‹نجاحي في حصد جائزة أفضل تحقيق استقصائي بإيطاليا هو رد اعتبار لعائلات الشهداء والجرحى› ‹أطمح إلى تأسيس مشروع خاص بي يكسر الرتابة الصحفية في التعاطي مع المعلومة والخبر›
إعلامية تونسية شابة، أثبتت وجودها خلال فترة قصيرة في حقل الإعلام بقوة شخصيتها وثقافتها الواسعة، لها حضورها المميز على شاشة "الحوار التونسي"، تحقيقها الأخير "رأسا على عقب" الذي يسلط الضوء على الإهمال المتعمد من قبل الحكومات المتعاقبة على حكم تونس ومصر منذ الثورة، حقق نجاحا منقطع النظير.. عن مشوارها الإعلامي ونظرتها لراهن وتحديات الإعلام في تونس، وكذا حصولها مؤخرا على جائزة أفضل تحقيق استقصائي بمهرجان الصحافة الاستقصائية تتحدث نجوى الهمامي ل "الحوار". * بدايتك الإعلامية كانت في الصحافة المكتوبة، ومن بوابة جريدة "أخبار الجمهورية" ثم جريدة "الصباح"، لتتولين بعدها رئاسة تحرير جريدة "30 دقيقة"، ما الذي أضافته هذه التجارب لرصيدك؟ الصحافة المكتوبة من وجهة نظري هي أساس العمل الصحفي، لذلك فضّلت أن أستهل مسيرتي المهنية بها ثم الإنتقال إلى المرئية والمسموعة، فالكتابة هي التي تساعدك على النجاح في كافة المجالات، ودون أن تخوض تجربة الصحافة المكتوبة لن تستطيع النجاح في مجالات الإعلام الأخرى. وفي هذا الصدد، لا أنكر أن تجربة رئيسة ومديرة تحرير جريدة "30 دقيقة" أكسبتني خبرة أكثر، ومنحتني الثقة في النفس والعزم على مواصلة المشوار في مجال الإعلام الذي كان يمر حينها بأزمة حرية التعبير.
* اشتغلتِ عقب ذلك كمراسلة لعدة قنوات تونسية وعربية، هل لك أن تحدثينا عن أهم الفضائيات التي راسلتها؟ لم أطمح يوما لأن أكون مراسلة لأي قناة، حيث كان طموحي في ذلك الوقت إنجاز تقارير إخبارية وتحقيقات اجتماعية وسياسية أكبر بكثير من العمل في مؤسسة ترفض نشر ما تكتُب بحجة عدم الخوض في بعض المواضيع لأنها ستعود بالضرر على المؤسسة، بما أنها تمس بشخص فلان أو وزارة فلان، فتقدمت لاختبار في مكتب خاص في تونس للعمل كمراسلة لقناة ال"بي بي سي" وقد تم قبولي، وهي تجربة أعتز بها جدا فقد علمتني الكثير وزادت من قيمتي المهنية أكثر، ثم تحصلت نفس الشركة على عقد للعمل مع قناة ال"أم بي سي"، وتقدمت صحبة عدد من الزملاء للاختبار وتم قبولي. كانت تجربة ثرية وجميلة، حيث عملت بكل أريحية دون ضغط أو صنصرة للتقارير، لكن حلم النجاح في قناة تلفزية تونسية لم يفارقني يوما، لذلك التحقت بقناة "الحوار التونسي"، وحاليا أرغب وأطمح للعمل في قناة عربية. * على ذكر فضائية "الحوار التونسي" التي تشتغلين فيها حاليا، وتتولين إعداد برنامجي "اليوم الثامن" و"الحق معاك"، ما الذي أضافته هذه التجربة لرصيدك؟ مثلما تفضلت، أنا حاليا صحفية في قناة "الحوار التونسي". موسم العمل في مثل هذه البرامج يدوم تسعة أشهر، وهي مدة كفيلة بولادة تحقيقات كانت الأروع في مسيرتي المهنية، تحقيقات كشفت فيها مستورا ظل مخفيا لوقت طويل، واقتربت من خلالها أكثر بالمجتمع الذي لا تنتهي مشاكله، تعرضت خلال إنجاز بعضها إلى مضايقات واستفزازات وحتى تهديدات، لكنها لم تثنيني أبدا عن مواصلة الطريق، تحقيقات حول الإرهاب وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، وأخرى عن كشف صفقات فساد وتلاعب بالمال العام وغيرهاو ستظل دوما نقاط ضوء تنير سيرتي الذاتية أينما ذهبت. * كيف تنظرين لواقع المرأة العاملة في مجال الصحافة والإعلام في تونس حاليا؟ تونس تزخر بالكفاءات النسائية في مجال الإعلام، والمرأة التونسية العاملة في هذا المجال هي صحفية ميدان بامتياز وقائدة في الأزمات وفي كبرى الأحداث، نجحَت كمقدمة أخبار وكصحفية ومراسلة، وجدناها في أصعب الأحداث الإرهابية، تغطي الحدث وتخترق صمت العائلات وتنجز أفضل التقارير، هي أستاذة جامعية في مجال يعتبر صعبا إلى حد ما. المرأة التونسية الصحفية نجحت أيضا وتألقت رغم أن تمثيليتها نقابيا مثلا تظل دون المطلوب، فدائما ما نجد عدد الصحفيين أكثر من عدد الصحفيات في مكتب نقابة الصحفيين، وعند تمثيل القطاع والحديث عن مشاكله أمام سلطة الإشراف. أيضا دائما ما توكل أكبر البرامج السياسية لصحفي لا لصحفية، رغم ما يزخر به هذا القطاع من كفاءات تستطيع تقديم الأفضل. ورغم كل النقائص، فإن المرأة الصحفية التونسية مقارنة بنظيرتها بعدة بلدان عربية تعتبر الأجرأ والأفضل والأوفر حظا. * ما الذي يعنيه لك تكريمك قبل أيام بجائزة DIG AWARDS لأفضل تحقيق استقصائي بمهرجان الصحافة الاستقصائية بإيطاليا؟ تحقيق "رأسا على عقب" يكشف الإهمال المتعمد من قبل الحكومات المتعاقبة على حكم تونس ومصر منذ الثورة، ويرصد بالوثائق والأدلة حجم التلاعب في قائمات شهداء وجرحى الثورة لتزييف التاريخ وحرمان من أهدوا أرواحهم وأجسادهم حماية لهذا الوطن. كان من إنتاج شبكة "أريج" للصحافة الاستقصائية، وبإشراف من الصحفي الكبير الذي أعتبره قدوة لي في مسيرتي المهنية يسري فودة، تم بثه في برنامجه السلطة الخامسة على قناة DW الألمانية، وفاز بجائزة أفضل تحقيق استقصائي عابر للحدود في مؤتمر "أريج" التاسع في عمان ديسمبر 2016، ووصل للنهائيات في جائزة دبي للصحافة العربية، وتحصل على جائزة أفضل تحقيق استقصائي من المدة الزمنية المتوسطة في مهرجان الصحافة الاستقصائية في إيطاليا. تحقيق أنجزته بصحبة الزميل سعادة عبد القادر من مصر، وتكريم أعتبره نقلة نوعية في مسيرتي المهنية، ورؤية جديدة لمسار لن أحيد عنه، وتخصص سأثابر من أجل الاستمرار فيه، فكشف الحقيقة صعب إثباته وخطر المواصلة فيه لكنه جميل وممتع إلى أبعد الحدود. كل هذه الجوائز أعتبرها رد اعتبار لعائلات الشهداء وللجرحى الذين أهينوا في تونس ومصر. * ماذا عن تعيينك سفيرة النوايا الحسنة في تونس للهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني؟ هو في الحقيقة شرف لي، فالقضية الفلسطينية قضيتنا الأم، نشأنا وتربينا عليها وعلى حب فلسطين والدفاع عنها، نبكي لبكائهم ونطمح لمناصرتهم داخل تونس وخارجها، فنحن تونسيو الأصل وفلسطينيو الهوى.
* بمن تأثرت نجوى الهمامي من الإعلاميين التونسيين والعرب؟ معجبة بأداء عدة إعلاميين، على غرار يسري فودة، حسنين هيكل ومايكل بلتون. * هل تشاهدين القنوات الجزائرية، وماذا تعرفين عن الإعلاميين الجزائريين؟ أحب الجزائر كثيرا فهي الشقيقة والصديقة، بيننا تاريخ عريق ولدي فيها عدة أصدقاء، وتمنيت العمل فيها في مرحلة ما. فيها من الكفاءات الكثير، وتحتاج المرأة الصحفية لأن تكون فاعلة وبارزة فيها أكثر. * ماذا عن طموحاتك كإعلامية؟ أطمح إلى تأسيس مشروع خاص بي يكسر الرتابة الصحفية في التعاطي مع المعلومة والخبر، وسأسعى لكشف المزيد من الحقائق وإنارة الرأي العام. * كلمة لمتابعيك في الجزائر؟ سأزوركم قريبا، وهذا شرف لي. * بماذا تختمين حوارنا هذا؟ شكرا جزيلا لكم ولاستضافتكم الجميلة، وأغتنم هذه الفرصة لأحيي كل من ساعدني في مشواري، وأهدي نجاحي لعائلات الشهداء وللجرحى الذين وضعوا ثقتهم في لأُوصل أصواتهم، وقد فعلت. حاورها: سمير تملولت