من الخوارج إلى داعش… قراءة في منهج العنف وعقيدة الدم الفصل الثاني الحلقة 06 الجهاد من خلال هدي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جيش ونظام ودولة تنطلق من أرض بعد الإعداد والاستعداد وبأهداف معيّنة واقعية، وقد يتراجع الجيش أمام كثرة العدوّ ولا حرج في ذلك، وقد تراجع جيش المسلمين في مؤتة وثبتت في السّيرة أحداث تثبت تراجع الجيش وفراره من المعركة لعدم التّكافؤ أو العجز عن حسم المعركة مع توقّع خسائر كبرى. أما الجهاد عند الجماعات المسلّحة المعاصرة فمغامرات وشهوة وعبثية بلا أهداف واقعية ولا قابلة للتّحقيق، وممّا يثبت فوضى التّفكير واضطراب البوصلة عندهم قولهم (جاهد ولو كنت وحدك)، يقول أبو بكر ناجي صاحب (إدارة التّوحّش) " يجوز لأيّ مجاهد ولو منفردا قتال المرتدّين " (الحرب المخزية 07)، ويقول أبو قتادة محاولا كعادته تأصيل ما لا يؤصّل " فإن قيل لك أنت في الطّريق وحدك وليس لك من معين والنّاس في شغل عنك بأموالهم وأهليهم فقل لهم هذا شأن أهل الحقّ في كلّ زمان أنّهم غرباء واللّه تعالى يقول " فقاتل في سبيل اللّه لا تُكلّف إلاّ نفسك وحرّض المؤمنين "(النّساء 84)، قال الإمام القرطبي في تفسيرها " هي أمر للنّبيّ بالإعراض عن المنافقين وبالجدّ في القتال في سبيل اللّه وإن لم يساعده أحد على ذلك " (لماذا الجهاد 19)، ومثل هذا التّفسير والأخذ به خارج سياقاته قول مناقض للحقائق ولو كان حقّا لقاتل النّبيّ من أوّل يوم بُعث أو قاتل حتى وإن لم يستكمل شروط المواجهة، وكيف يؤمر المسلمون بالإعداد والاستعداد ثم يقول لنا أحدهم الجهاد بالواحد يصحّ هذا خبال ووهم وفوضى لم يقل بها عاقل وإساءة للدّين، حيث يصوّر الجهاد بهذه الكيفية نزوة فردية وشهوة للقتل وغنم الأموال، وعلى قواعدهم الضالة يجوز لفرد واحد اقتنع بردّة الحكام وردّة المجتمع أن يهاجم بيت شرطي أو جندي أو ديمقراطي أو حزبي مثلا ويقتله ويأخذ زوجته وبناته سبايا !! هذا هو الإرهاب الهمجي البعيد عن الشّرع المصادم للعقل المناقض للمصلحة المفسد للحرث والنّسل ثمّ يزعم صنّاع هذه الضّلالات أنّ هذا ما تقتضيه مصلحة الدّين ولا يهمّ النّصر أو الهزيمة، فالمصلحة المعتبرة شرعا هي مصلحة الدّين في تحبيب الآخرة للنّاس " إنّ قانون الصّحابة في الأعمال منذ أن يُعلن المرء منهم كلمة التّوحيد غير قانونكم (دعاة الأخذ بالمصالح ) فهو إنّما يعتبر مصلحة الدّين وإظهاره حتى لو مات أو أهلك ماله أو فارق أهله ..فهو ينظر إلى العمل الذي يُحقّق له الأجر والشّهادة والدّخول في الرّضى الإلهي وتحقيق الجنان " (على خطى إبراهيم 97). ويتساءل العقلاء أين المصلحة في جهاد فرد ضد أمته، يقتل بتأويله ويذبح المسلمين باجتهاده وتفسيره ويغنم الأموال ويسبي النّساء، وأيّ مصلحة تُرجى من ذلك حتى إن فعل ما فعل في ديارالكفّار الأصليين وكأنّ الجهاد عند هؤلاء هو سفك الدّماء وغنم الأموال وامتلاك الفروج، والغريب أنّ مثل هذا الرّجل (أبو قتادة الفلسطيني) الذي يدعو الشّباب إلى الموت والتّحدّي وعدم المبالاة يزوّر جواز سفره ويدخل إلى بريطانيا متخفيا بجنسية إماراتية ويستفيد من منحة اللجوء السياسي ويقدّم نفسه مطاردا من بلده ومهدّدا بحكم الإعدام، ويستميت في الدّفاع عن نفسه لمّا قرّرت السّلطات البريطانية ترحيله إلى بلده وطالبهم بمحاكمته وفق القانون الأوروبي لحقوق الإنسان، واستفاد منه للبقاء في بلادهم مرّة في السجن ومرّة في الإقامة، وكتبه مملوءة بدعوة الشباب إلى الاستبسال والموت رجولة وأنفة وعزّة وعدم المبالاة بالطّواغيت أينما كانوا أو استجدائهم أو طلب عفوهم، ومع أنّه يفتي أنّ الاحتكام إلى القوانين الوضعية كفر مخرج من الملّة، طالب بمحاكمته وفق قانون الاتّحاد الأوربي وهذه التّناقضات تكفي لفضح هذه النّفوس المضطربة والمتلاعبة بعقول الشّباب. ومع نكرانه الأخذ بالمصالح " أمّا فقه المصالح والمفاسد المعاصر فهو فقه ضال " (على خطى إبراهيم 19)، يأخذ بمصلحة نفسه ويستفيد من قوانين الكفار وأموالهم وأمانهم. يتبع…..