انطلاق الحرب العربية على جماعة الحوثي يعيدنا إلى زمن هيمنة القومية العربية، ولكن هذه المرة بقيادة سعودية وليس مصرية التي أصبحت تابعة غير متبوعة، ولعل أهم ميزات هذه الحرب هي الاندفاع السعودي للدفاع عن مصالحها وأمنها القومي الذي أصبح مهددا. الدولة السعودية وبعد وأدها لكل ثورات " الربيع العربي " التي نجم عنها بروز حركات الإسلام السياسي التي ترى فيهم -السعودية- خطرا من حيث تصدير مفهوم الإسلام السياسي خارج نطاق المنظومة السلفية الوهابية برؤية سعودية، وكان لانعدام النضج السياسي والرؤية الاستراتيجية الواضحة المعالم في التعامل مع مكتسبات الربيع العربي، أبرز الأثر في دفع الرياض إلى توسيع رقعة الخلاف مع الشعوب الثائرة، فنجده تارة حامية لرموز الدولة العميقة كما في الحالة التونسية، وتارة راعية للانقلاب كما في الحالة المصرية، مما جعلها تتصدر الثورات المضادة للحراك العربي، وهو الحدث الذي أفرز لنا واقعا نعيشه الآن، الحوثي وصالح في اليمن، السيسي بمصر وحفتر في ليبيا وبشار لا يزال يحكم سوريا، هذا الأخير فتح المجال للمحور الشيعي بقيادة إيران أن تستغل الصراع السني -سني وتحوله الى مكسب شيعي، وأود التذكير هنا أن العقيدة ماهي إلا مطية لاستثمارها في المصالح السياسية البحتة ولا مجال للقتال والتضحية من أجل المعتقد الذي يستغل أبشع استغلال في ترويج سياسات الدول وخاصة في شقيه السني والشيعي. إن إيران تسعى لإحياء مجدها الضائع وامبراطوريتها الصفوية، فراحت تتوسع من لبنان إلى العراق وصولا لسوريا حتى اليمن، وفي كل بلد لها جماعات وميليشيات مسلحة تفرض نفسها بلغة القوة مع تناغم دولي رافض لتصنيفها ضمن القوائم الإرهابية !!..مع لعب إيران على الوتر الطائفي لاستغلال توسعها على حساب الدول السنية، في حين أي منظمة سنية مسلحة تدرج ضمن قوائم الإرهاب !!! . وبالعودة إلى البدء فالذي يجب التركيز عليه حول عاصفة الحزم التي للسعودية النصيب الأوفر من حيث العدة والعتاد وما بعد ذلك من مكاسب سياسية قد يطول قطف ثمارها، خاصة أن الرؤية السياسية فيها واضحة في ظل الاستفاقة المتأخرة، ناهيك أن الطرف المعلن عليه الحرب والمتمثل في دولة ثيوقراطية حامية للتشيع لن يسكت، وما خطاب السيد حسن نصر الله إلا رسائل مشفرة من دولة إيران وإلا بماذا يفسر قوله "ستخرجون منهزمين" !!! أيعقل لجماعة أن تهزم دولا بأكملها !!! ناهيك أن البحرين أرض خصبة لبث القلاقل من جديد، لا سيما أن الحرب ستطول وليست قضية أشهر كما يشاع حتى ولو سلمنا بدخول القوات البرية وهذا هو الأنجع في المواجهات العسكرية، وهذا ما قد يكلف السعودية حرب استنزاف مع خلق جبهات أخرى كالبحرين والمناطق الشرقية داخل المملكة التي تقطن بها الأغلبية الشيعية. الشرعية الغائبة عن اليمن لو عدنا لمسألة الشرعية في اليمن، فالمسلّم به أن الشرعية يقصد بها تواجد القيادة على الأرض مقاومة للهزة التي تعيشها اليمن، خصوصا مع ما يحدث بها، فالمهم هو بقاء القيادة على أراضي اليمن الحزين وتكون بمثابة التحفيز المعنوي والمادي، هذا إن سلمنا بشرعية عبد ربه !!…قلت يكون عبارة عن تحفيز لكي لا يكون هناك شعورا بعدم وجود دولة أو وجود فراغ في الدولة، والملاحظ بعد غياب الرئيس مع عدم وجود قيادة فعلية منظمة معلومة، وحتى الجبهات القتالية لا توجد في ظل غياب وزير الدفاع صبحي المحتجز، حيث كان من المفروض على الرئيس عبد ربه إعلان حكومة مؤقتة تؤثر وتسير المقاومة المسلحة واللجان الشعبية وحتى تنظيم المظاهرات المدنية مع استغلال الواقع الإقليمي والدولي للحرب، لكن الأنباء توحي للفوضى وعدم الاستقرار ولو بعد حين …نراك سعيدا أيها اليمن الحزين.