جميل جدا أن تقدر إحساس الآخر بك، وهو يخصص لك مساحة في زمن العولمة الذي اكتسحته أخلاق غير الأخلاق، ورسمت معالمه قوى الهيمنة، وهو ما قامت به مجلة ''منبر الأمة الحر'' الأردنية وهي تخصص عددها الأول لسنة 2009 للجزائر، جزائر التاريخ، والجغرافيا، جزائر الحاضر .. جزائر ما بعد الأزمة والعاصفة والأهوال، ارتأته المجلة الأردنية بابا من أبواب التواصل بين المشرق العربي والمغرب العربي كما جسدها ذات مرة الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة حاملا لواء الجهاد لتحرير الجزائر من نير الاستعمار، ليستنشق بعدها عبق الهواء المشرقي في منفاه بالشام، بل يتعداه إلى قضاء جزء من قيامته وحياته البرزخية في تلك البقعة المشرقية في علاقة حميمية مع شيخيه الروحي محيي الدين بن عربي الحاتمي في خريطة جغرافية لا يصنعها إلا الموت الواهب للحياة، قبل ان يعود إلى ''العالية''. وقد حاولت ''منبر الأمة الحر'' باختيارها الجزائر ملفا لعددها الذي بين أيدينا إحياء هذا البعد الروحي والعلاقة الصوفية بين المشرق والمغرب وقد وفقت في ذلك أيما توفيق، لاسيما وهي تعنون الملف ب ''الجزائر أمنا'' في أكثر من دلالة على حميمية العلاقة، وموقع الجزائر في المخيال الجمعي للإنسان العربي من الماء إلى الماء مرورا بالماء الهاشمي على ضفاف البحر الأحمر، وغير بعيد عن مرقد أصحاب الكهف. وبعد أن أفاضت رئيسة مجلس الإدارة والمديرة المسؤولة عن إنعام نزار في تبيان ما يجب أن يكون انطلاقا مما هو كائن، عبر مبررات تاريخية وحضارية تنبئ عن حسن الاختيار على أساس ثروات شعب المليون نصف المليون شهيد المادية والمعنوية ليكون ''فاتحة مبادرة منبر الأمة الحر واستهلال الطريق وواسطة العربي المشرقي نحو أخيه المغاربي''، وأرادت ''من خلال هذه الرسالة أن تكون الجزائر إحدى وسائل التواصل والوحدة وأن تحمل اسمها في هذا الأفق العربي الرحب... لكنها خطوة شعبية ثقافية اجتماعية وهذا ما أسعى إليه من أجل دعم التقارب العربي أكثر وأكثر''، أعطت الكلمة لرئيس الكتلة النيابية لحزب جبهة التحرير الوطني في المجلس الشعبي الوطني ''العياشي دعدوعة'' الذي ثمن الخطوة، معتبرا إياها اعترافا بمجهودات الجزائر، ونقلا لصورتها المشرقة بعد كبوة الفتنة والأزمة وهي تستعيد عافيتها الأمنية والاقتصادية، وتسعى جاهدة لعيش حاضرها تحت ظلال الرخاء والرفاه والتقدم، بفضل ما قدمه ويقدمه رجالها وعلى رأسهم -كما أسماه دعدوعة- رجل المرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كما كان للعدد وقفة مع جزائر التاريخ والثورة والدولة الوطنية انطلاقا من الأمير عبد القادر إلى جميلة بوحيرد وهي تغلفهم بثورية النشيد الوطني ''قسما'' الذي كان له حيزه الذي لا يمكن تجاوزه، كيف لا وهو توأم الثورة والكفاح والنضال، كل ذلك معبق بنسيم حرارة العلاقات التاريخية والقوية بين المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية الجزائرية في شتى المجلات. وتساوقا مع الهدف وعرفانا من أشقائنا الهاشميين لدور الجزائر الإقليمي والقومي، تطرق العدد إلى جملة من المواضيع السياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية والسياحية التي تميز الجزائر، وتغري غيرها بالمجيء إليها واكتشاف كنوزها لتأسيس علاقات بينية تعود بالنفع على شعبينا وعلى كل الشعوب العربية في شتى المجالات، وهم يسترجعون مآثر مدفع ''بابا مرزوق'' صانعا الملاحم وذائدا عن حمى المحروسة، فكانت بحق وقفة المجلة عنده بابا من استحضار رهبة وعين ''بابا مرزوق'' وهي تحرس خيط التواصل بين المشرق والمغرب عبر بوابة الجزائر في عين ''منبر الأمة الحر''، حيث رصدت ''الحوار'' الانطباع الحسن، والوقع الجميل لدى أوساط إعلامية وسياسية وثقافية عديدة في الجزائر، مثمنة الخطوة ومباركة حسن الاختيار، وداعية بالتوفيق للقائمين على المجلة.