إصابة عدد من الفلسطينيين في هجوم للمستوطنين على منازل ومنشآت تجارية ومركبات شرق قلقيلية بالضفة الغربية    العدوان الصهيوني على غزة: انتشال جثامين 58 شهيدا من مدينة رفح جنوب القطاع    دعوات أممية لتوسيع نطاق الإغاثة الإنسانية في غزة    الدولة الجزائرية قطعت أشواطا كبيرة في محاربة الفساد والمفسدين    عطاف يترأس اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية    ضرورة أن تخلص الجلسات الوطنية للسينما إلى مخرجات وتوصيات    هل فلتت منا صناعة التاريخ..؟!    الجزائر ملتزمة بدعم تحقيق أهداف الطاقة النظيفة إقليميا ودوليا    4 معطيات تفرض إحياء "الحرب الدوليةّ" على الإرهاب    رئيس الجمهورية ينهي مهام والي بشار    رئيس حزب صوت الشعب يؤكد على أهمية تقوية الجبهة الداخلية    اختتام أشغال الملتقى الوطني حول أمن الذاكرة الوطنية    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    الاحتلال المغربي يطرد ثلاثة إسبان من مدينة الداخلة المحتلة    سوسطارة في الصدارة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية: ''مباريات مثيرة منتظرة في الدور ربع النهائي''    توقيف طالب جامعي بغرداية    الجزائر لا ترضخ للمساومات والابتزاز    بوجمعة يجتمع ببن مولود    مواقف شجاعة في مناهضة الفكر الاستعماري    أولياء تلاميذ متوسطة "جعبوب" بقسنطينة يناشدون الوزير التدخل    استشارة الأبناء تأسيسٌ لأسرة متوازنة    الدرك الوطني.. انتشار في الميدان لفك الاختناق وتأمين السياح    ارتفاع في منسوب المياه الجوفية والأودية والينابيع    "الكناري" لتعزيز الصدارة وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    توقع داربي جزائري ومواجهة بين المولودية وبلايلي    كرة اليد الجزائرية "مريضة" منذ سنوات    تعزيز آليات التمويل وترقية الإطار التنظيمي والرقمنة والتكوين أهم توصيات الجلسات الوطنية للسينما    البطولة الوطنية العسكرية للعدو الريفي : تألق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع    نص القانون الجديد لتسيير النفايات: تحويل مفهوم النفايات من إشكالية إلى مواد أولية قابلة للتثمين    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : مدينة وهران مرشحة لاحتضان الحدث القاري    المجلس الشعبي الوطني: وفد عن البعثة الاستعلامية المؤقتة للجنة الشؤون الاجتماعية في زيارة إلى باتنة    وهران..ترحيل إحدى عشرة عائلة إلى سكنات لائقة بوادي تليلات وبئر الجير    تلمسان.. جمع أزيد من 25 ساعة من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة    ممر الهيدروجين الجنوبي: السيد عرقاب يشارك غدا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بالمشروع    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع    وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع    مسابقة لتوظيف الطلبة القضاة    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    رمضان في القصر خلال مارس    الجزائر تخسر أمام تونس    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجربة – الضرورة – التشكيلة – الصلاحيات – الوظائف


لماذا هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات؟
بقلم الباحث في العلوم السياسية/ فاروق أبو سراج الذهب طيفور
* المقدمة :
سمعت تصريحا خطيرا لمدير ديوان رئيس الجمهورية، السيد أحمد أويحيى، وهو يشرح وثيقة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، يتعلق باستقلالية الهيئة التي تنظم الانتخابات، عندما قال بأن الدول التي سلكت طريق اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات دخلت في الفوضى واللا استقرار، وقال بأن الدول الديمقراطية الكبرى لا يوجد فيها لجان مستقلة لتنظيم الانتخابات، في استمرار واضح لاستخدام استراتيجية التخويف والتضليل، ورجعت بذاكرتي إلى بعض كتبي والبحوث التي تتحدث عن كيف يرى العالم تنظيم الانتخابات، وهل فعلا ما قاله المتحدث باسم السلطة صحيح، لعلني كنت خاطئا أو ضللّت من طرف المعارضة الجزائرية التي فقدت الثقة في السلطة، وكل الأدوات التي تسير بها العملية السياسية وعلى رأسها الانتخابات، التي تعتبر الأسلوب الحضاري الوحيد للتداول السلمي على السلطة، وبغير نزاهتها وحياد المؤسسات التي تسيرها، فإنه لا مبرر لوجود أحزاب سياسية تتنافس شكليا على الانتخابات بآليات تتحكم فيها السلطة ولا جدوى من ممارسة السياسة.
فهل فعلا العالم لا يستخدم لنزاهة الانتخابات هيئات مستقلة، وأن الدول التي استخدمتها دخلت في الفوضى وحالة اللااستقرار، أم أن التطور الطبيعي للعملية السياسية في أغلب دول العالم تستخدم هيئات مستقلة لإعطاء مصداقية أكثر للعملية الانتخابية التي يصبح فيها المواطن هو الحكم والجميع عنده خادم بإرادته طبعا، فجاءت هذه المقالة تحت عنوان، لماذا هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات؟.
لقد احتلت مسألة الأجهزة المكلفة بتنظيم الانتخابات والعمل على إنجاح العملية الانتخابية حيّزا واسعا من اهتمام السياسيين والمشرعين والمختصين في مجال القانون الدستوري؛ وينبع هذا الاهتمام ليس فقط من امتلاكها مكانة خاصة بين أجهزة السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، بل ولأن تلك الأجهزة تقوم بتنفيذ مهمة بالغة الخطورة، حيث تلعب دورا رئيسيا في المساعدة على ممارسة الحقوق السياسية للمواطنين وتحديد آلية إنشاء أجهزة الدولة المنتخبة.
إن استقلالية الأجهزة الانتخابية مرتبطة أشد الارتباط بالنظام السياسي للدولة؛ فكلما كانت الدولة ديمقراطية كلما كان عمل الأجهزة الانتخابية شفافا وخاضعا للرقابة الشعبية؛ أما في ظروف الدولة الشمولية فالأجهزة الانتخابية عادة ما تكون ملحقة بالأجهزة التنفيذية، مما يمّكن أحزاب السلطة من الحصول على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين تصل أحيانا إلى 99.99 بالمئة.
لقد اختلفت التشريعات في تسمية الأجهزة الانتخابية؛ فقد ذهب بعضها إلى تسميتها باللجان الانتخابية في حين أطلقت عليها تشريعات أخرى تسمية المجالس أوالمفوضيات؛ وانفردت بعض دول أمريكا اللاتينية بتسميتها بالمحاكم الانتخابية، ذلك لأنها تجمع بين مهمة تنظيم الانتخابات وممارسة بعض المهام القضائية كالنظر في الدعاوى الإدارية والطعون؛ وفي جميع الأحوال فإن المهمة الرئيسية لتلك الأجهزة تنحصر في القيام بعملية متعددة المراحل تبدأ من إعلان موعد الانتخابات وتنتهي بإعلان نتائج التصويت.
ومثلما اختلفت تلك التشريعات في تسمية الأجهزة الانتخابية اختلفت في أساليب تشكيلها وتحديد اختصاصاتها؛ ففي حين أناطت بعض التشريعات مهمة تشكيل الجهاز الانتخابي بالسلطة القضائية (كوستاريكا) اعتبرته أخرى اختصاصا حصريا للبرلمان (أزبكستان) أوالسلطة التنفيذية (النمسا)، وأناطت أغلب التشريعات مهمة تشكيل أجهزة الانتخابات الدنيا إما إلى مجالس الإدارة الذاتية المحلية منفردة (أوكرانيا) أو جعلتها مناصفة بين الأجهزة الحكومية المحلية وأجهزة الإدارة الذاتية (روسيا الفيدرالية).
وتختلف الوضعية القانونية لأعضاء الأجهزة الانتخابية كذلك؛ ففي حين اعتبرت تشريعات بعض الدوّل أعضاء اللجان الانتخابية المركزية موظفين حكوميين دائميين (إسبانيا، الهند، سوريا، باكستان) اعتبرت تشريعات دوّل أخرى عملهم تطوعيا (جزء من أعضاء اللجان الانتخابية في ألمانيا)، لكن كثيرا من الدوّل ارتأت إحالة مهمة القيام بإجراء الانتخابات لوزارة الداخلية (فرنسا، هولندا، نيوزلندا، بريطانيا، الجزائر…الخ)، وتذهب بعض الدوّل إلى تشكيل تلك اللجان من ممثلي الأحزاب السياسية التي لديها مرشحون لخوض الانتخابات، أما رئاستها فعادة ما تكون مناطة بمسؤول حكومي (المكسيك وألمانيا مثلا)، أو يقترح من الشخصيات العامة بقرار من رئيس الجمهورية، ولإضفاء طابع الشرعية على عمل اللجان الانتخابية والقرارات المتخذة من قبلها تعمد الكثير من الدوّل إلى ضم القضاة وكتّاب الضبط لتلك اللجان. وعادة ما يتم تشكيل الأجهزة العليا على أساس وثيقة تشريعية تصدر عن جهة مخوّلة على شاكلة مرسوم رئاسي أو قرار حكومي؛ وفي بعض الدوّل تشكل هذه اللجان بقرار من قبل السلطة القضائية أوالبرلمان.
أشكال الإدارة الانتخابية في العالم:
هنالك ثلاثة أشكال رئيسية لإدارة الانتخابات:
الإدارة الانتخابية المستقلة: وهي تلك القائمة في البلدان التي تقوم على تنظيم وإدارة انتخاباتها هيئة مستقلة تعمل كمؤسسة منفصلة كليا عن السلطة التنفيذية ولها ميزانيتها الخاصة بها، والتي تقوم بإدارتها بشكل مستقل، وهي غير مسؤولة أمام أي وزارة أو إدارة حكومية، ويمكن أن تكون مسؤوليتها أمام البرلمان أو القضاء (أندونيسيا ، بولندا، استرليا، جنوب إفريقيا، كندا، نيجيريا، الهند، اليمن، تونس).
الإدارة الانتخابية الحكومية: حيث تعمل السلطة التنفيذية على تنظيم وإدارة العمليات الانتخابية من خلال إحدى الوزارات. مع العلم أن بعض البلدان تكلف الإدارات المحلية بشكل لا مركزي مستقل تماما على المركزي بإدراة العملية الانتخابية بكل مراحلها، وتقوم السلطات المركزية فقط بوضع السياسات العامة (أمريكا، بريطانيا، سويسرا، السويد) .
الإدارة الانتخابية المختلطة: حيث نجد هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية تعنى بوضع السياسات الانتخابية العامة للإدارة الانتخابية والإشراف على الانتخابات، كالهيئة الانتخابية العاملة في ظل إدارة مستقلة، ونجد بالموازاة هيئة انتخابية تنفيذية تعنى بتنظيم الانتخابات وإدارة الفعاليات الانتخابية وتتبع لإحدى الوزارات أوالسلطات المحلية: أي تقوم الإدارة الحكومية بتنظيم وتنفيذ العمليات الانتخابية، وذلك بإشراف من قبل الإدارة المستقلة (إسبانيا، فرنسا، اليابان).
وقد أظهر استطلاع قامت به المؤسسة الدولية للديمقراطية سنة 2006 في 214 بلد، بأن 55 بالمائة منها تعتمد على الإدارة الانتخابية المستقلة: تعمل 26 بالمائة بالإدارة الحكومية، و15 بالمائة بالإدارة المختلطة، أما البقية والتي تبلغ نسبتها 4 بالمئة، فهي لا تنظم انتخابات على المستوى الوطني.
دراسة في 214 دولة
أشكال تنظيم الانتخابات
مستقلة مختلطة حكومية
117 30 67
* الحالة الجزائرية في الانتخابات
أما في الجزائر، فقد اختارت الإدارة الانتخابية الحكومية ذات الإدارة المنحازة مع مرافقة للجنة مستقلة ذات صلاحيات محدودة مكونة من ممثلي الأحزاب تصدر تقريرا لا أثر له على النتائج، ولجنة إشراف قضائي لا علاقة لها بصلب العملية الانتخابية سوى ما تعلق بمطابقة القوانين، حيث تضمن القانون العضوي رقم 12- 01 المتعلق بنظام الانتخابات المؤرخ في 12 جانفي 2012 ترسانة من المواد القانونية التي تجعل من التزوير قبل الاقتراع وأثنائه وبعده غير ممكن على الأقل من الناحية النظرية، غير أن الممارسات الفعلية في الواقع تؤكد عكس ذلك، حيث تتوالى مع اقتراب كل موعد انتخابي التحذيرات والتنديد من حدوث عمليات تزوير ظاهر وخفي.
ووضع المشرع الجزائري نصوصا قانونية تشدد العقوبات ضد كل من يحاول أو يباشر عمليات تزوير الانتخابات، وذلك طبقا للمادة 210 من قانون الانتخابات وما بعدها، والتي تندرج تحت مسمى الأحكام الجزائية لردع المزورين وعمليات التزوير.
ولعل الجديد الذي جاء به قانون الانتخابات المعدل والمصادق عليه في 2012 هو إقحام القضاء في مهمة حماية العملية الانتخابية وضمان سيرها في أجواء هادئة، حيث تتشكل اللجنة الوطنية للإشراف على كل المواعيد الانتخابية من قضاة يعينهم رئيس الجمهورية، وهي لجنة تمارس مهمة الإشراف على تنفيذ أحكام قانون الانتخابات من تاريخ إيداع الترشيحات إلى نهاية العملية الانتخابية.
كما يمكن للجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات تبادل المعلومات المتعلقة بتنظيم الانتخابات وسيرها مع اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المنصوص عليها في المادة 171 على أن لا تتدخل في صلاحيات لجنة مراقبة الانتخابات.
ورغم أن المادة 160 من قانون الانتخابات نصت على أن تجري الاستشارات الانتخابية تحت مسؤولية الإدارة – وهو ما يعاب على هذا القانون نظرا لانحياز الدائم للإدارة إلى أحزاب السلطة – ويلتزم الأعوان المكلفون التزاما صارما بالحياد إزاء الأحزاب السياسية والمترشحين والامتناع عن كل سلوك أو موقف أو عمل من شأنه الإساءة إلى نزاهة الاقتراع ومصداقيته، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك في الاستحقاقات الماضية حين انخرط أعوان الإدارة في الترويج لمترشحين وأحزاب حتى داخل مكاتب التصويت، ناهيك عن استعمال أملاك الدولة ووسائل الإدارة أو الأملاك العمومية لفائدة حزب سياسي أو مترشح أو قائمة مترشحين.
وحتى إن منح القانون صلاحية مراقبة سير العملية الانتخابية للأحزاب والمترشحين بحضور عمليات التصويت والفرز، لكن الإمكانيات المادية لا تتوفر غالبا لدى الأحزاب الصغيرة التي تجد نفسها عاجزة عن تغطية جميع مكاتب ومراكز التصويت المنتشرة عبر الوطن، وهنا تجد آلة التزوير المجال مفتوحا لفعل فعلتها وحتى الأحزاب الكبرى تقصيها القرعة من مراقبة الصناديق، فضلا على كون لجنة تجميع الأصوات لا يحضرها ممثلي المرشحين، وهنالك يتم التزوير المبرمج ..
ضرورة استقلال الإدارة الانتخابية
إن إسناد قيادة العملية الانتخابية بصلاحيات واسعة إلى هيئة مستقلة أصبح عرفا معاصرا فيما يسمى "أفضل الممارسات best practice في كل العالم.
ومن خلال متابعة التجارب المقارنة في إدارة العملية الانتخابية من خلال هيئة مستقلة، يمكن طرح المعايير التالية في تأسيس مثل هذه اللجنة وتحديد معايير تشكيلها وآليات عملها، حيث تعرف دول العالم أشكالا متنوعة من إدارة الانتخابات، وأيا كان هيكل هذه الهيئة وصلاحياتها يمكن تسميتها جهة إدارة الانتخابات التي يصبح وجودها وضمان استقلاليتها من أهم المعايير الدولية وأفضل الممارسات المعاصرة في تنظيم الانتخابات وتعزيز مصداقية العملية الانتخابية في نظر المواطنين أولا وأمام الرأي العام العالمي ثانيا.
وقد أوضحت مراجعة قام بها فريق من خبراء البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أن أكثر من أغلب دول العالم المعاصر نحو 75 -80 بالمائة، لديها لجنة مستقلة للانتخابات، إلا أن معنى الاستقلالية يتباين في مفاهيم الدول متأثرا في ذلك بطبيعة نظام الحكم ودرجة الممارسة الديمقراطية في المجتمع (الشدة الديمقراطية )، حيث نجد:
حوالي نصف هذه التجارب يأخذ بأسلوب المفوضية المستقلة الذي يتمتع بدرجات عالية من الاحترافية والاستمرارية في أعضائها واستقلالهم التام عن أي تشكيلة حزبية أو تيارات سياسية أو علاقة مع السلطات العامة في الدولة، وخصوصا السلطة التنفيذية أو حتى البرلمان.
أكثر من ربع هذه التجارب يأخذ بأسلوب هيئة مستقلة، تعتبر إحدى الهيئات العامة في الدولة وليست مستقلة عن الدولة.
أقل من ربع هذه التجارب يأخذ بأسلوب إدارة الانتخابات، وتكون جزءا من السلطة التنفيذية، ولاسيما وزارة الداخلية.
عناصر نجاح الهيئة المستقلة: قرار سياسي (إرادة سياسية) قبول اجتماعي وقدرة تنظيمية.
يعتبر تأسيس لجنة مستقلة للانتخابات قرارا سياسيا وليس مجرد عرف أو ثقافة عامة بين المواطنين.
من ناحية الإرادة السياسية يمكن ترجمتها إلى أربعة مؤشرات:
اتخاذ قرار تأسيس الهيئة وإقرار الصلاحيات اللازمة لعملها بما يضمن عمل الهيئة على نحو مستقل ومستقر على الأقل لفترة تتجاوز عمر الحكومة القائمة بسنة، ويكون ذلك من خلال تشريع واضح وغير قابل للإلغاء أو التعليق، أي أن ترفع مؤسسات الحكم يدها تماما عن استقلالية الهيئة وبالأحرى قرارها.
توفير الإمكانات المادية اللازمة لعمل الهيئة من الموارد العامة ووضعها تحت التصرف المصرفي المستقل للهيئة مع إخضاع الإدارة المالية للهيئة إلى أنظمة الرقابة المحاسبية في الدولة.
الامتناع عن استخدام السلطات العامة للتدخل في عمل الهيئة خلال الانتخابات بما فيها السلطة التشريعية، وربما يتعارض ذلك ظاهريا مع مبدأ استقلالية السلطة التشريعية.
تأسيس الهيئة بموجب التشريع يتضمن موافقة السلطة التشريعية على استقلاليتها تماما، كما يعين رئيس الدولة قضاة المحكمة العليا دون سلطة العزل، أو كما تتقيد الدولة باتفاقيات دولية ملزمة لكل سلطاتها بما فيها البرلمان.
من حيث القبول الاجتماعي لوجود الهيئة، فهو الأرضية التي تستند إليها الهيئة في ممارسة صلاحيتها وتتمثل في إدراك الأطراف الانتخابية والمواطنين عموما بأن تمكين الهيئة من العمل باستقلالية وأن تكون غير متأثرة بالخريطة السياسية ولا حتى بمزاج الرأي العام هو مصلحة وطنية عليا،ويتطلب ذلك أمرين:
نشر وتسويق فكرة الهيئة المستقلة واستثارة المجتمع بشأنها مع الترويج لها بطرق مختلفة.
إمداد الهيئة بآليات الوصول للمواطنين مباشرة وبحرية وبالقدر الملائم للإمكانات الوطنية، وتتنوع هذه الآليات مابين مجرد قدرة الهيئة على إصدار التعليمات ونشرها في الجريدة الرسمية مباشرة ومرورا بعمل إعلانات صحفية ومطبوعات وحتى قدرة الهيئة على إعداد بث إعلامي مستقل ومباشر على الأقل في فترة الانتخابات .
وأخيرا القدرات التنظيمية
استقلالية الهيئة هي مفتاح فعاليتها، وتلك الفعالية تعتمد على الإقناع والردع، وهذا الردع لا يتأتى إلا من الهيبة التي تخطر بها الهيئة، وهي الهيبة التي تتوقف على حيادها بين الأطراف المتنافسة.
أما من الناحية المالية والإدارية، فإن الهيئة هي من يعد ميزانيتها وتقترح مصادر التمويل وإنشاء صندوق الانتخابات له استقلالية مالية، مع الاكتفاء بالرقابة المالية البعدية فقط وعدم إخضاعها إلى إجراءات الصفقات العمومية، أما من الناحية الرقابية فتخضع عمليات صرف أموال الصندوق للرقابة المحاسبية العامة للدولة، كما تستعين الهيئة بموظفين وفق نظام توظيف مستقل يخضع للقانون العام على المستوى المركزي والمحلي.
تنظيم صلاحيات الهيئة
هناك اتجاهان رئيسيان في تحديد صلاحيات اللجنة ودورها الفعلي في إدارة العملية الانتخابية
الاتجاه الأول: لأن تكون اللجنة مشرفة على إدارة العملية الانتخابية وصانعة القرار فيما يتعلق بشروط وإجراءات الترشح والانتخابات وإعلان النتائج، وهي التي تضع الأنظمة والقواعد التي تحكم سلوك الناخبين والمرشحين وتكون بطواقم إدارية كبيرة ومحترفة ودائمة تعمل تحت قيادتها، غالبا ما يكون هؤلاء الموظفون من المجتمع المدني ممن يتمتعون بالاستقلالية ويبتعدون تماما عن أي نشاط حزبي بمجرد التحاقهم باللجنة.
الاتجاه الثاني: أن تكون هي "المدير اليومي" للعملية الانتخابية، بحيث يقوم أعضاؤها بالأعمال التي تحتاج إليها الهيئة ويشكلون فيما بينهم فريقا كبيرا من مديري العملية الانتخابية، وفي هذه الحالة يكون المفوضون مستقلين تماما من الناحية الحزبية ومهنيون ودائمون.
وفي كل الأحوال، فإن أفضل الممارسات أو القيم في تعزيز فعالية اللجنة المستقلة للانتخابات:
الاستقلالية
الحياد
النزاهة
الشفافية
الكفاءة
المهنية
الخدمة.
تشكيلة الهيئة المستقلة: لا يوجد مقياس عالمي في تنظيم الهيئة المستقلة.
تتشكل الهيئة المستقلة بموجب قرار سياسي توافقي بين كل أطياف الطبقة السياسية والسلطة الحاكمة بقرار من رئيس الجمهورية، وتتكون من 9 أعضاء من بينهم ثلاث قضاة بدرجة نائب عام و6 شخصيات عامة غير منتمين إلى الأحزاب السياسية من بينهم امرأة، ويختار الأعضاء بالتوافق بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان.
مدة العضوية ست سنوات كاملة، وتتجدد ثلاثة أشهر قبل انتهاء العهدة.
لأعضاء الهيئة حصانة قانونية.
للهيئة طابع الديمومة .
تستدعى للتأسيس من قبل رئيس الجمهورية.
أشغالها علنية ولها علاقات مع المجتمع المدني المختص في الرقابة والتوعية.
الوظائف الرئيسية للهيئة
الإشراف التام على الانتخابات والاستفتاءات بدءا من التسجيل في القوائم إلى الإعلان النهائي على النتائج.
تحديد هوية من يحق لهم الاقتراع.
تأسيس وتحديث سجل الناخبين.
تنظيم عملية التسجيل والمصادقة على قوائم الأحزاب المتنافسة في الانتخابات
منح الاعتماد للمراقبين ومراقبي الأحزاب وممثلي وسائل الإعلام والمجتمع المدني.
البت في الشكاوى والاعتراضات وطعون الانتخابات.
المصادقة على إجراءات العد للأصوات.
وضع القواعد والأنظمة التي تضمن إجراء انتخابات نزيهة.
تقسم الدوائر الانتخابية لضمان تمثيل واسع لكل فئات المجتمع.
التصديق على هيكل الإدارة الانتخابية والتعينات في المناصب العليا في الهيئة.
وضع السياسة المالية للهيئة المستقلة.
الرؤية: تلتزم الهيئة المستقلة بتحقيق معايير عالية من الاستقلالية والحياد والكفاءة والنزاهة والشفافية والاحترافية والمساءلة، وبأن تكون هيئة إدارة انتخابات رائدة في المنطقة وتشارك خبرتها مع الدول الأخرى وتعزز التعاون مع هيئات إدارة الانتخابات الأخرى، وصولا إلى تنظيم انتخابات بالبطاقات الالكترونية.
الرسالة: تعتبر الهيئة المستقلة هيئة دستورية مهنية دائمة تهدف إلى المساهمة في تجسيد الشرعية والمشروعية وتعزيز المعايير الديمقراطية من خلال تمكين المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري في التصويت واختيار من يحكمهم على كافة المستويات السياسية، حيث تقوم بتسجيل الناخبين وتنظيم وإجراء والإشراف على انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة وموثوق بها، كما تعمل الهيئة على زيادة إقبال الناخبين ومعالجة ظاهرة العزوف الانتخابي بطريقة ديمقراطية تساهم فيها وسائل الإعلام العمومية وغيرها.
القيم والمبادئ الأساسية:
الاستقلال
النزاهة
الكفاءة
الحياد
الشفافية
المهنية
المصداقية
الخدمة.
أعتقد في ختام هذا المقال، أن التصريحات التي جاءت على لسان ممثل رئاسة الجمهورية، بعيدة كل البعد عن التطورات التي تحصل في العالم، وليس صعبا على هؤلاء الذين لديهم مستشارين وموظفين أن يطلعوا فقط على منشور نشرته الأمم المتحدة على موقعها، يتضمن التجارب العلمية لتسيير الانتخابات وهو موجود على شبكة الإنترنت، حيث يوجد فيه أكثر من 214 تجربة لدول إفريقية وأوروبية وأمريكية وآسيوية، فسيلاحظ تهاوي ماذهب إليه مدير ديوان الرئيس في الندوة الصحفية.
مراجع المقال:
http://www.idea.int/publications/emd/upload/Layout-LOW.pdf
.http://iknowpolitics.org/sites/default/files/
http://www.ihec.iq/ihecftp/Research-and-Studies/Electronic-Library/14.pdf
http://www.ihec.iq/ihecftp/Research-and-Studies/Electronic-Library/65.pdf
/www.ihec.iq/ihecftp/2014/plan-st/plan-ar.pdf
http://www.ug-law.com/downloads/arab-guide-for-free-and-fair-elections-ar.pdf
http://elmarsad.org/ar/wp-content/uploads/2014/09/Politicain-Rules.pdf
PAGE \* MERGEFORMAT 1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.