سياسيون، حقوقيون، أئمة يطالبون بالقصاص لا حديث اليوم في الشارع الجزائري يعلو فوق خبر تثبيت مقتل الطفلة البريئة نهال سي محند ذات الأربع سنوات التي تضاربت المعلومات على مدار أكثر من عشرة أيام حول صحة مقتلها من عدمه، فخروج وكيل الجمهورية بمحكمة واسيف في تيزي وزو ليؤكد أن التحاليل التي أجراها المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني لبوشاوي حول المؤشرات التي وجدت بقريت مشرك بآيت تودرت أثبتت أنها تعود للبريئة "نهال"، أعاد ذاكرة الجميع الى الوراء ليتذكروا حلقات من مسلسل قتل الأطفال الذين فقدتهم العائلات الجزائري بسبب "نزوة وحش بشري"، أو "ظلامية انتقامية" كالطفلة سندس، شيماء، إبراهيم، ياسر، صهيب، ريان… إلخ، أحيت من جديد الضمير المجتمعي الذي رافع بقوة للقصاص من القتلة والمجرمين تحقيقا للعادلة ورغبة في إيقاف هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد أمن فلذات أكباد العائلات.
* رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، ل "الحوار": انهيار القيم وراء توسع ظاهرة القتل وحمس ملتزمة بالقصاص قال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، ل "الحوار"، ان موقف تشكيلته السياسية يصب في بوتقة أن القاتل له حكم شرعي معروف وهو القصاص، وبالتالي يقول نحن ملتزمون بالحكم الشرعي . وعن سبب تفشي ظاهرة الاختطاف والتنكيل وقتل الأطفال، أكد مقري أن انهيار القيم في المجتمع بسبب محاربة دور المدرسة من طرف الوزارات المتعاقبة وتقزيم دور المسجد ومحاربة القيم التى تقودها بحسبه جهات داخل المجتمع هو الذي زاد من تعميق الظاهرة أكثر. وعن الحلول الكفيلة بالقضاء على الظاهرة، قال مقري: "الاعتماد على قيمنا الروحية وتهذيب النفس وبناء الضمير الجمعي هو الحل، خاصة أن الإسلام جاء لأخلقة المجتمع؛ مستشهدا بقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أتيت لأتمم مكارم الأخلاق"، مؤكدا انه بالعودة الى هذه القيم النبيلة سيبنى مجتمع متحضر. من جانبه أبو سراج الذهب طيفور، الأمين الوطني للشؤون السياسية والاقتصادية، أكد ل "الحوار" ان: "عقوبة الاعدام رحمة ربانية بالقاتل والمقتول وأهله وذويه، وتعطيل عقوبة الإعدام في حق خاطفي وقاتلي الاطفال لأسباب خارجية يعد في حد ذاته استفزازا للشعب الجزائري المسلم، ومطالبة الجزائريين بتطبيق حكم الاعدام انسجام طبيعي مع هويتهم وشريعتهم، وحركة مجتمع السلم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب، وقد ناضل نوابها في البرلمان من اجل بعث وتفعيل النص المتعلق بالإعدام، وما زلنا نقول ان حماية العائلة الجزائرية من الترويع وضمان حقها في الحياة والاستقرار جزء من الأمن القومي الجزائري العام، وندعو على اثر اقتراف جريمة قتل نهال الى التجسيد الفوري لعقوبة الاعدام لأنه مطلب شرعي وشعبي". وبدوره البرلماني ناصر حمدادوش شدد قائلا: "قد دفعنا بقوة على تفعيل عقوبة الإعدام أثناء تعديل قانون العقوبات على خلفية انفجار ظاهرة اختطاف الأطفال، واعتبرنا تجميدها منذ: 1993م مشاركة في الجرائم وتواطؤا عليها وتشجيعا على تناميها، وأن الرضوخ للضغوط الأجنبية هو مساس بالسيادة على التشريع الوطني، واحترام زائف لحياة المجرم على حساب قداسة حياة الضحية" مردفا "الواضح أنها لا توجد عقوبة رادعة لهذه الجرائم إلا بعقوبات مكافئة لها في حجمها، وما ينجر عنها من آثار مدمرة للقيم والقانون والأمن والنظام العام".
* الأفلان: الإعدام جزء من الردع لحماية المجتمع دعا، حزب جبهة التحرير الوطني الأفلان على لسان مكلفها بالإعلام حسين خلدون إلى ضرورة الإسراع في إعادة تنفيذ حكم الإعدام على مرتكبي جرائم القتل، خاصة المتعلقة بالأطفال. وقال خلدون في تصريح ل "الحوار" إنه يجب تشديد أقصى العقوبة على مرتكبي مثل هذه الجرائم، فهو جزء من الردع لحماية المجتمع، ويضيف في هذا الموضوع قائلا إن مرافعة تشكيلته الحزبية الأولى في البلاد من اجل تنفيذ هذا الحكم الذي يتوافق مع الإسلام الذي يقر بالقصص ليس من اجل الانتقام من مرتكب الجرم، بل الغاية منه هو الردع بغية الحفاظ على استقرار المجتمع" ويواصل حديثه بالقول أيضا "إن عدم إعادة تفعيل هذا الحكم ربما سيفتح الباب إلى بروز ظاهرة الانتقام في المجتمع"، وهذا يعني حسبه "دخول المجتمع الجزائري في دوامة من الوحشية نتيجة حالات الانتقام". وفي سياق متصل، أكد خلدون أن العودة إلى تطبيق حكم الإعدام اصبح أكثر من ضرورة، بالنظر إلى استفحال وتنامي ظاهرة اختطاف واغتصاب الاطفال قبل قتلهم بأبشع الطرق، على الرغم من تعليقه في القضاء الجزائري بناءاعلى الاتفاقية المبرمة مع الأممالمتحدة تمهيدا للتخلي عن تطبيق العقوبة.
* جيل جديد: ظاهرة قتل الأطفال أعمق من حصرها في معقوبة الإعدام وعن موقف حزب جيل جديد من ضرورة إعادة تفعيل عقوبة الإعدام، قال رئيسه جيلالي سفيان في تصريح ل"الحوار": "من المفروض أن لا نخلط بين قضية توسع دائرة ظاهرة اختطاف الأطفال، وإعادة تفعيل عقوبة الإعدام، الإعدام قضية أعمق كونها تحتوي على تفسير ديني مجتمعي، قضية الطفلة البريئة نهال محزنة جدا، والجزائريون تفاعلوا كثيرا معها، الجزائريون يعون جيدا ان هناك خللا داخل أفراد المجتمع في حد ذاته ورقعة الإجرام تتوسع، ووجب ان نؤكد ان هنالك خللا في سلوك بعض الجزائريين، العالم كله يسجل جرائم يومية، لكن لا تأخذ هذا البعد"، موضحا ان : "المشكل في المجتمع الذي لا يمكنه التنصل من نفسه، الإعدام لا يخلص من ظاهرة اختطاف وقتل الاطفال لأننا لم نفهم بعد عمق الظاهرة التي هي ابعد بكثير، ونرى أن اعادة تفعيل الإعدام لن يوقف الاختطاف لأننا نعتبر أن القيم الخلقية داخل المجتمع انهارت والفراغ أصبح معمما"، مؤكدا ان الحل يكمن في اعادة بناء سلم قيم حقيقي في المجتمع، وتقديم مثل عليا من قبل المسؤولين في البلاد، موضحا ان الإصلاح وجب ان يكون عميقا جدا وطويل المدى.. وغالط كل من يقول إن الإعدام يحل الظاهرة".
* الأرسيدي: نرفض فكرة العودة إلى تطبيق حكم الإعدام أكد المكلف بالإعلام في حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية الارسيدي عثمان معزوز، أن حزبه يرفض فكرة العودة إلى تطبيق حكم الإعدام على مرتكبي جرائم القتل، لا سيما على الاطفال الصغار، بحكم أنه ينافي بنود حقوق الإنسان. ولكن بالمقابل يجب معاقبة هؤلاء المجرمين بالعقوبة التي يجب تطبيقها عليهم. وربط معزوز تنامي ظاهرة قتل الاطفال بغياب الرقابة والخلل المسجل في النظام التربوي والقضائي الذي ساهم بطريقة أو بأخرى في استفحال الظاهرة التي يجب البحث عن أسبابها لمعالجتها بدل التوجه مباشرة إلى تنفيذ الإعدام على مرتكبيها. كما دعا معزوز المجتمع المدني إلى ضرورة التجنيد لموجهة الظاهرة التي باتت تزرع الرعب والهلع وسط العائلات الجزائرية بعد سلسلة جرائم القتل التي راح ضحيتها أطفال صغار، وهذا من خلال تحسيس وتوعية المجتمع بالمسؤولية ودوره المحوري في حماية أبنائه من الأذى والحفاظ على سلامتهم. وفي الأخير اكتفى معزوز بالقول إن معالجة هذه الظاهرة تبقى بين أيدي السلطات التي لا بد عليها الإسراع في إيجاد الحلول العادلة عن طريق إعادة النظر في منطقها الوقائي قبل الردعي.
* النهضة: نحذر من التهاون في رفع الحظر على عقوبة الإعدام اعتبر الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، ان الدعوة إلى إعادة تفعيل عقوبة الإعدام بعد عودة ظاهرة الاختطاف والتنكيل وتقتيل البراءة، أضحى موضوع الساعة: "ظاهرة قتل الأطفال أصبحت مقلقة جدا لكل شرائح المجتمع، خاصة بعد اختطاف الطفلة نهال والتأكد من مقتلها، نجدد في حركة النهضة تحذيراتنا من تهاون السلطة في رفع الحظر على قوبة الإعدام"، داعيا كل من يقف دفاعا لكي لا ترجع عقوبة القصاص باسم حقوق الإنسان إلى الكف عن تحركاتهم على اعتبار أن القصاص هو الحل استنادا إلى القرآن الكريم. وإن كان هذه العقوبة من شأنها لوحدها أن توقف ظاهرة قتل الأطفال، قال محدثنا: "صحيح الشعب الجزائري يعيش ضغوطات، والحياة صعبة، وظاهرة التنكيل مثل الانتحار، لكن عقوبة الإعدام ضرورية جدا، وآلية من آليات القصاص، فقاتل النفس يجب ان يلقى جزاءه، وستزول الظاهرة بالإضافة إلى خطوات أخرى التي من شأنها أن تحد من الاحتقان الذي يعيشه الشعب".
* العادلة والتتمة: "نناشد رئيس الجمهورية رفع تجميد عقوبة الإعدام"
اعتبر القيادي في جبهة العادلة والتنمية لخضر بن خلاف، أن تشكيلته طالبت منذ مدة بضرورة إعادة تفعيل عقوبة الإعدام: "قلنا إن الحل في استئصال جذور ظاهرة اختطاف وقتل الأطفال الغريبة على مجتمعنا في الرجوع إلى ما شرع الله تعالى من القصاص وهو القائل في كتابه الكريم: "و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، مؤكدا ان إدخال المجرمين إلى سجون خمس نجوم يشجع الظاهرة: "كلنا يتذكر في السبعينات حينما طبق حكم الإعدام في عهد بومدين في محطة الخروبة حيث توقفت الظاهرة"، مؤكدا أن عقوبة الإعدام ينطق بها لكن لا تنفذ في الميدان منذ وقع عليها الرئيس السابق اليمين زروال، كاشفا أن ما بين 500 إلى 600 سجين حكم عليهم بالإعدام منذ تلك الفترة إلى الآن لكن لم تطبق في الميدان. وأكد محدثنا أن نواب جبهة العادلة والتنمية حينما نوقش قانون الطفل سنة 2013، أدرجوا تعديلا يقضي بتفعيل عقوبة الإعدام فورا، ولكن يقول "للأسف نواب المجلس الشعبي الوطني كلهم صوتوا إما ضد التعديل أو الامتناع عنه، وبقينا لوحدنا نصارع لإدراج التعديل"، مؤكدا: "أردنا من خلال التعديل ان نرفع الحرج عن الرئيس لأنه المؤهل لإعادة تفعيل عقوبة الإعدام للوقوف في وجه هذه الظاهرة التي لا تزال تزهق مزيدا من أرواح الأبرياء، وبالتالي يشدد عقوبة الإعدام أصبحت مطلبا شعبيا لاجتثاث الظاهرة، وللمجرمون لهم حق واحد فقط وهو المحاكمة العادلة كي لا يفترى على أي أحد".
* مستشار وزير الشؤون الدينية السابق، الدكتور يوسف بلمهدي: القصاص حياة للمجتمع والأنفس وتفعيله بات أكثر من ضرورة رافع مستشار وزير الشؤون الدينية السابق، الدكتور في الشريعة يوسف بلمهدي، في تصريح ل"الحوار" للإسراع في تفعيل عقوبة الإعدام ضد قاتلي الأطفال، داعيا إلى تسميتها كما سماها الشرع "عقوبة القصاص" التي جعلها الله حدا من الحدود لحماية النفس البشرية من السفك والقتل والهدر، مشددا على معاقبة القاتل إذا استوفى شروط القتل، مؤكدا ان القصاص "حماية للمجتمع، وإيقاف الإجرام وسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا يستطيعون رد العدوان، فعقوبة القصاص تحمي هؤلاء جميعا، وتردع الفاعل وتمنع من يفكر في الفعل ذاته". وقال الدكتور يوسف بلمهدي: "العرب قديما قالوا: القتل أنفى للقتل، ويقصدون بذلك أن قتل القاتل بجرمه من تداعي الاقتتال ويحد من ظاهرة الانتقام لأنه يكون بيد سلطة حاكمة تديره وتمارسه بحق القانون وتمنع الانتقام العشوائي الذي يظهر من أولياء الدم والأقارب والرحم".
وانتقد محدثنا من يدافعون لبقاء عقوبة القصاص مجمدة بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان، قائلا: "نقول لهؤلاء جميعا لماذا ترافعون لحقوق الإنسان فقط في جانب المجرم، ولا تدافعون عن المقتول ظلما وعدوانا، وتنسون حقوق الأم والأب اللذين فقدا وليدهما او وليدتهما؟ من يحمي حقوق المواطن الذي سكب دموعا ساخنة بآهات على ما يحدث من إجرام… إلخ؟" مردفا: "نذكر هؤلاء بقول الله تعالى: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" فالقصاص بحسبه يحيي المجتمع والأنفس.
* بوخاري: إعادة تفعيل حكم الإعدام ضرورة
قال الدكتور أحمد بوخاري أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر 3 ل"الحوار" إن إعادة حكم الإعدام في الجزائر ضرورة ليس لتفشي اختطاف الأطفال وقتلهم، ولكن لاستهانة الكثير بإزهاق أرواح الناس بسبب خلاف بسيط أو سوء تفاهم، وهذا ما نلاحظه في المجتمع الجزائري من خلال تفشي استخدام الخناجر والأسلحة في الشجارات" فعقوبة الإعدام بحسبه هي عقوبة رادعة ضد كل من يزهق روح إنسان ويتسبب في معاناة عائلته، وقد ينجر عن ذلك جريمة أخرى بسبب الثأر إذا لم تتدخل الدولة وتقيم الحد الذي يجعل العائلة تحس بالعدالة، كما أن العدالة يشدد محدثنا "تقتضي من الدولة ان لا تفرق في إقامة الحدود بين الفقراء والأغنياء". * المحامي والحقوقي سليمان يحيى شريف: تنامي ظاهرة قتل الأطفال واغتصابهم مرده فشل "نظام الوقاية" ربط المحامي والحقوقي سليمان يحيى شريف، تنامي ظاهرة قتل الأطفال واغتصابهم من طرف وحوش آدمية إلى فشل "نظام الوقاية" أي أن غياب دور كل الأطراف المعنية من فئة المجتمع والسلطات زاد من حدة الظاهرة، معتبرا أن المسألة مشتركة وتخص الجميع من اجل حماية البراءة من هذه الأفعال الإجرامية الوحشية التي باتت تهدد الاطفال حتى في المدن الكبرى على غرار العاصمة وغيرها من المدن الجزائرية. ويرى الدكتور عضو الأكاديمية الدولية للقانون المقارن، أن القوانين المشرعة في هذا المجال ليست بالحل للقضاء على هذه الظاهرة الجديدة على المجتمع الجزائري، الذي فقد للأسف بعض القيم والمبادئ لأسباب عدة –حسبه- مؤكدا في نفس الوقت أن فشل كل الأنظمة التربوية والاجتماعية وغياب الحس الحضري كان وراء فتح المجال أوسع لتنامي ظاهرة اختطاف واغتصاب الأطفال قبل تجريدهم من نعمة الحياة وبوحشية لا يقبلها العقل البشري، التي هي دائما تعود مسألة الجميع، معربا عن أسفه الشديد لما حدث لطفلة "نهال" التي لقيت مصرعها بوحشية. واعتبر عضو الأكاديمية الدولية للقانون المقارن أن إعادة تفعيل حكم الإعدام ليس بالحل النهائي للظاهرة "لأن استئصالها لا يرتكز بمجرد إعدام مرتكبيها فهي أعمق من ذلك بكثير" ويضيف قائلا "إعدام المجرم يبقى حلا مؤقتا وليس حلا للإجرام في حد ذاته"، دعيا في السياق إلى تفعيل دور التضامن بين كل مكونات المجتمع لأن القضية تخص الكل وليس سوى المعنيين فقط بها، ويضاف إليها ضرورة إعادة النظر في نظام الوقاية من طرف السلطات لأنها الوسيلة الكفيلة والفعالة لحماية الاطفال، خاصة اقل من 11 سنة، من مخالب هؤلاء المجرمين من خلال وضع فرق امن خاصة للمكافحة وتوعية المجتمع عن دوره المحوري للتخلص من هذا الكابوس الذي يعذب العائلات الجزائرية في الآونة الأخيرة. * المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي:
إعادة تفعيل عقوبة الإعدام ليس بالحل الجازم قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بدي، إن تنفيذ عقوبة الإعدام وإعادة تفعيلها في حق مجرمي ومرتكبي جرائم إزهاق روح الاطفال ليس بالحل الجازم للحد من الظاهرة، بالنظر إلى أن المشكلة أعمق من هذا بكثير، بحيث يرى –المتحدث- أن البحث عن الأسباب ومعالجتها في العمق هو الأمر الوحيد لحماية البراءة من الأفعال الإجرامية المرتكبة في حقها، مشيرا في الوقت نفسه إلى هشاشة النظام القضائي الجزائري الذي لا يتمتع بالاستقلالية التامة، وهذا ما قد يحمل عواقب وخيمة في حال تطبيق هذه العقوبة.
وأوضح محدثونا في حديثه مع "الحوار" في هذه النقطة، أنه في حال إعادة تفعيل هذه العقوبة يمكن استغلالها في تصفية حسابات بين الخصوم السياسيين، بالنظر الى أن القانون الجزائي الجزائري يحمل أزيد من 12 مادة قانونية تنص على عقوبة الإعدام، وهي كلها تخص الجانب الأمني والسياسي، أي الخيانة العظمة وغيرها من التهم ذات الصلة بهذا الشق، مؤكدا على أن المشكلة لا تكمن في التطبيق، بل هي مرتبطة بالاختلاق والظروف الاجتماعية وإلى تراجع الوعاء الديني في المجتمع، وعليه فإن إعادة النظر في العديد من الجوانب سيساعد في تحديد وتشخيص الأسباب الحقيقية لتنامي الظاهرة من اجل معالجتها في مصدرها، ويضيف أيضا قائلا "إن عقوبة المؤبد المطبقة في حق الجناة أو مرتكبي جريمة القتل سواء على الأطفال وغيرها من جرائم القتل هي في حد ذاتها عبارة عن تطبيق لعقوبة الإعدام، كون هؤلاء المجرمين، على حد علمه، يراسلونا الوزارة الوصية من اجل تنفيذ حكم الإعدام عليهم بدل البقاء فيما هم عليه". * المكلف بالإعلام بمنظمة العفو الدولية بالجزائر إبراهيم حديدي * "رفضنا تطبيق عقوبة الإعدام لا يعني تسامحنا مع المجرمين" ترى منظمة العفو الدولية بالجزائر، على لسان المكلف بالإعلام إبراهيم حديدي، أنها ترفض تطبيق عقوبة الإعدام، وهذا لا يعني أنها تتسامح مع المجرمين، بل بالعكس لا بد من تطبيق العقوبة عليهم بكل صارمة. ويواصل المتحدث حديثه بالقول إن هذا الرفض نابع من قناعة المنظمة بأن الحل في محاربة الظاهرة يكمن في معالجة أسبابها في العمق بعد تشخيصها من خلال عمل قاعدي، أي بإشراك كل الفاعلين في المجال، وليس عن طريق تنفيذ حكم الإعدام على من اقترف الجرم على الرغم من أنها وحشية ولا يقبلها العقل البشري مهما كانت الأسباب والظروف. وعليه فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، ويجب التضامن بين المجتمع والسلطة لوضع حد للظاهرة ومكافحة استفحالها أكثر في المجتمع الجزائري، داعيا الجميع إلى اتخاذ وتحديد مسؤوليتهم وبحزم تجاه هذه الأفعال الإجرامية لحماية البراءة من المخاطر التي تحدق بها، مع الأخذ بمحمل الجد العواقب المحتملة في حال تطبيق حكم الإعدام، وتأتي في مقدمتها احتمال ارتكاب أخطاء قضائية في حق أشخاص قد تثبت براءتهم مع مرور الزمن.