بقلم الأستاذ بامون الحاج نورالدين لؤلوة الجنوب سبسب، عروس الصحراء "زلفانة" وبلاد 44 والي المنيعة، وجوهرة الواحات أضواء ميزاب غرداية عاصمة الولاية. غرداية الجوهرة التي حافظت على أصالتها العريقة وتاريخ عمرانها الضارب في أعماق الجدور ونمطها الراسخ في الأذهان منذ قرون خلت، والذي يبقى شاهدا حيا بإثارة. لا تزال مدينة غرداية أضواء ميزاب عاصمة الولاية بشبكة الصحراء الجنوب الجزائري المعروفة بجوهرة الواحات، تحافظ على تاريخ نمطها العمراني وأصالتها العريقة التي تعود إلى عدة قرون خلت، منذ أن وطأت قدم الإنسان لها وبداية الإعمار بها، نظرا لتميزها وخصائصها ووفرة مائها وخصبة ترابها، التي لا تعد ولا تحصى. فأهم ما يشدّ السائح للمنطقة ويثير انتباه الزائر هو تناسق الفن المعماري وأشكاله الهندسية، الذي يميز كل البنايات وشوارع المدينة، والنمط العمراني الواحد الذي يرمز إلى تاريخها عبر تراب باقي البلديات، إذ أن أغلب بناياتها تنجز بالحجارة والجير الأبيض بنصاعة محلية أبا عن جد ومادية تيبشمت (الجبس)، والأمر لا يقتصر على البنايات القديمة، سواء بالقصور أو الأحياء الشعبية، بل حتى باقي البنايات الحديثة التي باتت تحافظ على النمط بكل أشكاله وفنيات تقنياته. كما أن خاصية المنطقة بلونها الترابي الذي يشير للناظر إليه بأنه في غرداية التي حافظت على هذا النمط من التراث واللون في واجهتها الخارجية المزينة له، والتي زادته رونقا وجمالا خلابا، وذلك لكي تبقى المدينة محافظة على أصالتها وعراقتها بكل أطيافها. فطابع غرداية العمراني التراثي التاريخي والتجاري الذي لا يختلف عليه اثنان منذ عصور خلت، أين كانت المنطقة منطقة عبور للقوافل التجارية من وإلى الشمال، المغرب وتونس وليبيا وإفريقيا وأوروبا، من حيث التعريف والسرد في الحكاية. طابع يضاف إليه العنصر القديم الجديد في حلّته البديعة التي ظهر بها في موسم سنة 2016 وبرق لامعانها بداية مطلع سنة 2017، ألا وهو القطاع السياحي بكل أصنافه ومعاييره و مقاييسه من سياحة جمالية، ثرات وأثار وعلاجية حموية وثقافية، يضاف إليها فرع جديد نجح في الميدان وعرف استقطاب عدد كبير فاق الألف، ألا وهي السياحة الصحراوية من كثبان وفيافي عبر العرق وشبكة الصحراء الجزائرية، إضافة إلى السياحة الحموية للعلاج والاستجمام، وهذا ما جعلها تتحول إلى قبلة ووجهة سياحية بامتياز وتنافس من كل جهات ربوع الوطن، شمال، وسط، شرق وغرب، ناهيك عن السواح من خارج الوطن، سواء الأجانب أو أبناء الجالية لعديد الدول، وكان نصيب الولاية من توافد السياح عبر ربوع تراب بلديات الولاية حصة الأسد لنهاية السنة 2016 وبداية السنة 2017، وبذلك تكون غرداية قد استرجعت هذه السنة مجدها السياحي التي تزخر به وتفتخر وتشتهر به، بعدما استرجعت أمنها واستقرارها ووحدة سكانها وأبنائها بجميع أطيافهم وتوجهاتهم. غرداية التي كانت تتوافد عليها سنويا آلاف السواح من كل حدب وصوب، وكانت تختص بخط رحلة دولية غرداية -باريس من وإلى غرداية بالثمانينات، ووفود كانت تتنافس للظفر بمكان في غرداية لزيارتها خاصة في فصل الربيع المزهر، لاسيما وأنه يتزامن والعطلة المدرسية، أين يكون الجو ربيعيا معتدلا، لا حارا ولا باردا، مناسبا ومريحا خاصة للخرجات بالصحراء. وجديد هذه السنة هو تنافس عديد الجمعيات الثقافية العلمية الشبانية والمؤسسات التعليمية والتربوية وعديد العائلات التي فضّلت أن تكون وجهتها زيارة المنطقة في إطار السياحة الصحراوية التي لقيت مؤخرا رواجا وإشهارا إعلاميا زاد من شهرتها، فرغم بعد المسافة وقلة الإمكانيات والوسائل، إلا أن الموسم لقي نجاحا باهرا بشهادة الجميع عموما وخواصا. وجديد هذه السنة هو دخول عروس السياحة بالولاية، عاصمة الحمامات المعدنية، زلفانة ZELFANA، وخضرة بساتين نخيلها معترك الحظيرة بكل ما أوتيت من وسائل وإمكانيات بتحدي كان جد ناجح ومثمر بكل المقاييس كما تشهد عليه الأرقام. زلفانة المدينة الفلاحية البترولية الهادئة، القطب السياحي مستقبلا، كأحد أهم الركائز الاقتصادية مستقبلا، حسب الاستثمارات السياحية والخدماتية التي سترى النور في الأفق مستقبلا من مؤسسات وخواص، إذ أن هذه المدينة بمحطاتها الحموية ذات التسمية المميزة زال الفناء، والتي أصبحت تستقطب آلاف الزوار من سواح ومعالجين و عابرين سنويا مؤخرا، بحيث شهدت سنة 2016 زيارة حوالي ستة آلاف 6000 سائح حسب الإحصائيات، كما صرح السيد رئيس المجلس الشعبي البلدي ومدير الحمامات بها لوسائل الإعلام عامة، ولإذاعة الجزائر من محطة غرداية الجهوية خاصة. كما تمكّن المدينة حاليا السائح عموما والزائر خصوصا، من اكتشاف ما تزخر به من خصائص ومميزات بفضل جهود الشباب الناشط الذي حمل لواء شعار مدني فخري و عزوتي، ولكن رغم ما تمتاز به هذه المحطة المعدنية من جمال وعلاج يستقطب السياح، إلا أنه لا يوجد بها مرشد سياحي كما لاحظ ذلك القاصدون لها، حتى يشرح للسواح تاريخ معالمها وكنزوها ويكون خير دليل لهم، كما أنه لا توجد بها أسواق ومراكز تستغل لتسويق وبيع روائع منتجات الصناعات الحرفية اليدوية المحلية التي قد يقتنيها السياح الذين يقصدون المنطقة كتذكار وهدايا لذويهم ومحبيهم. ولكن على العموم نالت حصة الأسد من الإعجاب والاستحسان ممن زاروها وحالفهم الحظ في زيارتها والانبهار بكرم ضيافة أهلها وجودهم وخدمتهم للزوار كضيوف لا كسواح، هذا ما أبهر بمقابل وأثر في السواح الأجانب الذين زاورها وغادروها بانطباع حسن وتذكار يبقى منقوشا ودعاية وترويج للمدينة، كما هو الحال لزوار ألمانياوفرنسا ستراسبورغ ومليوز. لؤلوة الجنوب بولاية غرداية مدينة "سبسب" SEBSEB السياحية الفلاحية الأثرية وطريق "الكاليش" عربات الأحصنة بالقرن التاسع عشر، لؤلوة الجنوب بتراب بلدية "سبسب" دائرة متليلي الشعانبة METLILI DES CHAAMBAS ولاية غرداية المترامية الأطراف بين الكثبان الرملية الذهبية وسحر جمالها الخلاب و صحرائها الشاسعة من عرق و شعاب و فيافي وجبال, وهي الأماكن التي يستغرق الوصول إليها وقتا ركوبا لبعدها، سواء بالمركبات رباعية الدفع أو الجمال بالنسبة للمسافات الطويلة أو مشيا على الأقدام بالنسبة للقصيرة. وفي الوقت نفسه تعد رمال "سبسب؛، أحد أهم المناظر الجميلة التي تمكن السائح من متابعة غروب الشمس وسط كثبان الرمال وضيعات النخيل الباسقات المترامية الأطراف هنا وهناك، ومن أهم المواقع الجميلة بالمدينة الفلاحية الهادئة منطقة مخيم الهدار ترافل HADDAR TRAVEL وخيمها ووسائل استقبالها الموضوعة تحت تصرف الزوار ومرتدي المخيم سواء جمال أو سيارات وحتى الدراجات رباعية الدفع، إضافة إلى النقاط الجميلة التي يقصدونها لإلتقاط الصور التذكارية بهذه المناظر الساحرة الخلابة بجمالها خاصة أثناء غروب الشمس وحلول الظلام، إلى جانب مداعبة بريق ألوان الرمال ومتابعة عروض المتنافسين والمتزلحقين عليها. واختتمت القائمة بانتعاش السياحة مرة أخرى بوجه مشرق من مدينة 44 والي صالح، مدينة المنيعة القوليا ELGOLEA وقصرها التاريخي، وأسطورة حكاية "بنت الخص" وسيرتها المشوقة التي ظلت تسرد أطوراها على مر العصور، ومن أبر ز معالم وجودها إضافة إلى إطلاق القدم القديم حاسي زيرارة المنبع المورد لعابري الصحراء بينها ومتليلي الشعانبة. المنيعة إضافة على قصرها القديم الذي استعاد مكانته وحسه ازدهرت ببحيرة سبختها المالحة وطيورها المهاجرة، والتي يقدر عددها بحوالي 45 ألف نوع حسب المختصين إن لم تخوني الذاكرة بسنوات العمر، وجديدها حديقة الفوروم وتجارب أنواعها ومكتبتها العلمية المتعددة العناوين. وميزة جديد هذه السنة من خلال الجولات السياحية التي عرفتها المنطقة عموما بربوع ولاية غرداية، هو إعطاء فرصة للسواح للإحتكاك بالسكان وتعارفهم، لكي يطلعوا ويتعرفوا عن قرب على نمط المعيشة ووجود الإنسان في هذه المناطق الصحراوية حسب مفهومهم و تصورهم منذ العصور الغابرة و مشاهدة الوسائل المستعملة، سواء في الحياة اليومية العامة كالمعيشة، التجارة، الصناعة وحتى طرائق البناء القديمة التي مازالت شاهدا حيا و دليل إعمار. مناطق رغم قساوة الطبيعة والظروف المناخية التي تعاقبت عليها، إضافة إلى يد الإنسان التي لا ترحم، إلا أنها حافظت على تماسك وحدتها وجودها وعاهدت نفسها أن تستمر الحياة ببساطة وسائلها وإمكانياتها وقناعة أصحابها إلى يومنا هذا. ومن خلال ما علمناه تعد ولاية غرداية بكل ربوع تراب بلدياتها القبلة المفضلة والوجهة المقصورة التي تستقطب عديد الزوار من مختلف الجهات والدول لاكتشاف تراث المنطقة وآثار الحضارات القديمة المتعاقبة عليها التي باتت مقصد لكل البعثات السياحية بتنوعها، سواء الطلابية الشبانية الثقافية العلمية وحتى الطبية مؤخرا، كما الحال للبعثات التي حلت بتراب الولاية سواء بمستشفى الدكتور إبراهيم ترشين، أو التي حلت ضيفة على جمعية تجمي بالعطف تجنينت الحبيبة. والملاحظ هو غياب مدينة متليلي الشعانبة كوجهة سياحية مميزة سواء وسط المدنية بسوقها الشعبي وعمرانه لعدة قرون وقصرها القديم ومسجدها العتيق أو بالمنظر الجميل بأعالي جبل مولاي عبد القادر، ناهيك عن واحات نخيلها سواء بحضور الحديقة القمقومة و غيرها، أو خارجها بربوع مواقع صحرائها بالشبكة خاصة ما تخزر به من منتجعات و بحيرات خاصة بحيرة المحفورة و أم السويد التي عرفت خلال سنة 2016 رواجا و استقطابا لعديد العائلات، سواء من متليلي البلدية الأم أو باقي بلديات الولاية مناطق تضاف إلى قوفافة، تيلات الحمراء، صابة أم الرانب، قريس، لكساكيس، حاسي الحنزاب، و غيرهم . في آخر المطاف يؤكد زوار المنطقة بأن الاستمتاع بجمال المنطقة ومناظرها الخلابة وسحرها المبهر لا يقتصر على المناطق الأثرية العمرانية فقط، بل هناك العديد من المناطق و المناظر منها الكثبان الرملية البساتين الخضراء جنات الواحات بتنوعها والمنابع المائية وغيرهم التي يجد بها السائح متعة لا تضاهها متعة أخرى تعود عليها من وجهة الإعلام البارز للترويج و الإشهار لها، بينما تبقى هذه المناطق في بلادنا مدفونة و يزيدها هيجان العاصفة وأتربتها المتنقلة دفنا وطمرا إلى وقت غير معلوم . كان هذا موجز عن قطاع السياحة لعطلة نهاية عام 2016 وبداية سنة 2017 ستراسبورغ فرنسا جانفي 2017