بعد اعتراف الحكومة مؤخرا بمدى نجاعة المالية الإسلامية وقدرتها على المساهمة في الخروج من الأزمة الاقتصادية، من خلال إدراج شبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية، ها هي اليوم أمام رهان كسب ثقة المتعاملين الاقتصاديين، وتحديد هامش ربح معقول يتماشى مع الشريعة الإسلامية. وحسب ما تداولته وسائل إعلامية فقد حدد هذا الهامش بنسبة 7,75 بالمائة، وهي نسبة أكثر من نسبة الفائدة المعمول بها في الطريقة التقليدية، ما يفتح العديد من التساؤلات حول مدى تشابه التعاملات الإسلامية في هذه البنوك مع تعاملاتها التقليدية. وفي ذات السياق، شدد عميد نقابة الأئمة، جلول حجيمي، على ضرورة أن تتوفر في المعاملات الإسلامية الجديدة التي شرعت أو ستشرع فيها البنوك العمومية، على نظرة سليمة تتماشى وفق الشريعة الإسلامية، وهذا ضمانا لارتياح الزبائن في مختلف معاملاتهم المالية، مع ضمان تقاسم هامش الربح والخسارة بين كلي الطرفين. وصرح جلول حجيمي في حديث مع "الحوار"، أمس، أن الجزائر كانت متأخرة في مجال المالية الإسلامية، مقارنة بدول الجوار، وحتى بعض الدول الغربية التي فتحت المجال للمعاملات المالية الإسلامية، لاقتناعها بمدى جدوى هذه المعاملات، مضيفا بالقول: "لطالما طالبنا بضرورة فتح المجال للصيرفة الإسلامية حتى يكون هناك خيارات أمام المتعاملين والزبائن، وعدم إرغامهم على التعامل بالربا"، مؤكدا أن المنتجات الإسلامية ستساهم في استقطاب أموال السوق الموازية، خاصة أن الجزائر في حاجة ماسة لهذه الأموال التي تتداول خارج القنوات الرسمية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
-تخفيض هامش الربح ضرورة للتماشي مع متطلبات السوق شدد رئيس الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، على ضرورة أن يكون هامش الربح المعتمد من طرف البنوك في منح القروض الإسلامية معقولا، وهذا للطلب الكبير والمتزايد للجزائريين على المنتجات الإسلامية التي تتماشى وفق الشريعة الإسلامية. واعتبر رئيس جمعية حماية المستهلكين، نسبة هامش الربح المعتمد من طرف البنوك في منح القروض الإسلامية مبالغ فيها، مضيفا أن هذه الممارسات التجارية الجديدة يجب أن تكون بديلا حقيقيا يوفر أسعارا تنافسية للزبائن، كاشفا أن الجمعية تلقت عدة شكاوى من طرف المواطنين بسبب ارتفاع نسبة هامش الربح، مطالبا بضرورة تخفيض هذه النسبة تماشيا ومتطلبات السوق. -ريبة وشك حول سلامة المعاملات شرعيا يتوقع الخبير الاقتصادي عمر هارون أن تكون تكلفة عملية الإجارة المنتهية بالتمليك وفق الصيغة الإسلامية التي ستطلقها البنوك العمومية من خلال الشبابيك الإسلامية، أكبر من نظيرتها التقليدية، مرجعا الأسباب إلى قلة نسبة هذه المعاملات لدى البنوك وبطء دوران الأموال وعدم جواز إدراجها في خلق النقود، بالإضافة إلى ضعف الكادر البشري في تقدير التكلفة الحقيقية للعملية. وصرح عمر هارون، في حديث مع "الحوار"، أن هذه التكلفة ستكون مقبولة من قبل الجزائريين، وذلك لتفضيلهم للمعاملات المالية الإسلامية بدل التقليدية، وفي انتظار إعلان البنك المركزي عن هيئة شرعية لمرافقة منتجات البنوك والشبابيك الإسلامية والتأكد من شرعيتها، يرى هارون أن هناك تكتما كبيرا انعكس سلبا على المواطنين وأدخل الكثير من الريبة والشك حول سلامة المعاملات شرعيا. وأفاد المتحدث ذاته أن ثقافة التعامل مع المصارف الإسلامية غائبة عن الجزائريين شعبا وحكومة ومتعاملين اقتصاديين، كما أن البنوك التي هي بصدد فتح شبابيك إسلامية تبقى هي الأخرى تفتقد لكوادر مكونة في مجال المعاملات المصرفية الإسلامية، وهو ما يجعل من الصعوبة بما كان الوصول إلى تحديد خلق ثقافة إسلامية في المعاملات المصرفية، خاصة في ظل غياب هيئة رقابة شرعية لدى هذه البنوك قادرة على الحزم والجزم في موافقة المراحل الإدارية للمعاملات المصرفية للشريعة الإسلامية، يضيف المتحدث. كما اعتبر هارون أن حجم المعاملات الإسلامية المنخفض، قد يجعل تكلفتها مرتفعة مقارنة بنظيرتها التقليدية، كون أن الأموال المتعامل بها لا يمكن توريقها أو استعمالها في عملية خلق النقود، باعتبار أن المصارف الإسلامية تتعامل حصرا في الدائرة الحقيقية، وهو ما يجعل أرباح المعاملات في جانبها الاستثماري ضعيفا نسبيا مقارنة بنظيرتها التقليدية، مضيفا أن هذا الأمر يجعل أغلب المصارف الإسلامية الدولية تركز على المعاملات السريعة كالمرابحة لمردوديتها الكبيرة وسرعة انتهائها وتعزف عن الدخول في المعاملات الاستثمارية طويلة الأمد.
-المجلس الإسلامي مستعد لمرافقة المصارف بالتوجيه الشرعي اقترح المجلس الإسلامي الأعلى إنشاء هيئة شرعية عليا بالمجلس للتعاون مع البنك المركزي فيما يتعلق بالمعاملات المالية، مشجعا المصارف المالية على التجاوب مع معايير الهيئات الشرعية للمصارف الإسلامية، مبديا استعداده لمرافقة المصارف بتوجيه الشرعي، من أجل المساهمة في التنمية الشاملة وترقية الاستثمار. وأفاد بيان المجلس الإسلامي الأعلى أن المجلس عكف بدراسة ونقاش النقاط المدرجة في جدول أعمال الدورة، حيث تمت دراسة مستفيضة ووافية لمختلف الجوانب الشرعية والاقتصادية للمصرفية الإسلامية وواقع البنوك الحالية، مثمنا في ذات السياق الإجراءات التي تضمنها برنامج الحكومة. وبالنظر إلى الطلب المتزايد من طرف المواطنين، والمتعاملين االقتصاديين، لتوفير منتجات مصرفية ومالية، متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، يضيف البيان، أن المجلس يرى في المصرفية الإسلامية، الحل المناسب للاستجابة لهذه التطلعات، بالإضافة إلى المساهمة في تقوية النظام المالي الجزائري، والمشاركة مثل باقي المؤسسات المالية الأخرى في التنمية الوطنية. واعتبر المجلس الإسلامي الأعلى أن المعاملات المصرفية الإسلامية خالية من الربا، باعتبار أن المشاركة المبنية على الربح والخسارة المستندة إلى قاعدة (الخراج بالضمان) أو (الغنم بالغرم)، مؤكدا أن نظام المصرفية الإسلامية يتوافق مع أحكام الشريعة وقواعد الفقه الإسلامي، مشددا على ضرورة الإسراع في تهيئة الأرضية لإصدار الصكوك الإسلامية التي تشكل البديل الشرعي للسندات التقليدية، يضيف البيان. سمية شبيطة