أمير سعيود، الجناح الطائر للأهلي المصري والذي لم يظهر له أثر في وسائل الإعلام المحلية، غير أنه فتح قلبه لنا وأجاب على أسئلتنا بإسهاب، على الرغم من أنه تعرض لالتواء بعد المباراة التي تأهل فيها المنتخب الوطني الأولمبي أمام نظيره الزامبي إلى الدور التصفوي الأخير تحسبا للمشاركة في أولمبياد لندن 2012. منذ مدة لم يظهر لك أثر في الساحة الإعلامية، خاصة في صفحات الجرائد، لماذا؟ هذا خيار وأعتقد أنني أدليت بكل شيء في وقت سابق، وبالتالي فلا يجب إعادة ما ذكرناه في المرات الفائتة، خاصة أنني كنت أجد في الصحافة كلاما محرفا لما قلته، وهو الأمر الذي جعلني لا أتفوه بأي كلمة لرجال الإعلام ولا أدلي بأي تصريح. ولماذا أنت تتحدث إلينا الآن؟ هذا كذلك يعد خيارا بالنسبة لي، فأنا هنا لا أشعر بأي شيء وعندما أتكلم أكون مرتاح البال. تتحدث عن كل شيء؟ حسب الأحوال، نتحدث عن المواضيع التي تريد معالجتها، أنا إنسان متفتح لكن ليس كثيرا، وإذا طرحت علي سؤالا لا أستطيع الإجابة عليه فسأضغط على زر العبور. لنبدأ حديثنا عن التأهل المحقق إلى الدور الأخير من تصفيات الألعاب الأولمبية 2012، كيف هو شعورك؟ أشعر بسعادة غامرة تنبع من الأعماق، مثلي مثل الجميع الذين سعدوا بهذا التأهل، صراحة كنا نستحق ذلك نظرا للمجهودات الكبيرة التي بذلنا خلال مشوارنا. معظم زملائك انهمرت دموعهم فرحا بعد الإعلان عن صافرة النهاية، ماذا عنك؟ كنت خجولا، وفهمت بأن تلك الدموع أتت بعد تضحيات جسام ولا يمكن لكلماتي أن تشرح لك ذلك، وعليه فإن هذا التأهل أتى في وقته وسيفتح لنا الأبواب مستقبلا، لاسيما وأن الإقصاء كان سيدخلنا في نفق وفي مأساة حقيقة. كنتم منهزمين بهدفين مقابل صفر قبل عشر دقائق عن نهاية اللقاء (إضافة إلى خمس دقائق من الوقت الإضافي)، ألم ينتبكم الشك؟ لا، وهو ما كان يجب علينا فعله، لقد كان الأمر في غاية الصعوبة وأكملنا الدقائق الأخيرة على الأعصاب. فيم كنت تفكر؟ في الجمهور، كان لزاما علينا أن نمنح بلادنا هذا التأهل، لاسيما أن الجماهير لا زالت تحت وطأة الهزيمة القاسية التي تلقاها الفريق الأول في المغرب، وبالتالي فإن التأهل خفف من خيبة الأمل. كنت تأمل في العودة إلى الجزائر رفقة المنتخب الوطني، أليس كذلك؟ نعم، كنت أتمنى أن أعود رفقة الوفد الوطني لكي نتقاسم الفرحة مع بعض، لكن كان علي الذهاب إلى القاهرة لأن لدي ارتباطات هناك. لاعبو زامبيا كلهم توجهوا إليك بعد نهاية المباراة، ماذا كانوا يريدون منك؟ من أجل الحديث فقط والتعرف. لكن يجب القول أنهم تركوا انطباعا حسنا؟ ربما، لكن الأكيد هو أنها كانت تشكيلة جيّدة، وقد ترك هذا الفريق انطباعا جيّدا، إنهم يلعبون كرة قدم جيّدة، وصراحة لو طبلوا مني إعطاء رأيي لقلت لهم أنهم يستحقون التواجد في الدور المقبل. كان هناك احتمال أن تغيب عن لقاء العودة، ما الذي حدث حتى تغيّرت المعطيات؟ ليس بنسبة 100%، المدرب أراد رؤيتي في بعض المباريات مع فريقي، لم أستطع أن أقول لا، لقد تأثرت بكلمة واحدة قالها المدرب وحررتني، عندما كنت في القاهرة ونظرت إلى التوقيت رأيت أن هناك بعض الصعوبات، ولكنني اتصلت بالمدرّب وأكدت له أنني مستعد للقاء العودة، وصراحة “ربي عطاني على حساب قلبي”، وكنت أريد فعلا لعب المباراة. هل كان مهما بالنسبة إليك لعب هذا اللقاء في زامبيا؟ نعم، كنت أريد إتمام ما بدأناه في الجزائر، كنت أريد أن أعيش فرحة التأهل، ومساعدة بلدي من أجل التأهل. قبل لقاء الذهاب قيل كلام كثير حول ما إذا كان سيتم استدعاؤك للمنتخب الأول، أم إلى منتخب الآمال، كيف استقبلت تلك الأخبار. من البداية كنت أعرف أنني مع الآمال، لكن في فريقي النادي الأهلي أكدوا لي أن الدعوة تخص المنتخب الأول، لقد قرأوا الدعوة خطأ، بعدها الصحافة سارت في نفس الخط، صراحة لقد انتابني بعض الشك لبعض الوقت، لكن ليس لفترة طويلة، اتصال آيت جودي أزاح اللثام عن اللبس الحاصل. أكنت متأسفا لذلك؟ لماذا؟! بعد أن تم استدعاؤك للمنتخب الأولمبي وليس للمنتخب الأول؟ لا، أبدا، إنها الجزائر، هناك حلم بالالتحاق بالمنتخب الأول، لكن هذا لن يغيّر من الأمر شيئا، لأن الأمر يتعلق بالدفاع عن الألوان الوطنية، والدليل أنني قلت أن المدرّب أراحني. كيف تلقيت الهزيمة التي مني بها المنتخب الوطني في مراكش؟ لم أتمكن من متابعة إلا الشوط الثاني، لأنني كنت في الطريق نحو ڤالمة، تابعت الشوط الأول بواسطة الهاتف مع أحد الأصدقاء، لم أفهم شيئا، لقد تلقيت تلك الهزيمة بكثير من الأسف مثل أي جزائري، هذه هي كرة القدم، بما أنني لاعب محترف نسيت تلك الهزيمة بسرعة، وقلت في نفسي أن هناك أياما لك وأياما عليك، لا يجب تأزيم الأمور، في كرة القدم مثلما تفوز يوما يمكن أن تنهزم أيضا، ولا نستطيع تغيير شيء. هل كان هناك تأثير عقب عودتك إلى القاهرة؟ ليس كثيرًا، كانوا متفاجئين بعض الشيء لثقل النتيجة، خاصة أننا فريق مونديالي، وهو ما جعل الجزائر مرشحة على الورق. الإقصاء بدون شك كان له تأثير أيضًا على المصريين؟ بالتأكيد، بعد ثلاث تتويجات متتالية، إنه لأمر مؤسف أن تسير الأمور بهذه الطريقة، يجب أن نترك الوقت يمر لكي ننسى هذا. إنها نهاية جيل، أليس كذلك؟ لست أدري، ربما هذا ما يقوله بعض الملاحظين، لا أستطيع الرد على هذا السؤال، صحيح أن هذا الإقصاء سيخلق مشاكل بعد كل تلك التتويجات، وأظن أنه بعد كل تلك التتويجات لم يعد بإمكانهم تحقيق المزيد، هذا رأيي فقط. هل تقاسمهم ذلك؟ ليس كثيرا. وضح أكثر. أعرف العديد من اللاعبين الدوليين مع الأهلي، فهم ليسوا متكبرين بل لا يزالون متعطشين للألقاب على الرغم من كل ما حققوه سواء مع الأهلي أو المنتخب المصري ويريدون بذلك المزيد والمثال حيّ لدى أحمد حسن بحيث يبلغ من العمر 36 سنة إلا أنه طموحه غير محدود. نتحدث عن الأهلي، كيف يرونك الآن هناك؟ الحمد لله، الجميع يحترمني في الفريق، الأنصار يثقون أكثر فأكثر في شخصي ودائما يتحدثون معي ويرفعون معنوياتي ويشجعونني لأجل أن أكون أحسن في المستقبل، ولا أخفي عليك بأن مثل هذه الأمور تشجعني كثيرا وتحفزني لبذل المزيد من المجهودات، وبدأت أجد معالمي في الأهلي رويدا رويدا، وأريد أن أؤكد لهم أنني أستحق الثقة الموضوعة في شخصي. وفي غرف حفظ الملابس، كيف هي مكانتك؟ لدي مكانتي الخاصة، أستمع لكل ما يقوله المدرب وبقية الرفقاء، فهناك لاعبون أصحاب خبرة وتجربة ولما يتحدثون يجب الاستفادة منهم قدر المستطاع ولما يأتي الدور عليّ أتحدث بطريقة عادية ويمكنني أن أؤكد أيضا بأنه لا يوجد لاعب نجم يتم تفضيله على البقية فالجميع سواسية ويوجد في الفريق على الأقل 12 لاعبا من مواليد 1990 و 1992 ولكن ولا مرة شعرنا بالتهميش فكما قلت لك من قبل الجميع يحترمنا على غرار أحمد حسن، محمد بركات، وائل جمعة وغيرهم. يقولون إنك اللاعب المفضل أو بالأحرى المدلل لدى أبو تريكة، هل هذا صحيح؟ (يضحك) نعم يمكن أن تقول ذلك، فنحن نتشابه كثيرا، هو دائما كان يؤكد على أنني أستحق وضع الثقة في شخصي وهذا منذ التحاقي بالفريق وحافظ على موقفه إلى اليوم، ما يمكنني قوله عنه إنه إنسان غير عادي، رائع وأحترمه كثيرا، ولكن يجب أن أشير إلى أمر مهم وهو أنني صديق الجميع في الأهلي وليس أبو تريكة فقط. ومن هو اللاعب المقرب إليك أكثر في الأهلي؟ كما قلت لك من قبل، لا يوجد لاعب محدد لأن الجميع أصدقائي في الفريق، وبمجرد أنني لاعب أجنبي فإن الجميع يحاول التعامل بطيبة معي فهم رائعون من دون مبالغة وفي شهر رمضان مثلا فإنهم يدعونني للإفطار في منازلهم وكل يوم الدور على لاعب معيّن، ما خلق صداقة بيني وبين لاعبي الأهلي. ما هي محطتك المقبلة؟ أنا أنظر دائما إلى البعيد والأمام، أنا أعلم بأنني مطالب بالعمل ولا شيء غير ذلك من أجل تطوير مستواي أكثر فأكثر لأنني أريد الأحسن. تقصد على مستوى النادي؟ على مستوى النادي وكذا في المنتخب الوطني. ما هي أهدافك على مستوى النادي؟ أفرض نفسي قدر المستطاع وأتمكن من تقديم الإضافة المنتظرة مني وأحصد الألقاب إن شاء الله. وفي المنتخب الوطني؟ تتبع المراحل والذهاب بعيدا. يعني ذلك الالتحاق بالمنتخب الأول؟ نعم هذا هو هدفي الرئيسي. ما الذي يحدث في الأهلي، فبعدما كان هذا الفريق يحصد اللقب تلو الآخر أصبح يخرج فارغ اليدين مع نهاية كل موسم؟ هي مرحلة فراغ يمر بها الفريق لا أكثر ولا أقل، فكل الأندية الكبيرة تمر على هذه المراحل والآلة ستنطلق مجددا وأنا متأكد من ذلك. تعني بأن الفريق في مرحلة انتقالية وإدارة النادي تقوم بتكوين فريق قوي في الوقت الراهن، أليس كذلك؟ لا ليس بالتحديد، كما قلت بالتحديد هي مرحلة فراغ يمر بها الأهلي، أما فيما يتعلق بالتكوين فإن الفريق لم ينتظر إلى غاية اليوم لكي يقوم بذلك، فنحن حوالي 12 لاعبا من مواليد 90 و92 في الفريق والتشبيب موجود وهذا من أجل أن تكون هناك الاستمرارية، لا ينتظرون في الأهلي نهاية جيل حتى يغيروه. هل ترى نفسك باقيا في الأهلي لسنوات عديدة؟ أتمنى ذلك في حقيقة الأمر، فأنا أريد النجاح مع هذا الفريق الكبير ولن أغادره حتى أحصل على الألقاب معه هذا أكيد. في حال قررت مغادرة الأهلي، أين ستكون وجهتك؟ إلى أوروبا دون شك، فهو حلم بالنسبة لي وأريد تحقيقه يوما ما. وما هي الأندية التي تستهويك في أوروبا؟ أجاكس أمستردام وآرسنال، أنا أحب كثيرا هذين الناديين وهذا بالنظر إلى السياسة التي يعملان بها. لأنهما ناديان مكونان، أليس كذلك؟ ليس هذا بالتحديد، بل أيضا لأنهما يقدمان كرة نظيفة وصحيح أن المثل والقدوة هي برشلونة في طريقة اللعب على الصعيد الفردي والجماعي، لكن هذا لا يمنع أجاكس وآرسنال من أن يكونا من بين الكبار ويعجباني كثيرا. هل ترى نفسك هناك؟ إن شاء الله ولم لا؟ لديك بعض الاتصالات هناك؟ لا ليس لدي أي اتصال من هناك في الوقت الراهن.