"كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    لبنان : ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني إلى 3670 شهيدا و 15413 مصابا    الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الشباب يهزم المولودية    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمودة بن الساعي … أو النخبة المهدورة
نشر في الحوار يوم 01 - 04 - 2015


ثلاث شخصيات من نخبنا الوطنية كلما تذكرتهم تجسد لي مصير المثقف في مجتمع متخلف تحكمه أنساق نيو كولونيالية؛ إنهم مالك بن نبي، وصديقه وأستاذه حمودة بن الساعي، والدكتور المؤرخ رابح بلعيد، رحمهم الله جميعا. وإذا كان مالك بن نبي قد أفلت إلى حد ما من قبضة الكولونيالية ومكرها واستطاع أن يبث أفكاره وأفكار أستاذه بن الساعي في كتبه وفي تلاميذه، وإذا استطاع الدكتور بلعيد أن يخوض تجربة هجرة ودراسة وممارسة سياسية في الحكومة المؤقتة ثم يستقر أكاديميا مؤرخا، وإن لم ينل حقه من التقدير العلمي والوطني، فإن بن الساعي، يمثل بالنسبة لي مأساة الهدر والتهميش والإقصاء الذي تتعرض له العقول الكبرى في أمتنا عامة وفي وطننا خاصة. إن بن الساعي ليس شخصية بسيطة أو من عامة الناس، إنه نخبة النخبة، بشهادة ابن باديس والابراهيمي ومالك بن نبي وغيرهم من العلماء والمفكرين، الذين لا يشهدون ببساطة لأحد. ويكفي أن نستعرض كتب بن نبي لندرك هذه القيمة التي تبوأها بن الساعي، إذ يعده بن نبي أستاذه وصاحب الفضل عليه في توجهه دارسا للحضارة متمكننا من مناهج التحليل الاجتماعي والحضاري. لقد كان بن الساعي أول جزائري يقدم أطروحة في السوربون في الفلسفة عن أبي حامد الغزالي في الوقت الذي كان فيه السادن الأكبر للاستشراق الكولونيالي المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون يدرّس في السوربون، وكان هذا الأخير يفتح أذنيه جيدا ملتزما الصمت عندما يتحدث بن الساعي، فإذا تحدث بن الساعي سكت ماسينيون، كما يذكر مالك بن نبي. وكان هذا التميز في الفكر والفلسفة والوعي، وكذلك حماسته الوطنية هي التي جعلت ماسنيون وعملاءه يترصدون له، فلم يكمل أطروحته، ولم يكمل دراسته، وعاد إلى الجزائر، وحتى لما أدركه الاستقلال، فإن التهميش حاصره أكثر، مما يطرح التساؤل عن مدى هيمنة خط سياسة ماسينيون الكولونيالية على صناع القرار الثقافي والإداري في جزائر الاستقلال، بدليل أن هناك من النخبة، ممن تبنى التنوير الحداثي في سياقه الكولونيالي، لقي ترحابا وتكريما وصيتا ذائعا، مما يجعلنا لا نصدق أن ما حدث لبن الساعي كان عفويا، ولم يكن وراءه "مراصد الصراع الفكري" بتعبير بن نبي، داخلية كانت أو خارجية، حتى لا يهيأ مثل هذه العقول النبيهة لتقود الجزائر لاسترجاع هويتها الحضارية. إن ما تعرض له حمودة بن الساعي من مكر الاستشراق الكولونيالي الذي كان يمثله ماسنيون كبير سدنة الاستعمار الفرنسي في الجزائر والعالم، وما تعرض له من تهميش على يد النخبة التي استولت على السلطة في الدولة الوطنية بعد الاستقلال ليعطينا درسا مهما في كيفية تضييع الأمة على نفسها عقولا استراتيجية، لأنها لا توفر لأمثال هؤلاء الحماية الكافية والبيئة المناسبة ليبدعوا ويقودوا أمتهم لمزيد من التميز. وهذا ما يجعلني أتساءل؛ لماذا تستمر الأمة في إهدار هذه الطاقات؟ ولماذا هذا النزيف المستمر سواء بتهميش هذه العقول أو هجرتها خارج الوطن؟ إن علينا أن نطور ثقافة اقتناص الكفاءات والعقول النبيهة الذكية، وتوفير البيئة وتهيئة المناخ لها، لتبدع وتؤتي أكلها في إفادة الأمة برؤاها وأفكارها ونطرياتها ومشاريعها. علينا أن نطور مؤسسات تحمي العقول الكبرى للأمة، تحميها من أن تقع فريسة الظروف المعيشية فتنشغل بها وتكف عن الإبداع، وتحميها من أن يتم تثبيطها وإفشال عزيمتها أو تصفيتها كما وقع لكثير من المبدعين على أيدي مراصد الصراع الفكري ومؤسسات الاستشراق النيوكولونيالي والنخب المتغربة التي تعمل طابورا خامسا فكريا وعلميا لخدمة الاستعمار الجديد حتى لا تتكرر مأساة الهدر مرات ومرات، مثل ما تعرض له العلامة حمودة بن الساعي عليه رحمة الله.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.