتعرف على هوية المهاجم فارس حميتي حينما يمر عبر شوارع مدينة تيزي وزون، بل خلال الجولة التي قمنا بها إلى منطقة “الحلي القبائلي” – كما يسمونها- استوقفنا العدد الهائل لعمال “الشناوة” الذين كانوا في طريق الوادي المؤدي إلى هذه المنطقة، بينما هو يقوم بالطابور عند أحد المعدين للشواء في الطريق من أجل تناول الغداء هناك، توقفنا قليلا عندهم لممازحتهم ولما أخبرهم صاحب محل الشواء أنه لاعب شبيبة القبائل بدأوا يحيونه، ويتحدثون بلغة لا يفهمونها إلا هم، قبل أن نواصل الطريق. أصر على التوقف في سد واد عيسي وتذكر أيام الطفولة أكثر المناطق التي استوقفت صاحب شرف التتويج بجائزة أحسن لاعب لشهر أفريل المنصرم من طرف جريدة “الهداف”، هو السد المائي لمنطقة واد عيسي، هذه المنطقة معروفة بمناظرها الخلابة، بفعل وجودها بغابة كثيفة، وبمجرد وصولنا إلى هذه المنطقة عادت به الذاكرة إلى أيام الطفولة، حيث تذكر الأيام الجميلة التي كان يقضيها في المناطق الخلابة التي تزخر بها منطقة واد العلايق، واعتبر حميتي تلك الأيام الأغلى في حياته، ولا يمكن أن ينساها. 14:24 الوصول إلى “الفيلا” وتذكر الحادثة المشؤومة كانت سيارة زملائنا في “لو بيتور” الأول التي وصلت إلى المنطقة، لكنها كانت مجبرة على التوقف لانتظار سيارة العرفي وزيتي “207” لمدة قاربت 20 دقيقة قبل أن يصلا، ثم تلتها السيارة التي أقلت حميتي، وتوجهنا مباشرة إلى “الفيلا”، قبل أن ننزل من السيارة لاحظنا تواجد كلاب خصصهم صاحب هذه الفيلا “صالح” لحراسة المنزل، وخشية أن نتعرض إلى أذى بقينا داخل السيارة مما جعل حميتي، العرفي وزيتي لا يتوقفون عن الضحك، وقد توجه إليهم حميتي وهدأهم لندخل الفيلا من بابها الواسع، ولم يتوان حميتي فور دخولنا عن سرد قصته مع هذه الفيلا، حيث قال لنا إن المرة الأولى التي زارها كان خلال الحادثة وذلك بغرض الابتعاد عن الضغط المفروض عليه بقلب المدينة، ومن ذلك اليوم أصبح يتردد عليها باستمرار، نظرا للموقع الذي تتواجد فيه. «شرائح اللحم”، و«النقانق” الطبق الذي اختاره لكنه لا يقارن بكسكس الوالدة كم كانت “الفيلا “فخمة ومشيدة بطريقة عصرية، تحتوي على كل وسائل الراحة وقاعة للترفيه إضافة إلى مسبح بعمق 5 أمتار يستعملونه في فصل الصيف، ولم تمر سوى دقائق معدودات من وصولنا حتى أمر “صالح” عماله المتواجدين معه بطهي شرائح اللحم، والنفانق التي اشتريناها من المدينة، لكن سرعان ما انضم إليهم ابن واد العلايق لكي يبرز قدراته في الطهي. هذه الأكلة لم تكن من خيار أحد إلا حميتي، حيث أصر عليها ومشاركتنا أيضا، وأثناء تناول الأكلة قال: “صح بنينة الماكلة هذي بصح ماشي كيما الكسكس اللي تديرو لعجوز...”. حميتي ليس لاعبا لكرة القدم فقط بل يجيد حتى الفلاحة حتى وإن كان مولعا بكرة القدم، ووضع حدا لمشواره الدراسي من أجل أن يواصل مداعبة الكرة، إلا أنه لم يتكبر يوما عن المهن الأخرى، بل يبقى واحدا ممن يحتفظون بذكريات عدة حول ماضيه، حيث أكد لنا أنه يجيد ممارسة مهنة الفلاحة، واستعرض أمامنا الكيفية التي يمكن رسم مجاري المياه لساقية الحقول والبساتين، الطريقة التي عرضها أمامنا احتار لها الحاضرون من زميله وأصدقائه، خاصة أنهم يعتقدون أن حميتي ليس من هواة الفلاحة. هذا الأمر يؤكد مرة أخرى تواضع هداف الكناري. 17:40 الوصول إلى مقبرة مولود معمري وقرأ الفاتحة على روحه كم كانت الأجواء رائعة جدا داخل “الفيلا” خاصة في ظل تواجد العرفي، زيتي، توفيق، صالح، لم نشعر مطلقا بمرور الوقت، لكن كان علينا أن ننهي عملنا مع حميتي، فبعدما أنهينا تناول وجبة الغداء طلبنا من حميتي الجلوس على الطاولة من أجل أن يرد كل أسئلة القراء، أجاب عليها كلها دون تردد. بعدها واصلنا المغامرة إلى قلب مدينة “آث” ينين وأول ما استوقفنا فيها هو مقبرة الرمز “مولود معمري”، قرأنا على روحه فاتحة الكتاب قبل أن نغادرها، لكن حميتي أصر على أخذ صور تذكارية أمام النصب التذكاري الخاص بالمرحوم داخل المقبرة. سكان “أث يني” خصوه باستقبال كبير، وزيتي والعرفي انبهروا بجمال منطقة القبائل تقع مدينة “آث يني” بأعالي جبال مدينة تيزي وزو وتتميز بطرق جبالية واسعة، وبمناظر طبيعية خلابة انبهر لها لاعبو شبيبة القبائل، ويتعلق الأمر بكل من زيتي والعرفي، والشيء الذي زادها جمالا هو حلول فصل الربيع والشمس التي زادت المناظر جمالا، جل التعاليق كانت منحصرة حول جمال المنطقة إلى غاية وصولنا إلى قلب المنطقة، حيث وجدنا استقبالا كبيرا لم يكن لا حميتي، ولا العرفي وزيتي، ينتظرونه، بل كل شيء كان مخططا من زميلنا من “لو بيتور” كونه ينحدر من هذه المنطقة، حقيقة الاستقبال كان مميزا تميز حميتي فوق الميدان. «الدا براهم” يعانق حميتي وقال “أنت مهاجم كبير ... هز الشباك مرة أخرى....نحن فخورون بك” «الدا براهيم” يعانق حميتي وقال “أنت مهاجم كبير ... هز الشباك مرة أخرى....نحن فخورون بك، أدرك جيدا أنك تستطيع أن تفعلها مرة أخرى وتقود الشبيبة إلى التتويج بالكأس”، بهذه الكلمات التي خرقت صدر المهاجم حميتي، والتي صدرت من إنسان متقدم في السن يعشق الكناري إلى حد النخاع، بدأت جولتنا في قرية “توريرت ميمون”، وهي عبارات تحمل في ثناياها معان لا تعد ولا تحصى، أخذها حميتي من بابها الإيجابي، فبمجرد أن توقف “دا براهيم” من كلامه وقف حميتي لكي يصافحه، لكن الأول أصر على معانقته له. وقبل أن نغادر هذه القرية تمت دعوة اللاعبين إلى تناول “القهوة” لكنهم رفضوا وتناولوا فقط المشروبات غير الغازية، والمتمثلة في عصير المشمش، قبل أن نودعهم. «تابعت مباراة الأهلي بالدموع وأكدت لصالح أنني ولو شاركت في لقاء مازيمبي لقدت الشبيبة إلى النهائي” دون شك الجميع يتذكر الحادثة التي وقعت لهداف الشبيبة فارس حميتي في الصائفة الماضية، ففي الوقت الذي كانت الشبيبة تستعد لخوض مباراة في غاية الأهمية أمام الأهلي المصري في دور المجموعات من منافسة كأس رابطة الأبطال، شاء القدر أن يبتلى حميتي بحادثة غير متوقعة، مما جعله لا يشارك في المباراة، لكن تواجدنا معه في هذا اليوم جعلنا نتعرف على الكيفية التي عاش بها اللقاء، حيث قال: “أتذكر جيدا تلك المباراة، أقسم لكم أن تابعتها والدموع تذرف لوحدها من عيني، لقد تأثرت كثيرا لعدم مشاركتي فيها، يومها كنت في هذا المكان بالذات (يقصد الفيلا ب آث يني)...”، لم يكتف حميتي بسرد ما عاشه في مباراة الأهلي وراح أيضا يتحدث عن مباراة الذهاب من الدور نصف النهائي من منافسة كأس رابطة أبطال إفريقيا أمام الممثل الكونغولي “تي بي مازيمبي”، حيث لم يشارك أيضا في هذا اللقاء وقال بخصوصه: “اللقاء الثاني الذي تأثرت أيضا لعدم مشاركتي فيه هو لقاء الدور نصف النهائي أمام مازيمبي، يومها أكدت لصديقي صالح أنه لو شاركت لقدت الشبيبة إلى الدور النهائي”، صالح يتدخل ويؤكد ما قاله حميتي. هدفه منافسة المحترفين على لقب الكرة الذهبية يسعى مهاجم الشبيبة إلى منافسة اللاعبين المحترفين الذي يرشحون في كل مرة لنيل الجائزة الرفيعة التي تعدها كل موسم يوميتا “الهداف” و«لوبيتور” والتي تتمثل في الكرة الذهبية، هذه الأخيرة في السنوات القليلة الأخيرة عرفت سيطرة مطلقة للاعبين الجزائريين الذين يتقمصون ألوان مختلف الأندية الأوروبية، لكن رغم ذلك إلا أن حميتي يرفع التحدي ويؤكد أن هدفه هو منافسة هؤلاء لنيل هذا اللقب الغالي، خاصة بعدما أبرز إمكانات كبيرة مع ناديه شبيبة القبائل. «لن أغادر القبائل وسأواصل التألق فيها” عاد مرة أخرى صاحب الرقم تسعة في تشكيلة الشبيبة إلى المسألة التي أسالت الكثير من الحبر والتي تتعلق بمستقبله مع النادي القبائلي، وقال: “من المحال أن أغادر الشبيبة بعدما عرفت معها، لست ناكرا للجميل خاصة بعد وقفة الأنصار معي، أصبحت العلاقة كبيرة جدا بيني وبين أنصار الشبيبة، دعونا نستمتع الآن بتتويجنا بهذا اللقب، ثم بعدها سيكون لنا حديث عن هذه المسألة، أمامنا عدة جولات في البطولة وإن شاء الله كل شيء سيكون في يومه”. يوجه رسالة خاصة لبن شيخة اعتبر العديد من متتبعي مختلف خرجات الشبيبة سواء في البطولة، أو كأس الجمهورية، أن الدورالذي يلعبه فارس حميتي والأهداف التي أضحى يسجلها تحت ألوان فريقه، تعد بمثابة رسالات غير مباشرة للمدرب الوطني عبد الحق بن شيخة، لكي يستدعيه إلى المنتخب والاستفادة من خدماته، خاصة أن حميتي برهن من خلال المباراة النهائية أنه هداف من طينة الكبار، ولعل الهدف الذي وقعه في مرمى دوخة أكبر دليل على ذلك، ولا يسجله إلا الهدافون الحقيقيون، حيث لا أحد كان ينتظر استغلال ذلك الخطأ، لكن حميتي وعلى طريقته الخاصة فعلها ومنح القبائل النجمة الخامسة، وعليه يرى نجم المباراة النهائية أنه يستحق مكانة ضمن تعداد “الخضر”. ------------------ كيف لعبوا في نظر المدافع الدولي السابق: سمير زاوي خبرة الشبيبة صنعت الفارق وإرادة الحراش ظلت غائبة اعتبر المدافع الدولي السابق لجمعية الشلف سمير زاوي فوز الشبيبة بنهائي كأس الجمهورية أمس مستحق، وقبل أن يقدم تقييمه لما ظهرت به التشكيلة الحراشية والقبائلية في المباراة طلبنا منه تقييم اللقاء فقال: “في نظري النهائي لم يكن في المستوى الذي كنا نتمناه، كما أعتقد أن قلة خبرة العناصر الحراشية واستسلامهم للضغط جعلنا لا نرى الوجه الحقيقي للاتحاد، أما الشبيبة فهي الأخرى لم تضغط بعد تسجيلها الهدف الأول وبقيت تركز على الهجمات المعاكسة، وعندما تهاجم لا يكون ذلك بأعداد كبيرة، وبوجه عام يمكنني القول إن الخبرة الإفريقية والتجربة الطويلة لعناصر الشبيبة هي التي حسمت الموقف وأهنئها على فوزها. كما أتمنى للحراش ألا تتأثر بخسارة الكأس ولا تنهار في البطولة”. ------ دوخة – عسلة «الحارسان كانا في راحة وهدف حميتي يتحمله ڤريش ودوخة” «عندما نتحدث عن الوجه الذي ظهر به الحارسين دوخة وعسلة، يجب الإشارة إلى أنهما كانا في راحة ولم نر فرصا خطيرة ولا حتى تدخلات حاسمة من كلا الحارسين، والسبب يعود إلى قلة الحملات الهجومية من الجانبين، بل حتى الهدف الذي سجله حميتي في مرمى الحراش لم يكن من لقطة مبنية بل من خطأ، وهنا أوضح أن دوخة لا يتحمّل مسؤولية الهدف بمفرده، بل المدافع ڤريش هو الآخر يسال فيها. على كل أعود لأقول إن دوخة وعسلة كانا في راحة تامة”. ------- جغبالة – رماش «رماش كان أفضل من الناحية الهجومية مقارنة بجغبالة” «أعتقد أن الجهة اليمنى التي شغلها رماش وجغبالة، كان فيها رماش أفضل وأحسن من جغبالة لأن مدافع القبائل لم يكتف بدوره الدفاعي بل كان هجوميا أكثر، حيث ساعد رفاقه وغطى جهته كما يجب. بينما جغبالة فإن دوره كان دفاعيا أكثر ولم يتجاوز في أغلب فترات اللعب خط وسط الميدان، بينما الظروف التي كان فيها فريقه كانت تتطلب منه دعم زملائه في الهجوم”. -------- لڤرع – نساخ (أوصالح) «لڤرع أعاد الكرة إلى الخلف أكثر من تقديمها إلى الهجوم، ونساخ دافع بطريقة جيدة” «في نظري نساخ لم يلعب في منصبه الأصلي الذي تعوّدنا على رؤيته يلعب فيه. أما عن مستواه فقد كان يدافع بطريقة جيدة ولم يغامر كثيرا في دعم الهجوم، وهذه نقطة أعتقد تعود إلى النصائح التي قدمها له المدرب بلحوت، في حين أن لڤرع كان يعيد الكرة كثيرا إلى الدفاع إلى درجة زادت من تعقيد مهمة زملائه، ولهذا يمكنني القول إنه هو وجغبالة لعبا بالطريقة نفسه عدم فتح ثغرات والإعتماد على الكرات العرضية، وفيما يخص دخول أوصالح أقول إنه دخل لبعث الأمان والإطمئنان للدفاع وقد نجح في مهمته”. ------- دمو – خليلي «خليلي سيطر على كامل الكرات ودمو تجاوزته الأحداث” «أما فيما يخص المستوى الذي كشف عنه خليلي في المباراة، يمكنني القول إنه قدم ما عليه بشكل جيد ونجح في كامل الصراعات الفردية التي كانت له مع مهاجمي الحراش، بل لم يترك ياشير يتحرك أو يخلق فرص يهدد بها مرمى الحارس عسلة. بينما دمو تجاوزته الأحداث، فعوض أن يكون نقله سريعا للكرة إلى الهجوم، تباطأ وركز على الكرات القصيرة رغم أنه كان مطالبا بإيصال الكرة بشكل سريع إلى الهجوم. --------- ڤريش (بن عبد الرحمن) – ريال «ريال كان في راحة وقلة المنافسة أثرت في ڤريش” «وبالنسبة للثنائي ڤريش - ريال، أقول إن ريال كان في راحة تامة لأن زملاءه في الوسط كانوا يقومون بدورهم كما ينبغي، بينما ڤريش فقد أثرت فيه قلة المنافسة، بالإضافة إلى مستوى المباراة والضغط القوي الذي دخلت به عناصر الشبيبة، وأشير هنا إلى أن دفاع الحراش ارتكب خطأ فادحا، فبدل التنويع في إخراج الكرة من الدفاع إلى الهجوم والوسط بين الكرات القصيرة والطويلة، فإنها لم تركز تماما على الكرات الطويلة، وهذا ما أثر فيها، وفيما يخص دخول بن عبد الرحمن أقول إنه حقيقة لقي صعوبة في البداية ولكنه بمرور الوقت أخذ ثقته بالنفس. شخصيا لو يعود الأمر إليّ لكنت اعتمدت على بن عبد الرحمن أساسيا عوض ڤريش، إلا أن المدرب أدرى منا ويبقى علينا احترام قراراته”. ------- هندو – العرفي «العرفي أفضل لاعب في الشبيبة وهندو احتفظ بالكرة أكثر من اللازم” «في نظري العرفي كان أفضل لاعب في المباراة، هاجم، استرجع كرات، كسر اللعب، نقل الكرة إلى منطقة الحراش، كما أنه لم يلعب فقط في مكان واحد، ولهذا لو احتسبنا كم ركض في المباراة لنجده فاق العشر كيلومترات، في حين أن مستوى هندو والوجه الذي كشف عنه أقول إنه لم يعط وتيرة عالية في اللعب وكان يحتفظ بالكرة كثيرا، كما أنه لم يكن ينقل الكرة بشكل سريع إلى الهجوم”. ------- غربي – سعيدي «غربي لعب منعزلا وسعيدي كان ممتازا مع العرفي” «سعيدي لعب الدور نفسه مع العرفي وكلاهما أدى دوره كما ينبغي في اللقاء، وفي نظري فقد شكل رفقة العرفي ثنائيا قويا في الاسترجاع، أما غربي كان ينقصه دعم كبير من هندو، ولهذا أقول يد واحدة لا تصفق”. ------- بومشرة – تجّار (لمهان) «لو لقي بومشرة الدعم لغيّر مجريات اللقاء ومستوى تجار لم يكن كبيرا” «أغلقت في وجه بومشرة كامل المنافذ، حيث لم تصله كرات كثيرة وفي وضعيات جيدة تسمح له بترجمتها إلى أهداف، ولو لقي الدعم الكافي لكان بوسعه تغيير مجريات اللعب. أما تجّار فلم نر ذلك اللاعب الذي أبهرنا في رابطة أبطال إفريقيا، وبالنسبة لدخول لمهان أعتقد أن الإنذار الذي تلقاه في أول احتكاك له جعله يلعب بحذر، وبالنسبة لمهمته فقد دخل لدعم وسط الميدان وقد نجح في ذلك”. ------- بوعلام – يونس «خبرة يونس كانت حاضرة وبوعلام تأثر بالضغط” «أما فيما يخص بوعلام، فشخصيا أقول إنه لم يكشف عن الوجه الذي عودنا عليه، وذلك راجع إلى الضغط الشديد الذي لعب تحته وأثر فيه حسب ما شاهدنا. صحيح أنه يملك إمكانات عالية، إلا أنه لم ينجح مع صلابة خط دفاع الشبيبة والغلق المحكم للوسط من زملاء العرفي. أما عن يونس فقد أكد في المباراة أنه لاعب صاحب خبرة وكان يحتفظ بالكرة ويمررها في الوقت المناسب، لهذا يمكنني القول إنه كان من أحسن العناصر الهجومية في تشكيلة بلحوت”. --------- ياشير (شاش) – حميتي «حميتي لعب بذكاء والحراش لم تكن تبحث عن لاعب يتوجه إلى التماس مثل ياشير” «حميتي لاعب أثبت إمكاناته في البطولة وأيضا في لقاءات الكأس، بل صار قناصا للأهداف، بدليل أنه ومن لقطة ميتة حولها بذكائه إلى هدف، مستغلا في ذلك الخطأ الذي وقع فيه ڤريش والحارس دوخة، كما أنه لو وصلت حميتي كرات كثيرة لكانت حصيلته أكثر من هدف. وبالنسبة لياشير فهو لاعب لديه إمكانات عالية ظهر أنه يريد تقديم أمور كثيرة لفريقه، لكن توجهه في كل مرة تأتيه الكرة إلى الناحية اليمنى لم يجلب لفريقه الفائدة، لأن الحراش في نظري كانت بحاجة إلى لاعب يقترب من المرمى ويقلق المدافعين والحارس وليس التوجه إلى التماس، ولهذا أقول إن ياشير لم يقم بواجبه، أما عن شاش فأراد استغلال خبرته ودعم رفاقه إلا أن دخوله المتأخر لم يكن فيه فائدة لفريقه، ولو وظفه شارف منذ البداية خاصة في مباراة مثل هذه لقدم مستوى أفضل”. -------- لدرع (طواهري) – يحيى شريف (دويشر لعمارة) «دفاع الشبيبة أغلق المنافذ أمام لدرع ويحيى شريف لعب بذكاء” «لدرع لم تصله كرات كثيرة من بوعلام وبومشرة، وهذا يعني أنه لعب معزولا وما زاد في عدم ظهوره كثيرا هو أن دفاع الشبيبة أغلق عليه كامل المنافذ، والأمر نفسه مع زميله طواهري الذي عوضه والذي يمتاز بفرديات جيدة وكان باستطاعته معادلة النتيجة في الدقائق الأخيرة، إلا أنه ظل معزولا ولم تكن حرارته كافية لتجاوز الحصن المنيع والجدار العالي لدفاع الشبيبة، وفيما يخص المستوى الذي كشف عنه يحيى شريف أقول إنه احتفظ كثيرا بالكرة ولم يخلق فرص خطيرة على مرمى الحارس دوخة. بينما دخول دويشر كان للمحافظة على النتيجة فقط، لهذا أختم بالقول إن كامل تغييرات بلحوت كانت تكتيكية وموفقة في تسيير اللقاء بذكاء، بينما قلة خبرة عناصر الحراش أخلطت حسابات شارف”.