لطالما أرجعنا وأرجع النقاد وأهل الاختصاص غياب اللاعب المحلي عن تعداد المنتخب الوطني الأول، إلى ضعف البطولة الوطنية وضعف مستوى هذا اللاعب المحلي، وتراجع الأندية الأوروبية عن الاستثمار في السوق الجزائرية، وتحوّلها إلى اللاعبين السود بأدغال إفريقيا، وإلى الجارتين تونس والمغرب، لكن الظاهر أن هناك بصيصا من الأمل في عودة اللاعب المحلي الجزائري للاحتراف في أوروبا بعد الحركة التي لمسناها مع انطلاق سوق التحويلات في أوروبا خلال هذه الصائفة، وذلك إثر توقيع كل من الظهير الأيسر لمولودية الجزائر سابقا إبراهيم بدبودة لصالح نادي “لومان” الفرنسي، وتوقيع الجناح الأيمن الطائر لشبيبة القبائل سابقا يحيى شريف رسميا لصالح “إيستر” الفرنسي، في انتظار لاعبين آخرين قد يلتحقون بالثنائي إلى القارة العجوز قبيل انطلاق الموسم الجديد. مترف، عشيو وجابو آخر التجارب الفاشلة وقت طويل مضى لم تصدر فيه الجزائر لاعبين إلى أوروبا مثلما كانت تفعله خلال سنوات عزّ كرتنا في الثمانينيات، وحتى آخر التجارب التي كان لاعبونا يرجون من خلالها النجاح والتألق كللت بالفشل، والبداية كانت ب “الحرامي” حسين عشيو الذي تنقل إلى سويسرا أين احترف مع نادي “آرو” في فترة كان عشيو متألقا فيها مع ناديه الحالي اتحاد العاصمة، غير أن اللاعب عاد إلى البطولة المحلية وهو يجرّ أذيال الخيبة بعد تجربة قصيرة فاشلة، تلتها تجربة الوافد الجديد على شبيبة القبائل حسين مترف الذي وقع عقدا احترافيا لصالح “ديجون” الفرنسي، وهي التجربة التي باءت بالفشل أيضا، ثم جاء الدور على عبد المومن جابو الذي أمضى لصالح “سيون” السويسري عقدا مدته ثلاث سنوات، لكنه تراجع قبل أن تفشل تجربته بعدما رفض اللعب هناك من دون حجة مقنعة، لتكون تجربته آخر التجارب الفاشلة للاعبينا المحليين ما وراء البحار. حليش آخر التجارب الناجحة التجارب الناجحة قد تعيدنا سنوات وسنوات إلى الخلف، لكننا نفضل أن نعرج للحديث عن آخر التجارب الناجحة، ونخص بالذكر صخرة دفاع المنتخب الوطني الغائب عن “الخضر” منذ سنة، رفيق حليش الذي تألق مع مدرسة حسين داي ورسم وعبّد لنفسه طريقا نحو الاحتراف عبر بوابة “بنفيكا” البرتغالي الذي قام بإعارته إلى “ناسيونال ماديرا” الذي حمل فيه اللاعب ألوانه لسنتين كان فيهما أساسيا دون منازع، وخاض خلالهما العديد من التحديات في البطولة أو في الدوري الأوروبي، قبل أن يحط الرحال سريعا في البطولة الإنجليزية، أين يبحث في الوقت الحالي عن ذاته مع نادي “فولهام”، وحتى إن كان ابن باش جراح لا يلعب كثيرا مع فريقه الحالي إلا أنه يعد من بين آخر التجارب الناجحة للاعبينا في أوروبا بعد كل التجارب التي كللت بالفشل. بدبودة ويحيى شريف قد يفتحان باب الاحتراف من جديد والظاهر أن بدبودة ويحيى شريف قد يعبّدان الطريق لعناصر محلية أخرى نحو أوروبا، وقد يشجعان عددا من اللاعبين على مضاعفة جهودهم لبلوغ الاحتراف الحقيقي، ما دامت بطولتنا تتوفر على عناصر موهوبة قادرة على السير على نفس النهج الذي سار عليه لاعبا المولودية والشبيبة هذه الصائفة. القسم الثاني في فرنسا أفضل بكثير من مستوى بطولتنا وقد يقزّم البعض من تحوّل بدبودة ويحيى شريف إلى “لومان” و”إيستر” باعتبارهما فريقان ينشطان في القسم الثاني من البطولة الفرنسية، غير أن ما قد يجهله كثيرون هو أن المستوى هناك أفضل بكثير من مستوى البطولة المحلية، فيكفي أن القسم الثاني هناك يضم أندية عريقة ك “موناكو، لانس، أميان، لوهافر” وغيرها من الفرق الفرنسية الكبيرة، وهي فرصة للثنائي كي يحتك بالمستوى العالي كأول محطة له بعد الاحتراف، على أن يسمح له التألق بالتطلع بعدها للعب في القسم الأول، ولم لا التحول إلى بطولة أخرى أقوى، مثلما سارت عليه الأمور مع حليش لدى تنقله إلى البرتغال وتحوله فيما بعد إلى إنجلترا. سوداني في الطريق نحو الاحتراف إن لم يعرقل ومن يدر؟ فقد لا يكون بدبودة ويحيى شريف آخر الجزائريين الذين سيتحولون إلى فرنسا، لأن هداف البطولة الوطنية هلال سوداني هو الآخر بات قريبا من اللحاق بهما إن سارت الأمور مثلما سطره هو ومناجيره الخاص، بمعنى إن لم يعرقل من طرف إدارة جمعية الشلف، فاللاعب لا يزال حتى الآن يترقب انطلاق المفاوضات بين إدارة “لومان” وإدارة فريقه بما أنه مرتبط بعقد لموسم إضافي مع بطل الجزائر، وبعدها وفي حال التوصل إلى اتفاق، فإنه سيكون ثالث الجزائريين الذين سيحترفون بداية من الموسم المقبل في فرنسا. جابو إن انتظر ثانية فيعني نهاية موهبة في ريعان الشباب أحد المتألقين في سماء بطولتنا الاحترافية عبد المومن جابو هو الآخر مقبل على خوض تجارب مع أحد الأندية السويسرية هذه الأيام، وهو مرشح لكي يضمن مكانه معه مسبقا بالنظر إلى الإمكانات الفنية المعتبرة التي يتمتع بها، والتي عليه أن يستغلها كي يكفر عن أخطائه التي ارتكبها في السنوات الأخيرة، بعدما رفض اللعب ل “سيون” وبعدما رفض أيضا التنقل إلى البطولة الألمانية يوم اتصل به مسؤولو بطل ألمانيا الموسم الفارط “بوريسيا دورتموند”، ومن المؤكد أن إحجام “ميسي” الجزائر عن الاحتراف بداية من الموسم المقبل في أوروبا يعني بداية نهاية لاعب في ريعان الشباب. مترف، حاج عيسى، جديات، سوڤار ومسعود وآخرون أهل للاحتراف احتراف يحيى شريف، بدبودة واقتراب سوداني من ذلك، وترشح جابو كي ينضم إلى ركب المحترفين في أي لحظة، لا يعني أن بطولتنا لا تضم لاعبين قادرين على اللعب في فرنسا بقسميها الأول والثاني، فمترف وبالنضج الذي وصل إليه اليوم قادر على خوض تجربة أفضل من تجربته السابقة مع “ديجون”، لكنه اختار شبيبة القبائل، وحاج عيسى وبعدما صار حرا لأول مرة في حياته تجاه وفاق سطيف قادر هو الآخر على اللعب أينما شاء وأراد، نفس الأمر بالنسبة لفنانين من طينة جديات، سوڤار ومسعود، وغيرهم من اللاعبين الذين برزوا بشكل لافت للانتباه مع أنديتهم هذا الموسم. حاج عيسى كان من الممكن أن يحترف منذ مدة وكان من الممكن أن نرى حاج عيسى وراء البحار منذ فترة طويلة، عندما فجر موهبته مع الوفاق، حيث وصلته عروض بالجملة من فرنسا، ومختلف دول الخليج بالإضافة إلى عرض مغر من أوكرانيا، لكن سرار كان في كل مرة يرفض تسريحه ويطلب منه التجديد، وهو ما كان اللاعب يوافق عليه دون تردد، إلى أن وجد اليوم نفسه حرا طليقا بعد 7 سنوات كاملة، وفرصته تبدو مواتية كي يحقق حلمه في الاحتراف ولو متأخرا ما داما قادرا على العطاء لسنوات عدة على الميادين. زياية ضيعوا عليه “سوشو” بسبب المال وكان بإمكاننا أن نرى زياية في فرنسا وبالضبط مع نادي “سوشو” الذي يلعب له الدولي الجزائري الآخر رياض بودبوز، إذ أن مسؤولي هذا النادي كانوا في انتظار ابن ڤالمة بفارغ الصبر كي يمضي لصالح فريقهم، لكن سرار غيّر له وجهته وأرسله إلى السعودية أين يلعب حاليا في اتحاد جدة، وهو الفريق الذي قد يحصل فيه زياية على ألقاب وأموال كثيرة، لكن دون أن يحقق ما قد يحققه في فرنسا إن هو اختار الرهان الرياضي على الأموال. تشكيلة آيت جودي قد تحظى بفرص الاحتراف ومن الممكن أن يكون الموسم المقبل مشرقا بالنسبة لعدد من اللاعبين المحليين ممن يلعبون لصالح المنتخب الأولمبي، إذ أن تألقهم مع المنتخب حتى الآن في التصفيات المؤهلة ل “أولمبياد 2012” قد يلفت انتباه المناجرة والأندية الأوروبية، وهم إن واصلوا المشوار بثبات في الأشهر المقبلة، فلن يكون غريبا علينا أن نرى لاعبين آخرين يلتحقون بزميلهم بدبودة الذي تألق مع المنتخب الأولمبي و”العميد” فنال بطاقة العبور إلى أوروبا. ارتفاع مستوى البطولة يضاعف حظوظ لاعبينا في الاحتراف ولا بد أن نؤكد أن عودة بعض لاعبينا للاحتراف في أوروبا لا تعني أن كرتنا المريضة بدأت تتعافى، بل إنه مؤشر يبعث على التفاؤل بخصوص المستقبل، فاليوم وبعد موسم واحد من البطولة الاحترافية صدرنا لاعبين حتى الآن إلى أوروبا، وقد نصدر الثالث والرابع هذه الصائفة، وقد نصدر أكثر في ثاني موسم للاحتراف، لكن بشرط أن يرتفع مستوى البطولة العام المقبل، أن نحضر مباريات من أعلى مستوى، أن نحضر أداء راقيا من اللاعبين في المستطيل الأخضر، وذلك حتى تتضاعف حظوظ كل الموهوبين في الاحتراف بأوروبا. ضرورة التفات اللاعب إلى تطوير مستواه عوض الاهتمام بالملايير ثم إن اللاعب مطالب ببعض التضحيات كي ينجح، إذ عليه أن يبحث عن السبل التي تمكنه من تطوير مستواه، كأن لا يبحث فقط عن الإمضاء لموسم واحد وكفى، وأن يبحث عن الاستقرار مع فريقه، ولا يهتم بالإمضاء مقابل مليار فما فوق وفقط، وأن يطمح حقا للاحتراف لا أن يهتم فقط بكسب مليار هذا الموسم ومليار آخر الموسم المقبل وانتهى الأمر، حينها وإن تحلى اللاعب بالانضباط والجدية فإن مصيره سيكون مصير بدبودة ويحيى شريف وربما سوداني وجابو اللذين قد يحترفان هذه الصائفة، كما أن مصيره سيكون الانضمام إلى المنتخب الأول الذي سيطر عليه في وقتنا الحالي المغتربون الناشطون في مختلف الأندية الأوروبية.