كتبت الصحف أن أكثر من أربعين ألف أستاذ وضعوا ملفات التقاعد، هجرة جماعية لم يشهدها القطاع وكثير من هؤلاء لم يخططوا لتقاعدهم، لو سألت أحدهم ماذا يفعل بعد التقاعد؟، لما كانت إجابته واضحة أو مقنعة، وأبسط إجابة: لا أفعل شيئا، فهل عزيزي المتقاعد أن حياتك انتهت بانتهاء الوظيفة؟، هل تقاعدت من الحياة؟، يقول الدكتور ناصر الشافعي: ( بعد الانشغال وضيق الوقت وكثرة الواجبات والالتزامات قد منّ الله عليك بوفرة من الوقت والمال والجهد، فهيا انطلق في علاقتك مع الله، مع نفسك، مع أهلك، مع المجتمع، لقد أصبح متاحا لك القيام بالزيارات والقراءة والرياضة والعمل الخيري والإصلاح بين الناس ..الحياة تبدأ بعد الستين …هذا ما يؤمن به الغرب ونحن أولى منهم بهذا المبدأ ولدينا ما نفعله وينفعنا في دنيانا ويرفع درجاتنا في الآخرة .. * جدد حياتك فما زال لديك الكثير والكثير والكثير… جدد حياتك فلا أحد يملك خبرتك ومعرفتك بالحياة … جدد حياتك فالسعادة قادمة … جدد حياتك وكن فاعلا ولا تترك الحياة تجعلك مفعولا به … جدد حياتك فلديك من الكنوز التي لم تفتح بعد الكثير والكثير… وداعا للكسل .. وداعا للترهل، مرحبا بالجد والعمل والنشاط والتفاؤل والحب. * يقدم خبير آداب السلوك سيد حسن السيد، النصائح التالية للمتقاعدين: – التقاعد مرحلة حتمية الحدوث، فلا يجب العيش على الذكريات لأن ذلك يعرض المتقاعد للإحباط في حالة الشعور بعدم الرضا . – من آداب السلوك بعد بلوغ سن التقاعد عدم الهروب من الواقع بالاستسلام للنوم في الفراش لفترات طويلة وذلك لتفادي تعطل النشاط الجسماني والعقلي –بلوغ سن التقاعد فرصة لمواصلة العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء والمقربين والأقرباء واستثمار الأوقات في ممارسة الهوايات، لأن ذلك سيمنح الشعور بأن الحياة تسير بشكل طبيعي و أن تتغير. –للمحافظة على استمرار الحيوية والنشاط يجب مراعاة التوافق بين الشخصية والصحة الجسمية والنفسية باتباع نظام غذائي ملائم مع ممارسة المشي يوميا. –التوافق الاجتماعي داخل الأسرة عند التقاعد يتطلب تقريب الفجوة مع الأبناء بالحرص على الاندماج معهم ومحاولة مشاركتهم في أنشطتهم الترفيهية لكسر روتين الحياة اليومية وخلق مناخ صحي يسوده المودة والتفاهم لاستمرار التواصل مع الأبناء والأحفاد. * كنوز بعد التقاعد: الكنز الأول: اشغل حياتك: عليك عزيزي المتقاعد أن توجد شيئا ما تعمله، فأن تكون مشغولا خير لك من أن تشعر بالملل. * أنشطة تستطيع أن تمارسها: – افتح مكتب عمل خاص. – تعلم مهارات جديدة. – درّس في مدرسة خاصة ليستفيدوا من خبراتك. – قم بعمل مشروع تجاري. – ألف كتبا مدرسية وأعرضها على المطابع لنشرها والاستفادة منها. – مارس الرياضة وخاصة المشي ولو نصف ساعة يوميا. – اشترك في أعمال تطوعية مع جمعيات خيرية ككافل اليتيم أو جمعيات الحفاظ على البيئة. – احضر الندوات الثقافية والفكرية. –استمتع باللعب مع الأحفاد. –متابعة الأبناء أو الأحفاد دراسيا. –التطوع في مشروع محو الأمية. –زيادة العبادات والتردد على المساجد. –الحج أو العمرة. –تعلم لغات جديدة. –متابعة المكتبات العامة والمشاركة في الأنشطة الثقافية وممارسة هواية القراءة. –الاهتمام بعلوم الدين وقراءة الكتب الدينية لتصحيح معلوماتك الإسلامية. –الاعتناء بالمظهر والنظافة الشخصية. –المشاركة في النشاط المنزلي. * الكنز الثاني: أهجر الشكوى: لا تشك فالشكوى دليل ضعف وقلة حيلة والشاكي هو إنسان منبوذ يكرهه الناس لأنه لا ينظر للحياة إلا من الجوانب السلبية وينسى الجانب المشرق فيها، الشكوى لا تغير الظروف بل تجعلك أكثر يأسا وإحباطا، تحمل مسؤولية حياتك، فأنت تملك القوة التي تحدث بها التغيير الإيجابي، إنك تملك الخيارات فانطلق وتوكل على الله واشك همك لله فهو الرزاق الفتاح الذي بيده مقاليد الأمور. * الكنز الثالث: ابحث عن أفضل ما لديك: إبحث عن قوتك، قد تمر بلحظات ضعف وتشك في قدراتك وإمكاناتك فهذا أمر طبيعي، لكنك دائما اسمع صوتك الداخلي الذي يقول لك: إنك إنسان مميز، يملك قدرات ومواهب يستطيع بها أن يضع بصمته في كتاب الزمن، ابحث عن مواهبك وفجرها فالحياة فرصة قصيرة لا تعوض، فاصنع الفارق وكن رقما صعبا لا صفر على الشمال. * الكنز الرابع: امنح وكن مصدر للعطاء: إن الخير الذي تعطيه لغيرك سوف يعود عليك أضعافا مضاعفة، امنح وسوف تشعر بالسعادة، امنح تقديرك، تفهمك، حبك للناس، دعمك للضعفاء. إن ما تمنحه للآخرين هو في الحقيقة هبة لنفسك. الكنز الخامس: الحياة لها جوانب متعددة: إن حياتك عزيزي المتقاعد تتكون من جوانب متعددة فلا تركز على جانب واحد، إذا فقدت شيئا ما ولتكن الوظيفة فأنت تملك حريتك ووقتا للتفرغ لأهلك وممارسة هواياتك، فإذا ذهب جانب فركز على الجوانب الأخرى وهكذا تحقق السعادة والطمأنينة وراحة البال. * الكنز السادس: ازدد شبابا لا شيخوخة: إن الفكرة الراسخة في الأذهان أن التقاعد معناه الاقتراب من الشيخوخة وفقدان نضارة الشباب ونشاطه فهذه الفكرة خاطئة، فكم من شاب في الثلاثين أصابه اليأس والإحباط فتبدو صورته وكأنه في الستين، فالشباب هو حالة نفسية قد يشعر بها صاحب الستين فتجده يتقد حيوية ونشاطا وصحة، يقول ناصر الشافعي في كتابه "رسالة إلى من بلغ الستين" :(إننا لا نهرم إلا عندما نفقد اهتمامنا بالحياة حتى تشيخ الروح ويشيخ القلب ويصبح عديم الاستجابة، ولا يمكننا أن نشيخ ما دمنا في تماس مباشر مع الحياة في عدة جوانب ونكون هرمين بصرف النظر عن عمرنا الزمني، عندما نفقد تماسنا مع الصبا…نظن أنفسنا في سن الشيخوخة لأن معتقداتنا تقحمنا فيه وسنوغل في ذلك الاتجاه إلى أن نغير أفكارنا حتى نتحول عنه كليا فنعكس مواقفنا عن طريق عكس أفكارنا ونتوجه نحو الصبا). فأنت عزيزي المتقاعد شاب مادامت روحك ذات حيوية، فاحمل في داخلك قناعة راسخة بأنك حيوي ونشيط وشاب وصاحب همة ونشاط، فلحظتئذ كل خلية في جسدك تتجدد باستمرار فلن يعرف الضعف طريقا إليك. * الكنز السابع : لا تتوقف عن النمو: من الأسباب التي تجعل كثيرا من الناس يهرمون قبل الأوان هو توقفهم عن النمو فيفقدون القدرة على قبول الأفكار الجديدة فتتكلس عقولهم ويعيشون في عزلة عن المجتمع، بل يتهمون المجتمع بأنه سلبي ومجحف وفقد القيم السامية وهذا خطأ، فتكيف عزيزي المتقاعد مع بيئتك واستمر في العمل والبحث والقراءة وتعلم كل جديد، كن مواكبا لعصرك،لا تعيش على هامش الحياة ولا تتلف عقلك بالأفكار السلبية بل نشطه بالقراءة الواعية والعلم النافع المفيد. * الكنز الثامن : حدد أهدافك: لتكن لك أهداف عظيمة، فالمؤمن صاحب همة عالية وطموح كبير لا يرضى بالدون ولا بسفاسف الأمور، دائما نفسه تتوق لمعالي الأمور . كان لعمر بن عبد العزيز –رحمه الله – همة عالية، تظهر جلية في قولته المشهورة :(إن لي نفسا تواقة، تمنيت الإمارة فنلتها، وتمنيت أن أتزوج بنت الخليفة فنلتها، وتمنيت الخلافة فنلتها، وأنا الآن أتوق للجنة، وأرجو أن أنالها). ويقول الأستاذ محمد أحمد إسماعيل المقدم في كتابه (علو الهمة): " إن عالي الهمة يعلم أنه إذا لم يزد شيئا في الدنيا فسوف يكون زائدا عليها، ومن ثم فهو لا يرضى بأن يحتل هامش الحياة، بل لابد أن يكون في صلبها ومتنها وعضوا مؤثرا …". عزيزي المتقاعد جدّّد العزم وارسم أهدافا جديدة وانطلق بكل همة ونشاط لتحقق آمالك المؤجلة وطموحاتك التي عرقلتها ظروف الحياة، أنت مازلت شابا في روحك وعطائك وفكرك، مازال الكثيرون يحتاجون خبراتك وتجاربك فلا تبخل عليهم، فتقاعدك الحقيقي عندما تضع خطوتك الأولى على باب الجنة، فهيا اعمل لجنتك وسارع بإتمام ما قصرت فيه في صباك، وجدّد عهدك بربّك وصحح مسارك فالفرصة قائمة. بقلم الكاتب والباحث في التنمية البشرية: شدري معمر علي [email protected] ——————- المراجع : 1 –جدد حياتك :رسالة إلى من بلغ الستين –د/ ناصر الشافعي. 2 –مهارات النجاح : أحمد أبو وائل أكرم أيمن عمير.