ناصر: البنك المركزي ليس بمقدوره الفصل بين الأموال هارون: نجاح هذه التعاملات مرهون بمدى تماشيه مع الدين الإسلامي عية: الرقابة الشرعية لم تتمكن من كسب ثقة المواطن حجيمي: غياب رقابة شرعية يشكك في مدى مصداقية البنوك غول: التعاملات الربوية داخل البنوك سبب الأزمة الاقتصادية أثارت قرارات الحكومة المتعلقة بعصرنة المنظومة المالية وإدراج التعاملات الإسلامية داخل المؤسسات المالية التقليدية الكثير من التساؤلات حول كيفية تعامل هذه الأخيرة مع الصيرفة الإسلامية ومدى مصداقية هذه المؤسسات في تغيير أساليبها التقليدية التي ترتكز على الفوائد الربوية منذ أزيد من 40 سنة. * اختلاط الأموال وغياب التكوين سيفشل التعاملات الإسلامية داخل البنوك التقليدية وفي ذات السياق، صرح الخبير المالي، سليمان ناصر، أن فتح شبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية، يطرح مشاكل عديدة تحول دون الوصول إلى الأهداف المسطرة، مؤكدا أن فرضية اختلاط الأموال بالإضافة إلى غياب التكوين داخل هذه البنوك سيساهم في نفور الزبائن والمتعاملين من مثل هذه الخدمات الجديدة. وأضاف سليمان ناصر في تصريح ل "الحوار"، أمس، أن غياب القوانين التي تفصل بين المعاملات البنكية الإسلامية والمعاملات التقليدية، بالإضافة إلى غياب نظام قانوني يؤطر الخدمات البنكية الإسلامية واتخاذ خطوة إدراج هذه التعاملات داخل البنوك التقليدية لم يسمح للبنك المركزي بالفصل بين أموال التعاملات الربوية وأموال الشبابيك الإسلامية، مؤكدا أن تطوير هذا النوع من الخدمات يتطلب إطارا تنظيميا خاصا، عن طريق فتح المجال وإعطاء الاعتماد لبنوك إسلامية منفصلة، مما يسمح لهذه الأخيرة بتسهيل إدماجها في السوق المالية في الجزائر، وتعزيز مساهمتها في تمويل الاقتصاد الوطني. وعن غياب هيئة رقابة شرعية مستقلة تفصل في مدى شرعية هذه التعاملات، أكد الخبير المالي أن هذه البنوك ستفشل في استقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن نظرا للضبابية التي تشوب مثل هذه التعاملات داخل بنوك تقليدية تتعامل بالربا لأكثر من 40 سنة، مطالبا في السياق البنك المركزي بضرورة إعطاء الرخصة لبنوك إسلامية كاملة وعدم تضييع الوقت مرة أخرى باعتبار أن الجزائر لا تزال تشهد تأخرا كبيرا في مثل هذه التعاملات مقارنة بدول الجوار على غرار تونس والمغرب اللتان نجحتا في إدراج التعاملات الإسلامية كبديل للمعاملات الربوية. كما أشار المتحدث ذاته إلى أن حصة بنك السلام وبنك البركة معا في السوق المصرفية الجزائرية لا تتجاوز نسبة 5 بالمائة، مستغربا في السياق ذاته أن بنك الجزائر لم يعط أي اعتماد لبنوك أخرى لفتح فروع في الجزائر منذ سنة 2008، كاشفا أن هناك بنوكا إسلامية جد مهمة ترغب في الولوج إلى السوق المصرفية الجزائرية. * التكوين ضرورة لإزالة الضبابية في تعاملات البنوك العمومية ومن جهته، أكد الخبير الاقتصادي، عمر هارون، أن التعامل مع الشبابيك الإسلامية في البنوك التقليدية يبقى رهينة الضمانات المقدمة لموافقة الخدمات المقدمة من هذه الشبابيك لتعاليم الدين الإسلامي، مضيفا أنه لحد الساعة لم تنصب البنوك التقليدية التي ستفتح شبابيك للتمويلات الإسلامية، هيئة شرعية تسهر على التأكد من شرعية هذه المعاملات ومجانبتها للمحظورات الدينية. وكشف، الدكتور عمر هارون، في تصريح ل "الحوار"، أمس، أن هناك تقرير شرعي تقدمه الهيئة سنويا تؤكد فيه على خلو المعاملات من كل المشاكل الشرعية، خاصة أن فقه المعاملات يشهد اختلافات كبيرة بين المذاهب الفقهية، مضيفا بالقول"هو اختلاف نسميه في أدبياتنا بالرحمة، لكن نقاط كفصل رأس مال هذه الشبابيك، وطريقة التعامل مع المتعسرين في الدفع من النقاط الأساسية التي لا يمكن التسامح معها". وعن أهمية خضوع موظفي البنوك لتكوين في مجال الصيرفة الإسلامية، شدد هارون على ضرورة تكوين الكادر البشري الخاص بالشبابيك الإسلامية لتجنب الشبهات التي قد تمس مثل هذه التعاملات لتفادي استغلال شعار التمويل الإسلامي داخل البنوك التقليدية، مضيفا في السياق أن فك الغموض والضبابية عن مثل هذه التعاملات لن يكون إلا بتوظيف التنظيم الداخلي لهذه الشبابيك وطرحه على الرأي العام حتى يفهم الجميع ما لها وما عليها، مؤكدا أن الاستفادة من التجارب الدولية في المجال ضرورة حتمية لا يمكن الفكاك منها. * غياب النصوص القانونية المؤطرة للتعاملات الإسلامية سيفشل مهمة البنوك اعتبر الخبير في النقد، عبد الرحمن عية، أن فتح الأبواب لحوار وطني بين مختلف الفاعلين على غرار الخبراء الاقتصاديين ورجال الدين ضرورة حتمية قبل إدراج التعاملات الإسلامية في البنوك التقليدية من خلال فتح شبابيك خاصة بالتمويل الإسلامي، مؤكدا في السياق أن هذه الخطوة كانت باستطاعتها تحقيق أهداف الحكومة في إدخال العملة الضخمة التي تتداول خارج القنوات الرسمية. كما أفاد عية، في اتصال مع"الحوار" أن غياب النصوص القانونية التي تؤطر مثل هذه التعاملات، من شأنه أن يفشل مهمة الوصول إلى استقطاب الأموال المتداولة خارج القنوات الرسمية، بالإضافة إلى فشل هذه البنوك في كسب ثقة زبائنها نظرا إلى الضبابية التي تسيطر على مثل هذه التعاملات. وأضاف ذات المتحدث أن اتخاذ مثل هذه الخطوة كان يتطلب في بادئ الأمر تسليط الضوء على أهمية تكوين كوادر وإطارات البنوك التي ستتخصص في مثل هذه التعاملات، وذلك من خلال إقامة شراكة مع مختلف الجامعات والمؤسسات الاقتصادية والمدارس الخاصة ومراكز التكوين المهني، بالإضافة إلى إدراج تخصص ماستر في المالية الإسلامية لفتح المجال أكثر على مثل هذه التعاملات. وفي ذات السياق، قال الخبير في النقد، أن الرقابة الشرعية المتواجدة حاليا، لم تتمكن من إقناع ما يفوق 65٪ من الجزائريين، الذين يرغبون في التحول إلى المعاملات الإسلامية، للتوجه إلى هذه البنوك والتعامل معها. * استكمال الإجراءات الرقابية الشرعية ضرورة ثمن رئيس نقابة الأئمة، جلول حجيمي، خطوة الحكومة في إدراج التعاملات الإسلامية داخل البنوك، مؤكدا أن النقابة دعت سابقا إلى ضرورة العمل بمثل هذه التعاملات، باعتبار أن المجتمع الجزائري مجتمع مسلم يتفادى التعامل مع كل ما هو مخالف لتعاليم ديننا الحنيف. وأفاد جلول حجيمي في اتصال مع "الحوار"، أن توسيع المصارف الإسلامية ضرورة ملحة لتلبية احتياجات العديد من المواطنين الذين دفعهم التخوف من الربا للاحتفاظ بأموالهم في المنازل، معتبرا أن خطوة فتح شبابيك إسلامية داخل البنوك التقليدية دون إعطاء أهمية لتنصيب هيئة رقابة شرعية مستقلة جعل هذه البنوك محل شك كبير في مصداقية تعاملاتها الإسلامية. * أضرار الربا عظيمة ونتائجه وخيمة على الاقتصاد والمجتمع قال رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية، جمال غول، إن إدراج التعاملات الإسلامية داخل البنوك العمومية كانت خطوة منتظرة من قبل الحكومة باعتبار أن العديد من الدول المجاورة لجأت إلى التمويل الإسلامي ونجحت في استقطاب الأموال المتداولة خارج القنوات الرسمية. وصرح جمال غول ل "الحوار"، أن التعاملات الربوية التي تعتمد عليها أغلب البنوك الجزائرية، كانت وراء الأزمة الاقتصادية التي تعيش فيها الجزائر في الوقت الراهن، باعتبار أن أضرار الربا عظيمة ونتائجه وخيمة على الاقتصاد والمجتمع بصفة عامة، مستدلا بقوله تعالى "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ"، مؤكدا أن الشريعة الإسلامية لم تأمر بشيء إلا وفيه صلاح البشر، ونهيها لا يكون إلا عن الشيء الذي فيه مضرة لهم. سمية شبيطة